طلبت السعودية من شركات استشارية كبرى إجراء تقييم استراتيجي لمشروع “ذا لاين”، المدينة المستقبلية التي تمتد بطول 170 كيلومترًا بدون سيارات، والتابعة لمشروع “نيوم”، في إطار مراجعة أوسع لأولويات الإنفاق الحكومي، بحسب مصادر مطلعة تحدثت لوكالة بلومبرغ.
ويأتي ذلك تحت إشراف وحدة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي كلّفت الشركات الاستشارية بإعادة تقييم جدوى المشروع ومقترحاته المستقبلية، دون استبعاد احتمالية إدخال تعديلات على المخطط الحالي. غير أن المصادر أكدت أن أي قرار نهائي بشأن المشروع سيخضع لموافقة الجهات التنفيذية في الصندوق، ثم الحكومة السعودية.
نيوم: المشروع ما زال أولوية
في أول تعليق رسمي، قالت شركة نيوم إن المراجعات الاستراتيجية تُعد ممارسة معتادة في المشروعات العملاقة، مؤكدة أن “ذا لاين” يظل مشروعًا ذا أولوية قصوى، مع التركيز على كفاءة التنفيذ وتسريع وتيرة التقدم بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وتأتي هذه المراجعة في وقت تشهد فيه السعودية إعادة تقييم موسعة للإنفاق على المشاريع الكبرى، في ظل ضغوط متزايدة بفعل تراجع أسعار النفط وزيادة العجز المالي. تُظهر التقديرات أن المملكة تحتاج إلى متوسط سعر نفط يبلغ 96 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، يرتفع إلى 113 دولارًا عند احتساب التزامات صندوق الاستثمارات العامة.
هل يتحول “ذا لاين” لمشروع ربحي؟
تزامنًا مع تولي أيمن المديفر منصب الرئيس التنفيذي لـ”نيوم”، تهدف هذه المراجعة إلى بحث فرص تحويل المشروع إلى نموذج استثماري تجاري يحقق عائدًا ربحيًا، بحسب نفس المصادر.
وأشار التقرير إلى أن مشروعات أخرى داخل “نيوم” مثل جزيرة “سندالة” للسياحة الفاخرة تواجه أيضًا تباطؤًا في التنفيذ ومشاكل تصميمية، ما يضع ضغوطًا إضافية على وتيرة الإنجاز، رغم أن “نيوم” امتنعت عن التعليق رسميًا.
طموحات كبرى.. ومراجعات ضرورية
منذ الإعلان عن “ذا لاين” عام 2017 ضمن مشاريع رؤية 2030، أثار المشروع اهتمامًا عالميًا بفكرته الطموحة كمدينة صديقة للبيئة وخالية من المركبات. كانت الخطة الأصلية تستهدف إسكان 1.5 مليون شخص بحلول 2030، لكنها خضعت لتعديلات لاحقة، وسط توقعات حالية لا تتجاوز 300 ألف نسمة بنهاية العقد الجاري.
مع ذلك، يظل المشروع محورًا أساسيًا في خطة المملكة لاستضافة فعاليات كبرى مثل كأس العالم 2034، إلى جانب إكسبو 2030 والألعاب الشتوية 2029.
المراقبة الدولية تشيد بالمراجعات
رحّب صندوق النقد الدولي بالمراجعات الجارية لمشاريع الإنفاق الكبرى في المملكة، معتبرًا أن ضبط وتيرة المشروعات الكبرى ضرورة لضمان الاستدامة المالية. واعتبر زياد داود، كبير
خبراء اقتصاد الأسواق الناشئة لدى بلومبرغ إيكونوميكس، أن هذه الخطوات تمثل “تحولًا مطلوبًا بعد أن أصبحت السعودية من دولة مُقرِضة إلى دولة مقترضة”
المصدر: بلومبرغ
