تقارير دافوس 2023

منتدى دافوس 2023.. الطموح إلى “التعاون في عالم مشرذم”

في العام الماضي، هيمن الغزو الروسي لأوكرانيا على الاجتماع في دافوس. هذا العام، ينصب التركيز على الآثار الاقتصادية للحرب والركود المحتمل. ويطمح المنتدى في أن تتمكن النخب الاقتصادية والسياسية من “التعاون في عالم مشرذم”.

تلتقي النخب السياسية والاقتصادية العالمية الأسبوع المقبل في دافوس طامحة إلى “التعاون في عالم مشرذم” ما بين الحرب في أوكرانيا والاختلال المناخي والعولمة التي تواجه أزمة وجودية. ومن المحتمل أن تحدد الحرب في أوكرانيا وآثارها على الاقتصاد العالمي جدول أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF 2023) المنعقد في منتجع الألب في سويسرا هذا العام.

أوقات غير مؤكدة

وأعلن رئيس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بورغه بريندي خلال إحاطة صحافية هذا الأسبوع أن القمة التي تجري في منتجع الألب في سويسرا تنعقد هذه السنة “في ظل وضع جيوسياسي وجيو اقتصادي هو الأكثر تعقيدا منذ عقود”

وساهم تفشي وباء كورونا والخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والهجوم الروسي على أوكرانيا في السنوات الأخيرة في تزايد الشقاقات الجيوسياسية وتصاعد السياسات الحمائية.

ورأى مؤسس المنتدى كلاوس شفاب أن “أحد الأسباب الرئيسية لهذه الشرذمة هو نقص في التعاون” ما يؤدي إلى اعتماد “سياسات قصيرة الأمد وأنانية” منددا بـ”حلقة مفرغة”.

وحمل هذا الوضع البعض على التساؤل حول مستقبل العولمة التي تشكل منذ نصف قرن محور فلسفة دافوس.

وقالت كارين هاريس الشريكة والخبيرة الاقتصادية في مكتب الاستشارات باين أند كومباني لوكالة فرانس برس إنه كان هناك في وقت ما “الأمل بالعودة إلى الوضع الاعتيادي السابق، وضع عالم معولم إلى حدّ ما” مضيفة “أعتقد أن ثمة إقرار اليوم بأن هذه الحقبة في طور الانتهاء” حتى لو أنه سيبقى منها نقاط تعاون “حول مجموعة أكثر انحسارا من المسائل”.

ورأت أنه “حتى مسألة المناخ تتحول إلى معركة أكثر انعزالية”، مشيرة بهذا الصدد إلى “قانون الحد من التضخم” الذي ينص على مساعدات كبرى للشركات المتمركزة في الولايات المتحدة في قطاع السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة، وضرائب الكربون على الحدود التي يجري اعتمادها في أوروبا.

عام من الحرب

بعد حوالى عام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، من المتوقع أن يحتل النزاع وانعكاساته على السياسات العالمية في مجالي الطاقة والدفاع، حيزا كبيرا في مناقشات دافوس.

وإن كانت روسيا ستتغيب عن المنتدى للسنة الثانية على التوالي، فإن أوكرانيا سترسل وفدا، كما أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي يعتزم إلقاء كلمة عبر الفيديو.

وسيشكل المنتدى مناسبة للمسؤولين الأوكرانيين للتوجه إلى مئات الشخصيات السياسية الكبرى مثل المستشار الألماني أولاف شولتس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إضافة إلى حوالى 600 رئيس شركة والعديد من وسائل الإعلام وممثلين عن المجتمع المدني من منظمات غير حكومية وباحثين وحتى نجوم بينهم الممثل إدريس إلبا ومغنية السوبرانو رينيه فليمينغ.

ومن المواضيع الأساسية المطروحة للبحث أيضا المناخ، إذ يسعى المنظمون لأن تساعد المباحثات في التمهيد للمفاوضات العالمية المقبلة في إطار مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب28) المقرر عقده في نهاية السنة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

في المقابل يعتزم ناشطون اغتنام الاجتماع لتذكير الدول الغنية ومجموعات الطاقة بضرورة تمويل انتقال الدول النامية في مجال الطاقة وتسديد التعويضات عن الكوارث الطبيعية المواكبة لتغير المناخ.

ودعت “الشبيبة الاشتراكية السويسرية” إلى التظاهر الأحد في دافوس للمطالبة بفرض “ضريبة تستهدف الأثرياء من أجل البيئة وشطب ديون” دول الجنوب.

إلا أن أبرز النشاطات في دافوس ستجري كما في كل سنة في الكواليس، إذ يغتنم رؤساء الشركات والمستثمرون والسياسيون وجودهم في المكان ذاته لإجراء مشاورات على هامش المؤتمر الرسمي.

ورأى الصحافي الأميركي بيتر غودمان الذي صدر له كتاب العام الماضي بعنوان “رجل دافوس: كيف التهم أصحاب المليارات العالم”، أنه “خلال أربعة أيام في جناح خاص، يمكنهم إتمام أعمال أكثر مما يفعلون في أشهر من الرحلات حول العالم”.

واعتبر أن أكبر إسهام يمكن أن يقدمه دافوس سيكون الدفع باتجاه إصلاح النظام الضريبي العالمي للحد من التباين الاجتماعي.

كما تأمل هاريس في دافوس بـ”محادثات صريحة” حول انعكاس تطور الاقتصاد العالمي ليس في الولايات المتحدة وأوروبا والصين فحسب بل كذلك “للأسواق الناشئة التي غالبا ما تكون الطرف الخاسر جراء التطورات الاقتصادية”.