تقارير

هل انتهى عصر النفط “الرخيص”؟

تشير الترجيحات بشأن أسواق النفط إلى أن أسعاره مرشحة للارتفاع خلال  الفترة المقبلة لافتة إلى أن عصر النفط الرخيص قد انتهى .

استمرار القفزات بأسواق النفط تأتى نتيجة لعدة عوامل بما فيها حظر صادرات الخام الإيرانية، وتضاؤل الطاقة الإنتاجية الفائضة لمنظمة أوبك ودول منتجة أخرى. فالجزء الثاني من العقوبات الإيرانية التي تلوح في الأفق في نوفمبر / تشرين الثاني، تواجه مشاكل العرض في الولايات المتحدة، ونقص الطاقة الاحتياطية من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وبعض المشاركين في سوق النفط الخام يراهنون على أن أسعار الذهب الأسود قد تتجه إلى 100 دولار، وهو سعر غير مرئي منذ عام 2014.

ولفت لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ الأمريكية ، إلى توقعات أوبك ووكالة الطاقة الدولية، بشأن تباطؤ الطلب على النفط العام القادم، كنتيجة أولية لارتفاع أسعار الخام في السوق العالمي، وضعف بعض العملات الرئيسية وأن  تباطؤ النمو في الطلب على النفط لا يعني أن الأسعار ستنخفض؛ لأن القلق بشأن تقلص الطاقات الفائضة سيواصل دعم الأسعار”.

وأشار إلى التوقعات التي أصدرتها أوبك ووكالة الطاقة الدولية أخيرًا، والتي قدرت زيادة الطلب العالمي بنحو 1.36 مليون برميل يوميًا عام 2019، وهو مستوى أقل بكثير مما كان متوقعًا من قبل المجموعتين، في شهر تموز (يوليو) الماضي.

 

وهنناك احتمال إجراء تعديل في التقديرات على الطلب العالمي ولاشك أن  مثل هذا التعديل في التقديرات على نمو الطلب سيكون على الأرجح في الاتجاه الهبوطي…ويبدو أن عصر النفط المكلف قد عاد. فأسعار النفط لم تصل إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات فحسب، بل  إنها أثرت بشكل كبير على الصين والهند؛ بسبب انخفاض عملاتها مقابل الدولار الذي يعد السعر الرسمي في تجارة النفط العالمية”.

التوقعات بشأن تباطؤ الطلب على النفط، تعكس أيضًا خفض التقديرات الأخيرة بشأن النمو الاقتصادي العالمي من قبل صندوق النقد الدولي”، مشيرًا إلى أن “ما أثار القلق بشأن تباطؤ التجارة الدولية، هو تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين”.وبالنسبة لإيران،  فأن صادراتها النفطية هوت بنحو 39%، منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات عليها، و تلك الصادرات مرشحة لهبوط سريع بعد سريان مفعول الحظر النفطي على طهران في 4 من الشهر القادم.

 

وكالة الطاقة الدولية حددت طاقة أوبك الفائضة بنحو مليوني برميل يوميًا، إلا أن معظمها لم يتم اختباره بعد  لذا فإن الطاقة الفائضة الفعلية قد تكون أقل من نصف المستوى الذي قدرته وكالة الطاقة الدولية، وعلى الأرجح  سيدعم ذلك  أسعار النفط ويبقيها مرتفعة، بانتظار وصول إمدادات مناسبة للسوق”.

وقالت كبرى شركات التجارة في العالم، إنها تتوقع ألا تنخفض أسعار النفط عن 65 دولارا للبرميل وربما تتجاوز 100 دولار للبرميل العام المقبل.  وبلغ خام برنت الأسبوع الماضي 86.74 دولار للبرميل، وهو أعلى سعر له منذ 2014.

لكن في 2019 تقول توقعات جهات مثل وكالة الطاقة الدولية إن أزمة الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تؤثر سلبا على الطلب العالمي، بينما يتعزز المعروض جراء زيادة الإنتاج من خارج أوبك

وأوردت نشرة «بلاتس اويلغرام» أن «أوبك» زادت إنتاجها 180 ألف برميل يومياً منذ آب (أغسطس) الماضي، ما يعكس محاولة المنظمة تأكيد الثقة بتوفر إمدادات كافية وألا داعي للخوف من شح. وأعلنت السلطات البترولية الروسية إنتاج معدل قياسي في أيلول بلغ نحو 11.356 مليون برميل يومياً، بارتفاع مقداره 350 ألفاً مقارنة بأيار. وشاركت في هذه الزيادات كل دول «أوبك» والحلفاء، باستثناء إيران وفنزويلا، اللتين تراجع إنتاجهما، بينما حافظت السعودية على معدلات تزيد على 10 ملايين برميل يومياً منذ بداية العام الحالي، مع زيادات شهرية.

ولكن ما يمنع زيادة الإنتاج أكثر، تخوف الدول المنتجة من تطور الأزمة الإيرانية، فهناك خشية من إبرام اتفاق للتفاوض بين واشنطن وطهران في اللحظة الأخيرة، وعندها سنشهد تخمة في الأسواق كما حدث بين عامي 2014 و2016، ما سيؤدي إلى انتقال «أوبك» من أزمة إلى أخرى. وهناك تخوّف أيضاً من تطور الأمر إلى عمليات عسكرية ومداها، فأي محاولة إيرانية لإغلاق مضيق هرمز سيعني تصعيداً خطيراً في النزاع، إذ سيعني حجب أكثر من 15 مليون برميل يومياً، وهذا السيناريو الأسوأ والمستبعد. ويعتبر وجود طاقة إنتاجية إضافية مع بدء العقوبات أمراً مهماً، إذ يطمئن إلى تعويض النقص، أما تعويض النقص في حال إغلاق مضيق هرمز فلن يكون ممكناً وسؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية، ستزداد خلالها المضاربات في حال البدء منذ الآن باستعمال كل الطاقة المتوفرة.

وأشارت نشرة «انترناشونال اويل ديلي» إلى تعميم صدر أخيراً عن وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك إلى الشركات العاملة في روسيا بزيادة الإنتاج إلى مستويات قصوى، نتيجة اتفاق ثنائي توصل إليه مع وزير الطاقة السعودي خالد الفالح. ونوه الرئيس فلاديمير بوتين بهذه الزيادة في تصريح أكد فيه أن روسيا زادت إنتاجها 400 ألف برميل يومياً نتيجة «اتفاق مع شركائنا». ويتضح أن الإنتاج السعودي ارتفع إلى 10.7 مليون برميل يومياً خلال الشهر الجاري، من نحو 10 ملايين برميل يومياً خلال فصل الربيع، مع الأخذ بالاعتبار ارتفاع الصادرات إلى 7.7 مليون برميل يومياً، بحسب الفالح.

وكان الفالح أعلن في موسكو خلال «أسبوع الطاقة الروسي» أن السعودية مستعدة لإنتاج 1.3 مليون برميل يومياً إضافية في حال توفر الطلب، كما أكد أن كلفة الاستثمارات الرأس مالية لإنتاج مليون برميل يومياً إضافي تبلغ نحو 20 بليون دولار. وتؤكد معلومات حديثة أن المخزون التجاري في ازدياد، اذ ارتفع نحو مليون برميل يومياً في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الأخير من أيلول، ما يعني أن الامدادات أكثر من الاستهلاك.