تقارير

مع تأزم وضعها وانهيار قيمتها السوقية..هل تقترب بوينج من التأميم؟

بعد مرور أكثر من عام على وقف تحليق أكثر طائراتها مبيعا، تعاني شركة بوينج الأمريكية العملاقة وضعا كارثيا تفاقم إثر تفشي فيروس كورونا وتعليق رحلات الطيران وبالتالي الطلب على باقي طرازاتها.

ومع تأزم وضعها وانهيار قيمتها السوقية أصبحت الشركة في أمس الحاجة إلى خطة إنقاذ حكومية لإقالتها من عثرتها وهو ما يقربها من سيناريو التأميم، بحسب فرانس برس.

وكان عملاق الطيران، الذي يصنّع الطائرة الرئاسية الأمريكية وطائرات مدنية وعسكرية، قد طلب نحو 60 مليار دولار كدعم حكومي لصناعة الطيران في الولايات المتحدة، من دون أن يكون واضحا بعد آلية عمل خطة الإنقاذ هذه.

ويأتي الطلب عقب 12 عاما على إنقاذ الحكومة الأمريكية لمجموعتي “جنرال موتورز” و”كرايسلر” للسيارات.

وقال بيل أكمان المستثمر البارز في صناديق التغطية الاحتياطية إن “بوينج على الحافة، ولن تنجو بنفسها من دون خطة إنقاذ حكومية”.

وعانت الشركة أساسا من ضغوطات مالية حتى قبل أزمة فيروس كورونا المستجد.

فطائراتها من طراز “737 ماكس”، التي اعتبرت الأكثر مبيعاً، خرجت عن نطاق الخدمة لأكثر من عام إثر كارثتين مميتتين. وأدى ذلك إلى خسائر تقدر بنحو 18 مليار دولار يتوقع أن تزيد.

وباتت الصورة قاتمة أكثر فأكثر جراء أزمة كوفيد-19، مع التراجع الهائل في الطلب على الطيران بما يضع زبائن الشركة في ظروف اقتصادية صعبة.

وأدت تلك التطورات إلى هبوط أسهم “بوينج”، وجعلت قيمتها السوقية الجمعة نحو 54 مليار دولار.

وأعلنت الشركة الجمعة أيضا أنها جمدت توزيع عائداتها حتى إشعار آخر، وأن رئيسها التنفيذي ديف كالهون ورئيس مجلس الإدارة لاري كيلنير سيوقفان الدفع حتى نهاية العام.

وأعلنت الشركة، التي سبق أن أكدت إيقاف عمليات إعادة الشراء، أن البرنامج سيبقى متوقفا إلى أجل غير مسمى.

وتلقي أزمة “بوينج” المزدوجة بظلالها على شركات أخرى، إلا أنها لا تزال تتمتع بدعم ملحوظ في واشنطن نظرا لأهميتها للاقتصاد الأمريكي عبر توظيفها ما يقارب من 130 ألف شخص.

ولا يتضمن هذا الرقم عمال المجموعة الأكبر عددا الذين يوظفهم مزودو المجموعة المقدر عددهم بـ17 ألفا.

ومنح الرئيس دونالد ترامب الثلاثاء الضوء الأخضر لإجراءات صارمة لمساعدة الشركات، قائلاً لإعلاميين خلال مؤتمر صحفي: “علينا حماية ومساعدة بوينج”.

وفي تقييم مالي الخميس، ذكرت الشركة أن “هناك خيارات متنوعة من المقاربات يتم مناقشتها حاليا لدعم صناعة الطيران في الولايات المتحدة”، رافضة في الوقت ذاته الاستفاضة بشأن الخيارات المطروحة.

والمساعدات إلى قطاع الطيران غير مشمولة بخطة تحفيز مالي مقدرة بتريليون دولار تتم صياغتها حاليا في الكونجرس، على الرغم من أنها تتضمن مساعدات لشركات الطيران.

وتمت مناقشة خيار أن تستحوذ الحكومة على حصة أسهم في “بوينج”.

وقال إيرل بلوميناور العضو الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية أوريغون إن “على دافعي الضرائب الحصول على أسهم في الشركة مقابل المساعدات لكي يستفيد الناس من استثماراتهم حينما تكون الشركة مستقرة ماليا”.

وعلى “بوينج” أن تطلب حمايتها من الإفلاس كما فعلت شركتا “جنرال موتورز” و”كرايسلر” بعد أزمة 2008 المالية طبقا للفصل 11 وتعيد هيكلة نظامها المالي.

وأطلق الرئيس حينها جورج بوش الابن في 2008 المساعدات لقطاع السيارات عبر “برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة” واستمر على المنوال نفسه خلال عهد خلفه باراك أوباما.

وضخّت الحكومة الفدرالية نحو 81 مليار دولار في اثنين من “الثلاثة الكبار” في قطاع صناعة السيارات في ديترويت، واستحوذت على حصص أسهم فيهما قبل أن تبيع هذه الحصص في ديسمبر 2013.

وأشهرت “جنرال موتورز” إفلاسها في يونيو 2009 وحصلت على 50 مليار دولار كمساعدات سمحت للحكومة بالاستحواذ على 61% فيما بات يعرف بـ”جنرال موتورز الجديدة”.

وبذلك، تأممت الشركة على الرغم من تجنب المسؤولين استخدام هذا المصطلح.

وكلّفت إعادة الهيكلة حاملي الأسهم 11.2 مليار دولار لكنها أنقذت 1.5 مليون وظيفة، طبقاً لـ”مركز أبحاث صناعة السيارات”.

ويقول سكوت هاميلتون الخبير في موقع “ليهام نيوز” المتخصص في الطيران، إن استحواذ الحكومة على “بوينج” قد يثير مخاوف بشأن التنافس في قطاع الصناعات العسكرية.

ويضيف أن “بوينج هي المتعاقد الثاني في البلاد في الصناعات العسكرية. كيف يمكن لمثل هذه الخطوة أن تؤثر على مناقصات العقود العسكرية؟ أعتقد أن لوكهيد مارتن ونورثروب جرومان ستبديان قلقا بهذا الشأن”.

بدوره، قال ريتشارد أبو العافية من “مجموعة تيل” لاستشارات الأبحاث المتخصصة بالطيران والدفاع إنه “لا يوجد أساس منطقي لاستحواذ الحكومة على حصة في بوينج”.

ويشير خبراء كذلك إلى أن الحكومة قد تفرض انقسام الشركة إلى فرعين (مدني وعسكري) في حال أرادت الحصول على مساعدات منها.

وينوهون إلى احتمال آخر يتمثل في اندماج “بوينج” مع شركة تصنيع عسكري عملاقة أخرى.

ولم تجب لوكهيد مارتن على الاستفسارات، في حين رفضت نورثروب جرومان التعليق.