تقارير نفط وغاز

كيف سيبدو العالم من دون “أوبك”؟

تخيل العالم دون وجود منظمة أوبك .. هذا ربما ما يسعى إلى تحقيقه المشرعون بالكونجرس إذ من المنتظر التصويت فى القريب العاجل على  مشروع قانون مكافحة الكيانات المحتكرة لإنتاج وتصدير النفط “نوبيك” والذى من المتوقع أن يجد هذه المرة دعمًا أكبر من البيت الأبيض مقارنة بما حدث في عهدي الرئيسين “جورج دبليو بوش” و”باراك أوباما”.

 

وبحسب تقرير لـ”بلومبرج” سيسمح القانون المرتقب بتطبيق تشريعات مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة ضد أعضاء “أوبك” الذين يقول داعموه إن هذه البلدان ضبطت حصص الإنتاج بما يحافظ على أسعار النفط عند مستوى مرتفع بشكل مصطنع. واكتسبت هذه الحجة شعبية واسعة في بلد كان ليقر الحق في بنزين رخيص جنبًا إلى جنب مع الحق في حمل السلاح بدستوره لو تم صياغته حديثًا، ومع ذلك، على الأمريكيين النظر لما هو أبعد من محطات الوقود كي تتسنى لهم رؤية الصورة كاملة.

وأقرت منظمة “أوبك” حصص الإنتاج عام 1982، لتحديد إمدادات البلدان الأعضاء التي كانت تعاني تراجعًا في الطلب العالمي على النفط للعام الثالث تزامنًا مع نمو العرض من دول مثل المكسيك والهند.

خفضت السعودية إنتاجها النفطي بالفعل بنسبة 30%، وكما كان الأمر في 2016، لم تتحمل المملكة آنذاك عبء موازنة العرض والطلب على النفط الخام في السوق وحدها، وجرى ذلك بمعاونة منتجين آخرين

لكن ماذا كان سيحدث لو لم تجتمع بلدان “أوبك” على كلمة سواء؟ من المؤكد أن السائقين في أمريكا وأماكن أخرى من العالم كانوا سيستمتعون ببنزين أرخص لفترة من الوقت، لكن ربما ليس لفترة طويلة، فحتى رغم تدخل المنظمة لضبط السوق، انخفضت الأسعار قرابة 14 دولارًا للبرميل في عام 1986، وفقًا لبيانات شركة “بي بي”.

إلى أي مدى ستهبط الأسعار إذا استمرت الدول الأعضاء في الإنتاج دون أي ضوابط؟ من المؤكد أنها ستبلغ مستوى منخفضا بما يكفي لجعل الإنتاج غير مجد اقتصاديًا في مناطق مثل ألاسكا، وخليج المكسيك، وبحر الشمال، وغرب كندا، ومجموعة من المقاطعات النفطية الرئيسية الأخرى.

بفضل إدارة المنظمة للعرض، توفر متسعًا لـ33 مليار برميل من الإنتاج الإضافي للمنتجين من خارج “أوبك” خلال العشرين سنة التي استغرقتها في إعادة إمداداتها إلى المستوى الذي كانت عليه عام 1978

الآن، أصبح العالم مكانًا مختلفًا، ومن الممكن أن يزيد اختلافه إذا تم تمرير قانون “نوبيك” وفشلت المنظمة في حماية نفسها من قيوده، حيث سيختفي دور “أوبك” ولن تكون هناك تحركات جماعية بعد ذلك لمحاولة تحقيق التوازن بين العرض والطلب على النفط.

أكدت السعودية مرارًا وتكرارًا أنها لن تتحمل عبء توازن السوق وحدها، كما أنها لن تسعى لدعم منتجي النفط مرتفع التكلفة، ولفهم المغزى وراء ذلك يجب الرجوع إلى الخلف بضع سنوات.

 

 

 

بالعودة إلى الوراء لأربعة أعوام خلال تطبيق “أوبك” لسياسة الضخ الكثيف، انخفضت أسعار النفط إلى 26 دولارًا للبرميل، وهو خبر مفرح للسائقين، لكنه ليس جيدًا لقطاع النفط الأمريكي أو الاستثمار في القدرة الإنتاجية المستقبلية اللازمة لتعويض الانخفاض الطبيعي في إمدادات الحقول القائمة.

مع زيادة إنتاج السعودية، انخفض عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بنسبة 80%، وكانت المنطقة الوحيدة المحصنة ضد هذا الانخفاض هي الشرق الأوسط، ولم يمض وقت طويل حتى دعا مستشار “دونالد ترامب” للطاقة (أثناء الحملة الانتخابية) “أوبك” لخفض الإمدادات ورفع الأسعار من أجل إنقاذ شركات النفط الصخري.

إذا تم إقرار قانون “نوبيك” بشكل رسمي في الولايات المتحدة، لن يكون هناك حافز حقيقي لأي منتج كي يحتفظ بطاقة إنتاجية احتياطية، والتي شكل الحفاظ عليها خلال العقود الأخيرة صمام أمان للتخفيف من اضطراب الإمدادات.

 

وقدرت دراسة أجراها مركز “الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية” في عام 2016، منافع الاقتصاد العالمي السنوية من القدرة الإنتاجية الاحتياطية لـ”أوبك” بما يتراوح بين 170 مليار و200 مليار دولار من خلال دورها في تحجيم تقلبات الأسعار خلال أوقات اضطراب الإمدادات.

خلصت الدراسة إلى أنه بدون الحفاظ على قدر من السعة الإنتاجية الاحتياطية التي تعمل كممتص للصدمات، كان من الممكن أن ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من 300 دولار للبرميل إبان بدء الاضطرابات في ليبيا.

كانت الولايات المتحدة ستعاني كثيرًا حتى مع احتياطيها الإستراتيجي لتغطية آثار انخفاض المعروض أثناء حرب الخليج الثانية، وكذلك مع تراجع الإمدادات الليبية في 2011.