استراتيجية الابتكار التي يرتكز عليها قطاع الطيران تضمن ازدهار صناعة السياحة
88 مليار دولار مساهمة الطيران المدني في الناتج الإجمالي المحلي بحلول عام 2030.
فى ظل الترابط بين قطاعى السياحة والطيران , لابد ان نتطرق إلى منظومة الطيران فى الإمارات ودورها فى دعم الصناعة السياحية حيث أنها تتحمل جانبا مهماً وحيوياً من استمرارية نمو الاقتصاد الوطني ما بعد النفط . وتبدو آفاق الدور الأوسع للقطاعين في اقتصاد ما بعد النفط، أكثر تفاؤلاً بالنظر إلى استراتيجية الابتكار والتطوير التي يرتكز عليها قطاع الطيران من جهة وزخم الاستثمارات في المشاريع السياحية في الدولة، التي يتوقع أن تتضمن ازدهار صناعة السياحة والطيران في المستقبل.
تحفيز النمو
أهب قطاعا السياحة والطيران في دولة الإمارات لترسيخ مكانتهما في منظومة اقتصاد ما بعد النفط، وزيادة مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة قدرتها بعض الدراسات والتقارير بأكثر من 35%، وذلك بعد الإنجازات والنجاحات التي حققتها الدولة في صناعة السياحة والطيران خلال السنوات الأخيرة.
وتوقع مسؤولون أن يشكل هذان القطاعان ركيزتين رئيستين لتحفيز النمو المستدام في اقتصاد المستقبل، وذلك بعد أن أسهما في لعب دور أساسي في مسيرة التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات خلال السنوات السابقة، حيث ازدادت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة من 3,5% في العام 1995 إلى 26% في العام 2010، وحوالي 8٫5% خلال العام 2014، بما يعادل 126,7 مليار درهم من الناتج، وفقاً لأحدث تقارير مجلس السفر والسياحة العالمي.
الحركة الجوية
سيشكل القطاع أحد الخيول المهمة التي سيتم الرهان عليها لاقتصاد ما بعد النفط، فعلى الرغم من تدني أسعار النفط خلال العام الماضي، إلا أن ذلك لم ينعكس سلباً على أداء القطاع، حيث شهدت الحركة الجوية في الدولة نمواً خلال العام 2015 بزيادة مقدارها 10٫17% عن العام السابق، فيما سجلت حركة المسافرين عبر مطارات الدولة نمواً قوياً خلال العام 2015 بلغت نسبته 17,45% بعد أن قفزت إلى 114,88 مليون مسافر، مقارنة مع 97,815 مليون مسافر في عام 2014.
وتتبوأ دولة الإمارات مركز الصدارة على المستوى الدولي في سرعة نمو قطاع الطيران، الذي لم تتجاوز نسبته 1% من الناتج المحلي الإجمالي عند قيام الدولة في العام 1971، لترتفع مساهمة قطاع الطيران والسياحة إلى 8٫5% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في الوقت الحاضر، في حين يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 12٫5% بحلول عام 2020، كما يُتوقع أن يوفر هذا القطاع في العام نفسه 750 ألف فرصة عمل.
ويقدر حجم الاستثمارات بقطاع الطيران المدني الذي يشمل المطارات وشركات الطيران بنحو 500 مليار درهم ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي عدد الركاب المستخدمين لمطارات الدولة مع نهاية العام الجاري إلى 123 مليون راكب بنمو بحدود 12% مقارنة بعدد الركاب المتوقع تسجيله في عام 2015
الآفاق إيجابية
وتبدو الآفاق إيجابية للوصول إلى هذه الأهداف الخاصة بزيادة الثقل الاقتصادي لقطاع النقل الجوي في الدولة من ناحيتي: رفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الوظائف للحد من معدلات البطالة، خصوصاً أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات ذات التوظيف الكثيف للأيدي العاملة، الأمر الذي يحوّله إلى أحد أهم القطاعات غير النفطية التي يعوّل عليها في تشغيل الأيدي العاملة في الدولة.
وضمن هذه الآفاق يأتي التطور السريع للناقلات الوطنية (طيران الإمارات والاتحاد والعربية وفلاي دبي)، التي تضاعفت أساطيلها خلال فترة زمنية قصيرة، ليصل عدد الطائرات الإجمالي إلى 500 طائرة تقريباً، كما أن هناك طلبيات مؤكدة لأكثر من 350 طائرة بقيمة 165 مليار دولار، ما سيشكل نقلة نوعية أخرى للناقلات الوطنية ويرفع من إسهاماتها الاقتصادية ويضيف آلاف الوظائف الجديدة في السنوات القليلة المقبلة.
دور فاعل
وفي الوقت نفسه، تتمتع الدولة بموقع جغرافي استراتيجي يسهم بدور فاعل في دعم النمو المتسارع لقطاع الطيران، وزيادة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، باعتباره أحد القطاعات غير النفطية التي تتزايد أهميتها للتنوع الاقتصادي وتوفير الوظائف، إذ إن مطارات الدولة تحولت إلى مركز ربط رئيس بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، فقد أشارت شركة «بوينج» إلى أن 80% من سكان العالم الذين يتجاوز عددهم السبعة مليارات نسمه يعيشون على بعد 8 ساعات أو أقل من منطقة الخليج العربي، ما يسهل من تنقلاتهم مروراً بدولة الإمارات ودول الخليج بشكل عام، وخصوصاً أن شركات الطيران الخليجية تتمتع بقدرات تنافسية كبيرة في الأسعار وتقدم مستويات راقية من الخدمات.
و من بين العوامل الأخرى التي تساهم في مواصلة ازدهار قطاع السياحة في الدولة، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي للدولة، تنامي حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع، خاصة في المطارات وتوسعة طاقاتها الاستيعابية وإقامة مطارات ومرافئ ومبانٍ جديدة في العديد من إمارات الدولة، إضافة إلى وسائط النقل الجوي والبحري والبري الحديثة، لافتين إلى أن قطاع الطيران المدني في الإمارات بات مؤهلاً أكثر من أي وقت مضى لاستمرار النمو من خلال مشاريع البنية التحتية والإنشائية للمطارات والتوسع في عدد الناقلات والعقود التاريخية التي أبرمتها الناقلات الوطنية خلال الفترة القصيرة الماضية، كما يتوقع أن ترتفع مساهمة قطاع الطيران المدني في الناتج الإجمالي المحلي إلى 88 مليار دولار بحلول عام 2030.
استفادة قصوى
وحافظ قطاع الطيران حافظ على نمو تراوح بين 5% إلى 7% في أعقاب الأزمة المالية العالمية الأخيرة في العام 2008، ولعل العوامل التي دفعت إلى تحقيق هذا النمو المرتفع، تعكس بما لا يدع مجالاً للشك التنافسية العالمية لقطاع الطيران في الدولة، وركائزها الأساسية الممثلة في الاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي المتميز للدولة بين الشرق والغرب الأمر الذي يجعل منها ممرا للحركة الجوية للعالم، فضلاً عن البنية التحتية العالمية المتقدمة لقطاع الطيران في الدولة والتي يزيد حجم الاستثمارات التي ضختها الحكومة فيها عن 500 مليار درهم، مما وضعها في المراتب الأولى عالمياً بين مؤشرات تنافسية البينة التحتية لقطاع النقل الجوي في العالم.
وأكد سيف السويدي المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني أن قطاع الطيران في الإمارات يعد حالياً أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ويتوقع أن تزيد مساحة مساهمته في الاقتصاد في المستقبل، وأن يلعب دوراً محورياً في اقتصاد ما بعد النفط، بالنظر إلى اعتماد كثير من القطاعات الأخرى عليه كالسياحة والتجارة، مشيراً إلى أن حكومة دولة الإمارات أدركت مبكراً أهمية قطاع الطيران بالنسبة للمستقبل، فشيدت المطارات العالمية وأسست أكبر شركات الطيران في العالم وأحدثها واستثمرت المليارات في البنية التحتية، حتى بات مطار دبي الدولي على سبيل المثال الأكبر عالمياً من ناحية المسافرين الدوليين، ومطار أبوظبي الدولي الأسرع نمواً في أعداد المسافرين، فضلاً عن ربط مطارات الدولة بالمئات من مدن العالم من خلال شركات الطيران الإماراتية.
ولفت إلى أن ما يؤكد أهمية القطاع في صنع المستقبل الاقتصادي لدولة الإمارات في مرحلة ما بعد النفط هو مواصلة ضخ الاستثمارات في المشاريع التطويرية والتوسعية في القطاع بعيداً عن تقلبات أسعار النفط، مؤكداً أن مشاريع التطوير الرئيسية للمطارات سواء في أبوظبي أو دبي قائمة وتسيير وفقاً لمخططها ولن تواجه أي تحديات تمويلية؛ لأن مخصصاتها متوافرة، الأمر الذي يعكس أهمية هذا القطاع الذي يعد أحد القطاعات التي تحقق دخلاً مباشراً للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، ومساهمته المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد، منوهاً بالمردود الكبير للاستثمار في قطاع الطيران.
وأشار إلى أن تلك النجاحات لم تكن تتحقق إلا بفضل الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة واستشرافها لمستقبل قطاع الطيران، بالإضافة ما تتميز به حكومة دولة الإمارات من كفاءة عالية في الإدارة، الأمر الذي يوفر لها القدرة على التفاعل السريع والمرن مع التحديات العالمية، حيث تعد دورة اتخاذ القرار في حكومة الإمارات قصيرة للغاية مقارنة بالعديد من الاقتصادات العالمية الأخرى.
طفرة كبيرة
وأشار المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني، إلى أن تقارير مركز الشيخ زايد للملاحة الجوية تظهر طفرة كبيرة وزيادة مطردة في الحركة الجوية خلال العقدين الفائتين، حيث تشير التقارير إلى زيادة متوسط الحركة الجوية اليومية من 342 حركة جوية خلال العام 1986 إلى متوسط 2455 حركة جوية يومية خلال العام 2015، بنمو قدره 618%، لافتاً إلى أن الزيادة الملحوظة في الحركة الجوية في الدولة تعزى إلى الازدهار الذي تشهده الإمارات على صعيد الأعمال والسياحة، فضلاً عن الانعكاسات الإيجابية للسياسة التي تنتهجها الدولة، ممثلة بالهيئة العامة للطيران المدني، والتي تتمثل في التشجيع على توقيع اتفاقيات النقل الجوي على أساس الأجواء المفتوحة مع دول الإقليم والعالم وتوفير بيئة تنافسية لشركات الطيران تنعكس في زيادة عدد الرحلات الجوية وعدد الشركات المسجلة ما من شأنه أن ينعش الحركة الجوية في الدولة كما تبين التقارير. وأوضح السويدي أن دولة الإمارات نجحت خلال السنوات الأخيرة في امتلاك أفضل بنية تحتية في قطاع الطيران المدني عالمياً سواء من ناحية الجودة أو الكفاءة والسلامة الجوية، موضحاً أنه يسجل مستويات نمو عالية بما يعكس الجاذبية العالمية لشركات الطيران العالمية حيث يتوقع أن يصل عدد الطائرات المسجلة لدى «الهيئة» إلى أكثر من 800 طائرة.
وأشار السويدي إلى أن قطاع الطيران المدني في الدولة يعد الأفضل عالمياً في مجالات السلامة بفضل التشريعات والأنظمة التي تتبعها الدولة لإدارة وتشغيل هذا القطاع، وفي ظل امتلاك الناقلات الإماراتية أحدث أساطيل الطائرات في العالم، ودرجات السلامة العالمية والالتزام الواسع بالمعايير البيئية، فضلاً عن توفر العديد من المطارات الدولية في دولة الإمارات والتي تم تشيدها وفقاً لأفضل وأحدث أنظمة المطارات في العالم. وشدد السويدي على الدور المحوري للابتكار في قطاع الطيران، مشيراً إلى أن التقدم الموجود فيه يسبق بعض القطاعات الأخرى بعشر سنوات، وذلك بفضل تبني الابتكار كنهج أساسي لتطوير وتحديث منظومة الطيران في الدولة.
المسار الجوي للابتكار
هذا النمو المتواصل يجعل من الابتكار هدفاً رئيساً لمواجهة التحديات المستقبلية التي تفرضها متطلبات هذا النمو سواء على صعيد حركة الطيران والسلامة الجوية أو على صعيد خدمات شركات الطيران ومطارات الدولة، ومنها مطار دبي الذي يتوقع أن تصل مناولة المسافرين أكثر من 90 مليون مسافر، الأمر الذي يفرض مواجهة تحدي رفع القدرة الاستيعابية للأجواء للتعامل مع أكبر عدد من الحركات الجوية في مطار دبي خلال ساعة واحدة.
واستراتيجية الابتكار في الطيران المدني التي أطلقتها الهيئة في العام 2015، تهدف إلى مواكبة استراتيجية الدولة للابتكار وخططها للوصول إلى المركز الأول عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي، خاصة وأن قطاع الطيران يعد لاعباً رئيسيا في الاقتصاد الوطني الذي يتوقع أن يسهم فيه قطاع المعرفة بنحو 5% في العام 2020. وأوضح المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني، اتجاه الهيئة لمراجعة القوانين واللوائح الحاكمة لأنشطة الطيران المدني لتتضمن الابتكار ضمن محاورها، بما يواكب ومتطلبات المرحلة المقبلة التي سيلعب الابتكار فيها دوراً رئيساً في دفع صناعة الطيران المدني المحلي والعالمي لمستويات جديدة.
تهدف استراتيجية الابتكار كذلك إلى رفع كفاءة القطاع من خلال إيجاد حلول عملية وغير مكلفة»، مشيراً إلى «أهمية إيجاد حلول مستمرة للنمو الكبير في الحركة الجوية وسرعة تدفق المسافرين عبر المطارات وآليات مناولة الحقائب وتسريع الإجراءات الأمنية دون الإضرار بمتطلبات الأمن والسلامة، فضلاً عن ابتكار حلول متطورة للتعامل مع تحدي ازدحام الأجواء».
أضف تعليق