تقارير رئيسي

250 مليار دولار صفقات مبادرة “مستقبل الاستثمار” منذ انطلاقها… الرياض ترسم ملامح “مفتاح الازدهار”

 

انطلقت اليوم في العاصمة السعودية الرياض النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، تحت شعار “مفتاح الازدهار”، وسط مشاركة عالمية واسعة من قادة الحكومات وصناع القرار والمستثمرين والخبراء الاقتصاديين، وتستمر فعاليات المؤتمر حتى 30 أكتوبر 2025.

وتعد المبادرة منصة عالمية تجمع أبرز العقول الاقتصادية لمناقشة التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، واستكشاف سبل تعزيز التعاون الدولي لتحقيق نمو مستدام يواكب الثورة التقنية وتحديات المستقبل.

250 مليار دولار صفقات منذ الإطلاق

أكد ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في كلمته خلال الافتتاح، أن قيمة الصفقات التي أُبرمت عبر مبادرة مستقبل الاستثمار منذ انطلاقها قبل أقل من عقد بلغت 250 مليار دولار، مشيرًا إلى أن المبادرة أصبحت ركيزة أساسية في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي.

وأضاف الرميان أن العام المنصرم شهد تحولات جذرية في المشهد الاقتصادي الدولي، حيث ارتفعت طموحات المستثمرين والشركات بما يتناسب مع التطورات التقنية الهائلة والواقع الاقتصادي الجديد، مؤكدًا أن النماذج التقليدية لم تعد قادرة على مواكبة العصر.

وأوضح أن الحكومات وحدها لا تستطيع تصحيح المسار، كما أن القطاع الخاص لا يمكنه التقدم بمفرده، مشددًا على أهمية التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص وابتكار نموذج جديد من الشراكة يقود العالم إلى عهد جديد من الازدهار المشترك.

الذكاء الاصطناعي والفجوة المعرفية

وتطرق الرميان إلى تحديات الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن 3 من كل 4 أشخاص حول العالم قلقون من أن الذكاء الاصطناعي قد يوسع الفجوة التعليمية والمعرفية بين المجتمعات الغنية بالموارد والتقنية، وتلك التي تفتقر إليها.

وقال: “لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك. علينا مواجهة عدم المساواة التي كبّلت تقدم البشرية لعقود طويلة”، مؤكدًا أن هذه الفجوة ليست اقتصادية فحسب، بل تمثل “فشلًا في إطلاق الطاقات البشرية نحو أقصى إمكاناتها”.

رؤية 2030… نموذج عالمي جديد للتحول

وحول التجربة السعودية، أوضح محافظ صندوق الاستثمارات العامة أن رؤية المملكة 2030، تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أرست مرجعية عالمية جديدة في التحول الاقتصادي، معتبرًا أن نتائجها باتت ملموسة في مختلف القطاعات، من إنشاء مدن جديدة مثل نيوم والقدية، إلى تطوير صناعات وقطاعات مستقبلية تشكّل نواة لاقتصاد متنوع ومستدام.

نقاشات عالمية حول “تناقضات الابتكار”

وتضم النسخة التاسعة من المؤتمر أكثر من 250 جلسة حوارية بمشاركة 650 متحدثًا بارزًا وأكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، يناقشون قضايا محورية مثل تأثير الذكاء الاصطناعي في الإنتاجية، وتكوين الثروة في ظل تزايد عدم المساواة، والآثار الجيواقتصادية لندرة الموارد، والتحولات الديموغرافية التي تعيد تشكيل القوى العاملة المستقبلية.

ويركز المؤتمر هذا العام على “تناقضات الابتكار”، أي كيف يمكن للتقنيات والسياسات أن تدفع عجلة النمو بينما تخلق في الوقت ذاته تحديات جديدة. كما يبحث المشاركون في سبل تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.

مشاركة عالمية غير مسبوقة

وأشار ريتشارد أتياس، الرئيس التنفيذي لمعهد مبادرة مستقبل الاستثمار، إلى أن النسخة الحالية تشهد مشاركة أكثر من 20 قائد دولة، من بينهم نائب رئيس الصين، إلى جانب قادة الأردن والعراق وسوريا وباكستان وموريتانيا وألبانيا وبنغلاديش وكوبا ورواندا، مؤكدًا أن “الجنوب العالمي سيكون حاضرًا بقوة في الرياض”.

وأضاف أتياس أن اليوم الثالث من الفعالية، المسمى “يوم الاستثمار”، سيشهد حضورًا نوعيًا من مديري صناديق تدير أصولًا تتجاوز قيمتها 100 تريليون دولار، في تأكيد على الثقة المتزايدة في البيئة الاستثمارية السعودية ومكانتها كمركز محوري للتواصل الاقتصادي الدولي.

الرياض مركز لصياغة المستقبل

ويعكس المؤتمر المكانة المتنامية للرياض كمحور اقتصادي عالمي، يجمع القادة والمبتكرين وصناع القرار لتحويل الرؤى إلى استراتيجيات عملية، ضمن مسار تصاعدي يتماشى مع أهداف رؤية 2030 لجعل المملكة مركزًا عالميًا للتمويل والتقنية والاستثمار.