تقارير

الاقتصاد التركى يواجه رياحاً معاكسة

القطاع السياحي يمر بأصعب فترة بعد سلسلة الاعتداءات الاخيرة

البنك الدولي  يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد التركى

الليرة التركية تواصل تراجعها رغم اجراءات البنك المركزي

جدل واسع حول احتياطيات تركيا من النقد الأجنبي

اردوغان: الاقتصاد التركي يتعرض لهجوم من خلال سعر صرف العملة

ضبابية الوضع السياسي والعلاقات المتوترة مع أوروبا واضطراب الأمن في داخل البلاد والمنطقة،ألقت بظلالها على الاقتصاد التركى وخفض البنك وصندوق النقد الدوليان توقعاتهما للنمو الاقتصادي التركي في ضوء التعافي الضعيف للاقتصاد التركي في الربع الأخير من عام 2016.

البنك الدولى

وعدل البنك الدولي توقعاته للنمو بالنسبة لتركيا من 3.1 في المئة إلى 2.1 في المئة بالنسبة لعام 2016.وذكر البنك في تقريره السنوي أنه قام بمراجعة التوقعات، لأن التعافي في الربع الأخير من عام 2016 في تركيا كان أضعف من المتوقع لكنه أوضح في الوقت نفسه أن صافي الصادرات سيساعد على تعافي نمو البلاد «إلى حد ما» في عام 2017.

وأضاف التقرير أن تركيا تواجه رياحًا معاكسة ستمنع تعافيها بقوة خلال عام 2017، حيث من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.7 في المئة بفعل ارتفاع صافي الصادرات والإنفاق العام.

الصادرات والتضخم

وسجلت الصادرات التركية زيادة بنسبة 15 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي فيما يعد أعلى معدل ارتفاع منذ 49 شهرًا بحسب بيانات مجلس المصدرين الأتراك الصادرة في الأول من فبراير (شباط) الحالي.وتوقع البنك الدولي تعافي الاقتصاد التركي في عام 2019 ليحقق معدل نمو يصل إلى 3.7 في المئة.وبالنسبة لمعدل التضخم توقع البنك الدولي أن يصل إلى 7.5 في المئة خلال عام 2017.

وسجلت أسعار المستهلكين في تركيا ارتفاعا بلغ 2.46 في المئة على أساس شهري في يناير الماضي متجاوزة توقعات بأن تزيد بنسبة 1.78 في المئة.

وبحسب بيان لهيئة الإحصاء التركية سجلت أسعار المستهلكين ارتفاعًا بنسبة 9.22 في المئة على أساس سنوي.وأظهرت البيانات الرسمية التي أعلنتها الهيئة أن أسعار المنتجين قفزت 3.98 في المئة على أساس شهري و13.69 في المئة على أساس سنوي.

وبلغ معدل التضخم في تركيا 8.54 في المئة خلال عام 2016 فيما كانت توقعات سابقة تشير إلى أنه سيقف عند حدود 7.6 في المئة.وتوقعت الحكومة التركية أن يدور معدل التضخم حول 8 في المئة في نهاية العام الحالي.

هجوم على الليرة

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن الاقتصاد التركي يتعرض لهجوم من خلال سعر صرف العملة وذلك بعد الانخفاضات الحادة التي شهدتها الليرة التركية، مضيفاً أن المسؤولين عن هذا الهجوم يحاولون إبطاء عجلة الاستهلاك والإنتاج والاستثمار. وأدلى اردوغان بتصريحاته خلال كلمة ألقاها أمام مسؤولين محليين في القصر الرئاسي بأنقرة. وقال الرئيس التركي إن بلاده تتعرض لهجوم اقتصادي من الخارج. وهبطت الليرة بنحو ثمانية في المئة هذا العام بعد نزولها بنسب في خانة العشرات في عامي 2015 و2016. ويشعر المستثمرون بالقلق إزاء انعدام الأمن وضبابية الوضع السياسي وتباطؤ الاقتصاد ومخاوف من أن البنك المركزي لا يحظي باستقلالية كاملة، ويعارض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان -الذي يرغب في تمويل منخفض التكلفة لدعم النمو- ارتفاع أسعار الفائدة، وتبنى البنك المركزي تحركات غير تقليدية للتعامل مع السيولة مما عزز الاقتناع بأنه يرغب في تجنب زيادة حادة في أسعار الفائدة.

سجلت الليرة التركية تراجعا جديدا في اسواق القطع رغم اجراءات اتخذها البنك المركزي وسط اجواء من الغموض السياسي وسلسلة اعتداءات دامية، فمنذ مطلع العام خسرت العملة التركية حوالى 10% من قيمتها مقابل الدولار فيما يبحث البرلمان مشروع اصلاح دستوري يهدف الى تعزيز سلطات الرئيس رجب طيب اردوغان، وخسرت الليرة 1,15% من قيمتها امام العملة الخضراء لتبلغ 3,84 ليرة لكل دولار ظهرا بعد ان هبطت صباحا لفترة وجيزة الى 3,89 ليرة للدولار، اما مقابل العملة الاوروبية فتم تبادل الليرة بقيمة 4,06 مقابل اليورو اي بخسارة 1,19% من قيمته.

ويخشى الاقتصاديون من استمرار هذا التوجه نتيجة الغموض على المستوى الامني والاستقرار السياسي مع اقتراب احتمال الانتقال الى نظام رئاسي، وسعى البنك المركزي للحد من هبوط الليرة فخفض نسبة احتياطي الصرف في المؤسسات المصرفية لضخ 1,5 مليار دولار في النظام المالي، ورغم ذلك ما زالت السلطات التركية متفائلة. فقد صرح وزير الاقتصاد نهاد زيبقجي ان “سعر الصرف ليس اهم من العجز في الحساب الجاري والتوظيف والنمو او التضخم” مضيفا في تصريحات لصحيفة حرييت ان تراجع الليرة “مؤقت”، اما كبير مستشاري اردوغان، جميل إرتم فيتحدث عن مؤامرة اجنبية لتشجيع المضاربات وتخفيض قيمة الليرة اثناء النقاشات البرلمانية بشأن الاصلاح الدستوري.

الاحتياطيات التركية

وظاهريا تبدو الاحتياطيات التركية من العملة الصعبة في مستوى صحي إذ تظهر بيانات البنك المركزي أن إجمالي الاحتياطيات بلغ نحو 106 مليارات دولار في نهاية 2016، غير أن الذهب يمثل 14 مليارا من هذا المبلغ كما أن البيانات التفصيلية للرقم الإجمالي تكشف عن صورة أقل وردية من ذلك لاسيما عند مقارنة الأرقام بحجم المبلغ الذي يتعين على تركيا سداده من ديونها الخارجية في الأشهر المقبلة.

 

وتقدر حسابات أجراها بنك يو.بي.إس وبنوك أخرى في لندن واسطنبول بناء على بيانات البنك المركزي أن المستوى الحقيقي للاحتياطيات القابلة للاستخدام أقرب إلى 35 مليار دولار، وقدر بناء على حساباته أن 42 مليار دولار تتمثل في ودائع احتياطية إلزامية بالعملة الصعبة أودعتها البنوك التركية لدى البنك المركزي مقابل ما تقدمه من قروض بالدولار داخل البلاد.

 

وقدر أيضا أن 16 مليار دولار أخرى تتمثل في “آلية خيارات الاحتياطيات” التي تسمح للبنوك بالاحتفاظ بجزء من احتياطياتها من الليرة بالنقد الأجنبي.

 

وتبين حسابات بنك أوف أمريكا ميريل لينش أن تركيا يمكنها أن تمول واردات تكفي 5.6 شهر بافتراض أن مستوى الاحتياطيات يقارب 100 مليار دولار، وتستلزم الوسيلة الثانية المبنية على قاعدة تسمى جيدوتي- جرينسبان ألا تقل الاحتياطيات عن مدفوعات الدين الخارجي في السنة المقبلة. والمنطق وراء هذه القاعدة أن تمتلك الدول حماية كافية تتيح لها مقاومة أي توقف مفاجيء في التمويل الخارجي.

 

وقدر بنك أوف أمريكا ميريل لينش أن إجمالي الدين الخارجي التركي يبلغ 421 مليار دولار منها 107.3 مليار دولار يحل أجلها في العام المقبل، ويتساوى هذا المبلغ الأخير تقريبا مع الرقم العام للاحتياطيات لكنه يزيد ثلاث مرات عن مستوى الاحتياطيات القابلة للاستخدام،

 

وبهذا المعيار تصبح ملاءة الاحتياطيات لدى تركيا أقل منها في دول مثل مصر وأوكرانيا، وقد خفض البنك المركزي مستوى هذه المتطلبات مرة أخرى وقدر أن ذلك سيؤدي لضخ 1.5 مليار دولار في الأسواق.

 

مؤشر الثقة

أظهرت بيانات أن مؤشر الثقة الاقتصادية في تركيا انخفض أكثر من 18 بالمئة إلى مستوى قياسي بما يشير إلى توقعات أكثر تشاؤما بعد انكماش الاقتصاد بنسبة 1.8 بالمئة في الربع الثالث، وبين معهد الإحصاء التركي إن المؤشر – وهو مقياس واسع للثقة في الاقتصاد – نزل إلى 70.52 نقطة في الشهر الأخير من العام مقارنة مع 86.55 في الشهر السابق.

 

وهذا هو أدنى مستوى للمؤشر منذ أن بدأ معهد الإحصاء في جمع البيانات في 2012. ويعكس المؤشر توقعات اقتصادية متفائلة حين يتجاوز المئة بينما يشير إلى توقعات متشائمة حين يقل عن هذا المستوى، وتتجلى المعنويات السلبية تجاه تركيا في الانخفاضات الحادة التي سجلتها الليرة هذا العام حيث هبطت العملة التركية نحو 19 بالمئة أمام الدولار.