تقارير نفط وغاز

اندماج “شل” و “بى جى” : هل يكون البداية المنتظرة ؟

قبل نحو شهرين تناولنا تقريراً تحت عنوان “من يلتهم الفارس الابيض؟” فى اشارة الى امكانية استحواذ أكسون موبيل على “بريتش بتروليم” . و يبدو ان قطاع الطاقة يسير فى الاتجاه الذى توقعناه له , حيث استحوذت الشهر الماضى شركة “شل “على “بى جى ” مقابل 70 مليار دولار في أول عملية اندماج عملاقة بقطاع النفط في عشر سنوات.

عملاق تلقائى

وتحولت شركة “رويال داتش شل” البريطانية إلى عملاق عالمي في مجال الطاقة تلقائياً، بعد صفقة “بي جي”. وحسب قول خبراء طاقة غربيين، فإن هذه الصفقة ستجعل من شل ثاني أكبر شركة في قطاع الطاقة عالمياً، بعد شركة إكسون موبيل الأميركية من حيث حجم الموجودات، ويصبح حجم موجوداتها ضعف موجودات شركة بريتش بتروليوم. حيث ترفع الصفقة القيمة السوقية لمجودات شل إلى 248 مليار دولار

وتوصلت شركة “رويال دويتش شل” النفطية العالمية لاتفاق لشراء مجموعة “بي.جي” البريطانية للغاز الطبيعي مقابل 47 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 70 مليار دولار) في أول عملية اندماج عملاقة بقطاع النفط منذ 10 سنوات.

وذكرت الشركة,فى بيان لها أنها ستدفع 383 بنسا نقداو0.4454 سهم من الفئة “ب” في الشركة مقابل كل سهم من أسهم “بي.جي” في إطار الصفقة.

وأضاف البيان أن ذلك يمثل علاوة سعرية بنحو 52% على متوسط سعر تداول السهم في 90 يوما وبتلك الصفقة يتملك مساهمو “بي.جي” نحو 19% من المجموعة الجديدة الناجمة عن الاندماج.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “رويال داتش شل”, بن فان بيوردن, إنه يتوقع أن تصبح شركته أكبر شركة للغاز الطبيعي المسال في العالم, وذلك بعد اتفاق “شل” على شراء مجموعة“بي.جي” مقابل 70 مليار دولار في أول عملية اندماج عملاقة بقطاع النفط في عشر سنوات.

هذه الصفقة سترفع احتياطات شركة شل من الغاز الطبيعي بنسبة 50%. حيث سترفع احتياطي النفط والغاز الطبيعي للشركة بنسبة 25%، وستزيد إنتاجها من النفط والغاز بمعدل 20%. وكانت شركة رويال داتش شل قد نفذت من قبل صفقة أسترالية في مجال صناعة الغاز قيمتها 20 مليار دولار، كما أنها تستثمر حوالى 60 مليار دولار في مشاريع طاقة بآلاسكا في روسيا. إلا أن الشركة لم تنتج بعد من هذه الحقول ولا تزال تحت التطوير.

يذكر أن مجموعة “بي. جي” هي شركة غاز طبيعي بريطانية متعددة الجنسيات, وهي واحدة من أكبر 20 مجموعة تعمل في مجالات النفط والغاز في العالم, ومقرها في ردينغ ببريطانيا,وهي ثالث أكبر منتج للنفط والغاز في المملكة المتحدة, وأدرجت بمركز 28 في تصنيف شركات الطاقة العالمية في عام 2012.

حملة الأسهم

وسوف تحتاج “شل” و”بي جي” لطمأنة حملة الأسهم بشأن استدامة العائد، كما ستتعهد “شل” سريعاً بزيادة التوزيعات النقدية بالإضافة إلى إطلاق برنامج لإعادة شراء أسهمها بقيمة 25 مليار دولار.

وتستهدف الشركتان توفير 2.5 مليار دولار على الأقل سنوياً من التكاليف والمزيد في السنوات المقبلة، ويُذكر أن “شل” جمدت مشروع “آرو” المشترك مع “بتروتشاينا” بقيمة 20 مليار دولار في يناير/كانون الثاني هذا العام، كما ألغت “بي جي” مشروعاً في “كوينزلاند” بقيمة ملياري دولار.

وفي المجمل، تتوقع الشركتان خفض الإنفاق الرأسمالي دون 40 مليار دولار بحلول العام المقبل من 45 مليار دولار في 2014.

مجرد بداية

بالطبع لم يكن مستغرباً من “شل” الاقدام على خطوة الاستحواذ على “بي جي” البريطانية،وربما تكون البداية فقط لعمليات أخرى مشابهة، حيث يدعم ضعف أسعار النفط ذلك. فمع توالي هبوط أسعار النفط منذ صيف العام الماضي والتكهنات تتواصل بشأن اندماجات واستحواذات في قطاع الطاقة العالمي.فالأمر يتعلق بمدى “الوهن” الذي يدب في أجساد الشركات الأصغر حجماً بعد ارهاقها نتيجة أعباء التكاليف المرتفعة تزامنا مع ضعف الايرادات.

تاريخياً عندما تنخفض أسعار النفط لأدنى مستوياتها فإن ذلك يشير إلى رد فعل من قطاع الطاقة وهو: اندماجات واستحواذات.

وأثار انهيار الأسعار في أوائل الثمانينيات وأواخر التسعينيات موجة من الصفقات التي أعادت تشكيل الصناعة، كرد فعل لبدء عمليات الانتاج الجديدة في بحر الشمال، منطقة ألاسكا، وخليج المكسيك.
ونتيجة لذلك اقتنصت “اكسون” الأمريكية منافستها “موبيل”، كما اشترت “بي بي” البريطانية “أموكو” وكذلك “أركو”، بينما اندمجت شركة “تكساكو” التي تمتلك العلامة التجارية لزيت المحركات “هوفلاين” مع “شيفرون”.

كما تسبب انخفاض الأسعار في منتصف الألفينيات إلى استحواذ الشركات العملاقة على الأخرى الأصغر حجماً، وحالياً تعد الأسعار منخفضة 40% منذ يونيو، ويأمل المصرفيون والمستثمرون تكرار نفس السيناريو.

A BP company logo is displayed on the forecourt of a gas station operated by BP Plc in London, U.K., on Tuesday, June 4, 2013. Royal Dutch Shell Plc, BP Plc, Statoil ASA and Platts, the oil-price data collector owned by McGraw Hill Financial Inc., said they're being investigated after the European Commission conducted raids in three countries to ferret out evidence of collusion. Photographer: Chris Ratcliffe/Bloomberg via Getty Images

ظروف السوق

ويبدو أنه اذا تواصل تحرك الأسعار عند مستوياتها الحالية فان مزيدا من الصفقات سوف يشهدها قطاع الطاقة، حيث سيرهق تحركها بين 40 و60 دولارا ميزانيات العديد من الشركات، لكن قلة منها ستكون قادرة على اتمام صفقة بالحجم الذي أقدمت عليه “شل”.
وتتمتع “اكسون موبيل” بالمرونة الكافية والقدرة على عمل ذلك بالفعل، لكن لن يكون بنفس السهولة لشركة “توتال”، أو “ايني” أو حتى “ستات أويل” النرويجية.
وربما حملت اشارة الى امكانية قيام “بي بي” بعملية شراء لشركة منافسة بعض المبالغة، في الوقت الذي لا تزال تعاني فيه تبعات الملاحقات القانونية والتكلفة الباهظة للتسرب النفطي في خليج المكسيك عام 2010.
وتبقى الاشارة الى ان اتمام صفقة “شل” مع “بي جي” تعني تراجعاً كبيراً في نسب استحواذ الشركة البريطانية الهولندية على “بي بي”، وبالتالي قد يزيد في المقابل من “جرأة” “اكسون موبيل” على اتخاذ خطوة تاريخية نحو الاستحواذ على “بي بي” نفسها.

الهروب للغاز

وفى ظل تدهور أسعار النفط بنسبة 50% منذ منتصف العام الماضي وانخفاض الهوامش الربحية التي تجنيها شركات النفط الكبرى من عمليات تطوير الحقول، تتجه هذه الشركات إلى توسيع احتياطاتها من الغاز الطبيعي الذي تزداد أهميته كبديل للنفط في توليد الطاقة النظيفة.

ويلاحظ أن الشركات النفطية الكبرى تواجه منذ سنوات انخفاضاً ملحوظاً في احتياطات النفط مقارنة بالشركات النفطية الحكومية في المنطقة العربية وباقي دول “أوبك”.

وحتى الكشوفات الجديدة التي توفرت لهذه الشركات ، معظمها في المياه العميقة أو النفط الصخري، وهي نوعيات من النفوط ذات كلفة عالية، وسط احتمالات استمرار تدهور أسعار النفط لفترة طويلة، مع ظروف تخمة العرض وتدني الطلب والتصارع في سوق الطاقة.

من هذا المنطلق جاءت أهمية صفقة “رويال داتش شل”، التي أعلن في لندن، والتي ستتحول بموجبها شركة شل إلى منتج كبير للغاز الذي تتزايد أهميته في حجم التجارة العالمية وفي توليد الطاقة.

وتشير تقديرات” غولدمان ساكس” إلى أنه رغم الإمدادات الجديدة المتوقعة في صناعة الغاز المسال، المتوقعة من أميركا وأستراليا، فإن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال سيتجاوز المعروض، بحلول العام 2020.

نفطجديد

كما يذكر المصرف الأميركي في تقرير صدر أخيراً، أن أسعار وحدات الغاز الطبيعي المسال، ستعود للارتفاع بحلول العام المقبل 2016 في الاسواق الآسيوية، بعد الهبوط الكبير الذي شهدته من 17 دولاراً إلى أقل من 7 دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية.

ويتوقع المصرف الأميركي أن تفوق تجارة الغاز المسال 120 مليار دولار، بنهاية العام الجاري، لتصبح بذلك ثاني أهم تجارة سلع في العالم.ويلاحظ أن صناعة الغاز الطبيعي تتوسع بدرجة كبيرة، على حساب النفط خلال السنوات الأخيرة ، كما أن الدول التي تملك احتياطات ضخمة من الغاز وتملك منشآت لتصديره مثل قطر وروسيا وقريباً أميركا وأستراليا أصبحت، رقماً مهماً في أمن الطاقة العالمي.

حقائق عن صفقة “شل” و”بى جى “

  1. علامة فارقة لقطاع الطاقة
  2. . لا يتعلق الأمر بالحجم…بل بالكفاءة
  3. تتعلق هذه الصفقة بالغاز أكثر من النفط
  4. ترتبط هذه الصفقة أيضاً بإنتاج النفط من المياه العميقة
  5. لا تمثل طفرة النفط الصخري الأمريكي أهمية كبرى للصفقة