تقارير

هل يصطدم ترامب وميركل بقمة مجموعة العشرين ؟

أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه يتعين على زعماء مجموعة العشرين التركيز على تحقيق نمو اقتصادي دائم ويشمل الجميع بدلا من التركيز على نجاحهم الشخصي وذلك في وقت شهدت فيه شوارع مدينة هامبورج مظاهرات مناهضة للعولمة قبل قمة مجموعة العشرين في الأسبوع الجاري.

وقالت ميركل في تدوينتها الأسبوعية إن قمة مجموعة العشرين ستتناول قضايا يؤيدها المحتجون مثل توزيع الثروة واستغلال الموارد إلى جانب قضايا ذات صلة مثل التغير المناخي وحرية الأسواق وحماية المستهلك ودعم المعايير الاجتماعية.

وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في مسيرات احتجاجا على الاجتماع الذي سيضم أكبر 20 اقتصادا في العالم تحت المطر في هامبورج يوم الأحد قبل القمة التي ستعقد يومي السابع والثامن من يوليو تموز والتي ستنشر الشرطة 21 ألفا من أفرادها في مختلف أرجاء ألمانيا لحمايتها.

وهذه هي المظاهرة الأولى من 30 مظاهرة مسجلة هذا الأسبوع. وحمل بعض المتظاهرين لافتات كتب عليها “حاربوا الفقر” و”أوقفوا الفحم” و”كوكب الأرض أولا”.

وقالت ميركل “لن تتعلق فقط بالنمو الاقتصادي بل أيضا بالنمو المستدام”. وتابعت “يجب أن يكون لدينا وضع يحقق المكاسب للجميع. من الواضح أن القضايا تدور حول: كيف نحقق النمو المستدام الذي يشمل الجميع؟”

وفصلت ميركل التي تسعى لفترة ولاية رابعة في انتخابات مقررة يوم 24 سبتمبر أيلول القضايا قائلة “ما الذي نفعله بمواردنا؟ ما هي قواعد توزيع الثروة؟ وكم شخصا سيشارك في ذلك؟ وكم دولة ستستفيد من ذلك؟”

ودون أن تشير إلى الاحتجاجات التي أقلقت المسئولين الأمنيين في ألمانيا من أعمال تخريب محتملة هذا الأسبوع في ثاني أكبر مدن ألمانيا قالت ميركل إن هذه القضايا غير التقليدية فُرضت بالقوة على جدول أعمال قمة العشرين.

وقالت “إذا مضينا ببساطة فيما كنا نقوم به من قبل فإن التنمية على مستوى العالم بالتأكيد لن تكون مستدامة ولن تشمل الجميع… نحتاج لاتفاق حماية المناخ وأسواق مفتوحة وتحسين اتفاقات التجارة بحيث تدعم حماية المستهلك والمعايير البيئية والاجتماعية”.

 

وأشارت ميركل إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون الدول الصناعية بالعالم الغربي مثالا يحتذى به بالنسبة لمناطق أخرى بالعالم.

 

وقالت في رسالة عبر فيديو تم نشره اليوم الأحد إنه تزايد في الدول الناشئة مثل الصين والهند إدراك حاليا “بأن المرء يضر نفسه بنفسه إذا اتخذ نهج التطوير ذاته الذي اتخذناه”.

 

وأشارت إلى أن تطور العالم لن “يكون بالتأكيد مستمرا وشاملا إذا لم نغير ما نقوم بعمله قمنا”.

 

وأوضحت المستشارة الألمانية أنه خلال انعقاد قمة العشرين لن يتم تناول النمو فحسب ، “وإنما أيضا النمو المستدام”.

 

ولفتت إلى أن صيغة قمة العشرين نشأت بسبب الأزمة المالية وطورت في البداية قواعد من أجل منتجات سوق المال، لافتة إلى أنه بعد ذلك تم فتح الباب أمام فكرة التنمية الشاملة.

 

وأوضحت أن الأمر يتعلق بالخروج بـ”وضع مربح للجميع” من النمو المستدام.

 

وبالنسبة لميركل يندرج ضمن هذا الوضع: “اتفاقية حماية المناخ، وتوفير أسواق مفتوحة وتحسين اتفاقية التجارة التي يتم داخلها تضمين حماية المستهلك ومعايير اجتماعية ومعايير بيئية”.

 

وأكدت المستشارة أنه كلما أحرزت التنمية تقدما بشكل أقوى —في الصين مثلا- كلما تم أيضا تطوير مبادئ للدور السياسي العالمي الخاص بها بشكل أكثر، مشيرة إلى أن الصين تسعى لتأمين طرق التجارة وتشارك في مهام أممية متنوعة، وسوف تقوم بدور أقوى في السياسة الخارجية تدريجيا.

 

وتابعت قائلة ، يجب أن لا ينتج عن المصالح المختلفة للدول أي معارك عنيدة، وإنما لا بد من البحث في إطار مباحثات عن حلول “لخدمة الاقتصاد العالمي” تعود بالنفع على الجميع، وقالت: “وهذا ما سيتم تناوله في هامبورج

 

واشارت مصادر  أن الصدام فى السياسات بين ميركل وترامب لا مفر منه بعد أن قررت الأولى أن تناقش بعض المواضيع الرئيسية فى قمة العشرين مثل الهجرة غير الشرعية، تغيير المناخ، والتجارة الحرة، والتى هى محل خلاف بين الإدارتين الألمانية والأمريكية.

 

وأكد ترامب مرارا وتكرارا على نيته لعزل الولايات المتحدة عن مجموعة القيم التى كانت تتبعها الإدارات الأمريكية على مرور العقود ويتبعها الغرب بشكل عام، من حيث أن الغرب لطالما اتبع سياسات التجارة الحرة وفتح الأبواب للمهاجرين واللاجئين والتحيز للسياسات المعنية بالبيئة والمناخ، وجاء ترامب ليضرب بكل تلك القيم عرض الحائط تحت شعار “أمريكا اولاً!”، مما استدعى القادة الأوروبيين بالأخص أن يميلوا إلى الانعزال عن الإدراة الأمريكية الجديدة تحت ترامب.

 

وقررت الولايات المتحدة أن تتبع سياسات انعزالية وغلق الأبواب عليها حتى تنهض باقتصادها أكثر وتجعله أقوى، فى حين تأكيد ميركل لسياسات الأسواق المفتوحة والتجارة الحرة. وكانت ميركل صريحة فى مباحثاتها مع رجال الأعمال الألمان هذا الأسبوع عن إيمانها بالأسواق المفتوحة، التى تتعدى الحدود وتعتمد على التجارة الحرة والمنافسة العادلة، وصرحت أثناء اجتماعها معهم أنها ستحاول “بذل مجهود كبير للوصول إلى اتفاق واسع النطاق حول حرية التجارة فى قمة هامبورج”، وأضافت، “أنه بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، فهى ليست من السهل التفاعل معها، وإننا بحاجة لبذل مجهود”.

 

وفى ظل الخلاف القائم بالفعل بين قادة أوروبا والإدارة الأمريكية؛ فأن قادة أوروبا ليسوا الوحيدين الذين يعيدون تقييم علاقتهم مع الولايات المتحدة، حيث صرحت كريستيا فريلاند، وزيرة الخارجية الكندية، فى البرلمان الأسبوع الماضى بأن الولايات المتحدة فى ظل إدارتها الجديدة “قد أثارت تساؤلات عديدة حول إمكانيتها فى الاستمرار فى قيادة العالم”، مشيرة إلى أن كندا مثلها مثل باقى الدول “لها الحق فى تحديد مسارها الواضح والسيادى”.

 

فيما ذكرت حكومة الأرجنتين، وهى إحدى الأعضاء بمجموعة العشرين، معلقة على سياسات إدارة ترامب الانعزالية، أن “الأرجنتين حاولت العزلة من قبل، ولكنها لا تجدى”.

 

وعلى مستوى أوسع، ستكون قمة مجموعة العشرين أول اختبار لما إذا كان بإمكان زعماء أوروبا الهروب من ظل أمريكا، أو أنهم يريدون بالفعل الهروب من العباءة الأمريكية.

 

وفيما يتعلق بتغير المناخ، انسحبت أمريكا مؤخرا من اتفاقية باريس للتغير المناخى وثارت سياساتها ومزاعمها الكثير من الجدل، فى حين استعداد ألمانيا لاستضافة حليفين تحتاجهما ألمانيا بخصوص الموضوع، وهما رئيس الوزراء الهندى نارندرا مودى، ورئيس مجلس الدولة الصينى لى كه تشيانج.

 

من جانبه حذر الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو جوتيريس، وفد ترامب من أن الولايات المتحدة ستفصح عن الكثير من القضايا التى تواجه المجتمع الدولى وسيتم استبدالها كزعيم عالمى.

 

كما علقت الصحيفة على أن الصين هى أكبر مصدر للانبعاث ثانى أكسيد الكربون، والهند تأتى فى المرتبة الثالثة، وإذا تابعت الولايات المتحدة رفضها لاتفاقية باريس، فستنهار العملية برمتها.

 

فيما أصرت ألمانيا على لسان سيجمار جابريل، وزير خارجيتها، على أنها “لا تسعى إلى التصادم مع الحكومة الأمريكية حول المواضيع المختارة، وإن السياسات اليمينية عامة ستقابل بمظاهرات شعبوية عديدة”.

 

وتجمع قمة مجموعة العشرين أكبر الاقتصاديات في العالم، التى تمثل 85% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، ومن المرجح أن يكون جدول أعمال ميركل المختار من شأنه أن يزيد من العزلة الأمريكية إلى أقصى حد، بينما يحاول التقليل إلى أدنى حد من الانقسام بين الآخرين، .