زيادة الإنفاق العام 8% سترفع نمو الناتج المحلي 2 % للعام المقبل
للعام الرابع على التوالي كشفت الحكومة السعودية عن موازنتها لعام 2017 بعجز متوقع يبلغ 198 مليار ريال (52.8 مليار دولار)، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية.
وتوقعت حكومة المملكة عجزاً قيمته 326 مليار ريال في موازنة 2016، والذى يعد أضخم عجز مُقدر في تاريخ ميزانيات السعودية. ويأتي العجز المتوقع العام المقبل بحدود 198 مليار ريال بعد تقدير إيرادات بـ692 مليار ريال، مقابل نفقات بنحو 890 مليار ريال.
وأظهرت البيانات الرسمية توجه السعودية لخفض العجز في ميزانية 2017 إلى مستويات 198 مليار ريال مما يساهم بالتالي من تعزيز مكانة المملكة الائتمانية خارجياً لدى صندوق النقد الدولي ورفع التصنيف الائتماني لدى شركات التصنيف العالمية، بالتالي خفض تكاليف الاقتراض الخارجي مما ينعكس على جذب استثمار الشركات العالمية للسوق السعودي وتشغيل مرافقه الاقتصادية.
وفيما يخص ميزانية عام 2017، فقدرت وزارة المالية الإيرادات بـ 692 مليار ريال والنفقات العامة بـ 890 مليار ريال، أي بعجز متوقع بحدود 198 مليار ريال، وارتفعت المصروفات المقدرة لعام 2017 عن تلك التي تم إنفاقها فعليا لعام 2016 بـ 65 مليار ريال.
وبالرغم مما أشار له بيان الميزانية إلى خطط لإصدار سندات دين جديدة بمبلغ 120 مليار ريال، إلا أن المصدر الأساسي لنمو الإيرادات سيكون هو الدخل الاستثماري، حيث يرجح أن يعزز صندوق الاستثمارات العامة عائدات الاستثمار بفضل فعالية أسلوبه في إدارة الثروة السيادية. كذلك قررت الميزانية نموا كبيرا في رسوم ومصاريف الخدمات عام 2017.
برنامج التوازن المالى
وتستهدف مؤشرات برنامج التوازن المالي، رفع قيمة الإيرادات غير النفطية في المملكة إلى 322 بحلول 2020، وهي قيمة مؤثرة ستحقق التوازن، وتأتي عبر تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل من خارج النفط.
واعتبر خبراء أن هذا التوجه سيخفف اعتماد المملكة على المورد الوحيد من الدخل، أو كما سمّاه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنه “إدمان النفط”، موضحين أن هذه الخطط ستعزز من الفرص الواعدة للاستثمار في المملكة، وتجعلها وجهة استثمارية رائدة في المنطقة، كما تخطط رؤية 2030.
كما رأوا أن رسوم المقابل المادي على العمالة الوافدة، ستكون أفضل بكثير من السعودة الوهمية للوظائف، وستؤدي الهدف وتحمل معها جوانب إيجابية مهمة أبرزها أن القطاع الخاص سيكون مدركا تماما لحجم الكلفة من تطبيق هذه القرارات، ويمكنه بناء الخطط المستقبلية بسهولة. ولفتوا إلى أن تأثير رسوم العمالة الوافدة، سيقاس من وجهة نظر الشركات عبر “الفرق بين الثمن والتكلفة فالشركات مستعدة أن تتحمل كلفة إضافية مقابل تحسين خدمات بيئة الأعمال، في وضعت الحكومة توظيف المواطنين على رأس أولوياتها الاقتصادية”.
رؤية المملكة
وفى سبيل رفع الايرادات غير النفطية ,اتخذت السعودية خطوات مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع الاقتصاد في ظل “رؤية السعودية 2030”. فقد تم إطلاق شراكات جديدة والترخيص لشركات أجنبية للاستثمار في المملكة بملكية كاملة، بعد موافقة مجلس الوزراء على الضوابط اللازمة لذلك.
وكانت البداية بمنح الهيئة العامة للاستثمار شركة “أبل” ترخيصاً للعمل في السعودية في مايو 2016، لتمارس الشركة أنشطة الصيانة والتسويق، إضافة للتدريب والدعم وتطوير قطاع تقنية المعلومات في المملكة.
وضمن جولة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتحدة خلال يونيو، تم منح 3 شركات أميركية تراخيص تجارية بنسبة تملك كاملة، كان أولها لشركة “داو كيميكال”، أكبر شركة أميركية في مجال صناعة الكيمياويات، كما تم الترخيص أيضا لشركة “فايزر” للأدوية و”ثري إم”.
أيضاً شملت الجولة الأميركية السماح لشركة “6 فلاغز” بالعمل في المملكة، وهي أكبر مجموعة متنزهات ترفيهية في العالم.
وشملت الجهود لتنويع الاقتصاد دولة الصين التي زارها الأمير محمد بن سلمان في 2016، وتم خلالها توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الحكومتين في مجالات متعددة، أبرزها الطاقة وتخزين الزيوت والتعدين والتجارة.
وبعد الصين، توجه الأمير محمد بن سلمان إلى اليابان، حيث تم توقيع 11 مذكرة تفاهم تخدم “رؤية 2030″، في قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة والتنمية والثقافة.
وتسعى المملكة ضمن “رؤية 2030” إلى رفع نسبة الاستثمار الأجنبي مقابل الناتج المحلي من 3.8% حالياً إلى 5.7%، وذلك في 2030، كما تعتزم زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال إلى تريليون ريال.
وفي ردود الفعل حول “رؤية السعودية 2030″، أشاد صندوق النقد الدولي بهذه الخطوة، مشيراً إلى أن السياسة المالية للسعودية تتكيف على نحو ملائم مع انخفاض النفط. أما البنك الدولي فوصف الرؤية ببرنامج تحول طموح سيساهم في استدامة الاقتصاد في السعودية والمنطقة ككل.
من جانبها، أشارت وكالة “موديز” إلى أن تنفيذ السعودية لخطة “التحول الوطني 2020″، سينعكس إيجاباً على جودة التصنيف الائتماني من خلال دعم متانتها المالية والاقتصادية.
أما “ستاندرد آند بورز” فقالت إن الخطة طموحة جداً، وبالتالي قد تواجه بعض التحديات في التطبيق، لكنها مع ذلك ستساهم في تسريع النمو الاقتصادي إذا نجحت في تحقيق الأهداف المنشودة.
![السعودية](http://amwal-mag.com/wp-content/uploads/2016/10/57056d92c361880f198b45e0-300x169.jpg)
المؤسسات المالية
وعكست تعليقات المؤسسات المالية على الميزانية السعودية حالة إيجابية، وارتياحاً للمعايير الجديدة في الشفافية والإصلاحات على مستوى تنويع الإيرادات ونمو الإنفاق بما يوفر دعماً لنمو الاقتصاد.
وأعلنت مجموعة سامبا المالية أن الأرقام الفعلية لميزانية 2016 وميزانية 2017 من شأنها طمأنة الأسواق العالمية بأن السعودية توجه مواردها المالية على خطى مستدامة.
أما “الرياض كابيتال”، فرأت أن ميزانية 2017 تركز على الكفاءة المالية الطويلة الأجل، مشيرة الى أن خطة دفع فواتير القطاع الخاص خلال 60 يوما هي خطوة مرحب بها من قطاع البناء والتشييد.
بدورها، أفادت شركة ناصر السعيدي وشركاه بأن الميزانية تظهر قدرا أكبر من الشفافية وهي إشارة إيجابية للمستثمرين على الصعيدين المحلي والدولي، وتهيئ للطرح الأولي على أسهم أرامكو.
من جانبه، أعلن مركز الخليج للأبحاث أن ميزانية 2017 ترسل رسالة واضحة بأن العجز يتراجع بوتيرة أسرع مما كان متوقعا وأن الاستثمار يعود تدريجيا، وهذا سيساهم في بناء الثقة والسيولة على المدى القصير، وأضاف “الخليج للأبحاث” أنه يجب مراجعة توقعات النمو صعودا للعام المقبل إلى 2.7%.
وفي تقرير لها حول الميزانية السعودية، قدرت الراجحي المالية سعر النفط الكافي لتحقيق نقطة التعادل عند 67.6 دولار. وقالت إن ميزانية 2017 مبنية على سعر تقديري للنفط عند 50.3 دولار للبرميل.
وتوقعت الراجحي المالية أن تؤدي السياسة التوسعية التي أفصحت عنها المملكة إلى تعزيز نمو الاقتصاد وتيسير السيولة، ما سيخفف من أثر معدل الفائدة المرتفع.
كما أكدت الراجحي أن الميزانية متوافقة مع أهداف برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، وتوقعت أن تؤدي زيادة الإنفاق بنسبة 8% إلى تعزيز نمو الناتج المحلي بنسبة 2% العام المقبل. واعتبرت الراجحي المالية أن إصلاحات الدعم وسوق العمل تعد إيجابية وستدعم الايرادات غير النفطية.
الميزانية خلال 4 عقود
واستطاعت المملكة خلال أعوام ماضية من تجاوز عجز موازنتها حيث سجلت ميزانيات السعودية خلال الأربعة عقود الماضية عجزا خلال 26 عاما، إلا أن المملكة استطاعت تغطية عجز موازنتها من الدخل الأساسي لها وهو النفط مما جعل المملكة تسعى وبخطوات جادة خلال الفترة الأخيرة ومع انخفاض أسعار النفط من وضع سياسات تكفل تقليل تأثير تراجع إيرادات النفط تدريجيا على موازنتها العامة ومنها رؤية 2030 والتي تم إعلان أول ميزانية مع الرؤية الجديدة يوم .
وعند النظر لعجز الميزانية العامة للمملكة خلال فترة الـ 15 عاما الأخيرة فإننا نجد أنه منذ عام 2003 حتى 2008، سجلت الميزانية فوائض لستة أعوام متتالية بإجمالي 1.4 مليار ريال بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط، بمتوسط فائض 233 مليار ريال سنويا، فيما سجلت عجزاً عام 2009 بسبب تراجع أسعار النفط نتيجة الأزمة المالية العالمية، عند 86.6 مليار ريال.
وفي أعوام 2010 و2011 و2012 و2013 عادت المملكة للفوائض مرة أخرى، بنحو87.7 مليار ريال، و291 مليار ريال، و374 مليار ريال، و206 مليارات ريال على التوالي. ثم سجلت عجزاً عاما 66 مليار ريال، ثم 367 مليار ريال في عام 2015، و297 مليار ريال في 2016. فيما توقعت السعودية عجزاً بقيمة 198 مليار ريال في 2017.
أبرز الملامح
* ارتفاع الإنفاق في 2017 بنسبة 8% عن الإنفاق الفعلي في 2016
* بدء إجراءات جديدة لرفع الدعم عن الكهرباء في 2017
* تأجيل رفع الدعم عن اللقيم المستخدم في صناعة البتروكيماويات حتى 2019
* إقرار خطة تحفيز لقطاع الخاص بـ 200 مليار ريال حتى 2020
* إعادة توزيع الدعم عبر تحويلات نقدية للمواطنين
أضف تعليق