الشركات تتحوط مع ارتفاع محتمل لتكلفة الإقراض
5 بنوك مركزية خليجية ترفع أسعار الفائدة بعد القرار
تأثير محدود على دول الخليج
رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة الأميركية بمقدار ربع نقطة مئوية الأربعاء، ولمح إلى وتيرة أسرع لزيادات أخرى في 2017 مع تولي إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة بوعود لزيادة النمو من خلال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق وتخفيف القيود.وزاد البنك المركزي الأميركي سعر فائدة الأموال الاتحادية القياسي 25 نقطة أساس إلى نطاق بين 0.50 و0.75%.
وقالت لجنة السياسة النقدية بالمركزي في بيان صدر بإجماع أعضائها بعد اجتماع استمر يومين “من منظور يراعي الأوضاع الحالية والمتوقعة لسوق العمل والتضخم، قررت اللجنة رفع النطاق المستهدف”.
وأضافت قائلة “حققت الوظائف مكاسب قوية في الأشهر الماضية وتراجع معدل البطالة”.والشيء الأكثر أهمية هو توقعات جديدة لصناع السياسة بالمركزي الأميركي تشير إلى تسريع وتيرة زيادات الفائدة العام القادم بعد أن اقتصرت على مرة واحدة هذا العام.
وارتفع متوسط توقعات المركزي لرفع الفائدة إلى ثلاث زيادات كل منها بمقدار ربع نقطة مئوية في 2017 من زيادتين في سبتمبر.ومن المتوقع أن يعقب ذلك ثلاث زيادات أخرى في كل من 2018 و2019 حتى تستقر الفائدة عند مستوى “طبيعي” في الأجل الطويل عند 3%.
وهذا المستوى الطبيعي أعلى قليلا مما توقعه المركزي الأميركي قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يشير إلى أنه يشعر بأن الاقتصاد لا يزال يكتسب قوة دافعة. ومازال مجلس الاحتياطي يصف وتيرة زيادة الفائدة بأنها “تدريجية” ويبقي على سياسة فضفاضة قليلا وداعمة لمزيد من التحسن في سوق العمل. ويتوقع أن ينخفض معدل البطالة إلى 4.5% العام القادم وأن يظل عند هذا المستوى الذي يعتبر قريبا من التوظيف الكامل.
وزيادة الفائدة التي قررها البنك المركزي اليوم توقعها جميع الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت رويترز آراءهم مؤخرا وعددهم 120 خبيرا.
توسع قوى
من ناحية أخرى ترى وكالة التصنيف الائتماني فيتش، أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يؤكد التوسع القوي في الاستهلاك المحلي، وانتعاش سوق العمل، إلى جانب معدلات البطالة المستمرة في الانخفاض، وانتعاش الأجور الحقيقية.
وأضافت “فيتش” في تقرير لها عقب قرار الفيدرالي برفع الفائدة، أن التصنيفات السيادية للأسواق الناشئة لن تتأثر فقط بقرار رفع سعر الفائدة الأمريكي، ولكن أيضاً سيكون هناك تأثيرات كبيرة إذا ما تمت إعادة توجيه التدفقات النقدية الدولية إلى الأصول الأمريكية.
إضعاف الطلب
إلا أن هناك سناريو يتعارض مع رؤية فيتش يرى أن زيادة أسعار الفائدة تؤدي إلى إعاقة تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر. فارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض للاستثمار ويجعل الادخار أكثر جاذبية بالمقارنة مع الاستهلاك. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إضعاف الطلب المحلي. علاوة على ذلك، فقد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة قيمة الدولار الأمريكي، مما سيضر بالصادرات الأمريكية. وبينما يعترف بنك الاحتياطي الفيدرالي بهذه المخاطر، إلا أنه يثق في الأسس القوية للاقتصاد الأمريكي بالنظر إلى الوضع الصحي للاستهلاك الخاص وتعافي سوق المنازل. وعلى أية حال، يجب أن ننتظر البيانات القادمة لنرى إذا كان هذا السيناريو سيتحقق فعلاً.
المصارف الخليجية
وبعد 30 دقيقة من إعلان مجلس الفدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة، رفعت البنوك المركزية في كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر، أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية.
من ناحية أخرى، رفع بنك الكويت المركزي سعر الخصم الأساسي بواقع 25 نقطة أساس ليصل إلى 2.25 في المئة، في حين أبقى البنك المركزي البحريني على سعر اتفاقيات إعادة الشراء ثابتا عند مستوى 2.25 في المئة، ورفع سعر الفائدة ليوم واحد بمعدل 25 نقطة أساس ليصل إلى 0.5 في المئة، كما رفع سعر الفائدة ليوم واحد بمعدل 25 نقطة أساس ليبلغ 0.5 في المئة، وسعر الفائدة لأسبوع واحد بواقع 25 نقطة أساس ليصل إلى 0.75 في المئة.
وقررت مؤسسة النقد العربي السعودي “البنك المركزي” رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” من 50 نقطة أساس إلى 75 نقطة أساس.
ويمثل معدل الريبو العكسي سعر الفائدة الذي تحصل عليه المؤسسات المالية مقابل إيداع أموالها لدى مؤسسة النقد العربي السعودي.وتربط السعودية، وهي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، سعر عملتها “الريال” عند 3.75 للدولار الأمريكي.
وفي خطوة مماثلة، قال مصرف الإمارات المركزي إنَّه قرر رفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع بواقع 25 نقطة أساس وفق بيان صحفي.وشهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي الإماراتي للبنوك العاملة في الدولة تمثِّل أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي الإماراتي.وتثبِّت الإمارات سعر عملتها “الدرهم” عند 3.6725 للدولار منذ عام 1997.
وقرر المصرف المركزي البحريني رفع سعر الفائدة الأساسي على الودائع لليلة واحدة إلى 0.75%، وكذلك سعر الفائدة على الودائع لأسبوع واحد إلى 1%.
ويعتبر “البنك المركزي البحريني” السلطة الرقابية الوحيدة التي تشرف على القطاع المالي في البحرين، ويشمل نطاق اختصاصه جميع أنشطة المصارف، والتأمين، والاستثمار، وأسواق المال.وفي ذات الخطوة، قرر المركزي الكويتي رفع سعر الخصم ربع نقطة مئوية إلى 2.5%.
وسعر الخصم في دولة الكويت الذي يقرره بنك الكويت المركزي، هو سعر محوري تتحدد بموجبه ضمن هوامش معينة الحدود القصوى لأسعار الفائدة على معاملات الاقتراض بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية.في ذات السياق، أعلن مصرف قطر المركزي رفع سعر فائدة الإيداع لدى المصرف من 0.75 % إلى 1%.
كان الإجراء الذي اتخذته هذه البنوك المركزية الخليجيةمتوقعا، حيث إن دول الخليج ربطت أسعار صرف عملاتها بالدولار (باستثناء الدينار الذي يرتبط سعر صرفه بسلة من العملات يهيمن عليها الدولار). من ناحية أخرى، فإن عدم رفع أسعار الفائدة كان سيحث المستثمرين لبيع أصولهم في منطقة الخليج، وتوظيف عائداتها في الاستثمارات المقومة بالدولار ذات العوائد المرتفعة. إضافة إلى ذلك، فإن عدم رفع أسعار الفائدة كان سيضع مزيدا من الضغوط على العملات الخليجية.
وجاءت الزيادة في أسعار الفائدة في وقت تعاني دول الخليج تباطؤا حادا في النشاط الاقتصادي، بسبب اعتمادها المفرط على الإيرادات النفطية. إضافة إلى ذلك، تأثرت البنوك في منطقة دول الخليج سلبا بظروف السيولة المقيدة في الشهور الأخيرة، بسبب انخفاض أسعار النفط. وقد أثر تراجع عائدات النفط على تدفق الإيرادات النفطية في شكل ودائع مصرفية.
إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة على القروض المصرفية من شأنه أن يشكل عائقا أمام المقترضين في المنطقة، ومن الواضح أن التعديلات التي أجريت على سعر الفائدة الأساسي تؤثر على سلوك المستهلكين والشركات وأسواق الأسهم على حد سواء، وإن كان تأثيرها على الأخيرة ليس فوريا.
ويرى محللون أن معظم البنوك المركزية في دول الخليج بدأت تتفاعل مع القرار؛ وذلك تماشياً مع الأوضاع العالمية. لافتين إلى أن دول الخليج بشكل عام تتمتع بوضع مالي، واحتياطات نقدية كبيرة أفضل من غيرها من الدول، كما أن الدين العام لا يمثل نسباً كبيرة من الناتج المحلي.
وأشاروا إلى أن مبادرات البنوك المركزية الخليجية برفع الفائدة أعطت تفاؤلاً وثقة وقتية للمتداولين وخاصة الأجانب، مؤكداً أن تبعات القرار ستظهر نتائجها على اقتصاد كل دول من دول المنطقة خلال الأشهر القادمة”.
ونفوا أن القرار سيكون له أثر سلبي على دول الخليج والمنطقة، وأن العالم ينظر الآن إلى أسعار النفط والبترول، كما يتم النظر الآن إلى الدولار على أنه الملاذ الآمن.
كلفة التمويل
فى المقابل يرى آخرون أن هناك تأثيرات لقرار رفع الفائدة على نشاط الشركات الصناعية التي ستواجه ضغوطا بسبب انخفاض صادراتها، خاصة مع ارتفاع سعر الدولار، مشيرًا إلى أن دول الخليج ستواجه تحديات في انخفاض أسعار النفط التي تتأثر سلبا مع قرار رفع الفائدة، وذلك في حالة توجهها لإصدار سندات أو صكوك لتغطية العجز المتوقع في ميزانياتها،حيث يؤثر ارتفاع سعر الفائدة على تلك الإصدارات وأضافوا أنه بالنسبة لشركات القطاع الصناعي وفي مقدمتها شركات البتروكيماويات فإن رفع الفائدة وبالتبعية سعر الدولار سيزيد من تكلفة الاقتراض عليها، كذلك الأمر نفسه مع شركات الاتصالات والمعادن.
وبحسب تقارير اقتصادية فإن العوائد المرتقبة في محافظ الإقراض المتغيرة في البنوك ستسجل ارتفاعا في سعر الفائدة، إلا أن هذه الفائدة تتقلص في محافظ الإقراض الثابت، حيث ستلعب البنوك دورا في تشكيل نسبة الإقراض للمحفظة الثابتة من نسبة المحفظة ذات العائد المتغير، في حين تتجه تكلفة تمويل الشركات للارتفاع، الأمر الذي سيحدث ضغطا على أسواق الأسهم، وذلك بسبب تحمل الشركات تكلفة أعلى في تمويل ذاتها.
ونجح الاقتصاد الأميركي بعد الأزمة المالية في 2008 في الخروج منها تدريجيا، وكانت قد أثرت وبشكل كبير على اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، وارتفع معها معدل البطالة، الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات، في مقدمتها خفض معدل الفائدة، الذي دفع البنوك لشراء سندات للحفاظ على تكاليف الإقراض طويلة الأجل منخفضة، إضافة إلى أن هذا الإجراء دفع أصحاب الأعمال للاقتراض وإنفاق الأموال لخلق فرص عمل جديدة.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية اتخذت جملة من الإجراءات للعودة باقتصادها للمقدمة، وهذه القوة ستنعكس على الأسواق الناشئة من خروج الاستثمارات وتدهور عملاتها، بعد قرار رفع أسعار فائدتها بمستوى عالٍ للإبقاء على الودائع بعملتها المحلية لتجتذب استثمارات في أسواق السندات لديها.
أسواق المال
السيناريو الثاني هو أن يؤدي رفع سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رد فعل عنيف في الأسواق المالية. ويمكن لهذا أن يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال (وخاصة من الأسواق الناشئة)، وأن يؤدي أيضاً إلى تشديد السياسة النقدية العالمية، وبالتالي ضعف النمو العالمي. ويمكن لهذه الآثار أن تمتد إلى الاقتصاد الأمريكي عن طريق التجارة والروابط المالية. ويمكن تخيل حدوث هذا السيناريو إذا لجأ بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من توقع الأسواق.
هناك خطر تحقق السيناريو الثاني فعلياً لسببين. أولاً، في المرات السابقة التي تم فيها رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، أساءت الأسواق تقدير السرعة التي شدد بها البنك الفيدرالي أسعار الفائدة. ومن الممكن أن تكرر الأسواق إساءة التقدير هذه المرة.
انزلاق الذهب
تشير توقعات الكثير من البنوك الاستثمارية سيكون عاماً صعباً آخر للذهب و أن يكون الذهب ضحية لرفع سعر الفائدة٬ويرى جيمس ستيل٬ المحلل المالي في بنك “HSBC ” إن الذهب سينخفض كرد فعل أولي على ارتفاع الفائدة٬ ولكن رفع أسعار الفائدة سيعقبها على المدى القصير عمليات بيع قصيرة الأجل للدولار؛ مما يدعم أسعار الذهب نسبياً.
أضف تعليق