تقارير

“لا” ..هل تقطع آخر الجسور بين اليونان وأوروبا؟

تدفق آلاف اليونانيين على ميدان سينتاجما المركزي أمام البرلمان للاحتفال بنتيجة الاستفتاء والتى سجلوا من خلالها “لا” تاريخية لخطة الدائنين

 

وأعلنت وزارة الداخلية اليونانية أن نتيجة فرز أصوات نصف المشاركين  في الاستفتاء في اليونان الذي أجري اليوم الأحد على خطة الدائنين الدوليين المتضمنة إجراءات تقشف جديدة، أظهرت أن 61,21 من المقترعين اليونانيين يرفضون الخطة.

ووفق معطيات رسمية، أظهر فرز 95 في المئة من الأصوات أن 61.31 في المئة من المشاركين في الاستفتاء رفضوا خطة الإنقاذ.

وفور ظهور هذه النتائج الجزئية، سجل تراجع سعر صرف اليورو أمام الدولار، بنسبة 1,20 في المئة، في التعاملات الالكترونية قبل فتح أسواق آسيا.

جاءت النتيجة بعد أسبوع من الاحباطات المتنامية وبعد أن أغلقت البنوك أبوابها وجرى ترشيد عمليات سحب الأموال للحيلولة دون انهيار النظام المالي في البلاد. وقد باتت اليونان منذ الثلاثاء الماضي متخلفة عن تسديد ديونها، بعد عجزها عن سداد دفعة مستحقة لصندوق النقد الدولي قيمتها 1.5 مليار يورو. ويفترض ان تسدد 3.5 مليار يورو للبنك المركزي الأوروبي في 20 تموز/يوليو.

منطقة اليوروردود الأفعال

وفي ردود الفعل على نتائج الإستفتاء اليوناني، اعتبر نائب وزير الاقتصاد الروسي الكسي ليخاتشيف، أن تقدم رافضي خطة الدائنين، يعني أن أثينا “قامت بخطوة على طريق الخروج من منطقة اليورو”.

وإذ توقع تراجع اليورو في بادئ الأمر، رأى ليخاتشيف أن هذا التراجع لن يكون بشكل كارثي، مضيفا “إذا استخلص الاتحاد الأوروبي العبر، فإن ذلك سيؤدي إلى تصحيح الموازنة في منطقة اليورو وستعاود العملة الأوروبية الارتفاع”. ورأى أنه “في حال خروج اليونان من منطقة اليورو، فإن دولا أخرى يمكن ان تحذو حذوها ما سيؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها على الاتحاد الأوروبي، وعلى اليورو، ثاني عملة عالمية”.

ورغم ان رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، اتصل بعد نحو ساعة من إعلان النتائج الجزئية للاستفتاء بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وتباحثا في سبل “إعطاء دفع للمفاوضات بين أثنيا ودائنيها”، اعتبرت برلين ان تسيبراس الذي دعا إلى الاستفتاء “قطع آخر الجسور” بين اليونان وأوروبا.

وفي المقابل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في تغريدة، الأحد، الدعوة الى عقد قمة لمنطقة اليورو، الثلاثاء، في بروكسل “لبحث الوضع بعد استفتاء اليونان”.

وقال رئيس وزراء مالية منطقة اليورو إن الأمر يعود للسلطات اليونانية في أن تتقدم بخطط جديدة بعد رفض الناخبين شروط برنامج الانقاذ في نتيجة استفتاء وصفها بأنها”مؤسفة للغاية” بالنسبة لمستقبل اليونان.

وقال وزير المالية الهولندي يورين دايسلبوم في بيان :”سننتظر الآن مبادرات السلطات اليونانية. مجموعة اليورو ستناقش الموقف يوم الثلاثاء السابع من يوليو.”

وكانت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند طلبا عقد هذه القمة بعد مباحثات هاتفية مساء الأحد. ومن المقررأن يلتقيا الاثنين ببارس.

ومن جهتها قالت المفوضية الأوروبية إنها “تأخذ علما وتحترم نتيجة استفتاء اليونان” وذلك في بيان مقتضب.

أما رئيسها جان كلود يونكر الذي قام بحملة من أجل فوز “نعم” في الاستفتاء، فإنه سيدلي بتصريح رسمي بهذا الشان الثلاثاء اثناء جلسة علنية للبرلمان الاوروبي بستراسبورج.

وسيبحث يونكر اليوم هاتفيا مع دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي ويروين ديسلبلوم رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو وماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي تداعيات نتيجة الاستفتاء اليوناني.

 

ألكسيس تسيبراستسيبراس: “لا” يعزز موقفنا التفاوضي

من جانبه، قال رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أن فوز “لا” في استفتاء اليونان لا يعني “قطيعة مع اوروبا بل تعزيزا لقدرتنا على التفاوض” مع الدائنين.

وأكد تسيبراس في كلمة عبر التلفزيون أن حكومته “مستعدة لاستئناف التفاوض على خطة إصلاحات ذات مصداقية ومنصفة اجتماعيا”، مضيفا أنه “هذه المرة ستوضع مسألة الدين (العام) على الطاولة”.

كما أطلق نداء للوحدة الوطنية قائلا “بصرف النظر عن كيف صوتنا، نحن (شعب) واحد”، داعيا مواطنيه إلى مواصلة الجهد الوطني للتوصل إلى اتفاق بداية من ….

 

ماذا سيحل بالاقتصاد اليوناني عندما يحرم من التمويل الخارجي؟

وكالة «ستاندارد آند بورز» للتصنيف قالت في بيان انه «من دون دعم نظام اليورو، سيصبح نظام الدفع معطلا ولن تكون بنوكها قادرة على العمل».

فمع تعطل اجهزة الصرف الآلي ووقف العمل ببطاقات الإئتمان قد تعمد الحكومة لتيسير الامور الى عملة «موازية» مثل الأوراق التجارية او الكمبيالات التي يتم من خلالها الاعتراف بالديون، وما ان تضعها الحكومة في التداول يمكن ان تنتشر في القطاع الخاص.

ولكن اذا تم اصدارها بموازاة اليورو، فقد تفقد هذه الأوراق التجارية المؤقتة قيمتها سريعا. عندها قد تشهد البلاد تضخما متسارعا وانهيارا لنظام الإدخار. وستبقى الفواتير غير مسددة والمرتبات غير مدفوعة، وقد يصاب الاقتصاد كله بالشلل.

اليونان واليوروهل ستبقى اليونان في هذه الحالة عضوا في منطقة اليورو؟

في الواقع، لا. ولكن «طالما لا توجد آلية قانونية للخروج من اليورو، فالخطر كبير بشأن ما سيحدث في أوروبا كلها في ما بعد»، وفق هنريك انرلين من معهد جاك دولور.

هل سيترك شركاء أثينا الأوروبيون البلاد تغرق في الفوضى؟ هل سيعملون على مساعدتها من خلال مساعدات جديدة او قروض جديدة رغم عجزها عن السداد؟

وامام استراتيجية رئيس الوزراء اليوناني الشاب، ألكسيس تسيبراس، باعتماد سياسة التصالح تارة والمواجهة تارة اخرى، برزت الانقسامات بين مناصري الخط المتشدد مثل ألمانيا ودول البلطيق ودول شرق أوروبا والمعتدلين مثل فرنسا.

وبدا نائب رئيس المفوضية الأوروبية فلاديس دومبروفسكيس مطمئنا بحديثه عن «امكانية التوصل لاتفاق» قبل 20 تموز/يوليو، في حين بدا رئيس المفوضية جان كلود يونكر جازما بقوله ان التصويت بـ«لا» في الاستفتاء يعني «لا لأوروبا».

وقال هولغر شميدنغ «هل سيجعل التصويت بـ»لا» خروج اليونان من اليورو حتميا؟ هناك امور قليلة مؤكدة مئة بالمئة. ولكن خطر حدودث ذلك في هذه الحالة سيكون كبيرا جدا»، متسائلا حول المساعدة التي ستقدمها أوروبا حينها لليونانيين «لتخفيف الصدمة».

وتقول انييس بيناسي كيريه «ما سيحدث في اليونان في حال فوز اللا لن يتمثل فقط بحدوث سلسلة من الاحداث الاقتصادية، وانما سيتوقف على المفاوضات السياسية. نحن في وضع لم يسبق له مثيل، لا احد يعلم الى اين ستفضي الأمور».