تستفيد الشركات عبر مختلف الصناعات بالفعل من النمو القوي للاقتصاد الأخضر، ثاني أسرع القطاعات نمواً خلال العقد الماضي. وتشير دراسة جديدة بعنوان “سوق بقيمة متعددة التريليونات بالفعل: دليل للرؤساء التنفيذيين للنمو في الاقتصاد الأخضر” إلى أن الاقتصاد الأخضر قد وصل بالفعل إلى 5 تريليونات دولار سنوياً، ومن المتوقع أن يتجاوز 7 تريليونات دولار خلال هذا العقد.
تم تطوير الدراسة بالتعاون مع مجموعة بوسطن الاستشارية، وتشير الأبحاث إلى أنه بالرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي والبيئات المختلفة، فإن الاستثمار في التقنيات الخضراء يواصل الوصول إلى مستويات قياسية. كما تحدد الدراسة الاقتصاد الأخضر كأحد أسرع القطاعات نمواً في العالم، يسبقه فقط قطاع التكنولوجيا، وتسليط الضوء على المزايا التي تحظى بها العديد من الشركات التي تتبنى الحلول الخضراء.
قال بيم فالدري، رئيس قسم اقتصاد المناخ والطبيعة في المنتدى الاقتصادي العالمي: “قبل عامين، في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان ‘النجاح في الأسواق الخضراء: توسيع نطاق المنتجات لعالم صافي صفر’، أشرنا إلى أن الريادة في الأسواق الخضراء هي رهان سيؤتي ثماره، وأن الأسواق الخضراء واسعة النطاق ستصبح واقعاً يثبت جدوى الأعمال. ورغم الرياح المعاكسة الحالية للعمل المناخي العالمي، يظهر هذا التقرير أن الاقتصاد الأخضر ليس فرصة بعيدة بل أصبح بالفعل محرك نمو رئيسياً لهذا العقد”.
تظهر الأبحاث أن الشركات التي تحقق إيرادات من الاقتصاد الأخضر غالباً ما تتفوق عبر عدة مؤشرات مالية. ففي المتوسط، تنمو الإيرادات الخضراء بمعدل ضعف نمو خطوط الأعمال التقليدية في السوق، في حين أن تكلفة رأس المال للشركات ذات الإيرادات الخضراء عادة ما تكون أقل. وتميل الشركات التي تحقق أكثر من 50% من إيراداتها من الأسواق الخضراء إلى التمتع بعلاوات تقييمية تتراوح بين 12% و15% في أسواق رأس المال، مما يعكس ثقة المستثمرين في صمودها وربحيتها على المدى الطويل.
ساهم الانخفاض في التكاليف التكنولوجية في تسريع هذا الاتجاه، رغم أن الحلول تتقدم بسرعات مختلفة عبر الأسواق. فمنذ 2010، انخفضت تكلفة الألواح الشمسية وخلايا الليثيوم بحوالي 90% وطاقة الرياح البحرية بنسبة 50%، مما جعل الحلول منخفضة الكربون أكثر تنافسية من حيث التكلفة. وتقدر الدراسة أن 55% من تخفيضات الانبعاثات العالمية اللازمة لإزالة الكربون يمكن تحقيقها حالياً باستخدام حلول أصبحت بالفعل تنافسية من حيث التكلفة، في حين يمكن معالجة 20% أخرى بتكلفة إضافية بسيطة، و5% تتطلب تغييرات سلوكية. ومع ذلك، تواجه 20% إضافية من تقنيات إزالة الكربون العميقة الرئيسية حالياً تحديات كبيرة في التكلفة وستحتاج إلى دعم مخصص من السياسات والصناعة لتحقيق تنافسية التكلفة.
يأتي هذا الانخفاض في التكاليف نتيجة للاستثمار الضخم في الطاقة النظيفة، الذي تقوده الصين بشكل متزايد. وتشير الدراسة إلى أن الصين استثمرت في عام 2024 حوالي 659 مليار دولار في الطاقة النظيفة، وهي مسؤولة عن أكثر من 60% من الإضافات الجديدة للطاقة المتجددة عالمياً حتى 2030. وتتصدر العالم في براءات الاختراع في مجالات الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية وتقنيات البطاريات، مما يعيد تشكيل سلاسل الإمداد العالمية وينقل مركز الابتكار الأخضر إلى الشرق.
الدروس المستفادة من القادة
تتضمن الدراسة 14 دراسة حالة من أعضاء تحالف قادة المناخ من الرؤساء التنفيذيين التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، توضح كيف حولت الشركات الرائدة مشاركتها في الأسواق الخضراء إلى ميزة تنافسية. وتنتهي الدراسة بدليل للرؤساء التنفيذيين يوضح كيف تستفيد الشركات الرائدة من مسرعات النمو – مثل توسيع نطاق التقنيات حتى تصل لنضج التكلفة، وتشكيل النظم البيئية التنظيمية، وإطلاق التمويل المتنوع – لتحقيق النجاح في الاقتصاد الأخضر.
قال باتريك هيرهولد، المدير الإداري والشريك الأول في مجموعة بوسطن الاستشارية: “ثلاثة أمور لافتة: صمود الاقتصاد الأخضر، حيث تقفز الاستثمارات في التقنيات الخضراء من مستوى قياسي إلى آخر رغم تغير العناوين العامة والمشاعر؛ وقيادة الصين في التصنيع والابتكار ونشر التقنيات الخضراء؛ وفرصة الشركات العاملة في الأسواق الخضراء للتفوق وكسب علاوات في أسواق رأس المال. ومع التوقعات بأن يصبح السوق بقيمة 7 تريليونات دولار، ستكون هناك فرص أكبر بكثير للشركات التي تتصرف بجرأة اليوم”.











