لا يزال الجدل محتدماً حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فبينما حذر صندوق النقد الدولى من مغبة الانسحاب على التكتل لاسيما مع عدم توقيع اتفاقية للتجارة الحرة , تتزايد الضغوط على رئيسة الوزراء ماى بشأن التفاوض على “اتحاد جمركي فعلي”.
وقال صندوق النقد الدولي إن دول الاتحاد الأوروبي ستعاني أضرارا طويلة الأجل تعادل نحو 1.5% من الناتج الاقتصادي السنوي إذا غادرت بريطانيا التكتل العام القادم بدون اتفاقية للتجارة الحرة.
ومن المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/آذار المقبل، ولم تتوصل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حتى الآن إلى توافق داخل حزب المحافظين الذي تتزعمه حول نوع العلاقة مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، ناهيك عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي.
وستبلغ كلفة الخسارة الاقتصادية التي سيتكبدها الاتحاد الأوروبي حال عدم التوصل إلى اتفاق نحو 250 مليار دولار وفقا لحسابات رويترز المستندة إلى تقديرات صندوق النقد الدولي لحجم اقتصاد الاتحاد بدون بريطانيا هذا العام.
وقد تبلغ الخسارة في التوظيف إجمالا 0.7% من قوة العمل في الاتحاد الأوروبي أو ما يزيد عن مليون وظيفة.
وقال صندوق النقد إن “قوة التكامل بين منطقة اليورو والمملكة المتحدة تعني أنه لن يكون هناك فائزون في خروج بريطانيا من الاتحاد”.
ومن شأن إبرام اتفاقية للتجارة الحرة في السلع المصنعة، وهو الأقرب إلى ما تسعى إليه ماي، تقليص خسائر الاتحاد الأوروبي في الأجل الطويل إلى 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي أو نحو 130 مليار دولار.
ولم يقدم صندوق النقد تقديرات لتكاليف الخروج من الاتحاد الأوروبي بالنسبة لبريطانيا في تقريره، الذي جاء مرفقا مع تقييم للاتحاد الأوروبي يجريه الصندوق مرتين في العام، على الرغم من أنه خفض في وقت سابق هذا الأسبوع توقعاته للنمو في بريطانيا هذا العام إلى أدنى مستوى منذ 2012.
وزاد مشرعون بريطانيون الضغط على رئيسة الوزراء تيريزا ماي بشأن استراتيجيتها للخروج من الاتحاد الأوروبي منتقدين رفضها الاستمرار في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.
لكن كثيرين من القادة المعروفين للحملة المعارضة لخروج بريطانيا من #الاتحاد_الأوروبي لم يحضروا مناقشة برلمانية بشأن حث الحكومة على السعي للتفاوض على “اتحاد جمركي فعلي” مع التكتل بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد أن استبعدت ماي أي تغيير في موقفها.ووافق مجلس العموم شفويا على اقتراح الاتحاد الجمركي دون تصويت في إجراء لا يتطلب من الحكومة أن تتخذ أي إجراء.
والاتحاد الجمركي أحد أبرز النقاط الرئيسية في الجدل بشأن خروج بريطانيا المنتظر من الاتحاد الأوروبي، وقادة الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا حساسون لأي اقتراح بشأن احتمال بقاء بريطانيا في مثل هذا الارتباط مع التكتل.ويقول مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي إن البقاء في أي تجمع للاتحاد سيجعل من بريطانيا “دولة تابعة”.
وقالت إيفيت كوبر عضو حزب العمال المعارض “أعتقد أن هناك إمكانية للوصول إلى توافق بشأن الاتحاد الجمركي” معبرة عن رأي يقول بأن هناك عددا كافيا من المشرعين للتصويت ضد الحكومة في وقت لاحق هذا العام.
وانضم إليها بضعة مشرعين محافظين دأبوا على القول بإن إصرار ماي على أن بريطانيا ستغادر السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي قد يوقع خامس أكبر اقتصاد في العالم في عزلة ويلحق ضررا به.
ويقول دبلوماسيون ومسؤولون بالاتحاد الأوروبي إنهم سيعرضون على بريطانيا علاقة أوثق إذا ظلت في الاتحاد الجمركي، وهو ما قد يساعد في تجاوز أحدث مأزق في المحادثات.
لكن ماي ووزراء في حكومتها متمسكون بموقفهم، ويكررون بشكل شبه يومي شعارهم القائل بأن بريطانيا “ستغادر الاتحاد الجمركي وستكون حرة في إبرام اتفاقاتها التجارية الخاصة في أنحاء العالم”.
وقال متحدث باسم ماي إنه لا نية لدى بريطانيا للبقاء في الاتحاد الجمركي أو الانضمام إلى اتحاد جمركي بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف قائلا للصحفيين “الحكومة واضحة تماما، وبدون أي غموض، بأننا سنغادر الاتحاد الجمركي ولن ننضم إلى اتحاد جمركي”.
الاتحاد الجمركى معضلة البريكست حيث يرغب الاتحاد الأوروبي في بقاء إيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي للكتلة بعد بريكست، تجنباً للعودة إلى حدود رسمية مع إيرلندا، وفق ما أفادت مصادر أوروبية في اليوم الثاني من سادس جولة مفاوضات في بروكسل
وتعد مسألة الحدود الإيرلندية من المواضيع الثلاثة الرئيسية في مفاوضات الانفصال وفي وثيقة داخلية، يؤيد الاتحاد الأوروبي موقف دبلن التي ترى أنه ينبغي أن تواصل مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية تطبيق قوانين السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، لتجنب العودة إلى المراكز الحدودية على الحدود مع جمهورية إيرلندا. إذ يشكل فرض رسوم جمركية بين بريطانيا والدول الأوروبية مشكلة كبيرة بالنسبة إلى ايرلندا التي لا تزال عضوا في الاتحاد الأوروبي. ويتمسك الأخير بألا تتحوّل حدود جمهورية ايرلندا مع إقليم ايرلندا الشمالية التابع لبريطانيا إلى حدود فعلية.
لكن المملكة المتحدة قالت مرارا إنها تريد مغادرة السوق المشتركة والاتحاد الجمركي علما أنها لا تريد بالمثل العودة إلى “نقاط الحدود الماضية”.
بالإضافة إلى ذلك تفكر تيريزا ماي باتفاق جمركي جديد يقضي أن تطبق المملكة المتحدة على السلع التي تنتقل من أراضيها باتجاه الاتحاد الأوروبي، القواعد والرسوم الجمركية التي تطبقها بروكسل في سياستها التجارية مع الدول الأخرى. وستُدفع المبالغ التي تجمعها الجمارك البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي. ويمكن للمملكة المتحدة أن تحدد رسوما جمركية خاصة بها للبضائع التي تدخل إلى أراضيها.
واقترحت أوروبا على ماي حلا مماثلا أطلق عليه تسمية حل جيرسي، يعيد تكرار التسهيلات الممنوحة إلى هذه الجزيرة وهي إحدى جزر القنال البريطاني. ويقضي هذا الاقتراح بإبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي لتنقل السلع ورؤوس الأموال لكنه يستثني الخدمات وحرية تنقل الأشخاص.
وتفرض هذه القواعد تلقائيا رسوما جمركية وقيودا على التجارة، ستعوق التبادلات بين لندن وأوروبا.وتقدّر كلية لندن للاقتصاد في دراسة، أن هذا السيناريو سيقلّص التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بنسبة 40 في المئة على عشر سنوات.
ويقول المؤيدون لبريكست إن ربط بريطانيا بأي شكل من أشكال القواعد الجمركية يحولها إلى “محصل رسوم” عند أوروبا، وقد يمنع لندن من عقد أي اتفاق تجارة حرة مع أي طرف ثالث في المستقبل، خصوصا الولايات المتحدة.
◄ نموذج النرويج: تستفيد النرويج من علاقة اقتصادية وتجارية متقدمة جدا مع الاتحاد الأوروبي، بما أنها عضو في الفضاء الاقتصادي الأوروبي. وتملك حق الوصول إلى السوق الموحدة وهي ملزمة باحترام حرية تنقل الأشخاص والخدمات والسلع ورؤوس الأموال، من دون أن يكون لديها حق إبداء رأيها. ويستثني الاتفاق المنتجات الزراعية والمتعلقة بصيد السمك. بالإضافة إلى العلاقات التجارية، انضمت النرويج إلى قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن المساعدات الحكومية والمنافسة والأسواق العامة، إلا أنها ليست جزءا من الاتحاد الجمركي. وترفض الحكومة البريطانية هذا النموذج وتعارض حرية تنقل الأشخاص.
خيارات العلاقة مع الاتحاد الأوروبى
◄ اتفاق على الطريقة الكندية: بناء على “الخطوط الحمراء” التي وضعتها لندن برفضها السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، أعلن الاتحاد الأوروبي أن اتفاق التبادل الحرّ المبرم مع كندا (الاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل “سيتا”) قد يكون نموذجا لعلاقته المستقبلية مع بريطانيا. ولا يلغي هذا الاتفاق الرسوم الجمركية فحسب، إنما يضع أيضا معايير مشتركة بشأن الصحة ومراقبة تسمية المنشأ والأسواق العامة. ويُبعد مثل هذا الاتفاق البريطانيين بشكل كبير عن الاتحاد الأوروبي، وقد يتطلب مثلما حصل مع كندا، سنوات من المفاوضات للتوصل إلى توافق حول درجة تنسيق ونسبة رسوم جمركية. لكن لندن تتمنى التوصل إلى اتفاق “طموح أكثر” من الاتفاق مع كندا يضمّ الخدمات المالية، الأمر الذي ترفضه بروكسل.
◄ تسوية ماي: تفكر تيريزا ماي باتفاق جمركي جديد يقضي بأن تطبق المملكة المتحدة على السلع التي تنتقل من أراضيها باتجاه الاتحاد الأوروبي، القواعد والرسوم الجمركية التي تطبقها بروكسل في سياستها التجارية مع الدول الأخرى. وستُدفع المبالغ التي تجمعها الجمارك البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي. ويمكن للمملكة المتحدة أن تحدد رسوما جمركية خاصة بها للبضائع التي تدخل إلى أراضيها. اقترح مركز الإصلاح الأوروبي حلا مماثلا أطلق عليه تسمية حل جيرسي، يعيد تكرار التسهيلات الممنوحة إلى هذه الجزيرة وهي إحدى جزر القنال البريطاني. ويقضي هذا الاقتراح بإبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي لتنقل السلع ورؤوس الأموال، لكنه يستثني الخدمات وحرية تنقل الأشخاص.
◄ قواعد منظمة التجارة العالمية: في حال فشلت المفاوضات، ستصبح المملكة المتحدة بين ليلة وضحاها دولة ثالثة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. لن تصبح علاقتهما محكومة إلا بقواعد منظمة التجارة العالمية. وتفرض هذه القواعد تلقائيا رسوما جمركية وقيودا على التجارة، ستعوق التبادلات بين لندن وأوروبا. وتقدّر كلية لندن للاقتصاد في دراسة أن هذا السيناريو سيقلّص التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بنسبة 40 بالمئة على عشر سنوات.
أضف تعليق