تقارير

كيف ستواجه المصارف الخليجية 2017؟

يحمل العام 2017 الكثير من الغموض لقطاع المصارف الخليجية , فالبنوك ستواجه العديد من نقاط التحول والتى  ستؤثر على أدائها هذا العام , فهناك العديد من القضايا والتحديات التى يتعين عليها مواجهتها لعل أهمها  التغيرات التنظيمية، والتشديد على السيولة وجودة الأصول والقروض غير المنتظمة، والكفاءة

 

ومع ذلك، فإن المؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي، تظهر مرونة تجاه هذه الضغوط، وتعتبر نسبياً في وضع أفضل من معظم نظرائها في العالم.وتأتي توقعات 2017 بخصوص القطاع المصرفي في الاقتصادات الخليجية، مستقرة في المستقبل، لأنها ستبدأ بالتعافي من الصدمات الاقتصادية الأولية، متضررة من الاعتماد الكبير والمستمر على قطاع النفط والغاز

وفى الإمارات أكد مبارك راشد المنصوري، محافظ البنك المركزي، على قوة وصلابة القطاع المصرفي في الدولة خلال عام 2016 رغم كل الظروف والتحديات التي واجهتها اقتصادات دول المنطقة خاصة تراجع أسعار النفط وتباطؤ الأداء الاقتصادي العالمي بشكل عام، ويعزى ذلك إلى قوة الاقتصاد الوطني وصلابة وتنوع قاعدة الإنتاجية والخدمية.

 

وواصلت البنوك العاملة في الدولة – يصل عددها إلى 58 بنكاً منها 23 بنكاً وطنياً و35 بنكاً أجنبياً – أداءها الجيد منذ بداية العام 2016 رغم الظروف الصعبة التي مرت بها دول المنطقة والعالم سواء المتعلقة بالوضع الجيوسياسي أو تراجع في أسعار النفط وتراجع الطلب العام العالمي، وتمكن القطاع المصرفي من زيادة أصوله منذ بداية عام 2016 ولغاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمقدار 90.5 مليار درهم بنمو3.7%، ليصل إجمالي هذه الأصول إلى 2.56 تريليون درهم، كما تواصلت عمليات التمويل لمختلف القطاعات الاقتصادية، حيث زاد حجم التمويل منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر الماضي بمقدار 91.1 مليار درهم بنمو 6.1% ليصل اجمالي التمويل 1.57 تريليون درهم، وزاد حجم الودائع المستقطبة خلال الفترة بمقدار 49.6 مليار درهم بنمو 3.37 % ليصل إجمالي الودائع إلى 1.47 تريليون درهم.

موقع تنافسى

عززت البنوك من قاعدة رأس المال التي زادت 18مليار درهم بنمو نسبة 5.5% لتصل إلى 342.8 مليار درهم، وهو ما ساهم في تعزيز موقعها التنافسي، وتقديم مزيد من الائتمان والتمويل للقطاعات الاقتصادية مؤسسات وأفراد مقيمين وغير مقيمين.

وساهمت السياسة الاحترازية للبنك المركزي في مواجهة التحديات التي واجهتها البنوك والمتعلقة بتعثر بعض المؤسسات والأفراد للوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك، خاصة قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وقامت البنوك بمعالجة هذه التحديات وفق سياسة التسوية والتسهيلات الممكن تقديمها لتمكين هذه المؤسسات من الصمود، كما دفعت البنوك نحو أخذ مزيد من المخصصات لمواجهة الديون المتعثرة، وارتفعت هذه المخصصات خلال الفترة 10.4% أي بمقدار 7.7 مليار درهم ليصل اجمالي هذه المخصصات إلى 79.9 مليار درهم بنهاية نوفمبر 2016، كما عززت من مخصصات الاحتياطي العام لمواجهة التحديات وأية مخاطر مستقبلية بمقدار2 مليار درهم بزيادة نسبتها 7.5% ليصل اجمالي هذه المخصصات العامة إلى 28.5 مليار درهم نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

كفاءة رأس المال

 

ساهمت السياسة الاحترازية وتعزيز قاعدة رأس المال في تحسن نسبي لكفاءة رأس المال التي تصل حالياً إلى 18.6% بالنسبة للشق الأول والثاني من رأس المال فيما تصل إلى 16.9% بالنسبة للشق الأول من رأس المال، وهي نسب تشير إلى أن ملاءة البنوك في الدولة أعلى بكثير من متطلبات البنك المركزي المحددة بألا تقل عن 12%، وأفضل بكثير من متطلبات بازل 2 المحددة بألا تقل عن 10%. ورغم كل الظروف والتحديات التي واجهت البنوك عام 2016 إلا أنها ما تزال تحقق أرباحاً جيدة تعد الأفضل في المنطقة، وأظهرت نتائج 18 بنكاً وطنياً مدرجة في أسواق المال تحقيق أرباح صافية خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2016 بلغت 26.94 مليار درهم بتراجع قدره 8.08% مقارنه مع أرباح نفس الفترة من العام الماضي البالغة 29.29 مليار درهم، ومن المتوقع أن ترتفع أرباح البنوك مع نهاية حسابات البنوك لعام 2016 بالكامل إلى أكثر من 30 مليار درهم.

 

أرباح صافية

 

ويأتي تحقيق البنوك لأرباح صافية جيدة وسط قيام العديد من البنوك بإعادة هيكلة أوضاعها المالية والإدارية وضبط النفقات وتعزيز مصادر الدخل، وهذه السياسة ساهمت في تخفيض عدد الموظفين في البنوك بمقدار ألفي موظف منذ بداية 2016 ولغاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، كما عززت سياسة إعادة الهيكلة في القطاع المصرفي فكرة الاندماج التي تبلورت في قرار اندماج بنكي أبوظبي الوطني والخليج الأول في بنك واحد تحت مسمى بنك أبوظبي الوطني، بأصول تصل إلى 175 مليار دولار، ومرشح أن يظهر للوجود في الربع الأول من العام الحالي كأكبر كيان مصرفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك وفقاً لعبدالحميد سعيد الرئيس التنفيذي لبنك أبوظبي الوطني.

 

المصارف الخليجية

وكانت وكالة «موديز» في آخر تقاريرها، قد أشادت بجودة أصول المصارف الخليجية، مع ترجيحها بأن تستمر صلبة، مع بقاء نسبة القروض غير المنتظمة في حدود 3 إلى 4 في المئة خلال العام الحالي.وتوقعت الوكالة استمرار ربحية القطاع المصرفي، لكن مع وتيرة منخفضة قليلاً، نتيجة لتباطؤ نمو الائتمان. ، حيث رجحت استقرار كل من صافي هوامش الفائدة بين 2 إلى 3%، والقروض المتعثرة عند 3 إلى 4% العام المقبل.

 

وفضلا عن بقاء الودائع قوية ومستقرة وتمثل 75 إلى 90 في المئة من التمويل (غير الأسهم)، ترجح الوكالة أن يبقى تباطؤنمو الودائع إلى متوسط 1.2 في المئة، ضاغطاً في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.

وأشارت إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي ونقص السيولة النقدية، وخصوصاً في البناء والعقارات والشركات الصغيرة والمتوسطة في دول الخليج، منوهة بأنه قد يتم توفير حلول ائتمانية في 2017، غير مجسدة، بينما تبقى الملاذات التمويلية محدودة وسيظل صاحب السيولة هو من يفرض شروطه.

وقد أدى انخفاض إيرادات النفط وفق وكالات «موديز» و«فيتش»، إلى انخفاض في الودائع الحكومية في البنوك، ومع ذلك، تعتقد «موديز» أن إصدار السندات والصكوك ساعد في تخفيف ضغوط التمويل.

 

وفي تقرير وكالة التصنيف الدولية «فيتش»، الذي نشر سابقا توقعاته المستقبلية 2017 لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن الضغط على السيولة المصرفية سيبقى متواصلاً، مع احتمال بقاء أسعار النفط منخفضة، وهو ما قد يؤثر سلباً على جودة الأرباح للبنوك في دول الخليج.

وقد جاءت توقعات «فيتش» حول القطاع المصرفي، سلبية مرجحة ضعف النمو الاقتصادي، واعتبرت أن «انتعاشاً ولو كان بطيئاً في أسعار النفط من شأنه التأثير على القطاع المصرفي في جميع دول الخليج، بحيث تشكل عائدات النفط نحو متوسط 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بشكل مباشر أو غير مباشر».

 

ورأت أن سيناريو بقاء سعر البرميل فوق الخمسين دولاراً، قد يخفف من الضغط الكبير على الأوضاع المالية للحكومات الخليجية، معتبرة أنه في حال نزوله إلى 45 دولاراً، فستستمر الضغوطات المالية للدول، ما سيدفع الحكومات إلى أن تكون أكثر انتقائية في تمويل المشاريع.

وكانت الوكالة توقعت أن تلتقط المنطقة الخليجية في عام 2017، الصدمة الأولى جراء تقليص الإنفاق الحكومي، ما سيؤثر سلباً على النمو الاقتصادي وعلى نمو الائتمان.

نقاط التحول

وبحسب «فيتش» فان «المصارف الخليجية ستكون أمام نقاط تحول عدة، ستنعكس بالسلب أو بالإيجاب على أدائها، وأولها سيتمثل في استمرار ضعف النمو الاقتصادي وما سينجم عنه من تراجع قدرة الحكومات الخليجية على دعم القطاع المصرفي، الأمر الذي سينعكس بالمزيد من الضغوط على سيولة القطاع المصرفي.

أما تحدي البنوك الثاني فيكمن في الاصلاحات الاقتصادية في 2017، إذ إن توجهات الحكومات الأخيرة توحي بأن الاقتصاد الخليجي مقبل على المزيد من السياسات التقشفية، والتي قد تقابلها إجراءات حكومية لدعم قطاعات معينة، ما سيجعل من القطاع المصرفي الخليجي المتأثر الأكبر بهذه التوجهات سلباً كان أم إيجاباً.

كما أن عمليات الاندماج بين المصارف في الخليج، ستشكل نقطة حسم في مسار هذا القطاع، إذ أن نجاحها بين المصارف سيحقق العديد من المكاسب للقطاع المصرفي الخليجي على صعيد الكفاءة والاستقرار المالي.

لكن وفي المقابل فأن القطاع المصرفي الخليجي مقبل على جملة من العوامل الداعمة لأدائه في 2017 سيتجلى أولها في رفع أسعار الفائدة الذي شهدناه مؤخرا.

 

فرفع أسعار الفائدة الأميركية وماقابلها من رفع لأسعار الفائدة في دول الخليج من  شأنه أن يوسع هوامش ربحية المصارف الخليجية وذلك في ظل الفجوة بين نسبة الفوائد المدفوعة على الفوائد وسعر الأقراض.