بعد ثماني سنوات من تسجيل الخسائر المتواصلة، تسعى شركة البحر الأحمر العالمية المدرجة في السوق المالية السعودية إلى استعادة توازنها المالي من خلال خطة لزيادة رأسمالها من 302 إلى 482 مليون ريال، بعد موافقة الجمعية العامة غير العادية. وتهدف الخطوة إلى شطب الخسائر المتراكمة وتعزيز النمو والربحية ضمن خطة شاملة لإعادة الهيكلة المالية.
وذكرت الشركة في بيان على موقع “تداول السعودية” أنها سترفع عدد أسهمها المصدرة بنحو 18 مليون سهم عادي عبر تحويل الديون إلى أسهم، وذلك بعد حصولها على موافقة هيئة السوق المالية في أكتوبر 2025. وتم تحديد سعر السهم عند 26.4 ريال، بعلاوة إصدار قدرها 16.4 ريال بعد خصم القيمة الاسمية البالغة 10 ريالات.
تعود الديون التي تسعى الشركة لتحويلها إلى أسهم جزئياً إلى صفقة الاستحواذ على شركة التركيبات الأولية للأعمال الكهربائية “فيرست فيكس” التي تمت في يونيو 2023، حيث استحوذت “البحر الأحمر” على 51% من رأسمال الشركة مقابل 544 مليون ريال. وسددت الشركة حينها 250 مليون ريال نقداً للبائعين، وهم شركة “ميم سين باء” القابضة ورجلا الأعمال فارس عصمت السعدي وزياد جان الصايغ، فيما تقرر سداد المبلغ المتبقي البالغ 294 مليون ريال لاحقاً. وضمن هذه الترتيبات، اقترحت الشركة رفع رأس المال مقابل الدين الناتج عن الجزء المؤجل من سعر الشراء.
وبحسب إعلان الشركة في 21 أكتوبر 2025، فإن عدد الدائنين يبلغ ست جهات وأفراداً، أبرزهم شركة مجموعة الدباغ القابضة المالكة لنحو 51% من أسهم البحر الأحمر العالمية. وسيتم إصدار 13.39 مليون سهم بقيمة 353.5 مليون ريال لصالح الشركاء البائعين في “فيرست فيكس”، إلى جانب 1.56 مليون سهم بقيمة 41.3 مليون ريال لصالح محمد حيدر بن لادن وغالب بن خالد الشريف، في حين ستحصل مجموعة الدباغ القابضة على نحو 3 ملايين سهم بقيمة 81 مليون ريال.
ومنذ عام 2017، ظلت الشركة تسجل خسائر سنوية متتالية. ففي النصف الأول من عام 2025 بلغت خسائرها 12.5 مليون ريال، إلا أنها تراجعت بنسبة 48% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وأشار تقرير مراجع الحسابات إلى أن المطلوبات المتداولة تجاوزت الموجودات المتداولة بأكثر من 292 مليون ريال، كما أن الشركة لم تلتزم ببعض تعهدات القروض، مما يعكس استمرار الضغوط المالية رغم جهود إعادة الهيكلة.
ويرى المستشار المالي خالد الزايدي أن الشركة بحاجة إلى إعادة النظر في نموذجها التشغيلي جذرياً، قائلاً إن “البحر الأحمر لن تخرج من دوامة الخسائر ما لم تعالج تسعير المشاريع وبنية التكلفة من الأساس، لأنها حالياً تحقق مبيعات دون أن تترجم إلى أرباح”.
أما المحلل المالي ماجد الخالدي فأوضح أن القوائم المالية تكشف فجوة بين الأداء المحاسبي والتشغيلي، مبيناً أن الجزء الأكبر من الإيرادات جاء من شركة تابعة غير خاضعة للسيطرة الكاملة، وهو ما يعني أن الأرباح الفعلية تُحتسب على أساس الحصة المملوكة فقط، بينما تُسجل الإيرادات بالكامل في القوائم الموحدة. وأشار إلى أن النشاط الرئيسي للشركة لا يزال يسجل خسائر بلغت 23 مليون ريال، مقابل أرباح لا تتجاوز 4 ملايين ريال من الشركات غير المسيطر عليها، إضافة إلى 13 مليون ريال خسائر من عمليات متوقفة في 2024.
ويُتوقع أن تمثل خطة تحويل الديون إلى أسهم نقطة تحول رئيسية في مسار الشركة، لكنها لن تكون كافية بمفردها ما لم تترافق مع إصلاحات هيكلية وإدارية عميقة. فبالنسبة للمحللين، يبقى الرهان الحقيقي على قدرة “البحر الأحمر العالمية” على تحويل إعادة الهيكلة من مجرد خطوة محاسبية إلى بداية مرحلة جديدة من الاستدامة التشغيلية والنمو الفعلي.











