تقارير رئيسي

«مصر والعراق».. كيف نجح « السيسي» في إعادة تعزيز العلاقات الثنائية بين «النيل والفرات»؟

تدخل العلاقات بين مصر والعراق مرحلة جديدة من التعاون على الأصعدة كافة، ويستحوذ الملف الاقتصادي على نصيب كبير من مستقبل الشراكة.

ووصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، إلى العاصمة العراقية بغداد، في أول زيارة لرئيس مصري منذ 30 عاما. وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن “زيارة الرئيس السيسي للعراق تأتي انعكاسًا لقوة العلاقات التاريخية بين البلدين وتؤكد حرص مصر على تعزيز هذه العلاقات في إطار وحدة المصير والتحديات”.

15 اتفاقية شراكة

تتطلع مصر إلى زيادة حجم التعاون والتبادل الاقتصادي، والمساهمة بشكل فعال في الارتقاء بالاقتصاد العراقي وتحقيق منفعة متبادلة.

أوجه التعاون حددها بيان سابق صادر عن رئاسة الوزراء المصرية، تنطوي على ملفات مهمة مثل إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة ومراكز لوجستية ومناطق صناعية.

وفي زيارة لرئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي للعراق، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقع مع نظيره العراقي مصطفى الكاظمي، 15 اتفاقية شراكة.

الاتفاقيات شملت مجالات مثل النفط، والموارد المائية، والإسكان والتشييد، والنقل، وحماية البيئة، إلى جانب تبادل الخبرات في مجالات أسواق الأوراق المالية وأيضا في مجال العدل والقضاء.

حجم التبادل التجاري

بلغ حجم التجارة بين مصر والعراق خلال العام الماضي حوالي 486 مليون دولار، يتوزع بين ‏‏479 مليون دولار صادرات مصرية و7 ملايين دولار صادرات قادمة من العراق، وفق بيانات الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أعلى مستوياته عام 2018 خلال أخر 15 عاما، حين سجل 1.650 مليار دولار.

تصدر مصر للعراق عدة سلع ومنتجات منها الأثاث وغزل القطن وعجائن ومحضرات غذائية متنوعة وأدوية ومحضرات صيدلة وزيوت ودهون نباتية وحيوانية وحديد وسيلكون وبصل مجفف وصابون ومحضرات تنظيف وبلاط وأدوات صحية خزفية وحاصلات الزراعية ولدائن بأشكالها الأولية وملابس جاهزة ومنتجات بترول وكربون.

وتتمثل أهم الواردات المصرية من العراق، مكسبات الطعم والشوكولاتة ومنتجات الكاكاو.

النفط مقابل الإعمار

وتستعد مصر والعراق لدخول مرحلة جديدة من الشراكة، بعد الاتفاق العام الماضي على إنشاء آلية النفط مقابل الإعمار، والتي تنص على قيام شركات مصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق مقابل كميات النفط التي ستستوردها القاهرة.

واتفق اتحاد الغرف التجارية المصرية مع نظيره العراقي على إنشاء غرفة عمليات تتولى الربط بين منتسبي الاتحادين لخلق تحالفات للتصنيع المشترك وتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، وتنمية التجارة البينية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري خلال اجتماعات مع بعثة عراقية استضافتها القاهرة، أن اتفاق الإعمار مقابل النفط سيدخل حيز التنفيذ الثنائي، فور إنهاء الإجراءات الدستورية حيالها، ما يجعل لدينا فرصة نتفق على المشروعات المشتركة.

وقال مدبولي: “هناك توجيه رئاسي بالبدء بشكل فوري في تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة المحددة، لحين استكمال إجراءات التصديق على الاتفاق”.

وأعرب عن استعداد مصر لتوفير أي مواد خام، أو مستلزمات، أو تجهيز منشآت للجانب العراقي على الفور، والتغلب على أية إجراءات روتينية قد تعرقل تفعيل هذا التعاون.

من جانبه، أشار الدكتور خالد بتال نجم، وزير التخطيط العراقي، إلى حرص بلاده على سرعة التوصل إلى قائمة محددة للمشروعات التنموية، والتي سيتم البدء في تنفيذها بالتعاون مع الجانب المصري.

وأضاف” سيتم في الفترة القليلة المقبلة التوصل لقائمة محددة للمشروعات التي سيتم تنفيذها، على أن تتضمن مشروعا أو مشروعين ترشحهما كل وزارة من الوزارات المعنية، وأن تكون هناك متابعة مستمرة من الوزارات المعنية من الجانبين، مع مراعاة أنه سيتم وضع جدول زمني محدد لتنفيذ هذه المشروعات التي تم التوافق عليها بين الجانبين”.

وبحسب كمال الدسوقي، نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، فإن الاتفاقية ستسهم في زيادة صادرات مواد البناء المصرية من 5 مليارات إلى 6 مليارات دولار سنويا.

وأكد أن شركات مواد البناء المصرية جاهزة لتصدير الكميات التي يحتاجها العراق في مختلف القطاعات.

 

فيما لفت المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن المرحلة الحالية من العلاقات الثنائية بين العراق ومصر تشير إلى إمكانية تعزيز معدلات التبادل التجاري بينهما في ظل وجود فرص متميزة أمام صادرات مواد البناء المصرية للنفاذ للسوق العراقية.

وتابع المركزي “تحرص الحكومة المصرية على تقديم كافة أوجه الدعم لدولة العراق للمساهمة في مشروعات إعادة الإعمار وجهود تنمية وتطوير قطاعي الصناعة والتجارة”.

وفي السياق ذاته، صرحت وزيرة التعاون الدولي المصرية، رانيا المشاط، بأن الجانبين المصري والعراقي يسعيان إلى إزالة كافة المعوقات نحو تعزيز التعاون المشترك بين الدولتين، وتحقيق التكامل الاستراتيجي على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثماري.

وأشارت إلى أنه سيتم تنظيم التعاون المشترك في مجالات التنمية البشرية من صحة وتعليم وتعاون ثقافي وإعلامي ورياضي وشبابي وتمكين المرأة، ونقل الخبرة المصرية في مجال التحول الرقمي، حيث تزداد أهمية التعاون في هذا المجال في ضوء ما تعانيه الدول بسبب جائحة كورونا.

تحالف الشام الجديد

في 25 أغسطس/آب 2020، أثمرت قمة ثلاثية بين زعماء مصر والأردن والعراق خروج مشروع “الشام الجديد” إلى النور.

 

 

ويعتمد هذا المشروع على التكامل بين مصر بالعمالة والعراق بالنفط والأردن بالموقع الجغرافي بينهما، حيث يستهدف هذا التحالف حصول كل من مصر والأردن على النفط العراقي بأسعار منخفضة، وذلك عبر مد أنبوب نفط عراقي من البصرة إلى ميناء العقبة بالأردن ومن ثم إلى مصر.

كما يستهدف التحالف تصدير الكهرباء المصرية للعراق والأردن، ومن ثم تطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، والتعاون في قطاعات الصحة والبنية التحتية وإعادة الإعمار، وزيادة التبادل التجاري بين الدول الثلاث.