تقارير

بقيادة الليرة التركية ..تسونامى يضرب عملات الأسواق الناشئة

في مؤشر  كبير على تغيير خريطة القوة الاقتصادية والأسواق الناشئة تعرضت دول كثيرة لتسونامى انهيار العملات حيث تكبدت عملات الأسواق الناشئة خسائر حادة وعنيفة خلال الأيام الماضية، متأثرة في ذلك بالمبيعات الحادة التي لا توجد أي مؤشرات حتى الآن على توقفها ما يشير إلى استمرار الخسائر.

تركيا تصدرت قائمة أسوأ سوق عملة  فى العالم متجاوزة بذلك الأرجنتين لتحل المركز الأول عالميا كأسوأ سوق فى السندات والدين  حيث انهارت الليرة أمام الدولار لتفقد 40 % من قيمتها منذ بداية العام لتسجل 7.24 ليرة أمام الدولار الواحد  وقفز سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية خلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة 129.45% مضيفاً نحو 3.78 ليرة بعدما قفز سعر صرف الدولار من مستوى 2.92 ليرة في عام 2015 إلى نحو 6.7 ليرة في تعاملات يوم أمس.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة التركية عدة إجراءات لوقف انهيار سوق الصرف، لكن حتى الآن مازالت عملتها المحلية تواصل النزيف، في الوقت الذي لا تشير فيه المعطيات القائمة إلى ظهور أي بوادر تؤكد استقرار وتماسك الليرة التركية مقابل الدولار. وخسر المستثمرون الذين  يحملون السندات التركية المقومة بالليرة نحو  38%، وكذلك الذين اقترضوا الدولار لشراء الليرة التركية  خسروا 28% الأمر الذي أسفر عن  تراجع الثقة في اقتصاد تركيا لدى دوائر المال والاستثمار العالمية والأوروبية بصفة خاصة ، وتزايد المخاوف من القدرة على سداد الالتزامات والديون قصيرة الأجل التي تبلغ 179 مليار دولار – وفقا لما كشفت عنه بلومبرج – حتى نهاية يونيو 2019 ، تدخل الرئيس التركي وغل قبضة يد البنك المركزي احد الأسباب الرئيسة في هشاشة الثقة الاقتصادية ، حيث يقف حائلا دون رفع الفائدة لمواجهة تراجع العملة ،وكبح التضخم .

في محاولة تبدو صعبة لمواجهة انهيار العملة على اثر تصريح لرئيس الدولة الأرجنتيني يوم الأربعاء الماضي على قرار المركزي يعرب فيه عن قلقه إزاء تراجع جديد للعملة المحلية ويطالب صندوق النقد الدولي سرعة تحويل الشريحة الأولى من قرض الـ 50 مليار دولار المشروط الذي كان قد وافق عليه لصالح بلاده منذ عدة أسابيع , رفع البنك المركزي الأرجنتيني للمرة الثالثة يوم الخميس الماضي الفائدة على العملة إلى 60% بنسبة زيادة 15% مرة واحدة بعدما كان اتخذ قرارا منذ شهرين تقريبا برفع الفائدة إلى 40% ثم الى 45% . وسجل البيزو الأرجنتيني خسائر تقدر بنحو 51% مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري

كما تسبب ارتفاع قيمة الدولار الأميركي في زيادة تكلفة الديون الأرجنتينية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى صعوبة نمو اقتصاد الأرجنتين، وهو ما دفع المستثمرين إلى التخلص من البيزو. وتبلغ ديون الأرجنتين المقومة بالبيزو والعملة الأجنبية المستحقة السداد هذا العام حوالي 25 مليار دولار، في حين يبلغ إجمالي الحاجات التمويلية للعام الحالي ما يزيد على 32 مليار دولار.

.

الروبية الاندونيسية لم تعد بعيدة عن مسلسل تراجع عملات بعض الاسواق الناشئة اذ أعلن محافظ البنك المركزي الاندونيسي أمس الأول عن التدخل للحفاظ على قيمة عملة بلاده والالتزام بالاستقرار الاقتصادي، بعدما شهدت الروبية اكبر موجة انخفاض منذ 2015 ، حيث فقدت 8% منذ بداية العام ، منها 0.3 % يوم الجمعة الماضي على اثر كثافة خروج المستثمرين من الأسواق الناشئة وعند نهاية تعاملات الجمعة، تراجعت الروبية الإندونيسية مقابل الدولار لتسجل الورقة الخضراء 14.839 ألف روبية، وهو أدنى مستوى منذ عام 1998.وكانت عملة إندونيسيا قد سجلت أدنى مستوى في تاريخها عند 16.800 ألف روبية لكل دولار خلال أزمة 1997 / 1998.

 

الكرونة السويدية لامست أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.وفي سوق العملات، فخلال الساعات الماضية سجلت الكرونة السويدية هبوطاً أمام اليورو بأكثر من 0.2% لترتفع العملة الأوروبية الموحدة إلى 10.7093 كرونة وفي وقت سابق من الجلسة، وصلت عملة السويد إلى 10.72 كرونة لكل يورو ما يعني أنها لامست أدنى مستوى مسجل منذ صيف عام 2009. وفقدت العملة المحلية للسويد نحو 8.25% من قيمتها مقابل عملة منطقة اليورو الموحدة خلال العام الجاري وحتى الآن.

 

ويعتبر أداء الكرونة السويدية أقل من نظيرتها النرويجية والتي شهدت ارتفاعاً بنسبة 0.9% خلال 2018. وتصل خسائر الكرونة السويدية مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي وحتى الآن إلى 10.77%.

 

كما تهاوت عملة الهند أمام الدولار خلال الأيام الماضية إلى مستوى متدني جديد، لتسجل أكبر خسائر شهرية في 3 سنوات.وكانت العملة المحلية للهند قد تراجعت إلى مستوى 71.035 روبية لكل دولار في وقت سابق من التعاملات وهو أدنى مستوى في تاريخ العملة.وتراجعت الروبية الهندية بنحو 3.3% خلال شهر أغسطس مسجلة أكبر وتيرة خسائر شهرية في 3 سنوات، كما فقدت أكثر من 10% من قيمتها منذ بداية العام الحالي وحتى الآن لتكون العملة الأسوأ أداءً في آسيا خلال العام الجاري.

و انهار الريال الإيراني حيث أصبح  الدولار الواحد يعادل  أكثر من 100 ألف ريال إيراني وأيضا ماليزيا انهارت عملتها الرنجيت حتى تم استدعاء مهاتير محمد لإنقاذ كوالالمبور من الإفلاس.وبحسب تقارير دولية فإن الأسواق الناشئة فقدت حوالي 40 مليار دولار منذ بداية العام.

وأثرت اﻷوضاع السياسية بشكل كبير على العملة البرازيلية في الأشهر الأخيرة، حيث انخفضت قيمة الريال البرازيلي بنسبة 20% مقابل الدولار منذ بداية يناير الماضي.وتعرضت العملة لضغوط في بداية العام بسبب قيام سائقي الشاحنات بإضراب شامل في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى ارتفاع التضخم وعرقلة النمو الاقتصادي.

وقال جوستافو رانجيل، كبير خبراء الاقتصاد لدى مجموعة “إي.إن.جى” المالية العالمية إن البنك المركزي البرازيلي لديه الكثير من الذخائر في شكل احتياطيات من النقد الأجنبي للتصدي لمزيد من الانخفاضات في العملة إذا لزم الأمر ذلك.

ويبدو أن الانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها في أكتوبر المقبل تثير قلق المستثمرين الذين يأملون انتخاب الشعب البرازيلي لزعيم مؤيد للأعمال التجارية وقادر على إجراء إصلاحات مالية كبيرة، ولكن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر دعما قويا للمرشحين اليساريين مثل الزعيم السابق المسجون لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

ويرجع  الخبراء أسباب انهيار عملات الاسواق الناشئة إلى أنه منذ مطلع السنة ومع تسارع وتيرة رفع نسب الفائدة في الولايات المتحدة بدأت عملات هذه الدول بالتراجع، وانعكست هذه السياسة النقدية الأميركية سلباً على الدول ذات الاقتصادات الناشئة التي تتمول من الأسواق الدولية لدعم نسبة النمو فيها وتنميتها، ما يكشف عن هشاشتها الداخلية. ففي هذه الحالة يفضل المستثمرون الأجانب الانتقال إلى السوق الأميركية الأكثر ربحاً، والتخلي عن الاقتصادات الناشئة.