تمر المملكة العربية السعودية بمرحلة من التحول تستهدف تقليل الاعتماد على النفط والذي استمر لأكثر من نصف قرن مصدراً رئيسياً للدخل، مستغلة بذلك مواردها الطبيعية الوفيرة في الاستعداد لعصر ما بعد النفط.
مع انخفاض أسعار النفط العالمية وتأثيره على الاقتصاد السعودي، ازدادت الحاجة الى رؤية سعودية جديدة للمستقبل القريب، فتم إقرار رؤية 2030 الرامية الى مواجهة التغيرات عبر مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر وأمة طموحة. ويعتبر هدف الرؤية الأهم، تمكين المملكة من السيطرة على قرارتها الاقتصادية والمالية.
تعتمد خطة “رؤية 2030” على عدة محاور رئيسية، تهدف بالأساس إلى زيادة الاستثمارات المحلية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بحلول عام 2030. ترتكز الخطة على بعض المحاور أهمها:
• زيادة إسهامات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 35% من إجمالي الناتج المحلي، بدلاً من 20% في الوقت الحالي
• زيادة إسهام القطاع الخاص ليصل إلى 65% من إجمالي الناتج المحلي، بدلاً من 40% في الوقت الحالي
• زيادة إسهام الاستثمار الأجنبي المباشر من 3.8% من إجمالي الناتج المحلي حالياً، ليصل إلى متوسط المعدّل العالمي الحالي عند 5.7%
• احتلال المملكة العربية السعودية لمركز من ضمن 10 مراكز الأولى في مؤشر التنافسية العالمي في المؤتمر الاقتصادي العالمي، بدلاً من مركزها الحالي وهو 25
• دخول 3 مدن سعودية ضمن أفضل 100 مدينة عالمية بحلول نهاية العقد القادم
وتقوم السعودية بتحويل آلاف الكيلومترات المربعة من الرمال إلى مدن جديدة، حيث تسعى إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط وخلق فرص عمل وتعزيز الاستثمار.
وأعلنت السعودية الشهر الماضي وحده عن تطورين رئيسيين، يتعلقان بإنشاء مدينتين جديدتين، إحداهما تغطي مساحة أكبر من بلجيكا، وأخرى تقريبا بحجم العاصمة الروسية موسكو، وهذا يأتي على رأس خطط بناء سلسلة من المدن الاقتصادية، وهي مدن خاصة لتقديم خدمات في قطاعات مختلفة مثل الخدمات اللوجستية والسياحة والصناعة والمدن الترفيهية، ومركز مالي بـ10 مليارات دولار.
مشروع البحر الأحمر
أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، المشروع السياحي العالمي في المملكة تحت مسمى مشروع “البحر الأحمر”، والذي سيقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة.
ومن المتوقع أن تصبح هذه الجزر الساحرة شيئاً آخر خلال 5 سنوات. فالمشروع الطموح الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان، سيحوّل هذه المواقع البكر إلى وجهة سياحية عالمية.
ويشكل مشروع “البحر الأحمر” تجسيداً عملياً لأحد محاور رؤية 2030، سيقام على عدد من الجزر والمواقع الجبلية والشواطئ، ليصبح وجهة رائدة لسياحة الاستجمام والأنشطة والمغامرات.
وسيتيح هذا المشروع استكشاف طبيعة المملكة من جزر وسواحل وبراكين خاملة، وآثار قديمة، ليصبح بوابة البحر الأحمر أمام العالم، وسيتم تطويره وفقاً لأعلى المعايير العالمية.
ومن المتوقع أن يبدأ البناء في عام 2019 وأن تنجز المرحلة الأولى بحلول عام 2022. ولم تكشف المملكة تكلفة تطوير المشروع.
مشروع الفيصلية
كما أعلنت المملكة عن خططها المفصلة لمشروع الفيصلية الشهر الماضي، والتي تقع في الجهة الغربية من مكة المكرمة، وتحتوي على وحدات سكنية ومرافق ترفيهية ومطار وميناء بحري.
ويأتي المشروع امتدادا لمدينة مكة المكرمة، ويبدأ من الحد الشرعي للعاصمة المقدسة وينتهي في الشاطئ الغربي لمكة، ويقع على مساحة 2450 كيلومترا مربعا، أي ما يقرب من حجم مدينة موسكو.
وسيكون المشروع فرصة لتخفيف الضغط السكاني على مدينتي مكة وجدة خلال السنوات الـ 25 القادمة. ومن المتوقع أن يكتمل المشروع بحلول عام 2050.
مدينة القدية
وفي أبريل الماضي أعلنت المملكة العربية السعودية عن خطط لتطوير أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية في المملكة، جنوب غرب الرياض.
وسيتم تطوير المشروع على 334 كيلومترا مربعا، وسوف تشمل منطقة سفاري ومتنزه “سيكس فلاجس” الترفيهي، ويعتبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي هو المستثمر الرئيسى إلى جانب مستثمرين محليين ودوليين.
ومن المقرر أن تبدأ أعمال التشييد في العام المقبل، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2022.
مدينة الملك عبد الله الاقتصادية
تعد مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، أول مدينة ذات ملكية خاصة في السعودية، حيث يجري تطويرها من قبل شركة إعمار المدينة الاقتصادية، وهي شركة ذات ملكية مشتركة بين الحكومة وأكبر شركة عقارية في دبي “إعمار” العقارية.
ويغطي المشروع منطقة في مساحة بروكسل، واستقطب المشروع 7.9 مليار دولار من الاستثمارات، وحصل على ما يكفي من النقد والائتمان لتمويل إنفاقه المخطط له خلال العقد المقبل.
ويشمل المشروع ميناء عميقا، ومركزا لوجستيا تبلغ مساحته 55 كيلومترا مربعا، ومركزا رياضيا وترفيهيا، وأكثر من 6500 عقار سكني.
المركز المالي
تتضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إنجاز مركز الملك عبدالله المالي، والذي سيكون منطقة معفاة من التأشيرات، وترتبط بقطار مباشرة مع المطار، وستشكل محورا لصناعة خدمات المال والأعمال في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، ومقرا لأكبر الشركات العالمية.
وقد أنجز مشروع مركز الملك عبد الله المالي 70% من أعماله التي بدأت قبل سنوات على مساحة 1.6 مليون متر مربع شمال الرياض، لتحتضن العاصمة أكبر صرح مالي بمنطقة الشرق الأوسط يضاهي نظراءه بالعالم، وفي مقدمتهم “مركز لندن كناري وارف المالي” الذي أنشئ على مساحة 345 ألف متر مربع.
وصمّم المركز كمنظومة اقتصادية متكاملة تضم 127 برجًا استثماريًا، منها برج للمقر الرئيس لهيئة السوق المالية على ارتفاع 385 مترا، ومقر للسوق، ويسعى مركز الملك عبدالله المالي من خلال إنشاء “الأكاديمية المالية” إلى تلبية حاجة الطلب المحلي والعالمي على المؤهلين في المجالات المالية وإدارة الاستثمارات الحديثة.
مدينة المعرفة الاقتصادية
تقع مدينة المعرفة الاقتصادية داخل منطقة المدينة المنورة، حيث تبعد 5 كيلومترات فقط عن المسجد النبوي الشريف، و8 كيلومترات من مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي. وتمتد على مسافة 3.5 كيلومتر على جانبي طريق الملك عبدالعزيز.
وربطت بمحطة قطار الحرمين، مما يسمح بالوصول إلى مدينتي جدة ومكة المكرمة في أقل من ساعتين.
تكمن فرص الاستثمار بمدينة المعرفة قطاعات عديدة مثل: التعليم، الضيافة، السياحة، السكن، الرعاية الصحية وقطاعات تجارية، لتلبي احتياجات سكان المدينة المنورة، عدد سكانها أكثر من مليون نسمة، (وكذلك الزائرين) والمقدر عددهم بأكثر من 10 ملايين زائر سنوياً.
مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية
تقع مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية بين المنطقة الوسطى ومنطقة الحدود الشمالية، وتبعد 8 كيلومترات من مدينة حائل، ويمكن الوصول لها بالطيران من 11 عاصمة عربية في حدود الساعة.
وتستهدف المدينة تطوير 156 كيلومترا مربعا من الأراضي في حائل، فضلا عن مدينة سكنية، وسوف يتم ربط المدينة مع المنطقة الشرقية وكبرى المدن السعودية والخليجية عبر طريق بري سريع وخط السكة الحديد الذي يربط الشمال والجنوب.
أضف تعليق