العملات المشفرة تقارير رئيسي

سيناريوهات “ماسك” لمستقبل العملات المشفرة مع “تويتر”

بعد شهور من التأرجح الدراماتيكي، استحوذ إيلون ماسك على “تويتر”، الأمر الذي أثار مشاعر مختلطة بين الأمل والقلق لدى المستخدمين الذين يترقبون طريقة وضع الملياردير بصمته على منصة التواصل الاجتماعي.

وبالنسبة للعملات المشفرة على “تويتر” فإنها ليست بمنأى عن هذه المشاعر.
لطالما احتشد المتحمسون للأصول الرقمية على “تويتر”، حيث قاموا بتغيير صور ملفاتهم الشخصية إلى صور لأنفسهم “بأعين ليزر” كإشارة إلى دعمهم للعملات المشفرة، ونشروا “ميمز” تشير إلى الاستخفاف حول ارتفاع (ثم انخفاض) أسعار العملات، وأعادوا نشر تغريدات لمواضيع من مؤسسي العملات المفضلين لديهم.
ارتبط “ماسك”، وهو مغرّد بشكل كثيف على “تويتر”، بعلاقة معقّدة مع العملات المشفرة، ويبدو أنه يتبناها في تارة ثم يقلّل من شأنها تارة أخرى.

ولم يمنع ذلك مؤيدي الصناعة من تخيل وجود توسع في ميزات “بلوكتشين” على “تويتر” تحت إدارة “ماسك”، والتي من شأنها توسيع نطاق التبني السائد.

ومن المحتمل أن يكون هذا الإعجاب من جانب المؤيدين قد أسهم في تكثيف الاهتمام بـ”دوج كوين”، العملة المشفرة المفضلة لدى “ماسك”، والتي لمع نجمها في الأيام السابقة على إبرام الصفقة أخيراً.
غرّد جوي هيكسون، أحد المؤثرين بمجال العملات المشفرة على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر حسابه على “تويتر” بأنه “إذا لن تحاول إتقان عملات التشفير والميمز بعد استحواذ إيلون ماسك على تويتر، فسوف تندم أنك لم تفعل”.
“إذا لم تحاول إتقان عملات التشفير والميمز بعد استحواذ إيلون ماسك على تويتر، إذاً فسوف تندم أنك لم تفعل ذلك”

كانت “تويتر” أحرزت إنجازاتها في عالم التشفير مسبقاً. ويُعد جاك دورسي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق، أحد أشهر الشخصيات الداعمة لهذه الصناعة، حيث أدخلت الشركة تحت قيادته ميزة تتيح للمستخدمين تلقي النصائح حول “بتكوين”، كما أنشأت قسم “تويتر كريبتو” (Twitter Crypto) وأطلقت مشروع “بلوسكاي” (Bluesky)، المخصص لبناء شبكة تواصل اجتماعي لامركزية، والتي أصبحت حالياً شركة مستقلة.

ومنذ رحيل “دورسي” عن منصبه في شهر نوفمبر من العام الماضي، أضاف “تويتر” إرشادات حول “إيثر”، وصور الملف الشخصي للرموز غير القابلة للاستبدال، ومدفوعات العملة المستقرة “دولار كوين” لمجموعة مختارة من منشئي المحتوى.
سمعة زئبقية
من غير الواضح ما الذي سيحدث لهذه الجهود تحت قيادة “ماسك”، الذي اشتهر بسمعته الزئبقية فيما يتعلق بالعملات المشفرة، وقد يتخلص من الفريق المسؤول عن الأصول الرقمية بالمنصة مع مغادرة قيادات تنفيذية أخرى بالشركة.

وبينما قام الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” بالترويج لـ”دوج كوين” على “تويتر” لدرجة أنه حظي بلقب “الأب الروحي لدوج كوين” (Dogefather)، فقد أطلق على هذا الرمز المشفر وصف “الصاخب” وذلك خلال أمسية عقدها بعنوان “ساترداي نايت لايف” (Saturday Night Live) في مايو 2021.

كما أدخل نظام الدفع بعملة “بتكوين” لشراء سيارات “تسلا” الكهربائية في عام 2021، لكنه أوقف هذا النظام بعد أقل من شهرين، معلّلاً ذلك بالتأثير البيئي للعملات المشفرة.
من خلال النظر إلى عملية الاستحواذ على “تويتر” في مجملها، بدا الأمر أن “ماسك” متردّد إزاء التزامه بالعملات المشفرة.

وخصصت “بينانس هولدينغز” (.Binance Holdings Ltd)، وهي أكبر بورصة للأصول الرقمية في العالم، 500 مليون دولار لتمويل ماسك للصفقة في مايو، ويقال إنها تشكّل فريقاً يركّز على استكشاف سبل تحقيق الجدوى من التشفير بالنسبة إلى شركة التواصل الاجتماعي.

ناقش “ماسك”، في مجموعة من الرسائل النصية التي كُشف عنها كجزء من إجراءات التقاضي بشأن صفقة “تويتر”، في البداية استخدام “بلوكتشين” للترويج لحرية التعبير وتقليص المحتوى الضار على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن ينشر بعد فترة وجيزة، قائلاً: “بلوكتشين تويتر غير ممكن”.
إذا قرر “ماسك” أن يلعب التشفير دوراً أكبر على “تويتر”، فإليك بعض الطرق التي يمكنه من خلالها القيام بذلك:
تشكّل حسابات الروبوتات والمحتوى العشوائي على “تويتر” منغصات كبيرة بالنسبة إلى ماسك، حيث ساعدت في تأجيج معركة قانونية مثيرة للجدل عرّضت استحواذه على الشركة للخطر. وتعتبر هذه المشكلة مهمة بشكل خاص في مجال التشفير، حيث تنتحل الحسابات العشوائية شخصيات مشهورة مثل ماسك من أجل الترويج لعمليات الاحتيال التي تتضمن هدايا تشفير مزيفة. لكن بعض المتحمسين للأصول الرقمية يعتقدون أن استخدام “بلوكتشين” يمكن أن يساعد في تقليص دور هذه الروبوتات على “تويتر”.

ويمكن أن تكون أداة التحقق من الهوية المستندة إلى “بلوكتشين” أو جواز سفر “إن إف تي” (NFT) خيارات للترويج لهدف ماسك المتمثل في الرغبة في “مصادقة جميع البشر الحقيقيين” المستخدمين لـ “تويتر”.

حرية التعبير أقرب إلى قلب “ماسك”، إذ يعتزم رفع الحظر الذي تفرضه الشركة على المستخدمين مدى الحياة. تتوافق هذه القيم مع العديد من المؤيدين للعملات المشفرة ودور اللامركزية والتي ترسخ لها “بلوكتشين”. فهم يعتقدون أن كياناً واحداً لا ينبغي أن يتخذ قرارات مهمة بشأن كيفية إدارة المنصة.

في حين أن “ماسك” يمكن أن ينفذ نظام تصويت قائم على العملة المشفرة يتيح للمستخدمين مساحة أكبر لإبداء الرأي بشأن ما يحدث على “تويتر”، فمن المهم ملاحظة أن تبنّيه المحتمل للعملات المشفرة سلاح ذو حدين.

فعلى الرغم من أن إضافة المزيد من عناصر التشفير على “تويتر” يمكن أن توسع الاستخدام السائد للأصول الرقمية، فإنها ستعزز تأثير “ماسك” على صناعة يأمل الكثيرون أن تحتفظ بطابعها اللامركزي قدر الإمكان.

أعرب “ماسك” بالفعل عن طموحاته في تحويل “تويتر” إلى “تطبيق فائق”، وتحدث بشكل يطغى عليه الإعجاب بمنصة “وي تشات” (WeChat) الصينية، التي يمكنها التعامل مع الرسائل والألعاب والمدفوعات وبث الفيديو.

وفي ظل توسع الشركات الطموحة الأخرى المسؤولة عن إنشاء التطبيقات الفائقة، مثل “ريفوليوت” (.Revolut Ltd) لتشمل العملات المشفرة، فمن المنطقي أن تتضمن رؤية “ماسك” الأصول الرقمية أيضاً.

وقد يكون السماح بالإرشادات بشأن مزيد من العملات المشفرة خطوة أولى في هذا الاتجاه، ومن المحتمل أن تكون “دوج كوين” مرشحة رئيسية لذلك نظراً لأنها تستهوي “ماسك”.

تتعمق منصات التواصل الاجتماعي السائدة الأخرى، مثل “إنستغرام” بشكل أكبر في مجال الرموز غير القابلة للاستبدال.

على الرغم من أن “ماس سخر من هذه الأصول في الماضي، بما في ذلك قرار “تويتر” بالسماح بصور ملف تعريفي حول هذه الرموز المعتمدة، إلا أنه يمكنه تقديم المزيد من ميزات الرموز غير القابلة للاستبدال، مثل المتجر أو قدرة المستخدمين على إنشاء ملف تعريفي تمثله هذه الرموز والذي يمنحهم ملكية أكبر على المحتوى الخاص بهم، وهي عملية تم تنفيذها بالفعل من خلال منصة التواصل الاجتماعي اللامركزية “لينز بروتوكول” (Lens Protocol).

ويمكن أن تضمن هذه الإجراءات ألا يتخلف “تويتر” عن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى فيما يتعلق بتبني التشفير.
وفي الوقت الذي سيكون دمج عناصر “بلوكتشين” أمراً مهماً ومعقداً بشكل بالغ بالنسبة إلى “تويتر”، فلا يزال عهد “ماسك” الجديد يفسح المجال أمامها لتصبح واقعاً.