تقارير

لماذا رفعت “موديز” توقعاتها لاقتصاد السعودية ؟

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي للفترة 2018-2019، لتصبح 2.5% و2.7% على التوالي عوضاً عن توقعاتها السابقة 1.3% و1.5% للفترة ذاتها والمسجلة في شهر أبريل من العام الجاري.وقد تجاوزت هذه التوقعات الإيجابية توقعات حكومة المملكة التي أعلنتها في البيان التمهيدي لإعلان الميزانية لعام 2019 في 30 سبتمبر 2018.

الأسباب التي دفعت وكالة “موديز” لتغيير نظرتها ما قامت به السعودية من الضبط المعقول بالنفقات، في ظل ارتفاع العائدات النفطية، حيث توقعت الوكالة أن يشهد عجز المملكة المالي تراجعاً إلى نحو 3.5% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2018 مقارنةً بمستوياته في العام 2017.

 

وأشادت موديز بالإدارة المالية للسعودية، حيث رأت أن حجم النفقات هذا العام يتماشى مع ما خطط له في الميزانية الحكومية، وتعتبر موديز ذلك إشارة إلى سعي الحكومة نحو ضبط مستويات الإنفاق طوال العام عن طريق التخطيط السليم والرقابة والضبط.

وأقرت موديز بالنتائج البارزة في تحصيل الإيرادات غير النفطية، مستشهدةً أن الإيرادات شهدت خلال النصف الأول من هذا العام ارتفاعاً بنحو 43% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، نتيجة لزيادة متوسط أسعار_النفط بنحو 37% وتضاعفت إيرادات الضرائب على السلع والخدمات لقرابة الثلاثة أضعاف بُعيد دخول قرار ضريبة القيمة_المضافة حيز التنفيذ في الأول من يناير 2018.

وأكدت موديز أن المخاطر على التصنيف الائتماني متوازنة بشكل عام، بحيث يمكن مع مرور الوقت لبرامج الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك خطط برنامج التوزان المالي بحلول العام 2023، إتاحة الطريق إلى مستوى تصنيف أعلى.

 

وتتوقع موديز ارتفاع الإنتاج النفطي لتعزيز الاقتصاد، وكذلك تتوقع تطورات في القطاع غير النفطي ليساهم في نمو أقوى لإجمالي الناتج المحلي، حيث أشارت في مراجعتها الأخيرة إلى أن خطط تنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط من المحتمل أن تساهم في رفع النمو المتوسط والطويل الأجل بالمملكة.

كما عمدت موديز إلى مراجعة وتعديل توقعاتها المالية بشأن العجز، وذلك بعد نشر البيان التمهيدي لإعلان الميزانية لعام 2019م، لتصبح توقعاتها لحجم العجز الحكومي من إجمالي الناتج المحلي للفترة (2018-2019م) نحو 3،5% و3،6% على التوالي، عوضاً عن توقعاتها السابقة للفترة السابقة البالغة 5،8% و5،2%، مشيرة كذلك إلى أن اتجاه الديون سيشهد تحسناً كبيراً خلال العامين القادمين، حيث من المتوقع أن تظل مستويات الديون أقل من 25% من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط، وهي نسبة صغيرة مقارنةً بالموقف المالي الحكومي القوي.

وفي شأن القوة الائتمانية السعودية أكدت وكالة موديز التصنيف الائتماني على A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة،تشير إلى أن المخاطر على التصنيف الائتماني متوازنة بشكل عام. بحيث يمكن مع مرور الوقت لبرامج الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك خطط برنامج التوزان المالي بحلول العام 2023م، إتاحة الطريق إلى مستوى تصنيف أعلى. كما أضافت موديز توصية قوية في قوة المملكة الائتمانية بقولها: “إضافة إلى متطلبات التمويل المعتدلة وفقاً للتصنيف، فلدى الحكومة إمكانية الوصول إلى مصادر وافرة من السيولة، سواءً من أسواق رأس المال المحلية، أو الدولية، والاحتياطيات المالية، ومن غير المرجح أن تواجه مشاكل في تمويل العجز المالي”.

وقبل نحو أسبوعين أكد وزير المالية محمد الجدعان أن قيام صندوق النقد الدولي برفع تقديراته لمعدلات نمو الاقتصاد السعودي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي يبرهن على الفاعلية والأثر الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية والتدابير المالية، التي تنفذها حكومة المملكة وفق برنامج تحقيق التوازن المالي في إطار رؤية المملكة 2030.

وبين أن استراتيجية المالية العامة تسهم في خفض معدلات العجز، وتدعم استدامة المالية العامة، وتطوير أساليب الدعم والإنفاق الاجتماعي، وتحديث البنية التحتية، وتحفيز القطاع الخاص، وتطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية وأنشطة جديدة، بما يدعم النمو الاقتصادي والتوظيف على المدى المتوسط.

وأوضح أنه على الرغم من أن زيادة الإنتاج النفطي ساهمت في تعديل تقديرات النمو الاقتصادي للأفضل، فإن نمو الناتج المحلي غير النفطي يتجه للتعافي والنمو المستمر على المدى المتوسط.

وأشار إلى أن النتائج والمؤشرات الاقتصادية الأولية تعكس هذا التقدم، إذ سجّل الناتج المحلي خلال النصف الأول من العام الحالي 2018م نموًّا إيجابيًّا بمقدار 1.4% مقارنةً بمعدل نمو سلبي قدره 0.8% لنفس الفترة من العام السابق، وساهم في ذلك تعافي الناتج المحلي غير النفطي، الذي سجل نموًّا إيجابيًّا بنسبة 2.0% مقارنةً بـ 0.1% خلال الفترة المماثلة من العام السابق. كما تشير تقديرات وزارة المالية الأولية إلى أنه سيبلغ معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي السنوي نحو 2.3% في العام 2019م ويُتوقع أن تؤدي آثار الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في المديين المتوسط والطويل إلى تحقيق معدلات نمو أعلى في الاقتصاد.

وكان “صندوق النقد الدولي” قد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي بنسبة 0.3% إلى 2.2% خلال العام الجاري وبنسبة 0.5% إلى 2.4% للعام 2019، وذلك مقارنة بتوقعاته السابقة الصادرة في يوليو الماضي.

رؤية2030 أعطت الاستثمار أولوية قصوى وحضوراً أقوى، حيث وضعت المملكة نصب عينها أن يصبح صندوقها السيادي قوة محرّكة للاستثمار فضلاً عن جذب أهم الشركات الأجنبية لضخ استثمارات في البلاد.

ونجحت المملكة السعودية في تنويع مصادر هذه الأصول، بين ودائع في البنوك المحلية وأخرى في البنوك الأجنبية، واحتياطات لدى صندوق النقد الدولي، وأخرى على شكل استثمارات في أذونات الدين.وصعدت الأصول الاحتياطية للمملكة خلال أغسطس الماضي، مقارنة مع 1.879 تريليون ريال (501 مليار دولار) في يوليو/ تموز السابق عليه.

بينما على أساس سنوي، صعدت الأصول الاحتياطية في أغسطس الماضي، مقارنة مع قرابة 1.828 تريليون ريال (487.4 مليار دولار) في أغسطس 2017.بذلك، تكون الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، ارتفعت إلى أعلى مستوى في عام ونصف العام، خلال أغسطس/آب الماضي.ودفع تحسن أسعار النفط الخام إلى تحسن أرقام الأصول الاحتياطية للسعودية، بعد موجة هبوط خلال السنوات الثلاث الماضية.ومع صعود أسعار النفط فوق 80 دولارا للبرميل، وتحسن الإيرادات المالية غير النفطية، فإن الأصول الأجنبية تتجه لتجاوز حاجز تريليوني ريال خلال العام المقبل 2019.

موجة الإصلاحات ببرنامج التحول الوطني ، شملت أيضاً تطوير السوق المالية، وهو ما مهد إلى ترقية السوق السعودية على مؤشري “فوتسي راسل” و”MSCI” للأسواق الناشئة في مارس ويونيو الماضيين، في وقت تعتزم “ستاندر آند بورز داو جونز” ضم السوق إلى مؤشراتها للأسواق الناشئة في مارس 2019.

 

وقد منحت الرؤية  أولوية كبرى للقطاع السياحة كمورد مهم للإيرادات غير النفطية، والمتوقع أن تصل مساهمته في الناتج المحلي إلى 300 مليار ريال بحلول 2026 بحسب منظمة السياحة العالمية. حيث أطلقت عدة مشاريع منها ” نيوم” وهي منطقة اقتصادية وسياحية وترفيهية ضخمة في شمال غربي البلاد باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار.فضلاً عن مشروع “القدية” وهي أكبر مدينة ترفيهية ثقافية ورياضية عالمية، جنوب غربي العاصمة الرياض إلى جانب المشروع السياحي العالمي الذي تم إطلاقه تحت اسم مشروع “البحر الأحمر”.

وبالقطاع الثقافي والترفيهي تم البدء بمنح تراخيص للراغبين بفتح دور سينما في المملكة مطلع أبريل الماضي، وتشير التوقعات إلى أن القطاع السينمائي سيساهم بنحو 90 مليار ريال إلى إجمالي الناتج المحلي.

وبما أن السعودية تتمتع بأهم مورد للطاقة المتجددة وهو الطاقة الشمسية، أخذت على عاتقها أن تفتتح “صفحة” جديدة في تاريخ صناعة الطاقة الشمسية والمشاريع الكهروضوئية، عبر إعلانها في مارس الماضي بالتعاون مع “سوفت بنك” عن أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم لإنتاج 200 غيغاواط في السعودية بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار.

لم يغب القطاع العقاري عن برامج الإصلاح الاقتصادي، فقد كان لسياسات برامج #وزارة_الإسكان_السعودية دور مهم في تطبيق رؤية المملكة عبر رفع نسبة تملك المواطنين السعوديين للمساكن إلى 60% حالياً، محرزة بذلك الهدف الذي كان مرسوما للعام 2020.لكن في ظل البرامج الإسكانية الجديدة، تنوعت الخيارات الإسكانية ما بين قروض مدعومة من صندوق التنمية العقارية أو وحدات جاهزة أو وحدات على الخارطة أو البناء الذاتي، ما مكن الفئة الشابة من التملك ضمن 300 ألف خيار سكني وتمويلي مستهدف ضخه في جميع مناطق المملكة للعام 2018، هذا إلى جانب 280 ألف خيار سكني ضخت بالسوق في العام السابق.