تراجع اسعار النفط العالمية يؤثر على التوازنات الاقتصادية الكلية لدول العربية المُصدرة لنفط، فيما تستفيد الدول العربية المستوردة لنفط من الإصلاحات الداعمة لنمو في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي لدعم متخذي القرار في الدول العربية، أطلق الصندوق إصدار مارس من تقرير “آفاق الاقتصاد العربي”، الذي يتضمن توقعات الأداء الاقتصادي للدول العربية خلال عامي 2016 و2017.
أشار التقرير إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي خلال العامين القادمين، ففيما يتوقع أن يعود سوق النفط العالمي إلى حالة التوازن نظراً لانحسار انتاج النفط الصخري واتفاق دول أوبك على عدم رفع الانتاج مجدداً، ويتوقع أن يكون متوسط سعر النفط 40 دولاراً للبرميل خلال العام 2016، الا أنه في المدى المتوسط قد يصعب تجاوز السعر العالمي مستوى 60 دولاراً للبرميل نظراً لإمكان عودة منتجي النفط الصخري إلى العمل دون الحاجة لاستثمارات كبيرة.
يبقى التحدي الأكبر للنمو العالمي هو أداء الاقتصادات الناشئة والنامية في ظل انخفاض التجارة العالمية، وانخفاض تدفقات رؤوس الأموال إليها. بينما يعود انخفاض سعر النفط بأثر إيجابي على الاقتصادات المتقدمة، مما قد يعزز فرص نمو بعض الدول العربية المستوردة للنفط لاعتماد صادراتها على أداء شركائها التجاريين الأساسيين.
تتجه الأنظار تحديداً إلى الاقتصاد الصيني الذي يمر بفترة من التحول الهيكلي تحاول فيه الحكومة تعزيز الطلب الداخلي ليساهم في استدامة النمو الاقتصادي، وما تزال هناك دول أوروبية في حاجة لمزيد من الإصلاحات الهيكلية أسوة بإسبانيا التي أدت أداءً إيجابياً بعد تدشين اصلاحاتها.
بينما تكون الصورة أكثر تحدياً في الدول المصدرة للسلع الأساسية حيث يتوقع استمرار التحدي للاقتصادين الروسي والبرازيلي، بالعكس من الهند التي يتوقع أن تواصل أداءها الاقتصادي الإيجابي على خلفية الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومتها خلال الفترة الماضية، بينما يستمر الاقتصاد الأمريكي في مسار النمو رغم انخفاض الصادرات عن مستواها المتوقع، ولعل ارتفاع سعر الدولار الأمريكي يعتبر أكثر ما يؤثر على صادرات الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى أثره السلبي على تكلفة خدمة الدين لدى الدول الناشئة والنامية حيث أن جزءاً من ديونها مقوم بالدولار الأمريكي.
فيما يتعلق باتجاهات النمو الاقتصادي في الدول العربية، أشار تقرير “آفاق الاقتصاد العربي” إلى استمرار تأثر الاقتصادات العربية في عام 2015 بالتطورات في البيئة الاقتصادية الدولية، خاصة فيما يتعلق ببطء تعافي النشاط الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النفط الذي فقدت أسعاره في عام 2015 نحو 49 في المائة من مستواها المسجل عام 2014.
إضافة لما سبق، تأثر عدد من الدول العربية خلال عام 2015 بالتطورات الداخلية التي لا زالت تؤثر على الأوضاع الاقتصادية في هذه البلدان. في مواجهة هذه التطورات لجأت بعض الدول العربية المُصدرة للنفط، لا سيما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى الإبقاء على الانفاق العام عند مستويات داعمة للنمو مع تركيز أكبر على اعتبارات الاستدامة المالية، إضافة إلى لجوء بعضها إلى زيادة كميات الإنتاج النفطي للتخفيف من أثر تراجع أسعار النفط على توازناتها الاقتصادية الداخلية والخارجية.
على الجانب الآخر، تواصل استفادة الدول العربية المستوردة للنفط للعام الثاني على التوالي من عدة عوامل أهمها التحسن التدريجي للأوضاع الداخلية، وما نتج عنه من دعم لمستويات الاستهلاك والاستثمار، إضافة إلى التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية التي شرع بعضها في تبنيها منذ عام 2011.
استناداً لما سبق، تشير التقديرات إلى تسجيل الدول العربية كمجموعة معدل نمو يقدر بنحو 3.2 في المائة عام 2015، مدعوماً بشكل رئيس بالنمو معتدل الوتيرة في كل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومجموعة الدول العربية المستوردة للنفط، وهو ما سيخفف من تأثير تباطؤ معدل نمو مجموعة الدول العربية الأخرى المُصدرة للنفط.
أما في عام 2016، من المتوقع أن ينعكس التعافي الهش للاقتصاد العالمي والتجارة الدولية وبقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة نسبياً على أداء الاقتصاد الكلي للبلدان العربية.
كذلك من المتوقع خلال العام الجاري ظهور أثر سياسات التصحيح المالي التي ستؤدي إلى خفض الإنفاق في عدد من الدول العربية المُصدرة للنفط في إطار سياساتها الرامية لتحقيق نوعاً من أنواع التوازن بين اعتبارات دعم النمو الاقتصادي وتحقيق الانضباط المالي. كذلك من شأن التطورات الداخلية التي تعيشها بعض بلدان المنطقة أن توثر على فرص النمو عام 2016. في المقابل، سيخفف تسارع وتيرة نمو الدول العربية المستوردة للنفط جزئياً من تأثير العوامل السابق الإشارة إليها على النمو الاقتصادي للبلدان العربية كمجموعة.
على ضوء ما سبق، من المتوقع تسجيل الدول العربية نمواً يتراوح حول 2.8 في المائة العام الجاري، ذلك قبل معاودته الارتفاع إلى 3.1 في المائة عام 2017، في ظل التوقعات باتجاه الأسعار العالمية للنفط نحو الارتفاع وبفرض تحسن الأوضاع الداخلية في عدد من البلدان العربية وتعافي النشاط الاقتصادي العالمي.
على صعيد مجموعات الدول العربية المختلفة، من المتوقع استمرار تباين الأداء الاقتصادي ما بين الدول العربية المُصدرة للنفط التي من المتوقع أن يشهد نموها تباطؤاً خلال عامي 2016 و2017، وبين الدول العربية المستوردة له، التي من المتوقع أن تواصل تحقيق معدلات نمو مرتفعة الوتيرة خلال تلك الفترة.
ففيما يتعلق بالدول العربية المُصدرة للنفط، من المتوقع نمو اقتصاداتها بنحو 2.6 في المائة عام 2016، وارتفاعه إلى 3.1 في المائة عام 2017. على مستوى الأداء داخل هذه المجموعة، من المتوقع ظهور تأثير تراجع الأسعار العالمية للنفط وسياسات التصحيح المالي على النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 2016، وهو ما يتوقع على ضوئه انخفاض معدل نمو دول المجلس إلى 2.5 في المائة عام 2016، فيما يتوقع ارتفاع النمو إلى 2.6 في المائة عام 2017 مدعوماً بالارتفاع المتوقع لأسعار النفط والانحسار التدريجي لأثر سياسات التصحيح المالي. أما البلدان العربية الأخرى المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن تنمو بنسبة 3.8 في المائة عام 2016، وبنحو 6.7 في المائة في عام 2017 بفرض تحسن الأوضاع الداخلية، وهذا النمو يعكس بالأساس ضعف النشاط الاقتصادي في السنوات السابقة.
على الجانب الآخر، من المتوقع تواصل النمو مرتفع الوتيرة في الدول العربية المستوردة للنفط، حيث من المتوقع أن تنمو بنسبة 3.8 في المائة العام الجاري و4.3 في المائة عام 2017، في ظل التوقعات باتجاه الأوضاع الداخلية في هذه البلدان نحو الاستقرار وتعافي القطاعات الاقتصادية الرئيسية المُولدة للقيمة المضافة نظراً للنمو المتوقع في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية. كما سيشكل المضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في تلك البلدان أساساً دافعاً للنمو، خاصة فيما يتعلق بإصلاحات زيادة الطاقة الانتاجية وتعزيز التنافسية.
بخصوص اتجاهات تطور الأسعار المحلية، أوضح التقرير تأثر مستويات التضخم في الدول العربية خلال عام 2015 بمجموعة من العوامل المتباينة.
حيث أدى تراجع الاسعار العالمية للنفط والغذاء وارتفاع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية، الى تراجع أثر التضخم المستورد في بعض الدول العربية. كما انعكس أثر انخفاض الأداء الاقتصادي والسياسات النقدية المنضبطة في عدد من الدول العربية على معدلات التضخم في تلك البلدان. لكن في المقابل شهدت بعض البلدان العربية ضغوطاً تضخمية ناتجة عن تدابير إصلاح نظم دعم السلع الأساسية.
كما أدت الظروف الداخلية التي شهدها بعض الدول العربية الى زيادة الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع مستويات الطلب. نتيجة لتلك التطورات المذكورة، شهد عام 2015 تراجع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة إلى نحو 6.5 في المائة مقارنة مع 8.1 في المائة مسجلة العام السابق.
بالنسبة لمعدلات التضخم المتوقعة في الدول العربية خلال عام 2016، توقع التقرير ارتفاع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة ليبلغ حوالي 7.4 في المائة. يعزى ذلك بصفة اساسية إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار بسبب استمرار الحكومات في مراجعة وتقييم الدعم الحكومي ذلك بما يشمل تعديل منظومة دعم منتجات الطاقة والمياه والكهرباء.
إضافة إلى توقع ارتفاع مستويات التضخم المدفوع بعوامل جذب الطلب في بعض الدول العربية خلال عام 2016 نتيجة للزيادة المتوقعة في أجور العاملين. كما أن تواصل انخفاض المعروض من السلع والخدمات، في الدول التي تشهد تطورات داخلية، من شأنه أن يؤثر على المستوى العام للأسعار في تلك الدول. إضافة الى ما سبق، يتعرض سعر الصرف في بعض الدول لضغوط نظراً لنقص المتوفر من العملة الاجنبية واتجاه حكومات تلك الدول الى زيادة مستويات مرونة سعر الصرف، الأمر الذى من شأنه ان يساهم في زيادة اثر التمرير الناتج عن تراجع قيمة العملة المحلية لمعدلات التضخم. من جانب آخر، فإن تواصل تراجع الاسعار العالمية للنفط وانخفاض وتيرة تنفيذ المشروعات الاستثمارية في عدد من الدول، من شأنه أن يخفض من حدة الضغوط التضخمية في بعض الدول العربية خلال عام 2016. أما في عام 2017، وفي ظل التوقعات بالارتفاع النسبي في الاسعار العالمية للنفط والمواد الخام في ضوء توقع تحسن النشاط الاقتصادي العالمي، فانه من المتوقع ان يرتفع معدل التضخم في البلدان العربية كمجموعة إلى نحو 8.1 بالمائة.
على صعيد اتجاهات السياسة النقدية، فقد رفعت جل الدول العربية المرتبطة بالدولار أسعار الايداع لديها لليلة واحدة (overnight) بحوالي خمس وعشرين نقطة أساس لكي تواجه الارتفاع في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية. يبقى لدى هذه الدول تحدي تفاوت دوراتها الاقتصادية عن الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.
تواجه الدول العربية المصدرة للنفط تحديات انخفاض دخل النفط لديها مع احتمال رفع أسعار الفائدة تبعاً لتوقعات رفعها في الولايات المتحدة الأمريكية خلال 2016 و2017، مما يعزز من أهمية الاصلاحات الهيكلية في هذه الدول. أما في الدول المستوردة للنفط، فإن انخفاض أسعار المواد الأساسية ساهم في خفض معدلات التضخم في معظمها، خصوصاً تلك التي حررت أسعار الطاقة من الدعم كلياً. لكن التحدي لبعض هذه الدول هو في استمرار انخفاض سعر صرف عملاتها مما يضيف ضغوطاً تضخمية بالاتجاه المعاكس.
على صعيد التطورات المصرفية، من المتوقع أن يؤثر انخفاض أسعار النفط وتوقع تباطؤ اقتصادات الدول المنتجة له سلباً على معدل نمو الودائع في القطاع المصرفي العربي، نظراً إلى الحجم النسبي للقطاع المصرفي لهذه الدول. يبقى التحدي في السنوات القادمة في الحفاظ على مستوى منخفض من الديون المتعثرة، هنا تبرز الحاجة لاستمرار الإنفاق الحكومي مما قد يدفع تلك الدول إلى اصلاحات هيكلية ومالية تساهم في الإبقاء على مستويات الإنفاق العام قريباً من مستوياتها الحالية.
على صعيد الأوضاع المالية، كان للتغيرات في الأسعار العالمية للنفط تأثيرات على الموازنات العامة في الدول العربية عام 2015، وإن اختلفت تلك التأثيرات حسب مجموعات الدول المختلفة. فمن جهة تأثرت الدول العربية المصدرة للنفط جراء تراجع الأسعار العالمية للنفط، وهو ما انعكس بشكل كبير على الإيرادات النفطية للدول العربية الرئيسية المُصدرة للنفط التي تسهم بالجزء الأكبر من الإيرادات العامة التي تراجعت بنسبة 42 في المائة عام 2015.
من جهة أخرى، استفادت الدول العربية المستوردة للنفط من انخفاض أسعاره بما خفف من الضغوط على الموازنات العامة، لا سيما على ضوء ارتفاع كلفة بنود دعم السلع الأساسية في موازنات هذه الدول، وهو ما انعكس إيجاباً على أوضاع المالية العامة. كمحصلة لما سبق، من المتوقع ارتفاع العجز في الموازنة المجمعة للدول العربية من 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى 11.4 في المائة عام 2015 حسب التقديرات.
كان من أبرز ما اتسمت به ملامح السياسة المالية في الدول العربية خلال عامي 2015 و2016 سواء تلك المصدرة للنفط أو المستوردة له، التركيز بشكل كبير على تنفيذ حزم واسعة النطاق من إصلاحات المالية العامة استهدفت ترشيد الانفاق العام ودعم الإيرادات بهدف ضبط أوضاع الموازنات العامة وضمان استدامتها، لا سيما على ضوء التحديات التي تواجه السياسة المالية في هذه البلدان.
في هذا الإطار، جاء الإصلاح الضريبي على رأس أولويات صانعي السياسات المالية حيث بُذلت جهود عدة لدعم الإيرادات الضريبية وضمان عدالة وكفاءة منظومة الضرائب من خلال مراجعة شرائح الضرائب على الدخل وأرباح الشركات، إضافة إلى تبني أو إصلاح ضرائب القيمة المضافة، وتوجيه النظام الضريبي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمناطق الواعدة.
من جهة أخرى، تحول الاهتمام نحو ضبط بنود الانفاق العام من خلال ترشيد الانفاق الجاري عبر ضبط نفقات الأجور والمضي قدماً في إصلاح منظومة دعم السلع الأساسية، إضافة إلى رفع كفاءة الانفاق الاستثماري. كما أولت الحكومات العربية اهتماماً كبيراً برفع مستويات شفافية وكفاءة إدارة الموازنة العامة وخفض العجوزات.
واكب ذلك جهود موازية لرفع كفاءة عمليات إدارة الدين العام، وحرص على زيادة متوسط آجال إصداراته وتمويله من مصادر تضمن الاستدامة المالية.
أما في عام 2016، من المتوقع أن يشهد العجز في الموازنة المجمعة للدول العربية ارتفاعاً طفيفاً إلى نحو 11.6 في المائة على ضوء التوقعات باستمرار بقاء أسعار النفط العالمية عند مستويات منخفضة، وهو ما سينعكس بدوره على الإيرادات النفطية المتوقعة، فيما يتوقع أن تتأثر الإيرادات الضريبية باستمرار ضعف النمو على المستويين الدولي والإقليمي. في المقابل، سيكون للانخفاض المتوقع للنفقات العامة بنسبة 6 في المائة العام الجاري تأثيراً إيجابياً في ظل تواصل تنفيذ عدد من سياسات الضبط المالي.
أما في عام 2017، فمن المتوقع أن تشهد أوضاع الموازنات العربية تحسناً ملحوظاً، بما يساعد على خفض عجز الموازنة المجمعة للدول العربية كنسبة من الناتج المحلي إلى 7.8 في المائة، في ظل التوقعات بارتفاع الإيرادات العامة نظراً للتعافي المتوقع للأسعار العالمية للنفط بنسبة 15 في المائة، وارتفاع الإيرادات الضريبية بفعل التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي في الدول العربية وعدد من شركائها التجاريين الرئيسيين، إضافة إلى بدء ظهور أثر إصلاحات المالية العامة المتعددة التي يجري تنفيذها وفق أطر زمنية تمتد حتى عام 2020.
أما فيما يتعلق بأوضاع القطاع الخارجي، يتوقع خلال عام 2016 تواصل تأثر أداء ميزان المعاملات الجارية للدول العربية كمجموعة باستمرار تراجع أسعار النفط العالمية. كما أنه من المتوقع أن يؤثر التحسن النسبي لأداء اقتصادات دول الاتحاد الاوروبي ايجاباً على الصادرات غير النفطية للدول العربية.
إضافة إلى الأثر الإيجابي المتوقع لرفع أسعار الفائدة العالمية على حصيلة دخل الاستثمار في الدول العربية كمجموعة. وكمحصلة لهذه التطورات، يتوقع أن يستمر العجز في الميزان الجاري للدول العربية كمجموعة خلال عام 2016، حيث من المتوقع أن يرتفع العجز ليبلغ نحو 137.8 مليار دولار (يمثل 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) مقارنة مع عجز قدره 105.7 مليار دولار خلال عام 2015.
بالنسبة للتوقعات عام 2017، فإنه من المتوقع أن يتراجع العجز في الميزان الجاري للدول العربية كمجموعة ليبلغ نحو 97 مليار دولار، يمثل 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ذلك في ضوء التحسن النسبي المتوقع لأسعار النفط العام القادم.
فيما يتعلق بالأداء على مستوى مجموعات الدول العربية، من المتوقع خلال عام 2016 تأثر أداء ميزان الحساب الجاري للدول العربية المُصدرة للنفط بتواصل تراجع أسعار النفط العالمية، وتأثر كميات الانتاج النفطي بالتطورات الداخلية التي تمر بها بعض الدول العربية المصدرة الأخرى للنفط. كما أن بقاء أسعار السلع الغذائية والمواد الخام عند مستويات منخفضة، إضافة إلى الأثر المتوقع لارتفاع قيمة الدولار، من شأنها تقليل مستوى الواردات لدول المجموعة. كما أن توقع الاتجاه الصعودي لأسعار الفائدة العالمية سيدعم مستويات دخل الاستثمار ويحد من العجز في ميزان الخدمات والدخل. في المقابل، من المتوقع أن تشهد الصادرات السلعية للدول العربية المستوردة للنفط بعض التحسن عام 2016 وهو ما يرجع إلى توقع حدوث تحسن نسبي في أداء دول منطقة اليورو الشريك التجاري الأبرز، وارتفاع مستوى الصادرات من الصناعات الاستخراجية والسلع المصنعة.
أما الواردات فمن المتوقع أن تتراجع انعكاساً للأثر الإيجابي المتوقع لتراجع الأسعار العالمية للنفط والمواد الخام، وقيام بعض الدول بتبني سياسات من شأنها الحد من زيادة الواردات من السلع غير الضرورية.
كمحصلة لتلك التطورات السابقة لكل من الصادرات والواردات، فمن المتوقع أن ينكمش العجز المسجل في الميزان التجاري خلال عام 2016.
بالنسبة لميزان الخدمات والدخل، من المتوقع أن يتأثر بأداء المتحصلات من قطاع السياحة، إضافة إلى تراجع بعض بنود المدفوعات الخدمية الناتجة.
أضف تعليق