تقارير

كيف ستتفاعل السعودية مع زيادات أوبك الجديدة ؟

ضبابية شديدة تكتنف آفاق سوق النفط في النصف الثاني من العام الحالي فبالرغم من التقارير التى  ترجح أن السعودية ستستحوذ على نصيب الأسد في زيادات الإنتاج التي اتفقت عليها منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك ومنتجون خارجها وأن صادراتها ستميل نحو خامات خفيفة  غير أن الوقائع  تثبت أن المنظمة عادة ما تكون ناجحة للغاية في التعامل مع اضطرابات الأسعار الموجعة للمنتجين من خلال تقليص إمدادات الخام، لكن القيام بالعكس تمامًا لمساعدة المستهلكين هي قصة مختلفة تمامًا

فهناك مقولة قديمة عن “أوبك” تشبهها بكيس الشاي الذي يعطي أفضل ما عنده بمجرد وضعه في الماء الساخن، حيث أن الزيادة المقررة بالتعاون بين “أوبك” والمنتجين المستقلين والمقدرة بمليون برميل يوميًا، والتي تم الإعلان عنها بعد انخفاض الأسعار دون 75 دولارًا للبرميل قد يكون أثرها قصير الأجل. فضلاً عن توقعات بأنه فى ظل سوق صاعد يتسم بانخفاض المخزونات وتقلص القدرة الإنتاجية الاحتياطية، فإن إمكانية استيعاب السوق لأي اضطرابات غير متوقعة في العرض (أو حتى الطلب) ستكون محدودة.

نجح الاتفاق الأخير في تفادي فجوة وشقاق بين المنتجين والوصول إلى مستوى زيادة معقول يرضي جميع المنتجين، بما يجنبهم انهيارًا محتملًا للتحالف، ورغم الإعلان عن مليون برميل يوميًا زيادة في الإنتاج، لم يتم تحديد أهداف إنتاجية لأي بلد.وأدى هذا إلى كسب رضا إيران التي عارضت تعديل اتفاق كبح الإمدادات المعمول به منذ عام ونصف العام، بعدما اتهمت “أوبك” بمحاولة استرضاء الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لرفضه المتكرر ارتفاع أسعار النفط.

غير أن السعودية وروسيا أوضحتا أنهما تخططان لزيادة قدرها مليون برميل يوميًا، وهو ما قد يعني ارتفاع إمداداتهما فوق المستوى المستهدف لتعويض دور منتجين آخرين، مع ذلك تشير التكهنات إلى أن المملكة لا تتطلع إلى إغراق السوق لتفادي انخفاض الأسعار دون 70 دولارًا للبرميل.

وأشارت تقارير أن إنتاج السعودية من المتوقع أن يبلغ في المتوسط نحو 10.5 مليون برميل يومياً في الربع الثالث، ومن المحتمل أن يقترب المتوسط في بعض الأشهر من مستويات قياسية مرتفعة فوق 10.6 مليون برميل يومياً.

وتوقعت أن تعوض السعودية وروسيا أي انخفاضات إضافية في الإمدادات في المستقبل من منتجين آخرين، بإضافة ما يصل إلى 400 ألف برميل يومياً أخرى.

وأشارت إلى أن الزيادة في إنتاج السعودية ستأتي بوتيرة أسرع من الخسائر في الإنتاج الإيراني، وهو ما قد يشير إلى وفرة في المعروض في الأجل القصير.وأن المنتجين الخليجين وروسيا سيزيدون الإنتاج بمقدار 700 ألف برميل يومياً في النصف الثاني من 2018 مقارنة بالنصف الأول”.

وتوقعت إنريجي أسبكتس أن إنتاج روسيا سيرتفع بمقدار 0.18 مليون برميل يومياً على مدى النصف الثاني من 2018 مقارنة بالنصف الأول، ودولة الإمارات العربية والكويت ستزيدان الإنتاج بمقدار 50-60 ألف برميل يومياً لكل منهما.

وبحسب تقرير لـ”فايننشال تايمز”، يُنظر إلى احتمالية ضخ مليون برميل يوميًا من الإمدادات الإضافية إلى السوق باعتبارها ضغطًا هبوطيًا على الأسعار، لكن جزءًا من القرار الذي تقوده السعودية لزيادة الإنتاج ينبع أساسًا من خطر انخفاض المعروض العالمي في وقت لاحق هذا العام.

وتسببت الأزمة الاقتصادية والسياسية في فنزويلا بالفعل في انخفاض إنتاج البلد العضو في “أوبك” بمقدار 700 ألف برميل يوميًا خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، ما شجع الأسعار على بلوغ حاجز 80 دولارًا للبرميل.

و تواجه إيران ثالث أكبر منتج في المنظمة خطر تجدد العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية بعد انسحاب إدارة “ترامب” من الاتفاق النووي، تزامنًا مع انخفاض الإنتاج الليبي بمقدار 400 ألف برميل يوميًا على خلفية تجدد الاقتتال الداخلي وتدمير أحد موانئها النفطية.

ويرى محللو “ستاندرد تشارترد” احتمالية لانخفاض جديد بإمدادات النفط من هذه البلدان الثلاثة يتراوح بين 1.5 مليون إلى 2.3 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية العام الجاري، حيث يتوقعون تراجع إنتاج فنزويلا وإيران بمقدار 500 ألف برميل ومليون برميل تواليًا على الأقل.

في الوقت نفسه، فإن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة التي نمت على مدار الأشهر الثمانية عشر الماضية، تعاني من اختناق خطوط الأنابيب وعدم قدرتها على نقل الإنتاج كاملًا، ما ينذر بتباطؤ في الإمدادات حتى يتسنى تشغيل المزيد من الخطوط العام القادم.

على أي حال، ما زال هناك ما يكفي من عدم اليقين بشأن توقعات سوق النفط على المدى الطويل لإبقاء جميع المنتجين المشاركين في الاتفاق يدا واحدة، إذ ربما يحتاجون إلى خفض إنتاجهم مرة أخرى.