تقارير

ماذا ينتظر الاقتصاد العالمى فى 2017؟

العام 2017 محطة التغيير في الاقتصاد العالمي
 الفيدرالي اكثر تشددا في العام المقبل
 الاقتصادات الكبرى تشكل نحو 70% من حجم الاقتصاد العالمي
توقعات : خروج روسيا والبرازيل من حالة الركود التي خيمت على اقتصاديهما

شهدت الإقتصادات العالمية تقلبات حادة خلال العام 2016 نتيجة مجموعة من العوامل التي أثرت عليها أبرزها البريكست والانتخابات الأميركية الى جانب التقلبات في أسعار النفط.

وكان العام 2016  مليئا بالاحداث الاقتصادية والسياسية المثيرة. آخرها كان استقالة رئيس الوزراء الايطالي عقب فشله بالحصول على موافقة الشعب الايطالي بخصوص بعض التعديلات الدستورية. قبلها كان اتفاق اوبك للمرة الاولى منذ 8 سنوات على تخفيض انتاجها ب 1.2 مليون برميل للنفط يوميا. لكن اكثر التطورات اثارة كانت انتخاب دونالد ترامب المثير للجدل رئيسا للولايات المتحدة الاميركية وقرار بريطانيا بالانسلاخ عن الاتحاد الاوروبي.
اليوم ونحن على اعتاب السنة الجديدة، نجتهد في توقعاتنا لما ستؤول اليه الصورة على مستوى الاقتصاد العالمي. صحيح ان توقع المستقبل صعب للغاية وينطوي على درجة كبيرة من عدم اليقين، لكن يجب ان لا ننسى ابدا بان الاقتصاد وعدم اليقين صنوان لا يفترقان، لذلك نجتهد في ضوء ما هو متاح من معطيات ونترك للوقت ان يحكم على مدى صحة توقعاتنا.

الولايات المتحدة
والبداية من الولايات المتحدة الاميركية، حيث أعتقد اننا سنكون امام بنك فيدرالي اكثر تشددا في العام 2017. والسبب باختصار هو سياسات ترامب التضخمية التي تقوم على التوسع في الانفاق. السوق اليوم يرى ان قرار رفع الفائدة في اجتماع الفيدرالي المزمع منتصف الشهر الجاري قد بات حتميا، والمؤشرات الراشحة من الاسواق الاجلة تعكس توقعات الاسواق برفعتين اضافيتين بواقع 25 نقطة اساسا للرفعة الواحدة في العام 2017.
وتشير توقعات إلى حدوث سياسة مالية توسعية في الولايات المتحدة؛ لدفع بنك الاحتياطي الاتحادي إلى تشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع؛ وهو ما من شأنه زيادة العائدات الأمريكية. في حين توقع في الثالث أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى زيادة مخاطر هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.

وهذا بدوره، مضافا اليه التوقعات بنمو جيد في الولايات المتحدة الاميركية، سوف يتسبب فى ارتفاع سعر صرف الدولار.

النفط
الارتفاع في هذا الاخير لا بد ان يساهم في اضعاف اسعار النفط، خصوصا وان الارتفاع الحاد في انتاج دول منظمة اوبك مؤخرا وفي مقدمتها السعودية يضع علامات استفهام كثيرة حول اتفاق فيينا الاخير. كما ان نجاح اتفاق فيينا مرتبط بالتزام الدول بالحصص المخصصة لها وفقا للاتفاق وتاريخ الدول في الالتزام بحصصها ليس مشرفا. واذا اخذنا بعين الاعتبار ان الارتفاعات الاخيرة  في اسعار النفط سوف تعيد الصخر الزيتي الى خارطة الانتاج العالم يكون الاستنتاج بان النفط لن يتجاوز حاجز الـ 60 دولارا للبرميل.
الصين
الصين بدورها قد ترى تباطؤا في نشاطها الاقتصادي، فالنمو الاقتصادي المدفوع بالدين لا يمكن ان يستمر بنفس الوتيرة، لا سيما بعد ان وصل اجمالي الدين الصيني الى الناتج المحلي الاجمالي الى حوالي 240 %. اضف الى ذلك ان قوة الدولار وارتفاع فائدته يشكلان تحديا امام السوق الصينية وسائر الاسواق الناشئة التي استفادت كثيرا من موقعها كملاذ للباحثين عن العوائد في ظل اسعار الفائدة المنخفضة.
أوروبا
في اوروبا الصورة تبدو غامضة. احداث سياسية مهمة تنتظر القارة العجوز. انتخابات في كل من فرنسا والمانيا وسط تنامي التيارات الشعبوية الانفصالية، وقرار من المحكمة البريطانية العليا بخصوص البريكزيت. على الصعيد النقدي، فقد جاء قرار المركزي الاوروبي الاسبوع الماضي بإطالة عمر برنامج شراء الاصول لكن مع تقليل حجمه بمثابة اشارة الى ان المركزي الاوروبي سوف يبدأ بالتضيق. اما القطاع المصرفي، الشريان الرئيسي للسياسة النقدية في اوروبا، فلا تزال مشاكله عالقة خصوصا في ايطاليا. وسط هذا الغموض كله، يطل اليورو الضعيف برأسه كعامل مشجع قد يساعد اوروبا على الاستمرار في النمو الذي بدأت ارهاصاته في الظهور خلال الشهور القليلة الماضية.
بعد انتخاب ترامب وبدء سلسلة سياساته، وقرار انسحاب بريطانيا من الوحدة الاوروبية، واذا انتخبت ماري لوبن رئيسة لفرنسا، وخسرت ميركل قيادتها لألمانيا، وجاءت نتائج استفتاء ايطاليا مخيبة لتوجهات رئيس وزرائها، فعلى الاتحاد الاوروبي السلام والاورو قد يخسر نسبة ملحوظة اضافية من سعر صرفه، والعالم قد يواجه ازمات مالية واقتصادية تتجاوز ما عرفناه حتى تاريخه وما لم يتمكن العالم من مواجهته حتى تاريخه

نموبطىء

أكد رئيس مجلس الرئيس أوباما للتنمية العالمية د.محمد العريان أن هناك توافقا عاما على أن الاقتصاد العالمي سيشهد نموا بطيئا ومستقرا في العام 2017.

وقال العريان خلال جلسة للمنتدى الاستراتيجي العربي «إذا نظرنا إلى الاقتصادات الأكبر في العالم، التي تشكل نحو 70% من حجم الاقتصاد العالمي فإننا نتوقع نمو اقتصاد الولايات المتحدة بـ 2.5% واليابان بـ 1.5% والصين بـ 6-7%، وخروج روسيا والبرازيل من حالة الركود التي خيمت على اقتصاديهما في الفترة الأخيرة».

وأوضح العريان أن الاقتصاد العالمي اليوم على مفترق طرق، ولم يعد للمصارف المركزية الدور الكبير الذي اعتدنا عليه في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار النقدي لحكوماتها، مشيرا إلى أن «العالم الذي اعتدنا عليه في تغير مستمر ومتسارع، لذا لا بد للحكومات من تفعيل دور القطاع الخاص وإجراء الإصلاحات المالية اللازمة لتجنب الركود الاقتصادي والمحافظة على استقرارها قدر الإمكان».

وتابع: «معظم الأحداث السياسية التي شهدها العالم خلال 2016 كانت بعيدة أشد البعد عن توقعاتنا، وما ذلك إلا إشارة واضحة إلى أن العالم أصبح أقل استقرارا وأصعب قراءة وتوقعا».

وفي حديثه حول اقتصاد الولايات المتحدة، أوضح العريان أن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت له ردود فعل إيجابية في الأسواق، حيث جاء ذلك نتيجة لوعوده بتشجيع النمو وإجراء الإصلاحات وتعديل الضرائب، ما انعكس على ارتفاع أسعار الفائدة كنتيجة مباشرة.

وتوقع أن تكون للولايات المتحدة ميزانية أكثر نشاطا وأعلى إنفاقا في العام 2017، ما ينطبق كذلك على المملكة المتحدة، مرجحا أن يواصل الدولار الأميركي أداءه القوي، ما قد يعني مناهضة أكبر للتجارة الحرة وميلا أكبر تجاه الحمائية في الولايات المتحدة.

وتابع العريان: «إن السوق الأميركي على موعد مع زيادة في النمو والتضخم وارتفاع في التدفقات النقدية، ونتوقع استعادة العديد من الشركات الأميركية أموالها من الخارج وضخها في الأسواق الأميركية، فالتحديات التي شهدها الاقتصاد الأميركي مؤخرا لم تكن نتيجة نقص رؤوس المال بل كانت انعكاسا لتداعي مستويات الثقة لدى المستثمرين».

وفي سؤال حول مدى تأثير قوة الدولار الأميركي على المنطقة العربية، أكد العريان أن قوة الدولار سيكون لها تأثير إيجابي مباشر على منطقة الخليج بشكل عام وعلى الإمارات بشكل خاص، بحكم ارتباط العملة المحلية بالدولار الأميركي، وهذا سيسهم بشكل كبير في دعم مساعي الحكومات الخليجية في تعزيز النمو وتطبيق الإصلاحات التي تم الإعلان عنها. أما على مستوى الدول الأخرى، فأكد العريان أن على الحكومات اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لتأثير انخفاض عملاتها مقارنة بالدولار، وذلك من خلال توفير عنصرين رئيسيين هما: تعزيز المرونة والمقاومة، وبناء قدرة عالية على التعافي واستعادة النشاط.

وحول موضوع النفط، قال العريان إن الالتزام باتفاق أوپيك الأخير أمر في غاية الأهمية، مضيفا: «هنالك الكثير من الزخم من قبل الدول غير الأعضاء في أوپيك للمساعدة على الالتزام بالاتفاق، وقد شهدنا تعاونا كبيرا من قبل روسيا في موضوع خفض مستويات الإنتاج».

وفي ختام حديثه أوصى العريان الحكومات والمؤسسات والشركات باستيعاب التغيير الكبير والمتسارع الذي يشهده العالم بشكل متواصل، وتعديل سياساتها الاقتصادية والمالية بما يضمن تحقيق النمو المطلوب.