لا يعول كثير من الخبراء على التحسن الذي شهدته الليرة خلال اليومين الماضيين عقب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية وتعهد قطر بضخ استثمارات تتجاوز 15 مليار دولار
إذ يرى محللون أن هذا التماسك مؤقت وسرعان ما ستكمل مشوار هبوطها إلى مستويات قياسية جديدة وتتراجع مجدداً إلى مستويات الـ7 وربما 8 ليرات مقابل الدولار.ترجيحات الخبراء تستند إلى الدعم غير المباشر الذي قدمته الدوجة عبر أميرها الذي زار تركيا أمس يتضمن التعهد بضخ استثمارات وليس سيولة نقدية وبالتالي لن يفلح في مساعدة تركيا بشكل كبير في الخروج من أزمة هبوط الليرة فضلاُ عن أن رقم الاستثمارات القطرية في تركيا متواضع جدا ، مقارنة بحجم الأزمة التي تمر بها الليرة، وحجم الديون بالعملات الأجنبية على الحكومة أو البنوك ومؤسسات القطاع الخاص
مشكلة تركيا تكمن في ارتفاع مستوى الديون وتدخلات أردوغان في رسم السياسة النقدية، وهي من سلطات البنك المركزي، ورفضه رفع أسعار الفائد لذلك فإن الأموال القطرية قد تكفى لكسب ثقة السوق مؤقتاً ليس أكثر من ذلك. ويصل حجم الديون الخارجية بالدولار إلى 53% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، وودائع القطاع غير البنكي بالدولار أقل من المديونيات، والفرق بين ودائع القطاع غير البنكي، مقارنة بالانكشاف أو القروض والالتزامات حوالي 200 مليار دولار.وخلال الـ12 شهراً القادمة، مطلوب من القطاع الخاص غير المالي سداد ديون أو إعادة تمويل قروض بـ 66 مليار دولار، ومطلوب من البنوك والقطاع المالي سداد 76 مليار دولار.كما أن 67% من إجمالي الديون للحكومة أو القطاع الخاص ديون خارجية، وهذا سيعزز من الطلب على الدولار والعملات الأجنبية، وديون الحكومة 95 مليار دولار.
لاختصار الأمر فإن مجمل ما تحتاجه تركيا لسداد الديون وتمويل وارداتها يصل إلى 218 مليار دولار سنويا، وهذا يعني أن القطاع الخاص في تركيا، وهو قاطرة الاقتصاد، مطلوب منه إعادة تمويل أو اقتراض كل هذه الأموال، ومع هبوط الليرة وتأزم الوضع الاقتصادي فلا أحد لديه رغبة في توفير كل هذه القروض لبلد لديه صراع مع أميركا، وفي حال تم توفير هذه القروض فستكون بفوائد قياسية. بالإضافة لما سبق ستواجه تركيا وعملات الأسواق الناشئة مزيداً من الضغط مع تواصل ارتفاع الدولار، وحينما يقوم البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل فإن الضغوط على الليرة ستزيد.
وارتفعت الليرة التركية 3%، اليوم الخميس، قبيل عرض توضيحي لوزير المالية التركي براءت ألبيرق للمستثمرين، متجاهلة تعليقات أميركية تستبعد إلغاء رسوم واردات الصلب من تركيا حتى إذا أطلقت أنقرة سراح قس أميركي.
وصعدت الليرة، التي انخفضت 34%، مقابل الدولار هذا العام، إلى 5.7500 للدولار بحلول الساعة 07:22 بالمقارنة مع مستوى إغلاق عند 5.95.
وارتفعت الليرة بقوة من المستوى القياسي المنخفض 7.24 الذي سجلته هذا الأسبوع، مستفيدة من تحركات للبنك المركزي لدعم العملة التي تضررت بفعل المخاوف من نفوذ الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية ونزاع مرير مع واشنطن.
وقال جيه.بي مورغان إن إجراءات السلطات التركية أظهرت التزامها بتحقيق استقرار العملة عبر أدوات فنية مثل تقييد مبادلات الصرف الأجنبي وإلغاء عطاءات إعادة الشراء التي كان يطرحها البنك المركزي.
و كان الدولار يساوي 1.16 ليرة في 2007، وهو من أعلى المستويات أمام الدولار.
قصة هبوط الليرة التركية بدأت طيلة الـ10 سنوات الماضية، فقبل ذلك التاريخ كان الدولار يساوي 1.16 ليرة في 2007، وهو من أعلى المستويات أمام الدولار. ولكنها شهدت بعد ذلك تراجعات متتالية، حيث انخفضت إلى 2 ليرة لكل دولار للمرة الأولى في سبتمبر 2013، ثم واصلت تراجعها لتكسر حاجز الـ3 ليرات لكل دولار في سبتمبر من العام الماضي، قبل أن تعود وتهبط إلى مستوى 4.7 ليرة مقابل الدولار، وتتخطى يوم أمس الأحد حاجز الـ7.2 ليرة لكل دولار
هبوط الليرة التركية يختزل المشهد الذي تمر به تركيا واقتصادها حاليا، من صعود متواصل استغرق سنوات، إلى هبوط مستمر وعمليات هروب واسعة لرؤوس الأموال الأجنبية، وبيع لا يكاد يتوقف لعملة هي مرآة لاقتصاد يحتل المرتبة الـ 17 عالمياً.
أضف تعليق