أكد مسح للمنشآت العاملة في دبي بخصوص التوزيع القطاعي للمنشآت التصديرية، أن 80% منها تعمل في قطاع التصنيع، وان 9% فقط في قطاع الجملة، و5% في قطاع المواصلات والخزن والاتصالات، و4% في قطاع التجزئة. أما المنشآت العاملة في مجال الخدمات، مثل المالية وغير المالية والاجتماعية، الفنادق والمطاعم، اضافة الى التشييد، فلم تضطلع باي نشاط تصديري.
وأعد مركز السياسات الاقتصادية والأبحاث، الذراع التشغيلية لمجلس دبي الاقتصادي دراسة تحليلية عن انتاجية المنشآت التصديرية العاملة في مختلف مناطق دبي، الرئيسية والحرة. واستهلت الدراسة بالإشارة الى انه من ضمن الأهداف الرئيسية لخطة دبي 2021 هو رفع الإنتاجية من خلال تعزيز قطاع الصناعات الخفيفة. كما أكدت دور التصنيع وخاصة الصناعات التصديرية في التنمية الاقتصادية. ودعت الدراسة إلى العمل على تعزيز الإنتاجية في تلك المنشآت.
ولغرض فهم أفضل لدور الصناعات الخفيفة في عملية النمو، اعتمدت الدراسة على البيانات المستقاة من المسح على مستوى المنشآت العاملة في دبي والذي أجراه مجلس دبي الاقتصادي ومركز دبي للإحصاء وعالم المناطق الاقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية.
التصنيع والتنويع
وقالت الدراسة: لقد شاع النظر الى الصادرات الموجهة بوصفها استراتيجية تنموية ناجحة من شأنها أن تقود الى تحولات اقتصادية. علاوة على ذلك، فإن السياسات الاقتصادية الموجهة للتصدير ترتبط بالتنوع الكبير للصادرات. وفي هذا السياق تشير الدراسة الى ان العديد من الاقتصادات الريعية والتي تعتمد بصورة كبيرة على ما هو متوافر لديها من موارد طبيعية قد سعت الى تجنب الصدمات (القطاعية) من خلال التحول الى الصناعات غير التقليدية المعدة للتصدير، حيث تتميز هذه المنتجات بمرونة دخل عالية، وعرضة أقل للتقلبات الدورية، وآفاق واعدة لحاصل الإنتاجية الديناميكية.
وتابعت: من هنا فإن الدور المأمول لقطاع التصنيع يتطلب نمواً عالياً للإنتاجية وبالتالي نمواً أكثر استقراراً واستدامةً. ويعد هذا المطلب أولوية للسياسات التي تتخذها دبي في ظل تزايد التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتي اثرت في الكثير من اقتصادات العالم وخاصة تلك التي تعتمد على الخدمات.
إنتاجية العامل
وأردفت: على الرغم من أن تراكم عناصر الإنتاج وتوافر بيئة أعمال محفزة كانت من بين العوامل التي ساعدت دبي على احداث أكثر التحولات الاقتصادية في تاريخها المعاصر، فإن ثمة توافقاً في الرأي على أن نموذج (النمو) هذا قد بلغ حداً بدأ بعده النمو بالتناقص. فبينما تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للإمارة 11 مرة خلال الفترة 1975-2008، فإن انتاجية العامل – والتي تقاس عادة بحصة الشخص العامل من الإنتاج – استمرت راكدة طوال الفترة الممتدة 1987-2004 بعيد الركود الذي شهده الاقتصاد المحلي في مطلع ثمانينات القرن العشرين. وهذا الواقع يتناقض مع اقتصادات المدن الأخرى مثل هونج كونج وسنغافورة، والتي نمت فيها انتاجية العامل بصورة متواصلة خلال الفترة ذاتها.
وهدفت الدراسة الى المساهمة في تحقيق الأهداف الرئيسة لخطة دبي 2021 وخاصة في ما يتعلق بتعزيز الصناعات الخفيفة. وتدور الدراسة على سؤالين محوريين: ما الذي يجعل بعض المنشآت تصديرية دون البعض الآخر؟
وبالمقارنة مع بقية المنشآت، كيف تسعر المنشآت التصديرية منتجاتها في إطار انتاجية العامل؟
وعلى نحو محدد، تقوم الدراسة بتقييم الدور التصديري للمنشآت العاملة في قطاع الصناعة الخفيفة من خلال مقارنة الأثر الحدي لقطاع التصدير في تعزيز التوجه نحو التصدير للمنشآت ورفع انتاجية المنشآت التصديرية.
مسح المنشآت
واعتمدت الدراسة على مسح المنشآت العاملة في دبي والذي ينطوي على مقابلات أجريت مع المديرين والموظفين المعنيين لحوالي 982 منشأة تعمل في ثمانية قطاعات، هي: التشييد، الخدمات المالية، الفنادق والمطاعم، الخدمات غير المالية والاجتماعية، تجارة التجزئة، تجارة الجملة، المواصلات، الخزن والاتصالات والتصنيع، وفي منطقتين اقتصاديتين، هما دبي الرئيسة (795 منشأة) والمناطق الحرة (158 منشأة، بضمنها مركز دبي المالي العالمي). كذلك تصنف هذه المنشآت – التي شملها المسح – الى صغيرة (66%)، ومتوسطة (28%)، وكبيرة (6%).
وتفيد نتائج المسح بان المنشآت العاملة في المناطق الحرة تتسم بحصة أعلى للشريك الأجنبي (26%) مقارنة بالمنشآت العاملة في دبي الرئيسية (4.4%). كما لوحظ ان المنشآت غير التصديرية في المناطق الحرة هي التي تجتذب استثمارات أجنبية (27.6%) أكثر من نظيراتها من المنشآت التصديرية (14.6%). كذلك كشف المسح أن حصة الملكية المحلية تتجه للزيادة في المنشآت التصديرية وغير التصديرية العاملة في مناطق دبي الرئيسية (80%) مقارنة بالمناطق الحرة (38%)، بينما تكون هذه الحصة عالية نسبياً في المنشآت غير التصديرية في المناطق الحرة مقارنة بالمنشآت التصديرية. أما من ناحية العمر، فقد لوحظ أن المنشآت غير التصديرية أقدم نسبياً من المنشآت التصديرية في كلا المنطقتين (الرئيسية والحرة). كذلك لوحظ ان المنشآت التصديرية توظف عمالاً أكثر من نظيراتها غير التصديرية.
ما الذي يجعل المنشآت تصديرية؟
استخدمت الدراسة نموذجاً لدراسة محددات المنشآت التصديرية في دبي. ويتألف هذا النموذج من متغير تابع وهو «التصنيع» وآخر عشوائي وهو اي نشاط تقوم به المنشأة، من قبيل التجميع لأغراض التصدير أو إعادة التصدير. وقد تبين ان ثمة علاقة بين المنطقة التي تعمل فيها تلك المنشآت واحتمالية اضطلاعها بنشاط التصدير أو إعادة التصدير. كذلك تم الاعتماد على خمسة متغيرات توضيحية والتي من شأنها أن تؤثر في توجه المنشأة فيما إذا كانت تعمل لأغراض التصدير أو إعادة التصدير الى الخارج، وهذه المتغيرات هي: كثافة رأس المال، وعدد العمال في المنشأة، وحصة الاستثمار/ الشريك الأجنبي، وعمر المنشأة، وكذلك حصة الاستثمار/ الشريك المحلي.
كما لوحظ ان المنشآت في المناطق الحرة تعتمد على كثافة أعلى لرأس المال (50 ألف درهم رأس مال للعامل الواحد) مقارنة بمناطق دبي الرئيسية (30 الف درهم للعامل). كذلك فإن المنشآت غير التصديرية في المناطق الحرة ذات كثافة رأسمالية اعلى (56.5 ألف درهم للعامل) من نظيراتها المنشآت التصديرية (37.5 ألف درهم للعامل).
كذلك لوحظ ان المنشآت الصناعية قد تلقت أكثر حصة من الاستثمارات الأجنبية (19%) بعد قطاع التجزئة (23%). علاوة على ذلك، فقد حظي قطاع التصنيع بأعلى حصة للشريك المحلي وبمعدل 74% مقابل 52% لتجارة الجملة، و38% للمواصلات والخزن والاتصالات. كذلك تبين ان المنشآت التصديرية في قطاع التصنيع هي أقدم من المنشآت الأخرى، كما أنها توظف عمالاً أكثر (67 عاملاً) مقابل 23 عاملاً لقطاع المواصلات والخزن، وقطاع التجزئة.
ولعل أهم ما أوصت به الدراسة هو أنه في ظل الاهتمام الحالي بالصناعات الخفيفة في إطار خطة دبي، من الضروري العمل على تعزيز الإنتاجية. كذلك يتوجب تعزيز توجه المنشآت الصناعية نحو التصدير ولا سيما أن نسبة المنشآت الصناعية قد بلغت 80% من اجمالي المنشآت التصديرية في دبي ولديها القدرة على الارتقاء بانتاجيتها الى مستويات عالية.
أما في ما يتعلق بمستقبل المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة الصناعية، فإن هدف تعزيز دور الصناعات الخفيفة في هذا السياق لا بد من أن يرتبط بتوفير مقومات النجاح المطبقة على سائر المنشآت المذكورة، مثل توفير التمويل الملائم والكافي، وتسجيل الأصول، وغيرها. كذلك توصي الورقة بضرورة توفير الفرص للمستثمرين المحليين للاستثمار في المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
الأكثر كفاءة
أوضحت نتائج المسح ان المنشآت العاملة في المناطق الحرة هي أكثر كفاءة من مثيلاتها في مناطق دبي الرئيسية (بصرف النظر ان كانت تلك المنشآت تصديرية أو غير تصديرية) نظراً لارتفاع نسبة الطاقة المؤسسية للمنشآت في المناطق الحرة (90%) مقارنة بدبي الرئيسية (85%). كذلك فإن معدل الإنتاجية (والذي يقيس حصة العامل الواحد من القيمة المضافة) في المناطق الحرة تكون أعلى من المناطق الرئيسية. بيد أن انتاجية المنشآت التصديرية كانت أقل من نظيراتها غير التصديرية في كلا مناطق دبي.
أضف تعليق