“إن لم تستطع منافستهم فشاركهم” إذ تتيح عمليات الاندماج في القطاع البنكي بناء كيانات بملاءة قوية، إضافة إلى تنويع الخدمات البنكية والاستثمارية. وتشير تقارير إلى ان الوقت قد حان كى تترجم البنوك الخليجية مناقشاتها الأولية حول المزيد من صفقات الاندماج والاستحواذ الى قرارات واجراءات ملموسة من اجل تعزيز قدراتها وترسيخ اقدامها على ساحة الاقتصاد العالمي.
عمليات الاندماج والاستحواذ ستكون مصدرا رئيسيا للقيمة المضافة على المستوى التشغيلي والإستراتيجي بالنسبة للمصارف الخليجية. وتوقع المحللون أن تشهد أسواق الإمارات موجة من عمليات اندماج البنوك قريبا، خاصة أن سوق الاندماجات البنكية فيها أثبت نجاحه.
وبرغم ضالة عدد الصفقات التي تم تنفيذها الآن، بيد ان الضغوط في هذا الاتجاه ستستمر، حيث لوحظ ان الكثير من الاقتصادات الخليجية تعاني من التخمة في اعداد البنوك، فهناك 61 مصرفا في الامارات وأكثر من 100 مصرف في البحرين، وتعمل معظم هذه البنوك على نطاق محلي على نحو يرى معه المحللون ان الاندماج سيقوي هذه البنوك ويزيد ربحيتها ويرفع قدرتها على مواجهة الصدمات.
هيكل ملكية البنوك الخليجية قد يكون مشكلة رئيسية، حيث انها في الغالب مملوكة لأغلبية من كبار حملة الأسهم في القطاع الخاص والذين لهم اقدام راسخة في السوق على نحو لا يرون معه جدوى في تشتيت أصولهم وتوزيعها ضمن مؤسسات مالية أكبر، وهو ما يفسر توجه البنوك الخليجية الطموحة بأنظارها خارج دول التعاون واستهداف اسواق أكثر جذبا للنشاطات المصرفية مثل تركيا ومصر على سبيل المثال. ومن هذه الحالات دخول البنك الاهلي الكويتي في شراكات في السوق المصرية الى جانب بنوك إماراتية اخرى.
وتمثل آخر الجهود للانضمام للعديد من صانعي الصفقات المحتملين فيما اعلنه البنك العربي العماني في مايو الماضي عن الاتصال مع بنك العز الإسلامي لمناقشة «تعاون استراتيجي» محتمل قد يفضي في الوقت المناسب إلى الاندماج.
وقد وافق بنك العز على دراسة الفرص التي ينطوي عليها هذا العرض، واذا قدر لهذه الصفقة ان تتم فإنها ستخلق كيانا مصرفيا بأصول قدرها 7 مليارات دولار تقريبا.
ومن بين الصفقات الأخرى المرتقبة في السوق اقتراح رويال بنك أوف سكتلاند RBS بيع حصته في البنك الأول للبنك السعودي البريطاني SABB بقيمة تبلغ 5 مليارات دولار.
وستمثل هذه اول عملية دمج من نوعها بين البنوك في السعودية خلال عقدين من الزمن تقريبا. وقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي غير ملزم حتى الآن، وإذا كتب لهذه الصفقة ان ترى النور، فإنها ستنشئ ثالث أكبر بنك في السعودية بأصول تبلغ حوالي 72 مليار دولار.
كما تم الإعلان عن اندماج ثلاثي الأطراف في قطر لم يتم استكماله بعد بين مصرف الريان وبنك بروة والبنك الدولي في قطر، والذي كان موضوع مفاوضات منذ ديسمبر 2016. كما ذكرت مصادر في يوليو من العام الماضي ان بيت التمويل الكويتي بحث إمكانية الاندماج مع البنك الأهلي المتحد البحريني، على الرغم من عدم وجود أي مؤشر للتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن.
ومع ذلك استبعدت وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية زيادة أنشطة الدمج والاستحواذ بالمصارف في دول مجلس التعاون الخليجي “محلياً”، على الرغم من الإعلانات المتكرّرة عن الاتجاه إليها منذ مطلع 2017.وقالت الوكالة ، إن الهدف الرئيس وراء عمليات الدمج في المنطقة هو تأسيس بنوك محلية كبرى، بعيداً عن كونها تستهدف تحقيق وفرات بالتكاليف.
وحسب التقرير فإن الأهداف التقليدية طويلة الأجل لعمليات الاندماج والاستحواذ لدى البنوك ليست جذابة للغاية لمساهمي البنوك.التقرير ذكر أنه على الرغم من أن وفورات التكلفة قد تكون عالية فإنها ليست كافية لإقناع المساهمين الذين يتمتّعون بعوائد عالية بالفعل.
ويكمن الانجذاب الحقيقي في عمليات الاندماج والشراء في البنوك الخليجية في الجوانب الذاتية؛ كإبراز الاسم التجاري، وفق التقرير.وتابع التقرير: “تميل البنوك الكبرى في أسواقها إلى الحصول على صفقات أكبر وأقل خطورة؛ بسبب علاقتها الخاصة مع الحكومات، الأمر الذي يجلب فرص تمويل وحصة كبيرة من الودائع”.
في المقابل ترى الوكالة أن الاستحواذات خارج المنطقة تظلّ خياراً جذاباً للعديد من البنوك الخليجية، وسط توقّعات بمزيد من الاستحواذات مستقبلاً؛ ما يمنحها فرصة لتنويع أعمالها في ظل تباطؤ النمو المحلي.
ليست عملية اندماج المصارف في دول الخليج العربي حديثة عهد، بل إن الذاكرة المصرفية الخليجية لا تزال تتذكر عمليات اندماج نادرة في السعودية والإمارات والبحرين على مدار العقدين الماضيين. فقد شهد عام 1997 اندماج بنك القاهرة السعودي بالبنك التجاري السعودي المتحد؛ لتأسيس البنك السعودي المتحد؛ ليستحوذ عليه بنك سامبا (البنك السعودي الأميركي آنذاك) بعدها بعامين فقط ويزيل علامته التجارية من الوجود. وفي الإمارات، وتحديدًا عام 2007، شهدت الإمارات العربية المتحدة أول عملية اندماج من خلال اندماج بنك دبي الوطني وبنك دبي الإمارات في كيان حمل اسم بنك الإمارات دبي الوطني.
أهم محادثات وصفقات الاندماج في قطاع المصارف الخليجى على الشكل التالي:
– محادثات لدمج بيت التمويل الكويتي مع البنك الأهلي المتحد البحريني، وستصل قيمة الأصول الناتجة إلى 93 مليار دولار.
– استحواذ بنك ساب على البنك الأول بمجموع أصول يصل إلى 73 مليار دولار.
– بنك ظفار بدأ محادثات للاندماج مع بنك عمان الوطني قد ينتج عنه أصول بقيمة 20 مليار دولار.
– اندماج بنك الخليج الأول وبنك أبوظبي الوطني والذي نتج عنه كيان بأصول تقدر بـ 188 مليار دولار.
أضف تعليق