تقارير

ذوبان الليرة التركية ..هل يفضي إلى تآكل الاحتياطي والأصول الاستثمارية ؟

“ذوبان” الليرة جعل المستثمرين في الأسواق الناشئة ينظرون إلى أوضاع تركيا بأنها نسخة مماثلة لما كان حصل في الأرجنتين، وبعدما خسرت العملة التركية أكثر من ثلث قيمتها مقابل الدولار هذا العام، ويتم تداولها عند مستوى قياسي منخفض، الأمر الذي ينذر بعاصفة اقتصادية  قد تفضى إلى تآكل الاحتياطي النقدي وهروب الاستثمارات

وحذر بنك الاستثمار “غولدمان ساكس”  الخميس الماضى من أن مزيداً من التراجع في الليرة التركية إلى 7.1 مقابل الدولار قد يمحو بدرجة كبيرة فائض رؤوس أموال بنوك البلاد.

وقدرت مذكرة لمحللي البنك أن كل تراجع بنسبة 10% في الليرة يؤثر على مستويات رؤوس أموال البنوك بواقع 50 نقطة أساس في المتوسط.ووفقاً لحساباتهم، فإن تراجع العملة 12% منذ يونيو، جعل مستويات رأسمال بنك “يابي كريدي” هي الأضعف بين جميع البنوك التركية الرئيسية، فضلاً عن محو المزايا الباقية لإصدار حقوق أجراه البنك في الفترة الأخيرة.

في غضون ذلك، يبدو كل من “غارانتي” و”آك بنك” أفضل حالاً مقارنة مع نظرائهما، بحسب ما ذكره المحللون.وقال محللو “غولدمان”: “التراجع التدريجي لليرة قد يزيد بواعث القلق إزاء رؤوس أموال البنوك، لاسيما البنوك ذات مستويات رؤوس الأموال المنخفضة”.

ومع ارتفاع وتيرة هبوط الليرة التركية تترقب الأوساط الاقتصادية واقع الاستثمارات الخليجية هناك ومستويات تأثرها بالهبوط  الحاد في سعر العملة إذ تعد أنقرة وجهة استثمارية مفضلة لدى المستثمرين الخليجيين، ومع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي انتهجتها الحكومة التركية تضاعفت استثماراتهم خلال السنوات الأخيرة، حيث قامت بفتح مجالات اقتصادية بالكامل أمام المستثمرين الأجانب.

دول الخليج تعتبر ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في تركيا بعد بريطانيا وهولندا، فيما كشفت أرقام وزارة الاقتصاد التركية عن وجود 1973 شركة خليجية عملت في تركيا عام 2017.

وتصدر المستثمرون السعوديون نظائرهم في دول الخليج من حيث حجم الاستثمارات الموجهة لتركيا خلال 2017، بنحو 1.036 مليار دولار، وفي المرتبة الثانية جاء المستثمرون الإماراتيون بنحو 445 مليون دولار، الكويت 291 مليون دولار، قطر 117 مليون دولار، البحرين 63 مليون دولار، فيما ضخ المستثمرون العمانيون 21 مليون دولار.

 

وبحسب تصريحات سابقة لعضو مجلس الأعمال السعودي التركي زياد البسام، توجد نحو 800 شركة سعودية تستثمر في تركيا.

 

بلغت حصة ما بحوزة سعوديين في سوق الأوراق المالية التركية 2.4%، في حين تتراوح الحصة الكلية لدول مجلس التعاون الخليجي في سوق الأوراق المالية التركية بين 5% و7%.

وبحسب الأرقام الرسمية للوكالة التركية لدعم وتنمية الاستثمارات، بلغ حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا في 2016، نحو 16 مليار دولار.

 

الإمارات جاءت على رأس دول الخليج في حجم التبادل التجاري بنحو 9.107 مليار دولار، تلتها السعودية 5.010 مليار دولار، قطر 710 مليون دولار، الكويت 542 مليون دولار، البحرين 321 مليون دولار، وسلطنة عمان 293 مليون دولار.

الأرقام تكشف أيضا أن السعودية جاءت في قائمة أكبر 20 دولة استقبلت صادرات تركية في 2017، واحتلت المرتبة رقم 18 في قائمة المستوردين من تركيا بقيمة إجمالية 2.73 مليار دولار.وتعتبر الإمارات أكبر دولة عربية تصدر لتركيا بقيمة بلغت 5.5 مليار دولار، خلال 2017، وبنمو 50%، عن مثيلتها في 2016.

وفي الجانب المقابل، وبحسب تصريحات مسؤولين أتراك، تنفذ الشركات التركية مشاريع إنشائية في دول الخليج بقيمة 40 مليار دولار.وكشف منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني الذي عقد في البحرين في نوفمبر 2016، أن العقارات المباعة لمستثمرين أجانب في تركيا تشكل 24% من المبيعات، ويشتريها مستثمرون أغلبهم خليجيون.

وصل حجم التبادل التجاري بين تركيا والكويت إلى 1.287 مليار دولار في عام 2016، وبلغت قيمة حجم الصادرات التركية إلى الكويت 431 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الواردات 856 مليون دولار.وبلغ عدد الشركات الاستثمارية ذات رأس المال الكويتي في تركيا 280 شركة.

القطاع المصرفي له حصة لا يستهان بها، إذ يوجد 388 فرعاً لبنك “كويت ترك” الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نسبة 62% من أسهمه، في حين يمتلك بنك برقان أسهما بنسبة 99% في بنكه التابع في تركيا.

إلى ذلك، تأتي الكويت في مرتبة متقدمة في مجال الاستثمارات بالعقارات في تركيا على مستوى دول الخليج، حيث يتملك الكويتيون أكثر من 6 آلاف عقار، منها 1640 عقارا تم شراؤها في 2016.وكانت تركيا حلت في المركز الـ 14 في ترتيب الدول بالنسبة إلى حجم الواردات إلى الكويت في الربع الثالث من عام 2016، مسجلة نحو 120 مليون دولار.بينما جاءت تركيا في المرتبة الـ 15 من بين أهم الدول المصدر إليها بنحو 19 مليون دولار.

تجدر الإشارة إلى أن الشركات التركية تساهم في تنفيذ مشاريع بالكويت والتي تبلغ 30 مشروعا، بما فيها مشروع تطوير مطار الكويت الدولي الذي تنفذه شركة (ليماك) التركية للإنشاءات بقيمة تبلغ نحو 6.3 مليار دولار، يقابلها نحو 1.7 مليار دولار حجم الاستثمارات الكويتية المباشرة في تركيا.

الوكالة التركية لدعم وتنمية الاستثمارات تقدر قيمة استثمارات الخليجيين في تركيا بنحو 19 مليار دولار، حيث شكلت هذه الأموال ما نسبته 9.4% من قيمة الاستثمارات الأجنبية كاملة في تركيا. وعلى الرغم من أن  هذه الشركات لم تفصح عن حجم تأثرها بأزمة انهيار الليرة التركية حتى الآن، إلا أن من المؤكد تراجع قيمة أصولها في تركيا مع الانخفاضات المتواصلة للعملة.

 

نهج أردوغان في السياسات المالية والنقدية على ما يبدو أرعب المستثمرين الدوليين وقد يحدث  هجرة عكسية في الأرصدة والاستثمارات المحلية بحوالي 30%، وهو ما حوّل الفشل الاقتصادي إلى سياسي

وفى تجاهل صارخ للأوضاع خفف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السبت، من وطأة ما تشهد بلاده من تدهور على صعيد سعر صرف العملة ، قائلاً إن اقتصاد بلاده لا يعاني من أزمة ولا يقف على شفا الإفلاس، مشيرا إلى أن تذبذبات سعر الصرف هي “صواريخ” حرب اقتصادية تتعرض لها تركيا.

وأضاف أردوغان أن تركيا تتأهب لتنفيذ تعاملات تجارية بالعملات المحلية مع كل من الصين وروسيا وأوكرانيا.

ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معدلات الفائدة بأنها “أداة استغلال”، مطالبا بخفضها إلى أدنى مستوى ممكن.

وقال أردوغان إن “معدلات الفائدة يجب خفضها إلى أدنى مستوى ممكن، لأنها أداة استغلال تجعل الفقراء أكثر فقرا والأغنياء أكثر غنى”.

وتعرض البنك المركزي التركي في الأسابيع الأخيرة لضغوط بهدف رفع معدلات الفائدة لمواجهة تضخم كبير وتدهور العملة الوطنية.

وكان ترمب أمر بزيادة الرسوم على واردات من تركيا بحيث تصبح رسوم استيراد الألمنيوم 20%، والصلب 50%مع تصاعد التوترات بين البلدين العضوين بحلف شمال الأطلسي، بسبب احتجاز تركيا قساً أميركياً وخلافات دبلوماسية أخرى. عقب هذه التصريحات تفاعلت الليرة على نحو جديد وفاقمت خسائرها ليصل الدولار إلى 6.61 ليرة، لترفع من خسائرها إلى أكثر من 25%، في جلستي الخميس والجمعة وحدهما، ونحو 19% اليوم الجمعة.

عدة أسباب للذوبان السياسي والمالي لليرة التركية جعلها تفقد ما يقترب من 25% منذ بداية السنة.

 

  1.   أدت العقوبات الأمريكية إلى عزوف رؤوس الأموال الأجنبية عن الاستثمار بتركيا
  2.       يتخوف المواطنون الأتراك من إجراءات حكومية لذلك يقبلون على تحويل أموالهم إلى الدولار
  3.     تدرس أمريكا توقيع عقوبات جديدة على تركيا بسبب سلوكها الإقليمى الداعم للإرهاب.
  4.       وتدرس أيضا حظر تصدير منتجات تركيا إلى السوق الحرة فى الولايات المتحدة