تقارير

تقرير : كيف أنهكت معارك السياسة أكبر اقتصاد إفريقى ؟

New South African bank notes featuring an image of former South African President Nelson Mandela are displayed at an office in Johannesburg January 17, 2013. South Africa's rand was slightly firmer against the dollar on Thursday, a day after miners at Anglo American Platinum called off a strike at the world's top platinum producer. REUTERS/Siphiwe Sibeko (SOUTH AFRICA - Tags: BUSINESS POLITICS) - RTR3CK6I

خفضت وكالتان للتصنيف الائتماني مجدداً تصنيف جنوب إفريقيا، التي تعاني من تراجع في أدائها الاقتصادي وسط مناخ سياسي مضطرب إثر الاتهامات بالفساد التي يواجهها الرئيس جاكوب زوما.

 

وأفادت وكالة “ستاندرد آند بورز” في بيان ليل الجمعة السبت أنها خفضت اثنين من التصنيفات الائتمانية للبلاد إلى “بي بي” و”بي بي+” بسبب “ضعف إجمالي الناتج الداخلي” و”تراجع الأموال العامة”.

 

من جهتها، وضعت وكالة “موديز” جنوب إفريقيا في تصنيف سلبي عند “بي ايه ايه3-“.ورأت “موديز” أن “التوقعات بالنمو انخفضت”، متوقعة “زيادة أسرع وأكبر في الدين العام للبلاد”.

ويوم الخميس الماضي، أكدت وكالة “فيتش” على تصنيف “بي بي+” لجنوب إفريقيا وهي فئة استثمارات “المضاربة”.وردت وزارة الخزانة على وكالات التصنيف بالإشارة إلى عدم وجود “شك حيال التزام الحكومة القوي بالتعاطي مع المعوقات البنيوية لتنمية الاقتصاد وتحسين وضع الأموال العامة”.

 

ويعاني أكبر اقتصاد صناعي في إفريقيا من تباطؤ في النمو وتزايد الدين والعجز العام، وسط ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 27,7%.وفي أكتوبر، خفض وزير مالية جنوب إفريقيا مالورسي جيغابا توقعات نمو إجمالي الناتج الداخلي للبلاد للعام 2017 من 1,3% إلى 0,7%. وأعلن أن خدمات الديون ستبتلع 15 بالمئة من عائدات الخزينة العامة.

رسالة قوية

وردت وزارة الخزانة على وكالات التصنيف بالإشارة إلى عدم وجود “شك حيال التزام الحكومة القوي بالتعاطي مع المعوقات البنيوية لتنمية الاقتصاد وتحسين وضع الأموال العامة”.

واعتبر ريموند بارسنز من جامعة “نورثويست يونيفرستي”، أن “القرارات الأخيرة الصادرة عن ستاندرد آند بورز وموديز هي بمثابة رسالة قوية جديدة لجنوب إفريقيا لترتيب وضعها الداخلي في أقرب وقت ممكن”.ويزيد من توتر الأوضاع التنافس على خلافة زوما في قيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي يتعين عليه أن يختار رئيسه الجديد في ديسمبر”.

 

على خلفية التوتر السياسي داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، أدت الأرقام الاقتصادية السيئة المتكررة إلى تدني ثقة أوساط الأعمال إلى أدنى مستوى منذ نهاية نظام الفصل العنصري في سنة 1994.فلم تكن يوما الآمال التي أحيتها جنوب افريقيا الديموقراطية الجديدة بعيدة المنال مثلما هي اليوم علما أن نصف سكان البلاد يعانون من الفقر.

 

وخفضت تقديرات توقعات نمو اجمالي الناتج الداخلي لسنة 2017 إلى 0,7 بالمئة مقابل 1,3 بالمئة في الأساس، وأعلن أن خدمات الديون ستبتلع 15 بالمئة من عائدات الخزينة العامة.

وتعزى النتائج السيئة لاقتصاد جنوب أفريقيا التي خرجت لتوها هذه السنة من الانكماش بصورة كبيرة إلى الرئيس جاكوب زوما المتهم بإثراء نخبة فاسدة بدلا من الانحياز لصالح الغالبية السوداء التي تعاني من صعوبات.

 

وقال دارياس جونكر من مكتب “يوراسيا” للتحليل ومقره في لندن إنه “من غير المحتمل أن يباشر زوما إصلاحات حقيقية من شأنها أن تعكس الشعور السلبي السائد لدى المستثمرين والمستهلكين”.

 

فترة صعبة

وأضاف جونكر ان “جيغابا أكثر صدقا بشأن حجم المشكلة لأنه يريد أن ينأى بنفس عن زوما الذي تدنت شعبيته إلى حد كبير”، ولكن وزير المالية “لم يقدم حلا ملموسا للخروج من فخ النمو الضعيف”.وقال إنه “في هذه الظروف، من غير المستبعد أن يخسر المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم منذ 1994، الانتخابات العامة” في 2019.

ووعد وزير المالية النواب بأنه لن يعمل على “تجميل صورة” الوضع الاقتصادي وحذر من أن “الفترة القادمة لن تكون سهلة”.وعلقت صحيفة “بيزنس داي” الاقتصادية أن الوزير “وصف الوضع في تفاصيله الأكثر ضراوة (…) المركب المالي بدأ يتمايل”.

وفي أعقاب خطاب الوزير، انخفضت قيمة “الراند” إلى مستوى جديد هو الأدنى أمام الدولار منذ تشرين الثاني/نوفمبر. وشهدت البلاد أكبر عملية بيع سندات الخزينة منذ ايلول/سبتمبر 2011.ففي مارس الماضي، أدت اقالة وزير المالية برفين غوردان الذي يحظى باحترام الاسواق الى زعزعة ثقتها.

 

هروب 14 مليار دولار

 

قد ينعكس اي تخفيض في سحب الاستثمارات الأجنبية وارتفاع كلفة الاقراض وارتفاع التضخم. وتوقعت وكالة بلومبرغ للانباء خروج نحو 200 مليار راند (14 مليار دولار) من البلاد.

وستتابع وكالات التصنيف من كثب النفقات العامة التي يتوقع أن تتجاوز التوقعات الاساسية بنحو 4 مليارات راند، لا سيما بسبب الخسائر الهائلة لشركة طيران جنوب أفريقيا.

وتبدي الأوساط الاقتصادية كذلك قلقا من المناخ السياسي غير الصحي في جنوب افريقيا مع تنامي التوتر داخل حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي يتعين عليه أن يختار في كانون الأول/ديسمبر خلفا لرئيسه جاكوب زوما.

وزادت هذه المنافسة من حدة الانقسامات داخل الحزب اذ يدعم زوما زوجته السابقة نكوسازانا دلاميني-زوما في مواجهة نائبه سيريل رامافوزا.

والرهان كبير لأن زعيم حزب المؤتمر الوطني الافريقي سيصبح رئيس جنوب افريقيا خلفا لجاكوب زوما في 2019 في حال فوز الحزب في الانتخابات العامة.

 

وحذر شون مولر الاقتصادي في جامعة جوهانسبرغ من ان “البلد يمكن أن يشهد تدهورا جديدا على المستوى المالي اذا لم يتمكن مؤتمر ديسمبر من إصلاح الحكم”.وأضاف أن “تدهور الوضع الاقتصادي قد يقوض ولسنوات عدة مُثل وأهداف فترة ما بعد الفصل العنصري”.