أجبر اشتداد أزمة فيروس كورونا المستجد، حكومات الدول إلى اتخاذ القرار الصعب بفرض حالة من الإغلاق الجزئي للأنشطة والخدمات، نتج عنها وقف حركة العمل جراء تدابير المكافحة المتبعة، ما وضع العمال حول العالم تحت الحجر الصحي أو العمل بنظام الدوام الجزئي.
ومن المتوقع أن يفقد العالم نحو 25 مليون وظيفة في العام الحالي في أسوأ السيناريوهات وحوالي 5.3 مليون وظيفة في أفضل الاحتمالات، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة العمل العالمية.
وقدرت منظمة العمل الدولية أن تتراوح إجمالي الأجور المهدرة جراء فقد ملايين الوظائف بين 860 مليار دولار إلى 3.4 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2020.
صندوق النقد الدولي
أوصى صندوق النقد الدولي وضع السيولة النقدية بشكل مباشر في أيدي الأسر والشركات لمواجهة الأثر الاقتصادي الناجم عن التفشي السريع لكورونا.
وكتبت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي “جيتا جوبيناث” خلال مدونة نشرت على موقع الصندوق: “بالنسبة للعمال الذين تم تسريحهم فيمكن لإعانات البطالة أن تدعمهم بشكل مؤقت من خلال تمديد مدتها أو زيادة تلك الإعانات أو تخفيف شروط المؤهلين للحصول على هذه الإعانات”.
العاملة بالقارة السمراء
وفي أفريقيا أظهرت دراسة للاتحاد الأفريقي أن نحو 20 مليون وظيفة في أفريقيا باتت مهددة إذ من المتوقع أن تنكمش اقتصادات القارة هذا العام بسبب تأثير وباء كورونا.
وحتى الآن سجلت أفريقيا عددا ضئيلا فقط من إجمالي عدد الإصابات بالفيروس الذي أصاب أكثر من مليون شخص في أنحاء العالم، وفقا لإحصاء لرويترز.
لكن الاقتصادات الأفريقية تواجه بالفعل آثار تحول نزولي وشيك للاقتصاد العالمي وتراجع في أسعار النفط والسلع الأولية وانهيار قطاع السياحة.
وقبل بدء الوباء، توقع البنك الأفريقي للتنمية أن يصل الناتج المحلي الإجمالي على مستوى القارة إلى 3.4%.
لكن في سيناريوهين عرضتهما دراسة الاتحاد الأفريقي، التي اطلعت عليها رويترز وحملت عنوان “تأثير فيروس كورونا على اقتصاد أفريقيا”، فإن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش.
ووفقا لما اعتبره باحثو الاتحاد الأفريقي السيناريو الأكثر واقعية في نظرهم، فإن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد أفريقيا 0.8% بينما يتوقع السيناريو المتشائم انكماشا بنسبة 1.1%.
كما أفادت الدراسة أن ما يصل إلى 15% من الاستثمار الأجنبي المباشر قد يختفي.
وجاء في الدراسة “نحو 20 مليون وظيفة، في القطاعات الرسمية وغير الرسمية على السواء، مهددة بالدمار الذي سيلحق بالقارة إذا استمر الوضع”.
ووجدت الدراسة أن الحكومات الأفريقية قد تخسر ما يتراوح بين 20% و30%من إيراداتها المالية، التي تفيد التقديرات بأنها بلغت 500 مليار دولار في 2019.
وتوقعت الدراسة تراجع الصادرات والواردات بنسبة 35% على الأقل من مستويات 2019، لتؤدي إلى خسارة في قيمة التجارة بنحو 270 مليار دولار. وسيكون هذا في وقت تؤدي فيه مكافحة انتشار الفيروس إلى زيادة الإنفاق العام بمقدار 130 مليار دولار على الأقل.
العمال بقطاع النفط بأفريقيا
ووفقا للدراسة سيكون منتجو النفط بالقارة، الذين شهدوا تراجع قيمة صادراتهم من الخام خلال الأسابيع الماضية، من بين الأكثر تضررا.
وقد تخسر نيجيريا وأنجولا، وهما أكبر بلدين منتجين للنفط في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، 65 مليار دولار من الإيرادات وحدهما.
ومن المتوقع أن تشهد الدول المصدرة للنفط بالقارة تضاعف عجز ميزانياتها هذا العام بينما تنكمش اقتصاداتها ثلاثة بالمئة في المتوسط.
كما ستعاني الدول التي تشكل السياحة جزءا كبيرا من ناتجها المحلي الإجمالي انكماش اقتصاداتها بنسبة 3.3% في المتوسط هذا العام.
ويُتوقع أن تنكمش اقتصادات سيشل والرأس الأخضر وموريشيوس وجامبيا، وهي مراكز سياحية رئيسية في أفريقيا، 7%.
السياحة والسفر
وأشارت الدراسة إلى أنه “وفقا للسيناريو المتوسط”، قد يخسر قطاع السياحة والسفر في أفريقيا 50 مليار دولار على الأقل بسبب وباء كوفيد-19 ومليوني وظيفة على الأقل مرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر”.
العمالة في سنغافورة
أعلنت سنغافورة، الأحد، فرض حجر لأسبوعين على نحو 20 ألف عامل أجنبي عقب تسجيل عدد إصابات متنام بفيروس كورونا المستجد في مساكنهم.
وتمكنت سنغافورة من احتواء الفيروس عبر تبني نظام فحص وتتبع لمن خالطوا المصابين، لكن عدد الإصابات في البلاد شهد ارتفاعا كبيرا خلال الأيام الأخيرة.
وأعلنت السلطات تسجيل 120 إصابة جديدة الأحد، في أعلى حصيلة يومية، يتصل كثير منها بمساكن عمال أجانب.
وأفاد بيان رسمي بأنه تم فرض حجر على مجمعين يقطنهما 19800 عامل سيحظون برعاية طبية ويوفر لهم الطعام والحاجيات الأساسية.
يعمل في سنغافورة نحو 280 ألف عامل بناء أجنبي، يتحدرون من دول على غرار بنجلادش والصين، ويقيم كثير منهم في بيوت مشتركة داخل مجمعات.
وجاء في بيان مشترك لوزارتين أن “هناك مساعي لتخفيف كثافة العمال المقيمين في المجمعات الكبيرة، عبر ترحيل بعضهم إلى أمكنة إقامة بديلة خلال هذه الفترة”.
وسيواصل العمال تلقي رواتبهم من أصحاب العمل خلال فترة وجودهم في الحجر، وفق المصدر ذاته.
الولايات المتحدة
أبلغ عدد من الشركات الأمريكية عن عمليات تسريح عمالة وسط تضرر أعمالهم، كما تشير بيانات وزارة العمل في أمريكا.
وشهد عدد الأشخاص الذين تقدموا للحصول على إعانة البطالة الأمريكية في الأسبوع الثاني من مارس/آذار 281 ألف شخص بزيادة 33 بالمائة على أساس أسبوعي.
كما قفز عدد طلبات إعانة البطالة الأمريكية إلى مستوى قياسي بعدما تقدم أكثر من 3 ملايين شخص للحصول على إعانة بطالة وسط تسريح العمال إثر ضغوط كورونا على الشركات، وهو ما يفوق التوقعات التي كانت تشير إلى 2.25 مليون طلب في الأسبوع الثالث من مارس/آذار.
كما أظهر مسح أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” لنحو 34 اقتصاديا إلى أن فقدان ما يصل إلى 5 ملايين وظيفة هذا العام في أمريكا أحد التداعيات المحتملة جراء تفشي كورونا، كما سيؤدي إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنحو 1.5 تريليون دولار.
أضف تعليق