تقارير رئيسي

بعد تجاوز ديونه 300 مليار دولار .. العملاق الصيني ايفرغراند يهدد أسواق المال العالمية

عمّت مخاوف عالمية خلال الساعات الماضية، في أعقاب انكشاف أزمة مجموعة إيفرغراند العقارية الصينية العملاقة، وتأثيرها على قطاع البنوك بما يُنذر بتحولها لأزمة مالية عالمية على غرار انهيار بنك “ليمان براذرز” الأميركي عام 2008.

وتعاني مجموعة ايفرغراند، وهيَّ ثاني أكبر مطور عقاري في الصين وتعمل في أنشطة أخرى كالطاقة المتجددة والسيارات، من تعثر كبير في سداد ديون تتجاوز 300 مليار دولار.

ديون

بدأت أزمة تراكم ديوان إيفرغراند في الظهور إلى العلن منذ العام الماضي، عندما شرعت الحكومة الصينية في اتخاذ سلسلة من الإجراءات تهدف لضبط اقتراضها، كجزء من حملة لمعالجة الديون الضخمة المقلقة التي راكمتها الشركات العقارية

بداية الأزمة

طفت على السطح أزمة النقص الحاد في سيولة الشركة المثقلة بالديون خلال الشهر الجاري، لكن جذور الأزمة تعود إلى ما قبل 4 سنوات، حين تدخلت الحكومة الصينية بشكل مباشر في القطاع العقاري.

تعتمد إيفرجراند، ثاني أكبر شركة عقارية في البلاد، والتي تعمل في أنشطة أخرى كالطاقة المتجددة والسيارات، على القروض بشكل كبير، بدأت هذه الديون تخنقها رويدًا بدءا من 2018 وهو العام الذي تراجعت فيه إيراداتها من البيع، لتبدأ رحلة تعثرها عن سداد التزاماتها للبنوك

مخاوف

وسط ضبابية الصورة التي قد تتدخل بها الحكومة الصينية لإنقاذ الموقف، يبدو أن المخاوف من إحداث شرخ في الاقتصاد الصيني واضحًا، ما دفع بنك الشعب الصيني لضخ سيولة نقدية لتهدئة السوق.

ويواجه الاقتصاد الصيني، تباطؤا في معدل النمو نتيجة تداعيات أزمة كورونا، وهو ما يثير قلقا بمدى تأثير انهيار سوق المال نتيجة أزمة ايفرجراند على الاقتصاد بشكل عام، والذي قد يقود إلى مزيد من التباطؤ الاقتصادي الممتد للبلاد.

ازمة مالية

من شأن تأثر ثاني أكبر اقتصاد عالمي، على شكل الاقتصاد العالمي ككل، في ظل مخاوف من أن يقدم الاقتصاد الأمريكي صاحب المركز الأول على أزمة مالية تاريخية إذا لم تلجأ واشنطن إلى رفع حد سقف الدين

وتشير هذه التوقعات إلى احتمالية أن يواجه العالم أزمة مالية في المدى الزمني المتوسط، لكن التأثير الحالي لأزمة ايفرجراند انعكس على أسواق المال العالمية، وفقدت فيه كبريات الشركات مليارات الدولارات من قيمتها

الأسهم

تكبدت الأسهم الأمريكية أكبر خسائر يومية لها في أربعة أشهر، حيث هبط مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 1.7% لدى إغلاق، كما هبط مؤشر ناسداك المركب  لأسهم التكنولوجيا بنسبة 2.1%، وتراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 1.7%.

وقال الخبير الاقتصادي الشهير محمد العريان، إن عمليات البيع في أسواق الأسهم العالمية تشير إلى أن المستثمرين يعيدون النظر في مدى استدامة الاستثمار في الصين.

واستشهد العريان بالحملة التنظيمية المستمرة في بكين وأزمة المطور العقاري ايفرغراند، الذي يعمل على تجنب التخلف عن سداد ديون ضخمة بقيمة 300 مليار دولار مستحقة.

وبحسب ما ورد، بدأ المطور العقاري، ثاني أكبر شركة في الصين، في عرض سداد ديون المستثمرين بخصم

. وأدت المخاوف من انهيار إيفرغراند وإلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني الأوسع إلى انخفاض مؤشر هانغ سينغ، في هونغ كونغ بنسبة 3.3% مع هبوط أسهم العقارات.

الأسواق

ويرى العريان أن عدوى إيفرغراند بدأت تظهر بالفعل في الأسواق، كما يأتي في الوقت الذي فرضت فيه بكين قيوداً وتغييرات في القواعد على مجموعة واسعة من الشركات في الأشهر الأخيرة. وقد حثت شركات التكنولوجيا ومقدمي التعليم وخدمات توصيل الطعام وغير ذلك على إصلاح ممارساتهم التجارية، مع موضوع ثابت يتمثل في تأكيد الدولة للسيطرة على قطاع الشركات.

وقال كبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز والرئيس التنفيذي السابق والمدير التنفيذي المشارك لشركة بيمكو العملاقة للسندات، إن انتقال عدوى انهيار إيفرغراند للأسواق يرجع إلى اهتزاز ثقة الممولين العالميين للقطاع العقاري، حيث يمكن القول إن الصين توقفت عن دعم الشركة ضمن إجراءاتها لإعادة التوازن للسوق، فمن ناحية يتم معاقبة المجازفة المفرطة للشركات، ومن ناحية أخرى لا ترى ضرورة للتدخل لأن الخطر ليس نظامياً.

ويكمل “إلا أنه يرى أن الأمر لا يمكن النظر إليه بهذه البساطة. ما ينتج عن ذلك هو أن الناس يتساءلون عن أحد المبادئ التي كانت راسخة لدى المستثمرين، وهي أن الحكومة ستقف دائماً وراء القطاع المالي”، “حالياً، هي ليست كذلك. ليس الآن على الأقل”. أضف إلى ذلك ما كان هجوماً على قطاعات مختلفة والتي هزت ثقة المستثمرين في أن الصين سوق قابلاً للاستثمار.

وقال العريان إن السوق الصيني يمر بمرحلة انتقالية وهناك حديث بين المستثمرين أن إيفرغراند يمكن أن يعيد تكرار سيناريو “ليمان براذرز” بالنسبة للصين، في إشارة إلى انهيار بنك الاستثمار الأميركي الذي تسبب في الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

ونفى احتمالية حدوث أزمة مالية أخرى على غرار عام 2008، قائلاً “لا أعتقد أننا وصلنا لهذه المرحلة”، “لكن هذا [الشعور] موجود”، الأمر الذي يترك السؤال مفتوحاً الآن عما إذا كان إيمان المستثمرين على المدى الطويل سيهتز حول آفاق الاستثمار في الأسواق الصينية بشكل دائم.

وأكد العريان: “لكن تذكر أن السياق مهم”، مشيراً إلى أن نمو الاقتصاد الصيني يفقد الزخم، كما تظهر الولايات المتحدة علامات على التباطؤ، وبما أن الاحتياطي الفيدرالي “يواجه وقتاً غير مؤكد للغاية” حيث يدرس كبح إجراءات التحفيز الطارئة.

وقال: “السؤال الكبير هو هل تتعرض لحادث في السوق أو خطأ في السياسة يشكل الحالة السلوكية للأسواق لشراء الانخفاضات، وهذا ما سيتم اختباره خلال الجلسات القليلة المقبلة”.

وسيبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعاً للسياسة لمدة يومين يتوقع فيه المستثمرون أن يشير البنك المركزي إلى متى قد يبدأ في خفض 140 مليار دولار شهرياً من مشتريات سندات الخزانة الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.