من الصعب فى ظل التعقيدات التى تحيط بالمشهد العراقى الوقوف على ملامح الاقتصاد ,فعجلة التنمية بعد مرور 15 عاما لاتزال خجولة فبالرغم من المؤتمرات التى عقدت لاعادة الاعمار وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى الطاقة والكهرباء وغيرها لاتزال هناك أهمية لتوفير الأمن والاستقرار السياسي كي تتعزز ثقة المستثمرين
وتوقع موقع BMI العالمي، نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 1.5% في عام 2018، مبينا ان النمو سيرتفع ايضا في عام 2019 بنسبة 4.5%.وقال الموقع في تقرير له انه من “المتوقع أن ينمو الاقتصاد العراقي بنسبة 1.5% في عام 2018”. واضاف التقرير ان “الاقتصاد العراقي سيتحسن ايضا في عام 2019 ومن المتوقع ان يقفز النمو فيه الى 4.5% نتيجة الجهود الرامية لاعادة الاعمار”.
تتوافق هذه التوقعات مع رؤية العبادي بشأن إعمارالعراق في الوقت الحاضر الامية إلى التحرك نحو الدول الآسيوية الكبرى. فالصين كانت المحطة الأولى فى ستمثل اليابان الوجهة المقبلة للعراق. ويرى خبراء أن التوجه الحالي لدولة رئيس الوزراء بالانفتاح على الاقتصاد الآسيوي ستكون إضافة مهمة لتحريك عجلة الاستثمار والإعمار، كون العراق بحاجة إلى تجارب اقتصادية كتجربة اليابان في هذا المجال لتشابه الظروف التي عاشها البلدان بعد الحروب، وأن العراق يتقدم على اليابان بخطوة لامتلاكه كل مقومات الدول الصناعية من الطاقة والموارد البشرية وطبقاً لهذه الرؤى بأن العراق سيكون له مستقبل اقتصادي مشرق”.بعد الإرهاب سيكون الفساد التحدي الأصعب بالنسبة للعبادي،
بطء خطوات تعزيز الاستقرار أضرّ بجهود جذب التمويل في مؤتمر إعادة الإعمار
ولا يزال المستثمرون غير متحمسين للاستثمار في العراق بسبب بطء خطوات تعزيز الاستقرار والذى أضرّ بجهود جذب التمويل في مؤتمر إعادة الإعمار الذي عُقد في الكويت وتعهد رجال أعمال وشركات ودول على الاستثمار وتوفير تمويل لمشاريع إعادة الإعمال بحدود 30 بليون ن دولار، في وقت قدرت الحكومة العراقية حاجاتها بـ88 بليون دولار. وأصيب رجال الأعمال بالإحباط لأن الحكومة تجاهلت نصائحهم قبل المؤتمر بتقديم قائمة تضم 10 مشاريع فقط ذات جدوى مع تقديم خطط مفصلة لتبسيط أنظمة العمل وتشجيع المستثمرين.وأصرت بغداد على تقديم أكثر من 150 مشروعا محتملا خلال المؤتمر.
ولا شك في أن إيرادات العراق من النفط خلال السنوات المقبلة ستوفر جزءاً مهماً من متطلبات الإعمال والتنمية، لكن لا بد من تشجيع رجال الأعمال المحليين والشركات العالمية والمستثمرين على توظيف الأموال في القطاعات الحيوية. وهناك أهمية لتوفير الأمن والاستقرار السياسي كي تتعزز ثقة المستثمرين.
تحسن أسعار النفط قد يغطى عجز الموازنة
واعتمد مجلس النواب العراقي موازنة 2018 والتي حددت قيمتها بـ 88 بليون دولار، واحتسبت الإيرادات النفطية على أساس تصدير 3.8 مليون برميل يومياً بسعر 46 دولاراً للبرميل. وبذلك يمكن أن تصل الإيرادات إلى 77.6 بليون دولار، بما يشمل الإيرادات غير النفطية، وبما يعني عجزاً يعادل 10.6 بليون دولار. وإذا جرت الأمور بما يتعلق بالإنفاق كما هو محدد في الموازنة، فربما لن يكون هناك عجزاً نظراً إلى تحسن الأسعار عن المستوى المحدد في الموازنة.
ويعتمد الاقتصاد العراقي على صادرات النفط الخام والتي تمثل 99 في المئة من إجمالي صادرات البلاد. ويبلغ إنتاج النفط 4.4 مليون برميل يومياً. وقدرت قيمة الصادرات العراقية بنحو 51.3 بليون دولار خلال العام الماضي، في حين كانت في أحسن الأحوال 94.2 بليون دولار،
وأكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن العراق لديه رصيد وفير من الطاقة والقطاع النفطي، مشيراً إلى أنه “لا يمكن أن يبقى الاقتصاد العراقي معتمداً بشكل أساسي على النفط”
وقال العبادي ، “خفضنا الانفاق غير الضروري بنسبة 37%، والعراق لديه رصيد وفير من الطاقة والقطاع النفطي”.
وأوضح العبادي أنه “لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على النفط”، مبيناً أنه “يجب أن نؤسس في أن يصبح النفط عاملاً مساعداً وليس أن نعتمد عليه بشكل كلي”.ولفت إلى أننا”مصصمون على المضي في تفكيك خلايا داعش والمضي نحو البناء والازدهار، وعازمون على دحر الارهاب”، محذراً من ” خطر الارهاب الذي يستهدف البنى التحتية”.
كما أجرت الحكومة العراقية مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويلات، وقد وافقت الهيئة التنفيذية للصندوق على توفير تمويلات قدرها 5.34 بليون دولار على أساس تسهيلات لمدة ثلاث سنوات، للمساعدة في إنجاز إصلاحات اقتصادية في البلد. ولا شك أن التشاور والتباحث مع صندوق النقد والبنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى، سيمكنان الإدارة الاقتصادية في العراق من تطوير المقدرة على إنجاز الإصلاح الاقتصادي المستحق. بيد أن هناك أهمية لعملية مواجهة الفساد في الإدارة الحكومية ومعالجة الاختلالات المالية وعمليات تنفيذ المشاريع. لذلك، فإن تطور الأوضاع الاقتصادية في بلد مثل العراق عانى من مشكلات أمنية وسياسية كبيرة يتطلب إصلاحات إدارية واسعة النطاق وأوضاعاً سياسية ملائمة.
تحديات رؤية العراق 2030
وتواجه رؤية 2030 التى طرحتها العراق مارس الماضى تحديات كبيرة حيث تحتاج الى عمل شامل يحاول التخفيف منها لتتمكن مؤسسات الدولة من اداء مهامها وفق برامج واهداف مرحلية تقود بالنتيجة الى الهدف الاستراتيجي للرؤية.
أهمها ان الدولة العراقية – وبعد عقود من المنهجية الشمولية المركزية في الاداء – اصبحت على ابواب مرحلة جديدة وانماط جديدة من الاداء لم تعهدها من قبل. وهنا نشير الى ماذكره المستشار المالي للحكومة بأن الدولة العراقية بمؤسساتها تستقطب مايقارب من (4,5 ) او ( 5 ) مليون موظف من اصل 10 مليون من القوى العاملة ، ولضمان رواتبهم اضطرت الحكومة الى الاقتراض مما زاد من الدين العام الداخلي ليكون (50) ترليون دينار عراقي. ولهذا فأن المرحلة الجديدة تحتاج الى اطر قانونية تيسيرية تواكب انماط الاداء الجديدة وهذا الامر بدوره يتطلب فهم عميق من مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية لتعزز التنسيق فيما بينها لوضع تلك الاطر القانونية.
تحدي اخر يتمثل بالفساد ومشاكل اخرى تعيق تنفيذ الاجراءات الاقتصادية ومنها السياسات التجارية والجمركية وغيرها.تحدي مهم اخر هو تحدي اعادة الاستقرار والسلم الاهلي والامن المجتمعي. وتجاوز ذلك التحدي يحتاج الى اعادة البنى التحتية التي دمرتها الجماعات الارهابية والتي بلغت خسارتها اكثر من 45 مليار دولار.
على صعيد النظام المصرفي، وعلى الرغم ان العراق عمل على تحسين الوصول الى معلومات الائتمان من خلال إطلاق سجل ائتمانات يدار من قبل البنك المركزي العراقي. وابتداءاً من الاول من كانون الثاني 2017، شمل هذا السجل 234,967 عميلاً و4,877 مقترضاً تجارياً، وتضمن معلومات عن تاريخهم الاقتراضي خلال السنوات الخمس الماضية”، والعمل الجاري على توطين المعاشات والرواتب، وعلى الرغم من العمل الجاري على هيكلة مصرفي الرشيد والرافدين الحكوميين، الا انه لايزال النظام المصرفي في العراق مثبط لاي نشاط اقتصادي لاسيما للقطاع الخاص.
وفيما يخص تنويع ايرادات الموازنة العامة وعدم الاعتماد على ايرادات النفط، لازالت القطاعات الرئيسة تعمل وبمؤشرات خطيرة. القطاع الزراعي الذي يستوعب الان 21% من القوى العاملة، يساهم بما نسبته 4% من الناتج المحلي الاجمالي، وكذلك قطاع الصناعات التحويلية الذي يضم 16% من القوى العاملة، يساهم بما نسبته 1% من الناتج المحلي الاجمالي. كذلك الحال في القطاع النفطي الذي يضم 4% من القوى العاملة يساهم بما نسبته اكثر من 50% من الناتج المحلي الاجمالي. وهذه المؤشرات تعكس اشكالية عميقة يعاني منها الاقتصاد العراقي.
مقومات النهوض:
على الرغم من كون الاقتصاد العراقي اقتصاد نام وريعي يعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط لتمويل إيراداته العامة، إلا أن نتائج تلك التحديات التى واجهته سببت شلل كلي لجميع الأذرع الإنتاجية هناك بعض المقترحات للنهوض بعجلة الاقتصاد العراقي:
1- توفير الأمن والاستقرار الداخلي للعراق لتوفير الأجواء السليمة لبناء مؤسسات الدولة سواء المدنية أو العسكرية بشكل سليم وواضح لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تتبناها الدولة لخدمة وتقدم الاقتصاد القومي.
2- تبنى خطة تنموية شاملة طموحة للحصول على نمو اقتصادي متميز مبنية على طريقة طبيعية المجتمع العراقي، تعتمد على الإمكانات العراقية المتوفرة فيه من موارد بشرية ومادية، تستهدف خلق قاعدة صناعية متينة قادرة على إنتاج سلع منافسة وخلق قطاع زراعي متطور يوفر الخدمات الأساسية لأفراد المجتمع.
3- وبما أن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط من تصديره إلى الخارج لذلك يجب على استغلال هذه الموارد في الآتي:
- إعادة بناء القطاع النفطي من خلال القيام بصيانة وتأهيل القطاع من أجل زيادة الإنتاج وزيادة التصدير لتحقيق أكبر عوائد.
- استخدام جزء من هذه الموارد في الاستخدام الداخلي، مثل إقامة المصافى النفطية لغرض توفير المشتقات النفطية للدخل العراقي.
4- تنمية القطاعات الإنتاجية مثل القطاع الزراعي والقطاع الصناعي وإعادة هيكلتها حسب الأولوية من أجل تحقيق نمو اقتصادي أفضل وزيادة فعاليتها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وعدم الاعتماد الكلي على القطاع النفطي في عملية تمويل التنمية.
5- التركيز على القطاع الخاص وتشجيعه ودعمه من خلال توفير الأرض الصالحة لعمل هذا القطاع خاصة في مجال الصناعة، للعمل على قيام قطاع قادر على توفير احتياجات الأفراد، وإعادة خلق قاعدة صناعية قوية ومتينة فى البلد ومن ثم زيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلى الإجمالي.
6- العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل وتشجيعها من أجل بناء البنى التحتية التى يتركز عليها الاقتصاد العراقى والتحول إلى اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج.
أضف تعليق