نفط وغاز

السعودية تربح معركة النفط الصخري

سلطت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية الضوء على النفط الصخري، مشيرةً إلى أن السعوديين نجحوا في كسب معركتهم التي بدأوها ضد منتجي النفط الصخري الأمريكيين العام الماضي، برغم الثمن الباهظ الذي دفعوه خلال سير المعركة، متناولة تقرير جديد حول سوق النفط للوكالة الدولية للطاقة.

أكدت الوكالة المعنية بالأخبار الاقتصادية في مستهل تقريرها أن وكالة الطاقة الدولية هي المصدر المستقل الأكثر احتراماً في العالم للمعلومات حول سوق النفط، وقد غيّرت منهجيتها في قياس الإنتاج الأمريكي، حيث تقوم الآن باستفتاء المنتجين وقياس رأيهم، بدلاً من الاعتماد على البيانات الآتية من الدول.

وترى الوكالة أن الولايات المتحدة ما تزال تضخ أكثر مما كان عليه في العام الماضي، ولكن الإنتاج يتناقص:

وتظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية حدوث نقص شهري يبلغ 90 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز) وتقريبا 200 ألف برميل يومياً في أغسطس (آب). ينخفض الإنتاج لدى أكبر منتجي النفط الصخري السبع جميعاً في الولايات المتحدة.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري بحوالي 400 ألف برميل يومياً في العام المقبل، وهو ما تنتجه ليبيا حالياً.

وهذا الانخفاض، بحسب التقرير، يمثّل تناقصاً بأكثر من 500 ألف برميل يومياً في الإنتاج خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول والذي تتوقعه الوكالة لعام 2016. وينخفض الإنتاج أيضاً في كندا، فهو أقل من 4 مليون برميل يومياً للمرة الأولى خلال 20 شهراً.

وأوضح التقرير أن وكالة الطاقة الدولية لا تتفق مع طلاسم منتجي النفط الصخري حول التكلفة الهامشية الأقل بكثير لإنتاج النفط من آبار الحفر الموجودة بالفعل. وهذا يشير إلى أن آبار النفط الصخري تجف بشكل أسرع بكثير من تلك التقليدية.

وتشير البيانات الأخيرة بأن الناتج ينخفض بنسبة 72 في المئة في غضون 12 شهراً من بدء التشغيل و 82% في العامين الأولين من العملية. يقول تقرير وكالة الطاقة الدولية: “إن تنمية أو حتى دعم مستويات الإنتاج يتطلب الاستثمار المستمر”. إن انخفاض أسعار النفط يقلل من وصول منتجي النفط الصخري إلى رأس المال الذي يحتاجونه، ويتراجع عدد المنصات النفطية مرة أخرى – وكان الانخفاض في أوائل سبتمبر هو الأكبر منذ مايو(أيار).

لقد انخفض عدد المنصات النفطية النشطة بنسبة 40 في المئة عن العام الماضي. إنها أكثر إنتاجية من ذلك بكثير، حيث لا تُستخدم إلا في المواقع الأكثر ربحية، ولكن هذا التكتيك قد استنفد نفسه إلى حد كبير. ولا يمكن إيقاف الانهيار في الإنتاج لمدة أطول من ذلك بكثير.

ويقول التقرير إن كل هذه النتائج لا تشكّل مفاجأة. وإذا كان هناك شيء واحد يعرفه السعوديون، فإنها صناعة النفط. فهم يعرفون كل شيء عن التكنولوجيا الجديدة المستخدمة من قِبَل النفط الصخري الأمريكي أيضاً؛ فهم يعملون مع نفس شركات الخدمات الدولية ويحضرون نفس المؤتمرات. إنهم لم يقامروا المقامرة الخطأ على الميزة الاقتصادية الوحيدة لديهم.

وذكر تقرير وكالة الطاقة الدولية: “في ظاهر الأمر، يبدو أن استراتيجية منظمة الأوبك بقيادة السعودية للدفاع عن حصتها في السوق بغض النظر عن السعر أعطت الأثر المقصود من طرد الإنتاج المكلّف غير الفعال”.

ويستند التصور بأن السعودية خسرت حرب النفط على عدم انهيار صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة حتى الآن فضلاً عن الصعوبات المالية الخاصة بالسعوديين. ومن المؤكد أن المملكة تعمل من خلال احتياطياتها من العملة الأجنبية بشكل أسرع من انخفاض الإنتاج من النفط الصخري:

وماذا في ذلك، يقول التقرير، مشيراً إلى أن حروب الأسعار باهظة التكلفة. والانتصار فيها لا يعني عادةً التدمير الكامل للجانب الخاسر. وبدلاً من ذلك، يسعى السعوديون لقبول تلك النتيجة.

ويلاحظ تقرير وكالة الطاقة الدولية زيادة في الطلب على النفط في ظل انخفاض الأسعار الحالية. وتأتي هذه الزيادة في الطلب من البلدان المتقدمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يكون الناس أكثر استعداداً للقيام برحلات طويلة الآن نظراً لرخص البنزين. وسيكون على السعوديين الضخ لمستويات شبه قياسية لتلبية هذا الطلب الإضافي – وليس منتجي النفط الصخري الأمريكي. تمتلك الأوبك 2.27 مليون برميل يومياً من الطاقة الفائضة، منها 86 في المئة في يد السعودية.

يعطي السعوديون درساً للسوق بأنهم موردين للنفط بأي سعر وأنهم سيظلون في السوق، على عكس تلك الشركات الأمريكية التي يمكن أن تختفي في أي أزمة. ويعطون درساً للمستثمرين في النفط الصخري الأمريكي بأنه بمجرد أن يقوموا بضخ المزيد من الأموال في القطاع، فإنهم، أي السعوديين، سيرفعون الإنتاج ويدفعون الأسعار نحو الهبوط، مما يؤدي إلى تخريب النماذج الاقتصادية التي استندت إليها قرارات استثمارهم. هذا هو الدرس الذي يريدون إخبار الجميع به، حيث ما يزال هناك الكثير من الحديث عن رشاقة النفط الصخري استجابةً لظروف الأسعار المتغيرة.

وبوضع المضاربات المالية البحتة جانباً، يمكن أن لا ترتفع أسعار النفط لأي فترة طويلة بينما يعطي السعوديين دروسهم في النفط لمنتجي النفط الصخري. وطالما تتفاعل صناعة النفط الصخري الأمريكي مع ارتفاع الأسعار بزيادة الإنتاج، ستظل الأسعار في التراجع.

واختتمت الوكالة تقريرها بالقول: “ستستقر الأسعار عند مستوى مقبول بالنسبة للدول النفطية عندما تتوقف تلك الاستجابة من قِبَل منتجي النفط الصخري. لا حاجة إلى إعلان نصر؛ حيث ستبدو الأمور هادئة مرة أخرى”.