أتالي:هذه هى مخاطر المواجهة بين القوى العظمى
الثورات التكنولوجية عادة ما تحمل مخاطر وهذا ليس أمراً جديداً
“ Positive Planet توفرالدعم للسكان الفقراء وتساعدهم على خلق وظائفهم
هناك نحو مليون شخص يمكنهم الهروب من الفقر من خلال التدريب والتعلم
باريس: خالد أبو ظهر
يعتبر جاك أتالي من أكبر المفكرين في فرنسا وواحداً من أبرز الشخصيات المؤثرة في العالم حيث ارتبط اسمه بتقديم تحليل معادلة القراءة المستقبلية وأثرها في تغيير الواقع.
عمل ” أتالى ” مستشاراً خاصاً لرئيس الجمهورية الفرنسية فى الفترة من عام 1981 حتى 1991 . كما يعد المؤسس وأول رئيس للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير.
“أتالي” نال حتى اليوم العديد من شهادات الدكتوراه الفخرية من مختلف الجامعات الأجنبية، وهو عضو الأكاديمية الدولية للثقافات. تُرجمت أعماله إلى أكثر من ثلاثين لغة ،وبيع منها ثمانية ملايين نسخة في مختلف أرجاء العالم، بما فيها المقالات التي تتناول مجموعة واسعة ومتنوعة من المواضيع.
“أموال” التقى جاك أتالي ليطرح عليه بعض الأسئلة المهمة حول الصراع بين القوى العظمى في العالم ومستقبل الشرق الأوسط في ظل التغيرات العاصفة التي تحدق به
لقد ألّفت كتاباً حول الأهمية الاستراتيجية للبحار فى همينة القوى العظمى على العالم , هل ترى التغيرات فى آسيا مع صعود الصين ؟ وكيف يمكن أن يحدث هذا التحول ؟
لقد بدأ التحول منذ فترة طويلة , حيث انتقل الاهتمام بالمنافذ البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسى ومنه إلى المحيط الهادىء , ومنذ نحو 30 عاما تقريبا , بدأ فى التحول إلى الساحل الآسيوى من المحيط الهادىء لذا من الآن ولمدة 15 عاماً مقبلة ستتركز أهم الموانىء فى آسيا .
أما على صعيد القوة الجيوسياسية ,لا تعد الموانىء والشواطىء فقط ,العامل الحاسم ولكن أيضا امتلاك أسطول عسكري وبحري قادر على الدفاع عن تلك الموانئ والطرق. لذلك يتعين عليك الانتظار لمدة 15 سنة أخرى حتى يصبح للصين قوة بحرية تضاهى نظيرتها الأمريكية لاسيما فى مجال تشييد حاملات الطائرات وغيرها , حينها يمكننا القول بأن الصين هي منافس محتمل حقيقي للولايات المتحدة الأمريكية.
وماذا عن المبادرة الصينية “حزام واحد – طريق واحد ” أو ما يعرف بطريق الحرير الجديد ؟
يبدو أن الصين قد قبلت للمرة الأولى وبعد مضى فترة طويلة, دورها كقوة عالمية ,لا تقوم على المركزية أو تنحصر فى الدفاع عن حدودها فقط .لذلك نراها تتحرك نحو طريق الحرير الجديد براً وبحراً . وتحاول الوصول إلى السوق الأوروبية عبر كازاخستان وتركيا كما تسعى لدخول أفريقيا للحصول على الموارد المتوافرة بها .
برأيك ما هى مخاطر المواجهة ؟
هناك العديد من مخاطر المواجهة. وبنظرة طويلة الأجل، غالبا ما تكون المواجهة بين قوة قديمة وأخرى منافسة، وهناك دائماً طرف ثالث منافس لم يشارك في الصراع هو الذي يفوز. على سبيل المثال، رأينا في نهاية القرن التاسع عشر، معركة بين بريطانيا وألمانيا، وفى نهاية المطاف , الولايات المتحدة هي التي تولت زمام السلطة بالعالم. هذا ما حدث كثيراً فى الماضى. ولا أعتقد أن الصراع سيكون بين الصين والولايات المتحدة لكن ربما بين الولايات المتحدة وروسيا أو الولايات المتحدة وكوريا الشمالية التي ستترك الطريق مفتوحاً أمام الصين لتصبح القوة العظمى.
وأين الشرق الأوسط من كل هذا ؟ هل نحن ملتصقون بالأرض والدم ؟
الجغرافيا عنصر أساسى دائما لفهم التاريخ والسياسة ,والشرق الأوسط بحكم موقعه بين أوروبا وآسيا وأفريقيا التى تعد منطقة غنية بالثروات ومتنامية لكنها بذات الوقت مشبعة بالتحديات ,يبدو متردداً بين الثلاث قارات ,ومع ذلك فإنه آخر مكان فى العالم لا يشارك فى عملية التنمية, لذا أنا متفائل للغايةً بمستقبل الشرق الأوسط . لكن المشكلة الحقيقية فى المنطقة هى النفط , فعندما يكون لديك مورد طبيعي تبذل جهداً كافياً ,كما أن القوى العظمى أصبحت بهذا الشكل نتيجة دخولها فى صراعات وتحديات بسبب ندرة النفط . وقد أدركت الجهات الفاعلة فى الشرق الأوسط ,مؤخراً , أن النفط بمثابة السم وأن هناك حاجة للتخلص منه كمصدر للتنمية .
إذا كنا نستطيع قراءة المستقبل..هل تغير المناخ السياسى أو صعود النزعة الشعبوية سيكونان البجعة السوداء التي تفاجئ العالم؟
هناك خطر, لأن الناس غير راضين عن واقع , أن لدينا بالفعل , سوقا عالمية وليس هناك قواعد عالمية منظمة للقانون فإما أن نطبق قاعدة قانونية عالمية أو سيعود الناس للبحث عن قواعد محلية لسيادة القانون والتى لن تكون ديمقراطية ولن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأجيال القادمة. والتحدي الذي تواجهه الديمقراطيات الآن هو كيف تنظر باهتمام إلى مستقبل الأجيال المقبلة. وإذا لم تتمكن من تحقيق ذلك، فإن النزعة الشعبوية والأنظمة الاستبدادية ستصعد وتتزايد بشكل خطير .
كيف ترى ثورة التكنولوجيا الحديثة ؟ وهل ستؤدى لفقدان الوظائف وتغيير المجتمع ؟
لا أعتقد ذلك. فدائما ما نشهد تغييرات بالمجتمع , كما أن الثورات التكنولوجية عادة ما تحمل مخاطر وهذا ليس أمراً جديداً وقد حدث من قبل أحياناً كثيرة .
لقد أقدمت على خطوة شجاعة وصعبة من خلال مؤسسة ” Positive Planet” التى تهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية للسكان فى أفريقيا ..هل يمكن أن تخبرنا بالمزيد حول دورالمؤسسة ؟
” Positive Planet” هى مؤسسة عالمية تتواجد فى 36 دولة أفريقية كما أن لها فروعاً فى فرنسا وبلدان أخرى بالعالم مثل مصر, حيث نعمل على توفير الدعم للسكان الفقراء من خلال مساعدتهم فى خلق وظائفهم وأعمالهم الخاصة . فنحن نعتقد أن مساعدة الناس على البقاء فى أوطانهم وعدم الاعتماد على المساعدات أو العيش فى مخيمات اللاجئين, أمر هام للغاية .
نحن نساعد الناس على الخروج من الفقر وندعم اللاجئين فى لبنان وغيرها من الدول لخلق وظائفهم الخاصة من خلال التدريب والتعليم حيث تدرك المؤسسة أن هناك نحو مليون شخص يمكنهم الهروب من الفقر بهذه الطريقة , فالمسألة تعتمد على الثقة والتدريب فقط.
أضف تعليق