في تقرير “فيجوال كابيتالست” عن “الأبعاد المالية ” للذكاء الصناعي توقع الموقع أن ينمو النشاط الجديد بشكل هائل ليصل حجمه إلى 15.7 تريليون دولار بحلول العام 2030.
معدلات الإنفاق العالمي على تطوير الذكاء الاصطناعي في ازدياد مستمر. فبعد أن كان مجموع الاستثمار العالمي في هذا المجال لا يتجاوز 8 مليارات دولار عام 2015، قفز هذا المبلغ إلى ما يتجاوز 13 مليار دولار في العام الجاري، والمتوقع أن يزيد هذا المبلغ على 46 مليار دولار بحلول عام 2020،
وتوقع التقرير أن يصل الأثر الاقتصادي للذكاء الصناعي على اقتصاد أمريكا الشمالية إلى 3.7 تريليون دولار وإلى 1.8 في شمال أوروبا و0.9 تريليون في الدول الصناعية الآسيوية.
أيضا توقع التقرير أن تجني جنوب أوروبا 0.7 تريليون وتسجل أمريكا اللاتينية 500 مليار دولار فضلا عن 1.2 تريليون دولار بباقي أنحاء العالم.
أربعة قطاعات رئيسية ستجني أكبر فائدة من انتشار الذكاء الصناعي هي التصنيع (8.4 تريليون) والخدمات المهنية (7.5) وأنشطة التجزئة والجملة (6.2) والخدمات المالية (3.4).
وفقاً لتقديرات “برايس كوبر هاوس المحاسبية الاستشارية PWC”، التي تعتبر واحدة من كبريات شركات الخدمات المهنية في العالم، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2030 بنحو 14% بما قيمته 15.7 تريليون دولار نتيجة استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومن المقدر وفقاً لذلك أن يسهم الاستثمار في هذه التكنولوجيات في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بما لا يقل عن 19% بحلول عام 2030.
وشهد الاستثمار الإماراتي في الذكاء الاصطناعي نمواً بنحو 70% خلال السنوات الثلاث الماضية٬ ويتوقع أن تصل استثمارات الإمارات في هذا المجال إلى 33 مليار درهم بنهاية العام الجاري بحسب خبراء واكاديميين.
وتعكس هذه الأرقام دخول الإمارات عالم التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي من أوسع أبوابه، فتحولت خلال سنوات قليلة من مرحلة “الحكومة الإلكترونية” إلى “الحكومة الذكية”.
وسخرت في سبيل ذلك كل الإمكانيات التي تساعد على الوصول إلى ما ترنو إليه٬ بأن تكون من أولى الدول في العالم التي تطبق وسائل التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات، ما دفع إلى التوقعات بأن تصل استثمارات الإمارات في هذا المجال إلى 33 مليار درهم بنهاية العام الجاري، أي ما يعادل 9 مليارات دولار بحسب مؤسسة “آي دي سي” لأبحاث تقنية المعلومات.
ومع إعلان صندوق الرؤية المشترك بين صندوق الاستثمارات السعودي وسوفت بانك الياباني – وهو من أضخم الصناديق الاستثمارية في العالم إن لم يكن أضخمها بقيمة تتجاوز 90 مليار دولار – تم الإعلان عن تخصيص جزء من هذا المبلغ للاستثمار في الذكاء الاصطناعي. هذه الأرقام العالية في الاستثمارات، تؤكد التوجه العالمي للاستثمار في هذا المجال، لا سيما بعد أن أثبت نجاحه في شركات مثل أمازون – حيث يدار كامل المخزون باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي – وجنرال إلكتريك.
يعود تاريخ تطبيقات الذكاء الاصطناعي عندما بدأ العلماء في منتصف القرن العشرين للميلاد باستكشاف نهج جديد من أجل بناء آلات ذكية، وبناءً على الاكتشاف الحديث في علم الأعصاب، وتطور علم التحكم الآلي من خلال اختراع الحاسوب الرقمي تم اختراع آلات يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي الإنساني.
وفي عام 1956م أنشئ المجال الحديث لبحوث الذكاء الاصطناعي عندما عقد مؤتمر في حرم كلية دارتموث، ومن أبرز قادة بحوث الذكاء الاصطناعي مارفن مينسكاي، وهربرت سيمون، وجون مكارثي، وألين نويل. ثم شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي في بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين للميلاد اهتماماً جديداً عن طريق النجاح التجاري للنظم الخبيرة التي تعتبر من برامج الذكاء الاصطناعي التي تحاكي المهارات والمعرفة التحليلية لواحد أو أكثر من الخبراء البشريين.
لقد حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات كبيرة جداً في عقد التسعينات وبداية القرن الواحد والعشرين للميلاد؛ حيث استخدم الذكاء الاصطناعي في استخراج البيانات، واللوجستية، وصناعة التكنولوجيا، والتشخيص الطبي.
إنّ الذكاء الاصطناعي هو من أفرع علم الحاسوب، ويعرف بأنّه خصائص وسلوك معين يتميز به البرامج الحاسوبية التي تجعله يحاكي قدرات البشر الذهنية وأنماط عملها، وأبرز هذه الخاصيات القدرة على الاستنتاج، والتعلم، ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج داخل الآلة، كما يعرف بأنّه تصميم ودراسة العملاء الأذكياء. وتستخدم في مجموعة كبيرة من المجالات مثل: النظم الخبيرة، والتشخيص الطبي، ومحركات البحث على الإنترنت، ومعالجة اللغات الطبيعية، وألعاب الفيديو، وتداول الأسهم، والقانون، وتمييز وتحليل الصور، ولعب الأطفال، والاكتشافات العلمية، والتحكم الآلي، وتمييز الأصوات.
وكانت أنماط الوظائف غير الاعتيادية في تطبيقات الحاسوب الذي انبثق منه الذكاء الاصطناعي قد بدأت في التبلور عندما نقل المبرمجون بطريقة المحاكاة نماذج من عقول البشر المتميزين في العالم في بعض المجالات العلمية والرياضية كلعبة الشطرنج مثلاً التي استطاع المبرمجون أن ينقلوا بعض الأنماط التفكيرية لبعض اللاعبين وطريقتهم في التفكير كالروسي بطل العالم في اللعبة كاسباروف وغيره من اللاعبين المتميزين، بحيث يستطيع اللاعب أن يلعب معهم عبر جهاز الكمبيوتر بلا أدنى شك في أنه أمام أعظم اللاعبين في العالم وفي حضرتهم، وكذلك أيضاً في لعبة كرة القدم وغيرها من الألعاب التي يتم برمجة تطبيقات الحاسوب عليها.
الفكرة ذاتها بعد التطوير أصبحت تهدد باستبعاد البشر من وظائفهم، فالآلات التي يتم برمجتها في عالم الذكاء الاصطناعي تؤدي وظيفة الإنسان على أكمل وجه، بل وتؤديها بلا أدنى مضاعفات أو تكاليف ولهذا فقبولها وارد وإقبال أهل المال والأعمال عليها شديد ومتلهف فآلة واحدة يمكنها أن تقوم مقام خمسة موظفين وأكثر وبلا رواتب وبلا إجازات تعطل سير العمل وبلا بدلات وظيفية..
إن المرعب في الأمر حقاً هو مصير الإنسان وسط هذه الطفرة العظيمة لهذا العلم، فالاستغناء عن القوة البشرية مقابل استيعاب الآلة والحواسيب قد بدا جلياً، كما يجعل التفكير صعباً جداً في نوع الأعمال التي قد يعمل بها البشر، وعند العرب تحديداً فالمادة التعليمية في المدارس والجامعات لا يتم تحديثها بما يناسب تغيرات العصر وتطوراته، كما لا تتوافق مع تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي لاستيعاب التغييرات التي تحدث في كل وقت والاحتياط لها بالتالي.
وعما قريب سوف يشهد العالم ظهوراً حقيقياً لأنماط وظيفية غير اعتيادية في مجالات عديدة في الحياة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستجعل مستقبل البشر غامضاً وتجعل التنبؤ به صعباً للغاية؛ وقد أعلن منذ أيام عن روبوتات تؤدي وظائف طبية عديدة منها مهمة سحب الدم من المرضى بدقة عالية تفوق قدرة الأطباء البشر في الوصول إلى الشرايين الرئيسية أي بدون تلك المضاعفات التي تتسبب في أضرار للمرضى.
ومن تلك الأنماط الوظيفية أيضاً علماء النفس «الصناعي» وهم المسؤولون عن تطوير بيئات العمل الملائمة للشبكات، كذلك وظيفة مستشاري علم الوراثة ومهمة هؤلاء هي تحليل الشيفرات الوراثية للتنبؤ بالمستقبل الصحي للأفراد والأجنة أو محللي البيانات الضخمة «BIG DATA» ويعمل هؤلاء على تحليل كميات هائلة من البيانات وتقديم التوصيات بناء على النتائج أو مراقبين لأشعة جاما الشمسية أو الكونية وأيضاً مبرمجين للروبوتات الخاصة في المنازل.. كل هذه الأنماط الوظيفية غير الاعتيادية وأكثر ستوفرها عما قريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي وسوف تشعل سوق العمل بمنافسة مختلفة عما شهدناه في العقود المنصرمة.
وقد تطورت تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى الحد الذي يجعل المبرمجين لها في مراحلها المتطورة عاجزين عن إدراك أبعاد قدرات هذه الآلات التي يخترعونها أو يطورونها ويبرمجونها، وهذا يخالف ما عهدناه عن المخترعين للآلات طوال تاريخ الصناعات والاختراعات، فكانوا يعرفون جيداً طبيعة عمل اختراعاتهم، ويستطيعون بكل سهولة شرح عمل تلك الآلات والاختراعات.
ويرى الكثير من المحللين الاقتصاديين أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجالات الصناعية تحديدا سينتج مصانع بعدد موظفين أقل بكثير من العدد الحالي، وهو ما سيسبب زيادة في معدلات البطالة، وقد شكلت هذه التوقعات ضغطا شعبيا على الساسة في بعض الدول. وطالب البعض منهم الحكومات بتجهيز خطط بديلة للحفاظ على معدلات بطالة منخفضة حال تطبيق برامج الذكاء الاصطناعي في المجالات الصناعية.
إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن هذه التغيرات التقنية، لا تتسبب في زيادة معدلات البطالة بشكل كبير، بل هي تسبب تغييرا في شكل سوق العمل، وذلك من خلال نقل الاحتياج في السوق من مجال إلى آخر
أضف تعليق