تقارير

“مؤتمر الفرصة الأخيرة” ..هل تنجح مجموعة العشرين في تحقيق أهدافها؟

تتجه أنظار العالم إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس نهاية الشهر الجاري حيث  يعقد قادة وزعماء مجموعة العشرين في نهاية الشهر الجاري قمتهم الـ 13

القمة تأتي في وقت تشهد فيه الساحة الدولية واحدا من أبرز التحديات الاقتصادية منذ بزوغ عصر حرية التجارة في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق لذا  تعد إحدى أبرز قمم المجموعة وأكثرها تحديا لقادتها.الملفات الساخنة بالقمة تتصدرها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين،والتي ستكون على رأس الأولويات  كما تأتي الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين وتركيا، ومعدلات النمو الدولي ومدى استقرارها، وقضايا الطاقة العالمية وأسعار النفط، والوضع الراهن للسياسات المالية الدولية ومدى قدرتها على تحقيق الأهداف المنوطة بها، كموضوعات أخرى لا تقل أهمية عن حرية التجارة، لكنها تحظى بما يقارب الإجماع بين القادة والزعماء المشاركين. إضافة إلى قضايا الهجرة التي باتت الشغل الشاغل لبلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والعقوبات الدولية على إيران، في ظل تعهد بلدان مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية بتقليص استهلاكها من النفط الإيراني، والرغبة الدولية في الحفاظ على استقرار أسواق النفط الدولية لتأثيرها المباشر في الاستقرار الاقتصادي، وجميعها قضايا تجعل من القمة المقبلة لمجموعة العشرين، المر الذى يثير تساؤلات حول نجاح المجموعة على مدار دوراتها المتعاقبة في التعاطي بشكل إيجابي مع المستجدات الاقتصادية؟

مجموعة العشرين تعقد قمتها المقبلة هذه المرة ، دون أن تواجه أزمة مالية أخرى تهدد بركود عالمي، لكن في الوقت ذاته تواجه مشكلات اقتصادية ومجموعة من الأزمات السياسية على مختلف المستويات، وسط تنامي إحساس داخل بعض البلدان الكبرى المشاركة فيها، بعدم الارتياح للعولمة الاقتصادية، وغياب التعاون الدولي بين بعض البلدان الرئيسية في المجموعة. لكن الخطر الأكبر في القمة يتمثل في إمكانية وقوع صدام علني وصريح بين الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني، فالحرب التجارية بين العملاقين الأمريكي والصيني لن تكون حاضرة وبقوة على جدول الأعمال فقط، بل لربما كانت هي جدول الأعمال، وفي الأغلب سيؤدي الخلاف التجاري الراهن بينهما إلى فشل القمة في التوصل إلى بيان ختامي، بحيث يصبح الحديث عن تجارة حرة عادلة شعارا لا وجود له على أرض الواقع، وهذا سيعمق الأزمة الداخلية للمجموعة وقد يصيبها في بعض الأحيان بالشلل.

لهذا لم يكن غريبًا أن تدور غالبية الأخبار المتعلقة حول القمة، ، حول احتمالات التقاء الرئيس الأمريكي بنظيره الصيني، حيث سيكون ذلك اللقاء الأول منذ بداية المواجهات التجارية بين البلدين – إذا حدث اللقاء. وتأتي أهمية هذا اللقاء في بدء الاقتصاد الصيني في التأثر بفعل الحروب التجارية، حيث تراجع معدل نمو الاقتصاد إلى 6.5% في الربع الثالث لعام 2018 وهو أقل معدل نمو منذ الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد من الزمان. وبغض النظر عن القلق الصيني من هذا الأمر، إلا أن بقية الدول ستكون قلقة أيضًا حيث شكل النمو الاقتصادي الصيني المستمر خلال العقدين الأخيرين إحدى أهم ركائز النمو الاقتصادي العالمي، بما يجعل الدول المشاركة في المؤتمر تسعى لتجنب وصول الصين إلى ركود يؤثر على الاقتصاد العالمي برمته.

 

 

ويرى صندوق النقد الدولي أن هناك حاجة لعمل إعادة تقييم مستمرة للأوضاع الاقتصادية في البرازيل والأرجنتين وتركيا والمكسيك، في ظل معاناة كل تلك الدول سياسيا بجانب تذبذب عملاتها مما قد يؤثر على حالة الاقتصاد جذريًا في أي وقت.

كما يبدو مستقبل الاقتصاد الإيطالي على المحك أيضًا، فنسبة الديون قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي تخطت 130%، وعلى الرغم من أن النسبة وصلت في اليونان إلى 170%، إلا أن حجم الاقتصاد الإيطالي (حوالي تريليوني دولار) يصل إلى 10 أضعاف حجم الاقتصاد اليوناني، بما يجعل القلق من “انهيار” الاقتصاد الإيطالي أعظم بكثير.وتنقل “جارديان” أيضًا ضرورة استغلال المؤتمر للتوصل إلى خطوط عامة لكيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروربي بـ”الحد الأدنى” من الخسائر للطرفين، ولا سيما بريطانيا، والتي تشير الصحيفة إلى أنها مهددة بنسبة نمو صفر في المائة إذا لم تتمكن من التوصل إلى اتفاقات “جيدة مع الاتحاد الأوروبي.

في بعض اللحظات سادت طموحات بأن تصبح المجموعة حكومة عالمية تحدد الخطوط العريضة لمسار الاقتصاد والسياسة الدولية لكن تنامي الاحتقان بين بلدانها، أضعف من فاعليتها ,ربما تكون مجموعة العشرين قد  تطورت من حيث عمق مجموعة العمليات الأساسية، واتساع الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، بحيث تجاوزت القضايا الاقتصادية كالاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، وباتت قضايا التنمية المستدامة وتغير المناخ وتمكين المرأة والهجرة من القضايا المطروحة سنويا للنقاش، لكنها تحولت من ناد لإدارة الأزمات الاقتصادية إلى دور الميسر للتغيير الهيكلي على المستوى العالمي والمحلي، وعلى الرغم من إيجابية هذا التحول إلا أنه يثير تساؤلات فيما يتعلق بالفاعلية وعلاقة المجموعة بالمنظمات متعددة الأطراف

و يعتقد الخبراء  أن المجموعة في أمس الحاجة إلى وقفه مع الذات، فما تبنته من أهداف خاصة في القمم الأولى لها، أثبتت السنوات أن الواقع الدولي غير مهيئ بعد لاستيعابها بشكل كامل، وما الخلاف الصيني الأمريكي الآخذ في الاتساع، إلا مؤشر على أن الاعتقادات التي سادت بوجود اتفاق عام بين الأعضاء على المفاهيم الأساسية الحاكمة للاقتصاد العالمي محض تصورات مبالغ فيها.

فى ضوء المعطيات الراهنة يبدو “التوافق” في المؤتمر هو الفرصة الأخيرة لإثبات عمق الروابط بين المجموعة الدولية وإنقاذ الاقتصاد العالمي من مستقبل مضطرب و”غير مشرق” بالحد الأدني

مجموعة العشرين فى سطور :

مجموعة 20 أو مجموعة العشرين هو منتدى تأسس سنة 1999 بسبب الأزمات المالية في التسعينات.

يمثل هذا المنتدى ثلثي التجارة في العالم وأيضا يمثل أكثر من 90 بالمئة من الناتج العالمي الخام.

تهدف مجموعة العشرين إلى الجمع الممنهج لدول صناعية ومتقدمة هامة بغية نقاش قضايا أساسية في الاقتصاد العالمي.

مجموعة العشرين تمثل ثلثي التجارة وعدد السكان في العالم وأكثر من 90% من الناتج العالمي الخام (وهو مجموع الناتج المحلي الخام لجميع بلدان العالم).

يوم 15 نوفمبر 2008، ولأول مرة في تاريخها، اجتمع رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وز