كشفت مراسلة صادرة عن الهيئة العامة للاستثمار في الكويت عزم الهيئة على التخارج من مساهمتها في شركة أريفا الفرنسية، التي تعمل في مجال الطاقة النووية، بعد تكبدها خسائر “غير محققة” من هذا الاستثمار تبلغ 522 مليون يورو وبنسبة انخفاض 87% من المبلغ الذي استثمرته الهيئة في الشركة قبل 7 سنوات تقريبا (في 2010/12/28)، والبالغ 600 مليون يورو.

وبينت مصادر مطلعة أن أسباب خسائر الهيئة الكبيرة في هذا الاستثمار تعود إلى تداعيات كارثة التسونامي في اليابان وحادثة المفاعل النووي في “فوكوشيما” في 2011، مما أدى إلى تدهور قيمة جميع الشركات العاملة في مجال الطاقة النووية، الأمر الذي ترتب عليه انخفاض القيمة السوقية على مدى السنوات الخمس الأخيرة للشركة بنسبة تصل إلى 87 %، موضحة أن سهم الشركة كان أعلى من التكلفة على الهيئة حتى شهر مارس 2011، بحسب ما ورد في صحيفة “القبس” الكويتية.

وعن أسباب عدم تخارجها من استثمارها في “أريفا” منذ أن بدأت أسهم الشركة بالتراجع، أكدت هيئة الاستثمار أنها لم تتقاعس في متابعة أمر هذا التراجع، مؤكدة أنها لا ترى خطأ أو تقاعساً في هذا الاستثمار أو حتى في متابعته، باعتباره قرارا استثماريا تحكمه ظروف الأسواق العالمية في هذا النشاط.

وأشارت إلى أن التداول على أسهم الشركة محدود جداً في الأسواق المالية، كما أن بيع حصة الهيئة بالكامل كانت شبه مستحيلة، وتحتاج إلى أكثر من 7 سنوات بافتراض عدم حدوث تأثير سلبي كبير على السهم نتيجة البيع.

وبينت أن الأشخاص من العاملين في الهيئة الذين قاموا بالاستثمار في “أريفا” هم أنفسهم الذين قاموا بالاستثمار في شركات: Visa، Blackrock، AIA، AIG، بنك ICBC، بنك ABC، وغيرها من الاستثمارات الناجحة، التي حققت حتى 2017/1/31 أرباحاً تفوق 8.6 مليار دولار، مقارنة بخسارة 600 مليون دولار في “أريفا”، ولذلك يجب النظر إلى الصورة بشكل كامل وتفادي الانتقائية.

وأكدت الهيئة أنها بذلت خلال هذه السنوات الخمس الماضية جهوداً كثيفة مع الحكومة الفرنسية ومع الإدارة العليا للشركة، لإيجاد الحلول الملائمة لاستعادة الشركة لمركزها المالي في السوق العالمية لهذا النشاط، كما أن هناك عرضا من الحكومة الفرنسية حالياً لشراء كل أسهم مساهمي الأقلية في الشركة بسعر السوق، وقد أبدت الهيئة رغبتها في التخارج، الذي من المتوقع حصوله قبل نهاية العام الجاري 2017.

كما قامت الهيئة باتصالات عديدة مع إدارة الشركة، وكذلك الاجتماع مع رئيس مجلس إدارتها عدة مرات منذ أكتوبر 2011، إذ عقدت اجتماعات دورية مع الإدارة العليا للشركة بحضور ممثلين من الحكومة الفرنسية، واجتمعت عدة مرات مع الوكالة الحكومية المسؤولة عن ملكية الحكومة الفرنسية للتوصل إلى أفضل الحلول والبدائل الممكنة لحماية استثمار الهيئة في هذه الشركة، في الوقت الذي تقوم فيه الوكالة بإعداد خطة إعادة هيكلة الشركة.

من جهة أخرى، أثارت الهيئة العامة للاستثمار الموضوع على كل الأصعدة، ومنها مناقشة الموضوع مع القيادة الفرنسية.

ونظراً للاختلاف في وجهات النظر بين الهيئة العامة للاستثمار وديوان المحاسبة بشأن الاستثمار في شركة أريفا، طلب الأخير إحالة الموضوع للتحقيق، وتم رفع الموضوع لمجلس الوزراء الذي قام بدوره بتشكيل لجنة لدراسة وحسم الخلاف في الرأي بين الجهات الحكومية وديوان المحاسبة، وقامت اللجنة بعد اتخاذها للإجراءات اللازمة بهذا الشأن بتوجيه كتاب لمجلس الوزراء خلصت فيه إلى أن “اللجنة ترى سلامة رأي الهيئة العامة للاستثمار وعدم اختصاص ديوان المحاسبة في هذا الشأن سواء من حيث الملاحظة أو طلبه احالة الموضوع للتحقيق”.

بتاريخ 2010/12/28 استثمرت الهيئة العامة للاستثمار مبلغ 600 مليون يورو في شركة أريفا الفرنسية، عند زيادة رأسمالها، وهو ما يمثل 4.8% من رأس مال الشركة، إلى جانب الحكومة الفرنسية التي استثمرت أيضاً مبلغ 300 مليون يورو لتصل مساهمتها في الشركة إلى ما يقرب من 90% وذلك بناء على دراسة جدوى اقتصادية وبتكليف من اللجنة التنفيذية بالهيئة قام بها بنك غولدمان ساكس.

وبناء على هذه الدراسة التي حددت تقييم لسعر سهم الشركة من 365 يورو إلى 454 يورو، أصدرت اللجنة التنفيذية قرارها رقم 1/1 في تاريخ 2010/4/13 بالاستثمار في الشركة بمبلغ مليار يورو على ألا يتجاوز سعر السهم 454 يورو وألا تتجاوز حصة الهيئة في الشركة 5% من رأس المال.

وهو ما التزمت به الهيئة باستثمارها مبلغ 599.9 مليون يورو تمثل حصة قدرها %4.8 من رأسمال الشركة، وبسعر للسهم قدره 325 يورو، وعلى أساس قيمة للشركة تبلغ 11.5 مليار يورو بانخفاض وقدره 9.2 مليون يورو عن القيمة التي حددتها الحكومة الفرنسية للشركة.