أوبك تتوقع نمو الطلب العالمي إلى 110 ملايين برميل يوميا بحلول 2040
تخوفات من عدم التزام الأعضاء بالاتفاق وتعهد ترامب بدعم النفط الصخرى
أعاد اتفاق منظمة «أوبك» الأخير على خفض الإنتاج بغرض رفع الأسعار، الحياة إلى النفط الصخري الأمريكي الذي تعرض لضربات كبيرة، منذ أن هوى سعر الخام عالمياً إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل.
وهبّت الكثير من الحفّارات للنشاط من جديد، معتمدة في ذلك على تطور تقنيات الإنتاج بشكل أكبر، وانخفاض تكلفة الاستخراج. وجاء قرار «أوبك» بخفض الإنتاج، بمثابة احتفاء لشركات النفط الصخري الأمريكية، كونه يمثل للكثير منها طوق النجاة ويعيدها من جديد إلى سوق الطاقة العالمية.
وتعرّض المارد الصخري لضربات كبيرة، منذ أن هوى سعر الخام عالمياً إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل مطلع العام الجاري 2016، لتتوقف مئات الحفارات الأميركية وتتزايد ديون الشركات المنتجة.
وعلى الرغم من استبعاد خبراء الطاقة في الدول الكبرى المصدرة للنفط المتركزة بالخليج العربي، أن يؤدي اتفاق خفض الإنتاج إلى مزاحمة النفط الصخري «أوبك»، إلا أن تقارير دولية تشير إلى أن منظمة البلدان المصدرة للنفط، لن يكون بمقدورها في غضون سنوات قليلة السيطرة على سوق الطاقة الدولية، في ظل التطور الكبير لتقنيات استخراج النفط الصخري والتي تخفض تكلفة الإنتاج في بعض المناطق بالولايات المتحدة الأميركية إلى نحو 40 دولاراً للبرميل.
عثمان الخويطر النائب السابق لرئيس شركة «أرامكو» النفطية السعودية، يرى إنه لن يكون بمقدور شركات النفط الصخري العودة فور البدء في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج في يناير/ كانون الثاني المقبل، مشيراً إلى أن النفط الصخري بطبيعته الجيولوجية محدود الإنتاج، ومكلف إلى درجة لا تمكنه من منافسة البترول التقليدي الرخيص، حتى بعد استقرار الأسعار عند مستوى بين 55 و60 دولاراً للبرميل.
وأضاف «الخويطر»: «انتعشت سوق النفط الصخري عندما وصلت الأسعار لما يقارب 100 دولار للبرميل، ووصلت حينها إلى ذروة الإنتاج، وظلت مجدياً عند تراجع الأسعار إلى 80 دولاراً، وعلى الرغم من ذلك لم يكن هناك إنتاج واسع خارج الولايات المتحدة عدا دول قليلة جداً».
وتابع أن الشركات الأمريكية تمتلك التقنيات التي تؤهلها لخفض التكلفة، ولكن قلة منها قادرة على ذلك، كما أن المعدات لا تتوفر في خارج الولايات المتحدة، بيد أن حتى هذه التكلفة تحتاج لأن يستقر سعر النفط فوق 60 دولاراً لفترة طويلة، قبل أن تتشجع الشركات وتغامر بحفر آبار جديدة.
التقنيات الجديدة
لكن البيانات الصادرة عن تقارير الطاقة الدولية، تشير إلى أن شركات النفط الصخري تمكنت خلال العامين الماضيين من تطوير تقنيات جديدة لخفض كلف الإنتاج إلى مستويات 40 دولاراً للبرميل، في العديد من مناطق تركيز احتياطات النفط الصخري.
وتشير بيانات شركة «بيكر هيوز» لخدمات الطاقة الأمريكية تشير إلى ارتفاع عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة بالأساس، قبل اتفاق «أوبك» على خفض الإنتاج.
ويرى خبراء أنه على رغم الأهمية الكبرى للاتفاق، فهو يشكل خطوة في مرحلة طويلة ستواجهها المنظمة مستقبلاً. فصعود الأسعار الى 50 – 55 دولاراً أو حتى الى نحو 60 دولاراً، يعني انتعاش صناعة النفط الصخري الأميركية وإمكان زيادة إنتاجها ثانية بطاقة أعلى مما هي عليه حالياً. فكلفة إنتاج النفط الصخري تتراوح ما بين 55 و75 دولاراً للبرميل. والشركات في حاجة ماسة الى دفع بلايين الدولارات من الديون المستحقة عليها للمصارف التي استدانت منها في مرحلة انطلاقتها الأولى. وطبيعة صناعة النفط الصخري من حفر مستمر للآبار وتوسيع المسام الصخرية تزيد من تكاليفها. لكن حقيقة الأمر أن تقنية الحفر الهيدروليكي للصخور أصبحت حقيقة واقعة وتتقدم باستمرار. وهي ثورة في صناعة النفط يجب أن نتعايش معها.
هذا يعني أن الدول المنتجة أمام مرحلة اقتصادية دقيقة. فسقف الأسعار سيكون متأثراً الى حد كبير بتكاليف صناعة النفوط غير التقليدية (منها النفط الصخري). هذا يعني أن ارتفاع النطاق السعري للنفط الخام سيكون محدوداً، إذ إن الزيادة الى مستويات قياسية مرة أخرى (عندما تجاوزت 100 دولار)، ستعني تدهور الأسعار الى الحضيض ثانية، لأن هذا سيعني زيادة كبيرة في الإمدادات تفوق العرض. فمعدل إنتاج النفط الصخري الأميركي لوحده بلغ نحو 5 ملايين برميل يومياً مع الأسعار القياسية.
وكان إنتاج النفط الصخري عام 2000 يشكل 2% من إنتاج أميركا، واليوم يشكل أكثر من نصف إنتاجها من النفط الخام، وهذه أسرع وتيرة لزيادة الإنتاج في تاريخها.وهذا الارتفاع الكبير في الإنتاج أدى إلى انهيار الأسعار منذ منتصف 2014 بأكثر من 60%.
وكان تهاوي أسعار النفط قد تسبب، ، في بلوغ الديون على شركات النفط الصخري بنحو 235 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الماضي 2015، وهو ما يشكل زيادة قدرها 16% على ديونها في 2014.
ماذا بعد اتفاق أوبك ؟
ربما يكون النفط الصخرى مجرد حلقة من التحديات التى ستواجه دول أوبك والسؤال الآن ماذا بعد اتفاق ؟، هل كان الاتفاق فقط هو لحفظ ماء الوجه وإثبات أن منظمة أوبك قادرة على إحداث تغيير واستقرار في سوق النفط والعودة لتصحيح الأسعار التي تهاوت وأدت إلى خسائر فادحة في موازنات الدول المنتجة والمصدرة للنفط. دعنا نستعرض الوضع ,وأهم التحديات التى ستواجه المنظمة الدولية فى المرحلة المقبلة .
بنود الاتفاق
بدأ تنفيذ اتفاق فيينا الذي يقلص إنتاج المنظمة 1.2 مليون برميل يومياً ليصبح 32.5 مليون برميل يومياً، في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل لمدة ستة أشهر، مع خيار تمديدها لفترة مماثلة في حال موافقة المجلس الوزاري للمنظمة في اجتماعه المقبل في 25 آيار (مايو). وقد خصصت المنظمة معدلات إنتاج جديدة لدولها الأعضاء، منها السعودية التي ستقلص إنتاجها 486 ألف برميل يومياً الى 10.068 مليون. ويُذكر أن المملكة تخفض إنتاجها عادة بعد فصل الصيف نظراً الى تراجع الاستهلاك الداخلي، بخاصة انخفاض استعمال مكيفات الهواء. ثم إيران التي ستستمر في نطاق إنتاجها للشهرين الماضيين 3.75 و3.78 مليون برميل يومياً، فالمعدل الجديد المخصص لها هو 3.797 مليون برميل يومياً، ما يعني أنها لم تحصل على معدل 4 ملايين برميل يومياً الذي سجلته قبل العقوبات، ولا على حصة 12.7 في المئة من إنتاج المنظمة كما كان وضعها قبل العقوبات أيضاً، وهما المطلبان اللذان أصرت عليهما طهران. وسيخفض العراق إنتاجه 210 آلاف برميل يومياً ليصل معدله الى 4.351 مليون برميل يومياً، والخفض العراقي هو من الأرقام الرسمية للحكومة العراقية لا من أرقام المصادر الثانوية التي احتجت عليها بغداد. وكان اتفاق الجزائر استثنى نيجيريا وليبيا وإيران من الخفوضات بسبب انخفاض إنتاجها نتيجة النزاعات السياسية فيها والحصار الدولي. وطلبت إندونيسيا استثناءها أيضاً لأنها تستهلك وتستورد من النفط الخام أكثر من إنتاجها، لكن طلبها رفض، فعلقت عضويتها في المنظمة موقتاً. ويبلغ إنتاج إندونيسيا 722 ألف برميل يومياً. وستستمر «أوبك» في الاعتماد على المصادر الثانوية لأرقام الإنتاج، وشكلت لجنة من ثلاث دول (الكويت، الجزائر وفنزويلا) بالتعاون مع سكرتارية المنظمة للتدقيق بأرقام الإنتاج. كما وافقت الدول غير الأعضاء على خفض إنتاجها 600 ألف برميل يومياً، منها 300 ألف برميل لروسيا، ما يجعل مجمل الإنتاج المخفض للدول المنتجة داخل «أوبك» وخارجها 1.8 مليون برميل يومياً. ولعبت روسيا دوراً مهماً في المفاوضات مع كل من دول المنظمة، والدول خارج «أوبك».
توقعات النمو
قال محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في مؤتمر للطاقة يوم الاثنين إن أوبك تتوقع أن يكون الطلب على النفط في 2017 قويا مثل العام الحالي رغم الاتفاق على خفض الإنتاج وهو ما قد يرفع الأسعار أمام المشترين.
وقال باركيندو إن آسيا ستضطلع بدور كبير في نمو الطلب على النفط وإن المجال متسع أمام أوبك والمنتجين الآخرين للنمو في سوق النفط العالمية.
قال باركيندو إن أوبك وجهت الدعوة لمنتجين من خارجها هم روسيا وكولومبيا والكونجو ومصر وقازاخستان والمكسيك وسلطنة عمان وترينداد وتوباجو وتركمنستان وأوزبكستان وبوليفيا وأذربيجان والبحرين وبروناي لحضور اجتماع في العاشر من ديسمبر كانون الأول لمناقشة مساهمتهم.
وتابع “نريد أن يكون مستوى المخزون عند متوسطه في السنوات الخمس الماضية وليس أكثر أو أقل من ذلك.”
وارتفعت أسعار النفط منذ اتفاق الإنتاج لتصعد العقود الآجلة لخام برنت اليوم إلى 55.20 دولار للبرميل مسجلة أعلى مستوياتها منذ السادس من يوليو تموز 2015.
وأثار ذلك قلق مشترين كبار مثل الهند التي تستورد ما يزيد على 80 بالمئة من احتياجاتها من النفط الخام وقد استفادت لعامين من ضعف الأسعار. وقال وزير النفط الهندي دارمندرا برادان في المؤتمر إن الدول المنتجة للنفط “يجب أن تضع أمن الإمدادات على نفس أهمية أمن الطلب” عندما تحدد الأسعار.
وقال باركيندو “نتوقع أن يكون النمو في العام القادم قويا مثل هذا العام وفي حدود نحو 1.2 مليون برميل يوميا.
“ربما يرتفع أكثر.. لا أحد يعرف. إذا ارتفع بشكل أكبر فسيحق للدول المنتجة زيادة الإنتاج لتلبية الطلب من دول مثل الهند.”
وتابع أن مستهلكي النفط يريدون استقرار السوق لضمان عدم تأثر الإمدادات في المستقبل مضيفا أن أعضاء أوبك يستثمرون بقوة لضمان تلبية الطلب العالمي علي النفط الذي سيواصل على الأرجح الارتفاع بشكل مطرد.وقال “في الهند وحدها من المتوقع أن ينمو الطلب لأكثر من عشرة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2040 من 4.1 مليون برميل في الوقت الحالي.
وتابع أن أوبك تتوقع بشكل عام نمو الطلب العالمي بواقع 17 مليون برميل يوميا إلى نحو 110 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2040.
التحديات
تنطوى التحديات التى ستواجه المنظمة بعد الاتفاق على عدة نقاط :تحديات
– هناك تخوفات من عدم التزام الأعضاء بالاتفاق كما كان في السابق، فليس بمقدرة الجميع الالتزام بتقليص حصص الإنتاج خلال فترة 6 شهور.
– تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برفع مستويات إنتاج النفط الصخري، فمنصات الحفر عادت للارتفاع في السوق الأمريكي.
– الإنتاج من خارج أوبك تراجع في 2016 بمعدل 900 ألف برميل يوميًا، لكن في 2017 فمن المتوقع ارتفاع حصة الإنتاج بمعدل 500 ألف برميل يوميًا.
– إيران لن تساعد في عملية خفض الإنتاج، بل أقرت أنها ستجمد إنتاجها عند 3.797 مليون برميل يوميا.
– روسيا تعهدت بتخفيض إنتاجها 300 ألف برميل يوميا، ولكنها لم تحدد جدولا زمنيا لبدء التطبيق فعلياً.
النفط الصخري
– النفط الصخري، هو نوع من النفط الخفيف، يتم انتاجه من صخور تحوي ترسبات مادة الكيروجين، يتم تحويلها بالحرارة إلى سائل هيدروكربوني بديل للنفط الخام، وتكلفة استخراجه أعلى ويختلف عن النفط الرملي أو الغاز الصخري والنفط الخام الطبيعي.
– وتوجد طريقتان لإنتاج النفط الصخري، الأولى تعتمد على تقنية تعرف باسم التكسير الهيدروليكي «المائي»، وهي الطريقة المعتمدة في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، حيث يضخ المنتجون كميات كبيرة من المياه والرمال وبعض المواد الكيماوية تحت ضغط شديد إلى باطن الأرض لتكسير الصخور، لتسمح للنفط العالق بينها بالخروج إلى السطح.
– أما الطريقة الثانية، فتعتمد على التفتيت الجاف بدلاً من الحفر العمودي القائم على استخدام كميات كبيرة من المياه، وهي تقنيات خطيرة وغير صديقة للبيئة.
– وتشير تقارير متخصصة إلى أن احتياطي الولايات المتحدة من النفط الصخري يبلغ ما يعادل 1.5 ترليون برميل، مما يعادل خمس مرات الاحتياطي المؤكد للسعودية.
أضف تعليق