أكد الدكتور ويلب كيمبل سفير النمسا بالدوحة، أن التعاون التجاري والاستثماري بين بلاده وقطر ممتاز واعتبر قطر شريكا اقتصاديا مهماً للنمسا.
وقال إن الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم بدأت تجد طريقها إلى قطر وتنمو بشكل ملحوظ، بجانب الشركات الكبرى الموجودة بالفعل. وقال كيمبل في حوار مع «لوسيل»: إن الاستثمارات القطرية بالنمسا مستمرة في الارتفاع كما فتحت الغرفة التجارية النمساوية مكتباً لها في الدوحة منذ خمس سنوات على الرغم من التخفيضات العالمية وسياسات الترشيد الأخرى، وهذا المكتب يعتبر منصة للشركات النمساوية في قطر ونقطة اتصال هامة للمصالح التجارية القطرية في النمسا.
أضاف السفير النمساوي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 800 مليون ريال قطري في 2015 (200 مليون يورو) منها نحو 80٪ صادرات من النمسا و20٪ صادرات من قطر، بالإضافة لصادرات النمسا من الخدمات مثل السياحة التي تقدر عائداتها بـ210 ملايين ريال (70 مليون يورو). وأوضح أن الاستثمارات بين البلدين قوية وهناك استثمارات نمساوية هامة بقطر في مجالات البناء والبنية التحتية والمنتجات ووسائل الإعلام والأفلام والمشروبات والمنتجات الغذائية.
وتشمل الاستثمارات القطرية في النمسا الشراء الخاص والاستثمارات العقارية والتجارية التي بدأت تأخذ اتجاها تصاعديا واضحاً.
تفاهم مشترك
وقال السفير النمساوي إن بلاده عززت علاقتها مع قطر منذ افتتاح السفارة النمساوية في الدوحة عام 2011، مضيفاً: «نحن نركز بصفة أساسية على عدة مواضيع مختلفة، مثل العلاقات السياسية المتميزة التي أدت إلى تعزيز التفاهم المشترك بين البلدين والصداقة، وتشمل هذه العلاقات التطورات الإقليمية والمخاوف الأمنية لدى الجانبين». وأكد ثقته في تعزيز التبادل التجاري الثنائي ونمو التبادل الاقتصادي بين الجانبين، حيث تضاعفت صادرات النمسا إلى قطر في 2015.
وأوضح السفير وجود عدد من المنتجات والخدمات النمساوية في قطر، لا سيما في مجالات الإنشاءات والبنية التحتية وخط المترو وإستاد الدوحة والمشاريع والمنتجات النمساوية الشهيرة ونقالات الركاب وسيارات الإطفاء ومشروعات الطاقة والمواد الغذائية.
وشدد السفير على ضرورة التركيز على البُعد الإنساني والخدمات، وفي هذا السياق أشار إلى أن النمساويين يشاركون في أنشطة متنوعة في قطر مثل إدارة الفنادق والمطاعم والرياضة وكذلك في مجال الفنون وصناعة الأفلام والمسؤولية الاجتماعية للشركات وإدارة الفعاليات وغيرها، معربا عن اعتقاده بأن هذا البُعد الإنساني يساهم في مد الجسور بين الشعبين القطري والنمساوي.
وفي مجال الأنشطة الثقافية قال كيمبل إن الفنانين النمساويين قدموا عروضاً في احتفال الجاز بالدوحة، وهناك عدد كبير من الموسيقيين النمساويين الذين لهم وجود كبير في فرقة قطر الفلوهارمونية.
وذلك لأن الدور الكبير الذي يلعبه المسرح قد يكون سبيلا آخر للتعاون وكذلك الفنون الجميلة والنحت والأدب والمعارض، وأضاف: «بما أنني شخصيا مهتم بالرسم والتلوين والكتابة والتمثيل فإنني أتطلع لأن أقدم مساهمة شخصية من أجل التقارب مع المجتمع القطري».
كأس العالم 2022
وعن بطولة كأس العالم 2022 التي ستقام في قطر، قال دكتور كيمبل: لقد زرت بالفعل محطتي خط المترو عند مستشفى حمد والقصر الأبيض وأعجبت بالتقدم الذي تحقق. وقال إن الشركة النمساوية «بي أو آر آر»، هي شركة رائدة ضمن مجموعة الشركات التي تنفذ مشروع المترو وتسعى لإكمال أعمالها في الوقت المحدد.
وأضاف السفير أنه تلقى دعوة للوقوف على التقدم الذي أحرز على الأرض، كما زار أيضا موقفا آخر بالقرب من إستاد الريان بسكن العمال ووقف على الخدمات الجيدة التي تقدم لهم.
وقال: «لقد كانت الخدمات والمعايير المتعلقة بالصحة والاتصالات والمياه والأغذية والسكن بصفة عامة أكثر من مرضية.
وسوف أقوم بزيارات إلى مواقع ومنشآت أخرى بمشاركة سفراء من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
تعزيز الشراكات
وأشار إلى تزايد الشركات النمساوية في أعمال الإنارة وبعض أعمال البنية التحتية الأخرى مثل إدارة المياه النظيفة، وهناك شركة نمساوية توفر المواصلات للركاب في مطار حمد الدولي، ونسعى لأن يكتشف المواطنون القطريون النمسا كمكان لقضاء الإجازات والاستثمار والحوار.
وعن الإجراءات التي اتخذتها النمسا لحماية حدودها، قال السفير إن بلاده لم تقيد إجراءات إصدار تأشيرات الدخول للقطريين، ولكنها في حقيقة الأمر شددت السيطرة على الحدود لتستطيع التعامل مع التدفق الكبير من اللاجئين والمهاجرين.
وعلاوة على ذلك فإن النمسا، شأنها شأن الدول الأخرى في أوروبا وما وراءها، متيقظون بكل تأكيد لأمننا في ظل الهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس وبروكسل ومدن أخرى في أوروبا.
وواجهت النمسا في 2015 عبور أكثر من 1.2 مليون لاجئ ومهاجر لحدودها، وكانت حدودنا مفتوحة لأسباب إنسانية، غير أن إدارة مثل هذا العدد الكبير من الناس كانت تحديا ولهذا السبب فنحن نضبط دخولهم وننظم إقامتهم.
وساطات نشطة
وعلى صعيد السياسة الخارجية لدولة قطر والنمسا، قال سعادته: إن كلا البلدين يقومان بأدوار تسعى إلى وساطة نشطة في المنازعات كما أنهما نقطتا التقاء للمؤتمرات والأحداث الدولية مثل حوار الأديان، وبفيينا في أحد مقار الأمم المتحدة الثلاثة وموقع استضافة عدد كبير من منظمات الأمم المتحدة.
ووفقا لقناعة النمسا بأن النزاعات يجب أن تُحل عبر الحوار والمفاوضات، استضافت النمسا على سبيل المثال الاجتماع الدولي لمجموعة دعم سوريا، والمناقشات المتعلقة بالوضع في ليبيا والمحادثات النووية الناجحة مع إيران وكذلك فتح قنوات اتصال ضرورية مع سوريا وليبيا والعراق وأوكرانيا.
وحول آفاق التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والنمسا، أوضح أن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لديهما إطار تعاون وتشاور واجتماعات وحوار مستمر، مشيرا إلى وجود اتفاقية التجارة الحرة التي لم تكتمل بعد، لذلك فإن الرسائل واللقاءات الشخصية وتبادل المعلومات تعد وسائل هامة من أجل تعزيز السلام والأمن.
وقال السفير: عندما التقيت بسعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية لتسليم أوراق اعتمادي، أبدى رغبته الأكيدة في تعزيز العلاقات الثنائية والعمل بصورة وثيقة من أجل المصالح المشتركة في عدد من القضايا الثنائية والإقليمية، وأيضاً عندما التقيت بحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لتسليم أوراق اعتمادي أبدى أيضاً رغبته الأكيدة في توثيق العلاقات.
وأعرب السفير عن سعادته الغامرة بأن يكون جزءا من التعاون المستمر مع المنطقة العربية بوصفه أول سفير مقيم للنمسا في قطر.
وقال: قطر تعد أرض فرص كبيرة، لذا فإنني على قناعة بأن البُعد الإنساني بين النمسا وقطر يحظى باهتمام كبير، ومع ذلك فإنني آمل في أن أرى المزيد من التبادل بين البلدين فيما يتعلق بالزيارات، والمبادرات المشتركة والتعلم من أفضل الممارسات لدى كلا الجانبين.
التعايش والسلام
وتعليقا على الموقف النمساوي بشأن القضية الفلسطينية، قال السفير إن النمسا والاتحاد الأوروبي يدعمان تنفيذ حل الدولتين الذي يعني أن إسرائيل وفلسطين يجب أن تتعايشا بجوار في سلام وفي ظل حدود معترف بها من كلا الطرفين، وهو الخيار الوحيد لإنهاء عقود من الصراع بين اليهود والفلسطينيين.
ولهذا السبب نحن ندعم كل الجهود التي تهدف لاستئناف مفاوضات جادة وندعو الطرفين خاصة إسرائيل إلى التخلي عن المزيد من الخطوات التي تهدد حل الدولتين وجعله مستحيلا.
وتواصل مبادرة السلام العربية كونها مساهمة مهمة من قبل الدول العربية من أجل تسهيل تسوية نهائية بمجرد أن تصبح القيادتان في إسرائيل وفلسطين قادرتين على وضع الاعتبارات التكتيكية قصيرة المدى والتركيز على السلام والرفاهية لمجتمعاتهما.
وعن الخطوات التالية من قبل النمسا بشأن قضية اللاجئين العالمية، قال السفير إن أول وأهم خطوة اتخذتها بلاده كانت إغلاق طريق البلقان.
والسعى لإيجاد سبل وطرق لاقتسام العبء وإشراك المزيد، من 8 إلى 10، من دول الاتحاد الأوروبي في حل أزمة اللاجئين.
وعن تعزيز العلاقات بين النمسا والدول العربية، قال السفير إن بلاده منفتحة للغاية على المنطقة العربية منذ سنوات عديدة، وهناك عدد من المساهمات والمبادرات والأنشطة.
وأضاف أن النمسا ممثلة في الخليج عبر سفاراتها في الدوحة والكويت وأبو ظبي والرياض.
وقال: «نحن موجودون في لبنان والعراق وسوريا وليبيا وبلدان أخرى في المنطقة، ولدينا علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع المنطقة».
أضف تعليق