وسط الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها كراكاس ,أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه حصل على التزامات جديدة من الصين لتمويل صناعة النفط التي تعتمد عليها كراكاس وسط الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها.
النفط يعد المصدر الأساسي للدخل في فنزويلا، لكن إنتاجه هبط إلى أدنى مستوى له في ثلاثة عقود، مع الانهيار المستمر للاقتصاد الذي تديره الدولة.إذ أن سنوات من الإهمال أدت إلى ترهل البنية التحتية لشركة النفط الوطنية، وتوقف التنقيب، إضافة إلى استخدام مداخيل النفط لسد العجز في الميزانية. وتسبب هذا التراجع في انعدام أدنى مقومات الحياة لملايين الفنزوليين الذين هجروا البلاد بحثا عن لقمة العيش.وتشير احصائيات من الأمم المتحدة أن حوالي 3,2 مليون فنزويلي غادروا بلادهم خلال السنوات القليلة الأخيرة، هربا من البؤس والفقر وبحثا عن أدني مقومات العيش.ومن بين هؤلاء المهاجرين، 800 ألف قصدوا كولومبيا المجاورة، إذ يستفيدون من حق الإقامة المؤقتة هناك.
وقال مادورو لقناة “في تي في” الفنزويلية الرسمية من الصين، الدائن الأول لبلاده، إن هناك الآن “التزامات مالية لزيادة إنتاج النفط والذهب، إضافة إلى الاستثمار في أكثر من 500 مشروع تنموي داخل فنزويلا”.
مادور، والذى بدا زيارة إلى الصين، يسعى من خلالها إلى الحصول على مساعدة بكين لإنقاذ اقتصاده المتدهور. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ في استقبال مادورو الذي أجرى أيضاً لقاءات في بنك التنمية الصيني ومؤسسة البترول الوطنية الصينية. ومع ذلك لا تزال فنزويلا، التي حصلت سابقاً على قروض بأكثر من 50 مليار دولار من الصين، مدينة لبكين بـ20 مليار دولار، رغم أن السداد يتم عبر شحنات نفطية. وقد تم تحسين شروط هذه القروض عام 2016 لتصبح أكثر ليونة.
ولم يذكر مادورو إن كان ناقش موضوع الدين أو إن كانت الصين عرضت منحه قرضاً جديداً بقيمة 5 مليارات دولار. وذكرت شركة الاستشارات الفنزويلية “ايكوانالتيكا” أن مادورو قد يعود إلى فنزويلا مع قرض جديد بقيمة 5 مليارات دولار، وتمديد فترة السماح لخدمة الدين بستة أشهر. ويوم الجمعة وقّع الرئيس الفنزويلي مذكرات تفاهم في الصين، بشأن صفقات متعلقة بالطاقة والتعدين قال إن قيمتها تبلغ عدة مليارات من الدولارات.
وأُعلنت فنزويلا وشركة النفط الوطنية عام 2017 في وضع العجز الجزئي عن السداد، لتخلفهما عن سداد ديون السندات. وتراجع إنتاج فنزويلا من النفط الخام، الذي يشكل 96% من المداخيل، إلى 1,4 برميل يومياً في أغسطس، وهو المستوى الأدنى في ثلاثة عقود ما عدا الفترة بين عامي 2002 و2003، وفق أوبك.وقامت فنزويلا بخفض قيمة العملة بشكل هائل كجزء من الإجراءات الهادفة لوقف انهيار الاقتصاد، ولجم التضخم الكبير الذي يقول صندوق النقد الدولي إنه سيلامس نسبة مليون بالمئة نهاية العام.
ودفعت هذه الأوضاع التي ترافقت مع نقص في المواد الغذائية والأدوية، 1,6 مليون فنزويلي إلى الهجرة منذ عام 2015، غالبيتهم توجهوا إلى دول في أميركا اللاتينية.وقالت نائبة الرئيس الفنزويلي دلسي رودريغيز السبت في كراكاس، إن الحكومة تعتزم إدانة تصريحات أدلى بها رئيس منظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو أمام الأمم المتحدة. وأشار ألماغرو الجمعة إلى “معاناة” الفنزويليين، وقال إنه لا ينبغي استبعاد “التدخّل العسكري” في فنزويلا “لإسقاط” حكومة مادورو. وبينما تتضاعف المبادرات الدبلوماسية والأمنية من جانب دول أمريكا اللاتينية للحد من وصول المهاجرين الفنزويليين إليها، يسعى الرئيس نيكولاس مادورو الذي تولى منصب رئاسة البلاد في 2013، إلى كبح جماح الأزمة الاقتصادية، معلنا عن العديد من المبادرات الاقتصادية والمالية.أبرزها إطلاق عملة جديدة تدعى “البوليفار السيادي” مع حذف خمسة أصفار ليحل محل “البوليفار القوي” السابق.
ويسعى مادورو، من خلال هذه المبادرة، إلى الحد من مشكلة التضخم التي طالت الاقتصاد الفنزويلي وفرض “انضباط مالي” للبلاد فضلا عن التوقف عن طباعة النقود بشكل مفرط مثلما كان الحال في السنوات الماضية. الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المواد الاستهلاكية الأساسية وتراجع القدرة الشرائية لجميع الفنزويليين مهما كانت الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.
وتشمل الإجراءات الجديدة الأخرى التي كشف عنها الرئيس مادورو رفع الحد الأدنى للأجور إلى نصف بترو (أي 1800 بوليفار سيادي)، ويساوي هذا المبلغ نحو 28 دولارا، ما يعني زيادة بـ34 ضعفا عن الحد الأدنى السابق الذي يعادل أقل من دولار، بحسب معدل السوق السوداء السائد حاليا في فنزويلا.
وتجدر الإشارة إلى أن الحد الأدنى الحالي للأجور والذي انهار بسبب التضخم، لا يكفي حتى لشراء كيلوغرام واحد من اللحم. وقد تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تبين مدى انخفاض قيمة البوليفار إلى درجة أنه يتوجب حمل قفة كاملة من الأموال لشراء دجاجة واحدة فقط أو خبزة.
الصين أكدت كذلك الأربعاء الماضى استعدادها للعمل مع فنزويلا لحماية مصالح الدول النامية حيث أكد وانج تشي شان نائب الرئيس الصيني، ، استعداد بلاده للعمل مع فنزويلا لحماية مصالح الدول النامية.
وقال وانج تشي شان – خلال اجتماع مع دلسي رودريجيز نائبة الرئيس الفنزويلي في بكين – إن الصين وفنزويلا حافظتاعلى علاقات ودية طويلة الأمد، وحققتا منافع متبادلة وتعاملتا فيما بينهما على قدم المساواة، مشيرا إلى أن العلاقة الثنائية ينبغي أن تكون في الصدارة.
وأضاف أن الصين تقدر دعم دول أمريكا اللاتينية، لمبادرة (الحزام والطريق)، ومستعدة للعمل مع فنزويلا لحماية مصالح الدول النامية
من جانبها، قالت نائبة الرئيس الفنزويلي إن بلادها وجهت اهتماما كبيرا لعلاقاتها بالصين، ودعمت مبادرة (الحزام والطريق)، بالإضافة لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية
وفى فبراير الماضى قالت وزارة الخارجية الصينية إن دعم الصين لفنزويلا عاد على المواطنين العاديين هناك بالفائدة ولاقى ترحيبا كبيرا وذلك بعد أن اتهمت وزارة الخزانة الأمريكية بكين بمساعدة حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من خلال استثمارات غامضة قائمة على مبدأ النفط مقابل القروض.وكان ديفيد مالباس كبير الدبلوماسيين الاقتصاديين بوزارة الخزانة الأمريكية قال في خطاب ألقاه يوم الجمعة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن تركيز الصين على السلع وصفقات التمويل الغامضة أضر بدول المنطقة بدلا من أن يساعدها.
ويبدو النفق المظلم الذي دخلت فيه فنزويلا غير متناه. والدليل على ذلك أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تصل نسبة التضخم إلى مليون بالمائة في هذا البلد الذي ينعم بثروات طبيعية لا يملكها أي بلد آخر، بما فيها السعودية والعراق. ومن المتوقع أن تزداد نسبة الفقر بين المواطنين الذين يعانون من أزمات غذائية حادة بسبب نقص الموارد الأساسية من جهة، وغلاءها من جهة أخرى.
وما زاد الطين بله هو العقوبات الأمريكية التي أوقفت التمويل من الخارج ومنعت التبادلات الاقتصادية بينها وبين كاراكاس وشركات أمريكية كبرى.ويعتبر الرئيس الفنزويلي أن “مؤامرات” المعارضة والعقوبات الأميركية هي سبب الأزمات المالية التي تعاني منها بلاده، لكنه يقر بأن الحكومة “ستتعلم مع مرور الوقت”.
وتعد فنزويلا من أغنى الدول في العالم حيث يشكل إنتاج النفط 96% من عائدات هذا البلد. وبينما تمكن الرئيس السابق تشافيز من استغلال الطفرة النفطية التي عرفتها البلاد في بداية الألفية لشراء السلم الاجتماعي وتحسين ظروف معيشة الطبقات الشعبية البسيطة، لم يسعف الحظ خليفته مادورو الذي يواجه تدهورا غير مسبوق في أسعار النفط. ناهيك عن تراجع مستوى الإنتاج من 3,2 مليون برميل قبل عشرة أعوام إلى 1,4 مليون في الوقت الحالي. وبات العجز المالي يشكل نحو 20% من إجمالي الناتج المحلي، بينما بلغ الدين الخارجي 150 مليار دولار.
أضف تعليق