جاء إنشاء صندوق التنمية الوطني ليضمن تقديم حوافز جديدة للاقتصاد السعودي عبر رساميل تصل إلى 345 مليار ريال (92 مليار دولار)، تمثل إجمالي رؤوس أموال الصناديق الحكومية الواقعة تحت مظلة الصندوق الجديد.
النظام واللائحة
وبحسب نظام ولائحة صندوق التنمية الوطني (فإن الهدف من إنشاء الصندوق هو رفع مستوى أداء الصناديق والبنوك التنموية لتكون محققة الغايات المنشودة من إنشائها، ومواكبة لما يخدم أولويات التنمية والحاجات الاقتصادية في ضوء أهداف ومرتكزات رؤية المملكة 2030.
وسيعمل الصندوق على اتخاذ ما يلزم لتحقيق التكامل والتنسيق بين الصناديق والبنوك التنموية بما يسهم في تحقيقها أهدافها، واتخاذ ما يلزم لرفع كفاية التمويل والإقراض التنموي، وتعزيز استدامتها في الصناديق والبنوك التنموية، ومراجعة اختصاصات واستراتيجيات وتنظيمات وهياكل الصناديق والبنوك التنموية وخططها التنفيذية، وآليات التمويل والإقراض المعمول بها في تلك الصناديق والبنوك، وتحديثها بما يلبي متطلبات أولويات التنمية، وذلك من دون إخلال باختصاصات الجهات الرقابية، والرفع عما يستلزم استكمال إجراءات في شأنها، إضافة إلى المشاركة في تمثيل المملكة في المنظمات والهيئات والمحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية ذات الصلة باختصاصات الصندوق.
وأشارت اللوائح إلى أن للصندوق، الذي يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، مجلس إدارة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء لا يقل عددهم عن سبعة يصدر بتسميتهم أمر من رئيس مجلس الوزراء، وتكون مدة عضويتهم ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ولرئيس المجلس إنابة من يراه من الأعضاء لرئاسة المجلس في حال غيابه.
ومجلس الإدارة هو السلطة المسؤولة عن رسم السياسة العامة للصندوق في حدود التنظيم والأنظمة ذات العلاقة، ويتولى جميع المهمات والصلاحيات التي تكفل تحقيق أهداف الصندوق، ومنها إقرار الاستراتيجيات المتعلقة بنشاط الصندوق، والخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، والرفع عما يستلزم استكمال إجراءات في شأنها والإشراف على تنفيذ الصندوق والصناديق والبنوك التنموية المهمات المنوطة بها وإقرار هيكل الصندوق التنظيمي واللوائح الإدارية والمالية التي يسير عليها الصندوق، وغيرها من اللوائح والإجراءات الداخلية والفنية اللازمة لتسيير شؤونه.
كما يتولى المجلس وضع الآليات والمعايير اللازمة لمتابعة ومراقبة أداء الصناديق والبنوك التنموية، وإقرار تحديثات اختصاصات واستراتيجيات وتنظيمات وهياكل الصناديق والبنوك التنموية وخططها التنفيذية وآليات التمويل والإقراض المعمول بها فيها.
كما يقوم المجلس بإقرار مشروع موازنة الصندوق وحسابه الختامي، وتقرير مراجع الحسابات، والتقرير السنوي، تمهيداً لرفعها بحسب الإجراءات النظامية المتبعة، والنظر في التقارير الدورية عن سير العمل في الصندوق، واتخاذ القرارات اللازمة في شأنها، واقتراح مشاريع الأنظمة ذات العلاقة باختصاصات الصندوق، واقتراح تعديل المعمول به منها، والنظر في التقارير السنوية والحسابات الختامية للصناديق والبنوك التنموية، تمهيداً لرفعها بحسب الإجراءات النظامية المتبعة.
وتعقد اجتماعات المجلس في مقر الصندوق بالرياض، ويجوز عند الحاجة أن تعقد في مكان آخر، ويكون الاجتماع بناء على دعوة من رئيسة على ألا تقل اجتماعاته عن اجتماعين خلال العام، ولا يكون اجتماع المجلس نظامياً إلا بحضور غالبية أعضائه على الأقل، على أن يكون من بينهم الرئيس أو من يُنيبه، وتصدر القرارات بموافقة غالبية الحاضرين على الأقل، وعند التساوي يُرجّح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع، ولرئيس المجلس دعوة من يراه لحضور جلسات المجلس لتقديم معلومات، أو آراء، أو إيضاحات من دون أن يكون له حق التصويت.
محافظ بمرتبة وزير
وسيكون للصندوق محافظ بمرتبة وزير يعين بأمر ملكي، ويعد المسؤول التنفيذي للصندوق، ويتخذ ما يراه محققاً لأهداف الصندوق ومهماته، وتتركز مسؤولياته في حدود التنظيم، وما يقرره المجلس، ومن ضمن مهمات المحافظ اقتراح الاستراتيجيات المتعلقة بنشاط الصندوق، والخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها ورفعها إلى المجلس، والإشراف على سير العمل في الصندوق من خلال اللوائح والخطط والبرامج المعتمدة، واقتراح هيكل الصندوق التنظيمي، ورفعه إلى المجلس، واقتراح اللوائح الإدارية والمالية التي يسير عليها الصندوق، وغيرها من اللوائح والإجراءات الداخلية والفنية اللازمة لتسيير شؤون الصندوق وعمله، تمهيداً لرفعها إلى المجلس، ومتابعة أداء عمل الصناديق والبنوك التنموية وفقاً لما يقره المجلس من آليات ومعايير، واتخاذ ما يلزم لإعداد مشاريع تحديثات اختصاصات واستراتيجيات وتنظيمات وهياكل تلك الصناديق والبنوك التنموية وخططها التنفيذية وآليات التمويل والإقراض المعمول بها فيها، وعرضها على المجلس، والإشراف على إعداد مشروع موازنة الصندوق وحسابه الختامي والتقرير السنوي، وإعداد التقارير الدورية عن سير العمل في الصندوق، ولتوقيع على الاتفاقات والبروتوكولات بعد موافقة المجلس، ووفقاً للإجراءات النظامية المتبعة.
ومن ضمن مهمات محافظ الصندوق الصرف من موازنة الصندوق، واتخاذ جميع الإجراءات المالية وفقاً للأنظمة واللوائح المقرة، وفي حدود الصلاحيات التي فوضه المجلس فيها والتعاقد لتنفيذ الأعمال والخدمات وغيرها، وفقاً للصلاحيات التي يفوضه المجلس فيها، وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الأحكام الواردة في التنظيم واللوائح الصادرة بناءً عليه، بحسب الصلاحيات المخولة له، وأخيراً، تعيين منسوبي الصندوق.
رأس مال الصندوق
ويتصدر الصندوق رؤوس أموال الصناديق الخمسة، وهي على التوالي الصندوق العقاري بـ183 مليار ريال (50 مليار دولار)، ثم صندوق التنمية الاجتماعي بـ46 مليار (14 مليار دولار)، وصندوق التنمية الصناعي بـ40 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، والصندوق السعودي للتنمية 31 مليار ريال (8.3 مليار دولار)، وصولا إلى صندوق التنمية الزراعي بـ20 مليار ريال (5.2 مليار دولار.
ويتجاوز رأس المال الإجمالي للصناديق الخمسة رؤوس أموال البنوك التجارية العاملة في السعودية، التي يصل إجمالي رؤوس أموالها إلى 168.4 مليار ريال (48.8 مليار دولار)، ما يعني أن رأسمال الكيان الجديد يقترب من ضعف رأسمال البنوك التجارية مجتمعة.
وقال الدكتور علي الغفيص وزير العمل والتنمية الاجتماعية، إن «إنشاء صندوق التنمية الوطني، يعكس اهتمام وحرص القيادة الحكيمة على المضي في دعم مسيرة البرامج والمشروعات التنموية التي تخدم المواطن بشكل مباشر، وتعزز مقومات الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع النهضة التنموية المستدامة، تحقيقا لمستهدفات برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030».
وأكد الغفيص أن صندوق التنمية الوطني سيرفع مستوى أداء وإنتاجية الصناديق والبنوك التنموية في المملكة، لتعمل جنبا إلى جنب مع القطاعات الحكومية الأخرى، لتلبية وتحقيق تطلعات المواطنين، في ظل التنمية الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وأشار إلى أن صدور الأمر الكريم المتضمن ارتباط صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» وبنك التنمية الاجتماعية بـ«صندوق التنمية الوطني»، من شأنه دعم مسارات التوطين ورفع مستوى مشاركة القوى الوطنية في سوق العمل، فضلا عن تنظيم ورفع كفاءة التمويل والإقراض التنموي.
إلى ذلك، قال الدكتور صالح العمرو المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، إن ارتباط صندوق تنمية الموارد البشرية تنظيمياً ورقابياً وتنفيذياً بصندوق التنمية الوطني، سيمكّنه من رفع مستوى أدائه وإنتاجيته؛ وتحقيق أثر أعمق عبر التكامل مع البرامج التنموية الأخرى، بما ينعكس على دعم عجلة التوطين وإتاحة فرص العمل المناسبة واللائقة أمام القوى البشرية الوطنية، تحقيقا لـ«رؤية المملكة 2030».
وفي هذا الشأن، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان أبو حليقة، أن تأسيس صندوق التنمية الوطني ضروري لتحفيز عجلة تنويع الاقتصاد السعودي، إذ رغم أن الصناديق الحكومية المتخصصة تقوم بدور مميز لدفع عجلة الاقتصاد السعودي فإنها تهتم بقطاعات محددة.
ولفت إلى أن الأنشطة الاقتصادية في قطاعاتها المتعددة ستصبح مشمولة بالصندوق بما يعزز استقطاب الاستثمارات للقطاعات التي يحتاج الاقتصاد إلى أن يتوسع فيها.
وأشار إلى وجود كثير من القطاعات التي تحتاج إلى تمويل، ومنها قطاع السياحة والسفر والترفيه، وقطاع تقنية المعلومات، وقطاع الأعمال الريادية، وقطاع الخدمات والمشروعات الأخرى وهو ما يمكن أن يقدمه صندوق التنمية الوطني.
وبيّن أن دمج هذه الصناديق الحكومية المتخصصة في صندوق واحد سيؤدي إلى تحقيق أمرين، الأول إمكانية إقراض هذا الصندوق جميع الأنشطة الاقتصادية دون استثناء، والثاني تعزيز الحوكمة ورفع كفاءة الإقراض وتسريع وقعها ووضع استراتيجية تتماشى مع «رؤية السعودية 2030»، إضافة إلى رفع كفاءة تشغيل الصناديق.
وأكد أبو حليقة أن الفرصة كبيرة لتوسيع أنشطة الصناديق، إذ إنها إجمالا في الوقت الراهن لا تمتلك سعة كبيرة للإقراض، عدا صندوق التنمية العقارية، فالوتيرة هي أن هذه الصناديق تقرض بالقدر الذي تحصله من سداد القروض السابقة لذلك نجد أن مستويات الإقراض عند 300 مليار ريال (80 مليار دولار) لتحفيز القطاع الخاص وزيادة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي ودفعه لمزيد من تأسيس الأعمال وتوسيع أعماله الحالية، مشيراً إلى أهمية وجود قنوات إقراض حيوية طويلة المدى لتحقيق أهداف تنموية. وأوضح أن هذا النوع من المخاطر لن تأخذه البنوك التجارية على اعتبار قابليتها للإقراض في المدى القصير والمتوسط على أبعد تقدير.
من جهته، وصف الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله المغلوث، تأسيس صندوق التنمية الوطني برأس مال 345 مليار ريال بالخطوة الإيجابية التي تعزز صناعة الصناديق بوصفها إحدى أدوات التمويل والتنمية في السعودية، وبحسب الإجراءات والآليات تمكّن طالبي القروض بشكل انسيابي ما يساعد على تنويع الأنشطة سواء كانت عقارية أو صناعية أو زراعية أو اجتماعية.
وبيّن أن هذه الصناديق الخمسة تحت كيان واحد يعتبر أكبر صندوق مالي في الشرق الأوسط، بل يعتبر أحد الكيانات المالية الكبرى على مستوى العالم من حيث رأس المال، وسيقدم قروضاً تؤدي إلى دعم مشروعات القطاع الخاص.
وتطرق المغلوث إلى أن هذا الصندوق سيسهم في تنمية المشروعات ويجعل لها آلية جديدة تواكب أهداف وبرامج «التحول الوطني 2020»، و«الرؤية السعودية 2030»، لا سيما في ظل وجود توجه لتنويع المشروعات وهو ما سيساعد في تنمية قدرات مختلف المؤسسات الاقتصادية الحكومية والخاصة على السواء.
أضف تعليق