تقارير

هل بات العالم قاب قوسين من أزمة مالية جديدة؟

تسببت الطباعة الضخمة للأموال من أجل بدء الاقتصاد العالمي عقب الأزمة المالية في فقاعة أكبر بكثير. بعد مرور عشر سنوات على الأزمة المالية الأخيرة, هل العالم بصدد مواجهة أزمة أخرى وهل ستكون أسوأ؟

بالرغم من تصريح رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين الشهر الماضي بأن حدوث أزمة مالية أخرى على مستوى الانهيار الذي أحاط بالعالم في 2007/2008 أمر مستبعد حدوثه مجددًا “في حياتنا”, يعتقد العديد من محللي البورصة أنه قد تقع كارثة جديدة في غضون أشهر وليس سنوات, وفقًا لما أوردت دويتشه فيله.

جيم روجرز, المؤسس المشارك لمجموعة كوانتم لصناديق التحوط, أخبر موقع بيزنس إنسايدر في شهر يونيو أن انهيار سوق الأوراق المالية سوف يحدث “لاحقًا هذا العام أو العام القادم.” في حوار منفصل مع محطة سي إن بي سي, توقع المستثمر السويسري مارك فابر, الذي لُقب بدكتور دوم, أن بعض أصحاب الأسهم سوف “يخسرون 50% من أصولهم” خلال ما وصفه بـ”طوفان” البيع.

إتهم كلا المستثمران صناع السياسة بتأجيل الأمر من خلال عدم معالجة الضعف الهيكلي في الاقتصاد العالمي في أعقاب الأزمة المالية الأخيرة. لقد حدث الركود الكبير بسبب هبوط في سوق العقارات الأمريكي والذي أدى إلى حالات تعثر جماعية في سوق الرهن العقاري, الذي قدم قروض إسكان لمستهلكين ينطون على مخاطر عالية. ثم تطورت لاحقًا لتصبح أسوأ أزمة مصرفية دولية منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.

في محاولة لتجنب انهيار النظام المالي, قام البنك المركزي الأمريكي وغيره بطباعة تريليونات الدولارات عن طريق خطط التيسير الكمي, وهي الأموال التي تتدفق في أسواق الأوراق المالية وغيرها من الأصول وتشمل العقارات منذ ذلك الحين. أدت فورة الإنفاق الضخمة للاحتياطي الفيدرالي إلى أسعار مرتفعة قياسية وشكاوى من أن المكاسب التي يحققها معظم أصحاب الأصول – أو بعبارة أخرى أغنى 5% – لم تسهم في الاقتصاد الحقيقي.

القروض الطلابية في الولايات المتحدة
أشار محللون آخرون إلى مسببات أخرى للأزمة الجديدة المحتملة, من ضمنها الاقتصاد المديون بشدة للصين, والذي ترتبط به بقية العالم بصورة متزايدة, أو أزمة محتملة يسببها التعثر واسع النطاق في سداد قروض الطلاب في الولايات المتحدة.

وفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز, أصبح سوق القروض الطلابية الأمريكي أكبر من الإنفاق على البطاقات الائتمانية وقروض السيارات بقيمة 1,4 تريليون دولار, بفضل الزيادة في رسوم دخول الجامعة والتعليم. حذرت فاينانشيال تايمز من أن ثمانية مليون من الـ44 مليون متلقي للقروض الطلابية يمرون حاليًا بحالة تعثر, وهي مشكلة من المرجح أن تزداد سوءًا وسط تعافي اقتصادي باهت.

على الرغم من أن المحللين الماليين الآخرين ليسوا متشائمين إلى هذا الحد حول الآفاق الفورية للاقتصاد العالمي, إلا إنهم يتفقون أن الاعتماد الحالي على التيسير الكمي ومعدلات الفائدة شديدة الانخفاض للحفاظ على نمو الاقتصادات ليس مستدامًا.

قالت فران بوايت, المدير التنفيذي لمجموعة بوزيتيف موني, لدويتشه فيله, “نحن نعتمد على أسعار الأصول المرتفعة ونواصل تضخيم تلك الأسعار, إلى جانب المستويات المرتفعة لاقتراض المستهلكين, وهذا يُعد خليطًا سامًا والذي يؤدي إلى اضطراب مالي.”

أزمة مطولة
تجادل بوايت أن دول كثيرة لم تخرج حقًا من الركود الكبير؛ الأمر هو أن صناع السياسة لا يدركون ما حدث حينها كانهيار مستمر. قالت, “إنها جزء من أزمة مطولة, حيث تنخفض مستويات المعيشة والأجور الحقيقية, وتصبح حياة أغلبية الناس أكثر صعوبة,” مضيفة أن العامة يستطيعون أن يروا بوضوح الانفصال بين حياتهم والأسواق المالية وأسواق العقارات التي يتم “ضخها” باستمرار عن طريق التيسير الكمي.

يعتقد خبير الاقتصاد إيان بيج من كلية لندن للاقتصاد أن حدوث أزمة مالية جديدة أمر مستبعد في الوقت الحالي, بسبب محاولات المنظمين لتحسين مراقبة القطاع المالي بأكمله, بدلًا من المؤسسات الفردية فقط.

تُعد معدلات الفائدة المرتفعة مخاطرة أخرى والتي قد تعجل بوقوع تباطؤ اقتصادي أو حتى انهيار العقارات في عدة أسواق من ضمنها الولايات المتحدة, وألمانيا, والمملكة المتحدة وعدة دول آسيوية, حيث يصارع المقترضون – الذي أصبحوا مربوطين بالمعدلات المنخفضة – من أجل التماشي مع تكلفة المعيشة المرتفعة.

في منطقة أخرى من الاقتصاد, قد تتسبب المخاوف المتزايدة المتعلقة بمذهب الحماية الاقتصادية في ضوء وعد الرئيس الأمريكي ترامب بإعادة الوظائف الأمريكية وغيرها من القيود الاقتصادية الممكنة – مثل البريكسيت – قد تتسبب بزعزعة الثقة لدى الشركات والمستهلكين, وتصبح سببًا لحدوث انهيار جديد.

احتمالات تجدد الأزمة المالية

– هناك توقعات بحدوث أزمة مالية جديدة نتيجة الارتفاع الحاد في معدلات التعثر في سداد الديون أو ارتفاع قوي في معدلات الفائدة.

– الأزمة الحالية بين أمريكا وكوريا الشمالية تنذر بالدخول في مرحلة ركود اقتصادي عالمي.

– تزايد فرص نشوب نزاع تجاري بين واشنطن وبكين يتقود العالم إلى أزمة مالية جديدة.

– ربما يكون موطن أزمة مالية مستقبلية في سوق سندات الشركات التي تعاني ضعف السيولة مقارنة بما كانت عليه في الماضي الأمر الذي ينتج عنه مبيعات مكثفة على السندات، وهناك احتمالات أخرى من وقوع أزمة نتيجة تفاقم ديون الطلبة أو السيارات في أمريكا.

– فيما رأى خبراء أن الأكثر احتمالية في وقوع الأزمة وجود خلل في السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، فعندما بدأ برنامجه للتيسير الكمي، تخوفت الأسواق من مخاطر التضخم.