عقدت كامكو إنفست ندوة إفتراضية لتزويد المستثمرين في منطقة الخليج العربي برؤية عميقة حول أهمية قطاع الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة والتي تطورت إلى فئة أصول رئيسية للمستثمرين الذين يسعون إلى التنويع وتكوين الثروات. وركزت الندوة على تطور قطاع الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة مع استمرار تطور التكنولوجيا الحديثة لتمكين التحول نحو الرقمنة، لتصبح لحظة حاسمة للتحول الرقمي ومكوناً حاسماً في استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل.
أدار النقاش فيصل العثمان، رئيس إدارة الحلول الاستثمارية في كامكو إنفست، بالتعاون مع إحسان سانكاي، الرئيس التنفيذي لإدارة الملكية الخاصة في كامكو إنفست، وفهد الشارخ، المؤسس والشريك الإداري لشركة تك إنفست، وهي شركة استشارية توفر للمستثمرين فرص الاستثمار في شركات التكنولوجيا الأمريكية في مراحل مبكرة وفي مراحل النمو والتوسع، وجيك زيلر الشريك في إنجيل ليست، أكبر منصة في العالم للاستثمار في الشركات الناشئة، تدعم أكثر من 2.5 مليار دولار أمريكي في الأصول الخاضعة للإدارة مع 77 شركة في محفظتها تتجاوز قيمتها السوقية مليار دولار.
استهل العثمان الندوة بنظرة عامة على كيفية تأثير الجائحة على مشهد الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة من اسثتمار غير مضمون إلى صناعة مليئة بالفرص يقودها التحول السريع نحو الرقمنة. حيث كان لتطبيق بروتوكولات الحجر الصحي والعزل في جميع أنحاء العالم تأثيراً إيجابياً على قطاع التكنولوجيا. وقد تجاوز مستوى الأداء توقعات المحللين بكثير، وأصبحت هذه الصناعة عنصراً اساسياً وضرورياً في المسار نحو الوضع الطبيعي الجديد. كان أحد بواعث القلق الرئيسية بشأن استمرارية الجائحة هو تأثيرها على عمليات التخارج من الشركات الناشئة والمبتكرة. لم يقتصر الأمر على استمرار عمليات التخارج البارزة في عام 2020، ولكنها أدت أيضاً إلى زيادة السيولة إلى مستويات جديدة. وقد بلغ إجمالي التخارجات في عام 2020 ما قيمته 290.1 مليار دولار أمريكي، متجاوزة بذلك القيمة الإجمالية في عام 2019 والذي شهد عدد التخارجات ذاته (حوالي 1101 تخارج). كما كانت الاكتتابات العامة وعمليات الاندماج والاستحواذ نشطة، إلا أن الاكتتابات الأولية الهائلة أدت إلى تحقيق قيم تخارجات قياسية.
استمر نشاط جمع رؤوس الأموال في الولايات المتحدة في عام 2020 قوياً حيث كان الأعلى خلال العقد الماضي. وقد بلغ إجمالي المبلغ الذي تم جمعه في عام 2020 حوالي 73.6 مليار دولار أمريكي، وهو أعلى من الرقم القياسي السابق في عام 2018 والذي بلغ 68.1 مليار دولار أمريكي. ومن العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الزيادة التحولات في ديناميكيات الصناعة، والمعدلات السريعة في تبني التكنولوجيا، ودور التكنولوجيا في تعزيز الحياة أثناء الجائحة، بالإضافة إلى توافر سوق اكتتاب عام قوي. إن معدل التبني المتسارع للتكنولوجيا في غضون عام واحد يعادل عقودًا من التكنولوجيا الرقمية، حيث سعت الشركات التقليدية إلى التحول إلى الإنترنت والتحول الرقمي في عملياتها. ومع إمكانية تحقيق عوائد مجزية وإحداث تأثير كبير وإيجابي، أصبح الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة جزأً مهماً في استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل. فقد طرحت الشركات التي تستثمر في الشركات الناشئة والمبتكرة 44 صندوقاً ضخماً في العام 2020، برأسمال يفوق 500 مليون دولار أمريكي لكل صندوق، أي ما يقرب من ضعف عدد الصناديق الـ 24 التي تم طرحها خلال عام 2019.
واتفق المشاركون في الندوة على أن نسبة مخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة مبالغ فيها وتستند إلى بيانات قديمة تعود إلى التسعينيات والتي كانت بخسارة 51% ونسبة انخفاض في القيمة تبلغ حوالي 65%. أما اليوم، فإن متوسط نسبة الخسارة انخفض إلى ما يقارب 20% ويمكن أن يكون الأداء أفضل عند التعامل مع مدراء وكوادر جيدة. وهذا يجعل الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة أحد أفضل فئات الأصول أداءً مع انخفاض عامل المخاطرة وزيادة إمكانية تحقيق عوائد أعلى.
كما اتفق المشاركون على أن سيليكون فالي هي الأكثر تطوراً لقطاع الشركات الناشئة والمبتكرة مقارنة بالأسواق الأخرى كونها تتمتع بمحرك كبير للعوائد وبشبكة علاقات ذات تأثير إيجابي بالإضافة إلى قوانين تدعم الاكتتابات الأولية لشركات في طور النمو والتوسع والتي لم تتحول بعد إلى الربحية.
وقال سانكاي أن الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة أصبح أكثر أهمية عالمياً بسبب الحاجة إلى التحول والتغيير. فعلى سبيل المثال لدى سيليكون فالي واحد من أكثر النظم البيئية التكنولوجية تطوراً ونشاطاً في جميع أنحاء العالم من حيث الابتكار والتخارجات. ويبلغ عمر هذه الصناعة 70 عاماً تقريباً مع تركيز عالٍ على المواهب والابتكار والأوساط الأكاديمية لريادة الأعمال ورؤوس الأموال، حيث يُظهر المستثمرون شهية قوية لأسهم الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام.
وأضاف أن الاستثمار في التكنولوجيا التحويلية هو السبيل الحتمي للمضي قدماً. إن الصناعات التقليدية مثل التجزئة والتمويل والاتصالات وغيرها يتم تحويلها جميعاً من خلال الابتكارات التكنولوجية الجديدة التي تطور الأساليب والتطبيقات التقليدية. فالبدء في عملية التحويل لا يحتاج سِوى نقرة واحدة أسهل أو عملية واحدة أقل. بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت الجائحة بوضوح أهمية الاقتصاد عبر الإنترنت حيث انه قضى العالم معظم وقته ولمدة عام تقريباً على هذا الحال وسيواصلون القيام بذلك في المستقبل.
واشار سانكاي أن صناعة الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة قد تطورت منذ عام 2000 وبدأ مدراء الاستثمار في تطبيق نهج أكثر صرامة لإدارة المخاطر. وتحيط صناديق الشركات الناشئة أنفسها بمستشارين متخصصين ومراكز حاضنات الأعمال بالإضافة إلى تخصيص رأسمال للاستثمار في الجولات اللاحقة لزيادة رأسمال الشركات الناجحة. توفر هذه التدابير الإضافية موارد مهمة تمكن الشركات الناشئة من إيجاد منتجات قوية مناسبة والتوسع وفقًا لذلك. يجب أن يكون هناك توازن سليم للاستثمار في المديرين الناشئين وبشكل مباشر في الشركات التي تم اختيارها والاستثمار بها من قبل هؤلاء المديرين الناشئين لتوفير عوائد مقبولة ضمن نسب مخاطر متوازنة.
ويعتقد الشارخ أن السعي لسبل استثمار جديدة يأتي في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون في منطقة الخليج العربي إلى الاستثمار في فئات أصول بديلة، منها الشركات الناشئة والمبتكرة، لتنويع محافظهم الاستثمارية وتحقيق عوائد تتجاوز الاستثمار في العقار والدخل الثابت والأسهم المدرجة. حيث يتجه الأفراد ذوو الملاءة المالية والشركات العائلية إلى الاستثمار في شركات التكنولوجيا الدولية أسوة بصناديق الثروات السيادية.
وأكد أن البيانات التي تم جمعها من العقد الماضي تظهر بأن الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة كان أفضل فئات الأصول أداءً. علاوة على ذلك، فقد انخفضت معدلات خسائر انخفاض القيمة وخسارة رأس المال لصناديق الشركات الناشئة والمبتكرة بشكل ملموس لتصبح فئة اصول أقل مخاطر وأكثر ربحاً.
يتفوق حالياً أداء الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة على كافة فئات الأصول الأخرى في الولايات المتحدة. ووفقاً لدراسة عن صناديق الهبات الجامعية (Universities Endowments) لعام 2019 والتي قامت بها الرابطة الوطنية لمسؤولي الأعمال في الكليات والجامعات الأمريكية، فإن قطاع الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة كان الأفضل أداء في محفظة استثمارات الهبات الجامعية بمتوسط عائد سنوي بلغ 13.4% خلال السنوات العشر الماضية، وهو أفضل من متوسط أداء الأسهم الأمريكية الذي بلغ 8.2%. وقد خصص كبار المستثمرين المؤسسيين في العالم من 5% إلى 15% من محافظهم الاستثمارية للاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة أو رأس المال المستثمر في المرحلة المبكرة. وتمتلك بعض صناديق الهبات الأكثر نضجًا ما يصل إلى 20% من الأصول المُدارة في الشركات الناشئة والمبتكرة، مثل مؤسسة جامعة ييل. وعليه فإن المؤسسات المالية ذات الأداء المتميز تدرك أهمية الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة وتأثيرها الإيجابي على محافظهم الاستثمارية، ولذلك حرصوا على زيادة حصة الشركات الناشئة والمبتكرة من مكونات محافظهم الاستثمارية، حيث ارتفعت إلى 15%.
وكانت دراسة صادرة عن آينجل ليست قد أظهرت أن الربع الرابع من عام 2020 كان أفضل فترة على الإطلاق للشركات الناشئة والمبتكرة، فقد حققت 80% من الشركات الناشئة النشطة التي تستثمر بها آينجل ليست، وعددها 3,449 شركة، ارتفاعات في تقييماتها خلال هذه الفترة.
وأشار الشارخ إلى أنه من المهم أن يدرك المستثمرين التغيرات التي شهدتها إدارة مخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، حيث أن الوضع اليوم يختلف تماما عما كان عليه قبل عشرون عاماً. لقد تطورت الصناعة، وتعلم مديرو الصناديق من أخطائهم. فقبل انهيار الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا في عام 2000، كان المستثمرون يعتمدون على رأس المال والحظ فقط عند الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، ولكن منذ ذلك الحين بدأ مدراء الاستثمار في تطبيق نهج أكثر صرامة لإدارة المخاطر مع التركيز على كيفية إضافة القيمة في الشركات المستثمر بها ومساعدتها على التوسع وتحقيق إمكانياتها الكاملة.
ويعتقد زيلر أنه عند النظر إلى الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، فإن التركيز ينصب على المجالات التي تحدث فيها عائدات، وعادة ما يكون ذلك عبارة عن بعض الأمثلة الضخمة التي تدفع جميع العائدات، وهو يفضل تركيز الاستثمار في مكان واحدة مثل Doordash أو Uber أو Snowflake حيث تتركز العوائد وقادرة على تحقيق عوائد عالية مقابل 100 شركة ناشئة أخرى غير ذات صلة.
على الرغم من أن سيليكون فالي تعد أحد عاصمتي التكنولوجيا الرئيسيتين في العالم، إلا أن زيلر يعتبرها المحور المثالي للشركات الناشئة، وذلك بفضل النظام البيئي المبتكر والشبكة القوية من قادة الصناعة عبر القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى كون تدفق صفقات الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة من سان فرانسيسكو أكبر بكثير من أي سوق آخر.
واختتم العثمان الجلسة بالتأكيد على أن كامكو إنفست تهدف إلى تزويد عملائها بإمكانية الوصول إلى أفضل فرص الاستثمار الناجح في فئات الأصول المختلفة، بما في ذلك الشركات الناشئة والمبتكرة. وتندرج مشاركة نهج خبراء الصناعة المخضرمين والناجحين في المناقشات المفتوحة تحت إطار التزام الشركة بتثقيف المستثمرين من خلال تقديم رؤية قيمة حول بعض الفرص المتاحة في عالم الاستثمار اليوم.