عاد الحديث مجدداً عن أهمية صناعة الألعاب الإلكترونية، بعد انتشار «بوكيمون غو»، التي أضافت 7.5 مليارات دولار للقيمة السوقية لشركة نينتيدو اليابانية، خلال يومين فقط، وهو ما يؤكد أهمية الاستثمار في الألعاب الإلكترونية، خاصة مع انتشار استخدام الشبكات الاجتماعية والهواتف المحمولة، حيث يعتبر هذا القطاع بمثابة منجم ذهب مستقبلي لرواد الأعمال.
وحسب تقرير «سي إن بي سي» بلغت مبيعات سوق الألعاب الإلكترونية العالمية العام الماضي 91.8 مليار دولار، وفي العام الحالي تقدر بـ 99.6 ملياراً، وفي 2017 ستبلغ 106.5 مليارات، لترتفع إلى 112.5 ملياراً في 2018، وصولاً إلى 118.6 ملياراً في 2019.
وتشهد ألعاب الهواتف الذكية أكبر نسبة نمو من 24% في 2015 إلى 34% في 2019، وبالأرقام بلغت المبيعات في 2015 ما مقداره 30.4 ملياراً، وتقدر في العام الحالي بـ 36.9 ملياراً، وفي 2017 نحو 42.5 ملياراً، لترتفع في 2018 إلى 47.4 ملياراً، وصولاً إلى 52.5 مليار دولار في 2019 أي بنسبة ارتفاع سنوي أكثر من 6%.
وتعتبر الصين أكبر دولة في هذه الصناعة بالعالم في 2016، إذ يبلغ حجم السوق فيها 24.3 ملياراً، تليها الولايات المتحدة 23.6 ملياراً، فاليابان 12.4 ملياراً، وتأتي رابعاً كوريا الجنوبية 4 مليارات، وكذلك ألمانيا، بريطانيا بحجم سوق يبلغ 3.8 مليارات لكل منهما، تليهما فرنسا 2.7 مليار، ثم إسبانيا 1.8 مليار، ثم كندا 1.7 مليار، وإيطاليا 1.74 مليار.
وأظهرت دراسة صدرت عن «منظمة برمجيات الترفيه» (إي إس إيه)، أن معدل نمو أرباح هذه الصناعة ينمو أربع مرات أسرع من اقتصاد الولايات المتحدة. كما أضافت إلى الناتج المحلي الأميركي 6.2 مليارات دولار سنوياً، وكانت السبب في توظيف 42 ألف أميركي في 36 ولاية في العام 2012 بأجور تصل إلى 95 ألف دولار سنوياً. وبلغ إجمالي رواتب العاملين 4 مليارات دولار.
فرص
وفي الإمارات تتيح هذه الصناعة فرصاً كبيرة لرواد الأعمال، إذ من المعلوم أنها تنتج ليس فقط من قبل الشركات العملاقة وإنما أيضاً من قبل الشركات المستقلة المكونة من أفراد أو فرق صغيرة.
واعتبر عبد الباسط الجناحي الرئيس التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة أنه من السهولة بمكان أن ينجح رائد الأعمال في صنع لعبة فيديو وثمة إمكانية كبيرة لنجاحها وانتشارها، وهذا الأمر كان سابقاً أكثر صعوبة، أما الآن وبسبب تطور التكنولوجيا هناك فرص كبيرة لصانعي الألعاب، ونحن نرحب بهم في حاضنة الأعمال لدينا.
وحسب دراسة أصدرتها «يورومونيتور» عن ألعاب الفيديو في الإمارات ارتفعت قيمة هذا القطاع في 2014 لتبلغ 1.2 مليار درهم، وتستحوذ أجهزة ألعاب الفيديو على نحو نصفها 605.8 ملايين درهم. ويتوقع أن يشهد القطاع نمواً سنوياً مركباً بمقدار 4% حسب معدل الأسعار الثابتة في 2014 ليبلغ في 2019 نحو 1.4 مليار درهم.
وأسهم في نمو السوق إطلاق بلاي ستيشن 4 في ديسمبر 2013 وتبعه إطلاق اكس بوكس 1 في سبتمبر 2014، وتستحوذ ألعاب سوني ونينتندو على 47% من السوق ومن ثم مايكروسوفت بحصة سوقية تبلغ 9%.
ويسيطر تجار التجزئة المتخصصين على 37 % من حجم التوزيع، فيما تأتي ثانياً المراكز التجارية الكبيرة (الهايبرماركت) بنسبة 27%.
ومما يسهم في نمو القطاع ارتفاع الدخل الذي يمكن صرفه لدى فئة العمال المهرة ممن يشكلون قاعدة أساسية لممارسي ألعاب الفيديو، إضافة إلى السياح الذين يتسوقون من محلات بيع الألعاب.
الهواتف الذكية
كما تشكل زيادة مبيعات الهواتف الذكية في الإمارات عاملاً مهماً، لا سيما أنها تشكل 61% من الهواتف المستخدمة في شبكات الاتصالات حسب هيئة تنظيم الاتصالات. وتملك الإمارات أعلى معدل عالمي لانتشار الهواتف المتحركة بنسبة 74%.
وتشهد ألعاب الكمبيوتر الشخصي وألعاب الأون لاين نمواً جيداً، بسبب نمو نسب حيازة الكمبيوترات الشخصية والمحمولة وأيضاً إطلاق وحدات تحكم جديدة. كما يتم اللعب مع آخرين في أنحاء العالم وخصوصا بعد إطلاق اكس بوكس 1 في 2014 وتتيح العضوية الذهبية في هذه اللعبة الاشتراك في اللعبة المدعومة من 300 ألف سيرفر (مخدم) حول العالم وأيضاً الحصول على خصومات على عدد من الألعاب، ويشكل فيسبوك المنصة الأهم لوسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات، حيث استحوذ في الربع الرابع من 2014 نحو 88% من الزيارات، وتشهد الألعاب المرتبطة به نمواً كبيراً مثل «كاندي كراش ساغا» و«فارمفيل2» و«كرمينال كيس».
ويشكل «آي تيونز» من أبل أكبر منصة من حيث عدد الزيارات تليها «بلاي ستور» من سامسونغ، وتطبيقات «اندرويد»، ونوكيا «او في اي» وبلاك بيري.
الألعاب الاستراتيجية
وحسب دراسة «يورومونيتور» تسيطر الألعاب الاستراتيجية على أكبر حصة من الألعاب وبنسبة 13% ومن ثم وبفارق بسيط ألعاب السباقات والرماية على التوالي. وتنتشر الألعاب المجانية بين الأطفال، ويميل أفراد الطبقة الوسطى وذات الدخل العالي إلى الألعاب المجانية على هواتفهم المتحركة، ومن ثم ألعاب الحواسيب الشخصية جنباً إلى جنب مع الألعاب المدفوعة.
ويشكل المراهقون فئة مشترين مستقبلية للألعاب الإلكترونية، حيث يزداد عدد البالغين الذين يلعبون بهذه الألعاب، وتشكل الإناث 35% من مجمل المجموع.
وتشير تقارير إلى أن حجم صناعة الألعاب عبر الإنترنت في الشرق الأوسط يبلغ 100 مليون دولار، ويؤدي نمو الصناعة إلى التوجه نحو تعريبها، وهو ما بدأ تطبيقه في ألعاب مجانية عالمية منذ الربع الثالث من 2013.
الشرق الأوسط
ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط 506 ملايين شخص، وعدد مستخدمي الألعاب الإلكترونية 301، وحجم المبيعات 2.3 مليار دولار، وشهد نمواً 26.2% بين عامي 2015- 2016.
وتأتي منطقة الشرق الأوسط في مرتبة متقدمة على إحصاءات معدلات انتشار استخدام الهواتف النقالة، خصوصاً أن العديد من التقارير تشير إلى أن المستخدمين في الشرق الأوسط يملكون أكثر من هاتف نقال واحد، كما أنهم ينفقون قدراً كبيراً من وقتهم في تصفح الإنترنت، ومشاهدة مقاطع الفيديو، وممارسة هواية الألعاب الإلكترونية.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط، والخليج على وجه الخصوص، إقبالاً كبيراً من المطورين والمستثمرين في قطاع ألعاب الإلكترونية، وذلك لما تشهده المنطقة من استهلاك ملحوظ لهذه الألعاب، وفي هذا السياق نجح معرض دبي العالمي للألعاب الإلكترونية على مدار السنوات السبع الماضية في الجمع ما بين رواد صناعة الترفيه التفاعلي والمطورين والناشرين والموزعين ومزودي خدمات الدفع والوسائط المتعددة من المنطقة والعالم. وبات يعتبر الحدث منصة رائدة تقدم كل ما هو جديد في ألعاب الفيديو وألعاب الإنترنت، وألعاب المنصات المحمولة، والألعاب التعليمية والترفيهية، وعتاد ألعاب الفيديو، ومنصات الجيل التالي.
جيل جديد يدعم تطوير التطبيقات
يكشف تاريخ الحوسبة وألعاب الفيديو أن مهمة إنشاء البرمجيات لم تكن أبداً مقصورة على الكبار، بل إن صناعة ألعاب الفيديو المبكرة قد بُنيت بالفعل على جيل من المبرمجين المراهقين الهواة أو ما يُعرَفون باسم مبرمجي «غرف النوم»، كما اتضح ذلك في الفيلم الوثائقي البريطاني الطويل «من غرف النوم إلى المليارات». وهناك حالياً جيل جديد من الأطفال له تأثير كبير على تطوير التطبيقات، كما أصبح الآن لدى الأطفال من جميع أنحاء العالم إمكانية هائلة لتطوير برمجيات يمكنها تغيير العالم بشكلٍ جذري.
ويرى رائد الأعمال محمد جهماني، الذي شارك في «مؤتمر أبل العالمي للمطورين» الذي أقيم مؤخراً في مدينة سان فرانسيسكو، أنه من بين عشرات المنتجات والتطبيقات التي كشفت عنها شركة «أبل»، يسترعي الانتباه تطبيق جديد، يحمل اسم «سويفت بلايغراوندز» خاص بحواسيبها اللوحية «آيباد»، يهدف إلى جعل تعلم البرمجة والترميز أمراً سهلاً وممتعاً لأي شخص، وهو ليس بلعبة، بل تطبيق فريد من نوعه سيُغيِّر قواعد اللعبة، وقد تم تصميمه وتطويره بالكامل على أيدي أفضل المبرمجين والمطورين في شركة «أبل».
يُعَد تطبيق «سويفت بلايغراوندز» وسيلة تعليمية، إذ إن لديه القدرة على تعليم الأطفال كيفية الترميز والبرمجة أثناء اللعب. ويتناسب ذلك كثيراً مع اتجاه ومفهوم الألعاب، التي تقدم أكثر من مجرد اللعب، وإنما ينصب هدفها على تثقيف وتعليم هؤلاء الأطفال الذين يلعبونها.
تطويع
ويشير الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن هنالك توجهاً حديثاً في هذه الصناعة يقضي بتطويع الألعاب الإلكترونية في خدمة القطاعات الأخرى والحياة اليومية للمستخدمين، دون حصر هذه الألعاب بمفهوم التسلية فقط، وذلك عندما يجري توجيه استخدام عناصر الألعاب في أغراض أخرى بخلاف الألعاب مثل جذب انتباه المستهلك، وفي مجالات التسويق، والابتكار، والتدريب، والصحة، والتغيير الاجتماعي.
ويضيف جهماني: تطبيق «آيباد» الثوري الجديد، سيجعل تعلم لغة «سويفت» أمراً ممتعاً وتفاعلياً، فيجب عليك أولاً حل الألغاز لإتقان أساسيات استخدام «سويفت»، وهي لغة برمجة قوية وسهلة التعلم تقدمها «أبل» ويستخدمها مطورون محترفون لإنشاء تطبيقات عالية المستوى، ومن ثم فعليك أن تجتاز سلسلة من التحديات وزيادة وتيرة الإبداعات الأكثر تقدماً.
منصة إماراتية
وتجدر الإشارة إلى وجود منافس قوي في هذا المجال الابتكاري الجديد من منطقة الشرق الأوسط، وهي شركة «موبي بص» التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها. وتساعد هذه الشركة الناشئة من خلال برنامجها «موبي بص» (Mobibus)، الأفراد ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الذين ليس لديهم خبرة في الترميز على تصميم وإنشاء تطبيقات ذكية فعالة للهواتف المحمولة في أسرع وقت وأقل كلفة. ويُعد تطبيق «موبي بص» مثالاً آخر للبرمجيات التي تفتح عالم الترميز لأشخاص لم يفكروا أبداً في هذه الإمكانية. ويعمل تطبيق «موبي بص» بنظامي آي أو أس (iOS) وأندرويد، ويمكن تنزيله من متجري «أبل»و«غوغل بلاي». وتتضمن منصة «موبي بص» عملية سهلة على المستخدم مكونة من أربع خطوات تمكن الأشخاص أياً كانت مهارتهم التقنية من إنشاء تطبيقاتهم الخاصة على هواتفهم الذكية. ومن ثم يمكن للعملاء والمستخدمين الوصول إلى هذه التطبيقات وتنزيلها من متجري «أبل»أو«غوغل» للتطبيقات، وفتح آفاق عالمية لأشخاص ما كانوا ليستطيعوا أبداً الوصول إلى هذا الجمهور الواسع.
قوالب
وهناك مثال آخر لنوع مبتكر من البرامج التي تجعل تعلم المهمات الصعبة أمراً في غاية السهولة والتفاعلية، وهو برنامج «ليتل بيتس»، الذي أنشأته رائدة أعمال لبنانية تُدعى آية بدير. ويوفر هذا البرنامج منصة لقوالب بناء إلكترونية سهلة الاستخدام تمكن أي شخص مهتم من خلق ابتكاراته الخاصة.
وجذبت شركة «ليتل بيتس» ببرنامجها المبتكر مجتمعاً حيوياً، الأمر الذي مكن الشركة من توسيع شبكتها عالمياً وجذب العديد من المؤسسات التي باتت تنشر رسالة «ليتل بيتس» المتمثلة في وضع قوة الإلكترونيات في يد كل شخص بغض النظر عن عمره وجنسه ولغته وقدرته التقنية. ويوجد بالفعل 300 فرع للشركة في 56 دولة في جميع أنحاء العالم.
أرباح
يتم تحقيق الأرباح من الألعاب الإلكترونية عن طريق الإعلانات ومن ترقية اللعبة ومن شرائها عبر أحد متاجر أنظمة تشغيل الهواتف الذكية، فالألعاب البسيطة مثل فلابي بيرد، تعتمد على إعلانات تظهر فوق أو تحت أو على واجهة اللعبة الرئيسة قبل الدخول بطور اللعب. وتستخدم ألعاب أخرى مبدأ النفس الطويل، أي تكسب جمهوراً، ويصبح لها صدى، ومن ثم تبيع حقوق اللعبة مثل الاسم بمبالغ طائلة.. وعندما تنتشر لعبة ما فإن المجموعة المطورة للعبة تطرح أسهمها في البورصة، كما حدث مع مطوري «كاندي كراش» في عام 2014.
أضف تعليق