سجلت العقود الآجلة لخام برنت أدنى مستوى في نحو شهر أمس الثلاثاء بعد تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ ذكرت فيه نقلاً عن مصادر أن الإدارة الأميركية طلبت من السعودية ومُصدرين آخرين كبار في أوبك زيادة إنتاج النفط بنحو مليون برميل يومياً.
الزيادة التي طلبتها الولايات المتحدة غير كافية لرفع المخزونات التجارية
ورغم أن الزيادة المقترحة كبيرة نوعاً ما، فإن مصرف غولدمان ساكس اعتبر هذه الزيادة التي طلبتها الولايات المتحدة غير كافية لرفع المخزونات التجارية من النفط في الدول الصناعية، والتي هبطت مؤخراً إلى مستويات سلبية تحت متوسط الخمس سنوات
ويقول المحللون إنه عندما لا تكون مخزونات النفط مرتفعة أو منخفضة بشكل ملحوظ، فإن تقلبات الأسعار تميل إلى التلاشي، وحاليًا وصلت المخزونات إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، وبلغت متوسط الخمس سنوات، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
احتمال ارتفاع أو انخفاض المخزونات بشكل حاد ينبغي أن يتلاشى مما يقل بدوره احتمال حدوث حركة قوية في الأسعار، وكلما قلت التقلبات كان ذلك جيدًا لمنتجي النفط ومستهلكيه الذين يجدون صعوبة في التخطيط المسبق في ظل التذبذبات الحادة.
ونقلت بلومبيرغ عن كبير محللين السلع في المصرف جيفري كيوري، والذي كان يتحدث خلال ندوة لبلاتس عن النفط الخام في لندن، إنه ما زال يتوقع أن تظل الأسعار مرتفعة، لأن أي زيادة من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سوف تستغرق ما بين 3 إلى 4 أشهر حتى يظهر أثرها على السوق في الوقت الذي يتصاعد فيه الطلب وتنخفض المخزونات التجارية.
السوق قد يشهد عجزاً قدره مليون برميل يومياً
ويتوقع كيوري أن يشهد السوق عجزاً قدره مليون برميل يومياً، نظراً لأن الطلب يزداد والإنتاج خارج أوبك لن يزداد كثيراً، خاصة من النفط الصخري الذي يواجه منتجوه صعوبات لوجيستية فيما يتعلق بالأنابيب والنقل من مناطق الإنتاج إلى مناطق التصدير.
وانخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت بنحو 1.09 دولار إلى 74.20 دولار للبرميل في منتصف يوم أمس، وهو أدنى مستوياتها منذ الثامن من مايو (أيار) الماضي. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 21 سنتا إلى 64.54 دولار للبرميل.
وذكرت بلومبيرغ أمس الثلاثاء نقلا عن مصادر مطلعة أن الحكومة الأميركية طلبت من السعودية وبعض المنتجين الآخرين في منظمة البلدان المصدرة للبترول زيادة إنتاج النفط بنحو مليون برميل يوميا.
وجاء الطلب بعد أن ارتفعت أسعار البيع بالتجزئة للبنزين في الولايات المتحدة لأعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات، وبعد أن شكا الرئيس دونالد ترمب من سياسة أوبك وارتفاع أسعار النفط.
وقال التقرير إن الطلب يأتي أيضا بعد قرار واشنطن بإعادة فرض عقوبات على صادرات إيران من النفط، وهو ما أدى في السابق إلى خروج نحو مليون برميل يوميا من الأسواق العالمية.
ومن المقرر أن تجتمع منظمة أوبك في فيينا في 22 يونيو (حزيران) الجاري لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت المنظمة وعدد من المنتجين خارجها، بما في ذلك روسيا، سيزيدون الإنتاج لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات من إيران وفنزويلا.
وقالت مصادر مطلعة في 25 مايو الماضي، إن السعودية وروسيا تبحثان بالفعل زيادة إنتاج النفط من أوبك وخارجها بنحو مليون برميل يوميا. وتشهد إمدادات النفط العالمية شحا في ظل تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك والتي بدأت في أوائل عام 2017.
وأمس، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بعد اجتماع في العاصمة النمساوية فيينا، مع محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إن روسيا والمنظمة لديهما وجهة نظر مشتركة بشأن الموقف في سوق النفط. وأحجم نوفاك عن الخوض في مزيد من التفاصيل.
وعلى صعيد آخر، قال الرئيس التنفيذي لـ«نايارا إنرجي» الهندية للتكرير، إن الشركة مستعدة لاستبدال النفط الإيراني، إذا ما تطلب الأمر ذلك بسبب العقوبات الأميركية، وإنها تأمل أن تسدد المبالغ المستحقة لطهران قبل الموعد المحدد لإعادة فرض العقوبات في نوفمبر (تشرين الثاني).
وستستغل «نايارا»، المشتري الرئيسي لنفط إيران، والتي كانت تعرف سابقا باسم «إيسار أويل»، شبكة مورديها الضخمة التي تضم أسماء مثل روسنفت وترافيجورا لاستبدال النفط الإيراني إذا تطلبت العقوبات الأميركية ذلك.
وتدير الشركة مصفاة متطورة بطاقة 400 ألف برميل يوميا في فادينار على الساحل الغربي للهند. وقال ب. أناند، الرئيس التنفيذي للشركة على هامش قمة بلاتس العالمية للنفط الخام في لندن، إن شركته على اتصال دائم بموردين بدلاء للخام. وتابع أن من المتوقع على الأرجح أن تسدد «نايارا» ديونها لإيران قبل الرابع من نوفمبر. وقال إن الشركة سددت متأخرات بنحو ملياري يورو (2.3 مليار دولار) لتغطية مشتريات سابقة من الخام الإيراني ولا تزال مدينة بحوالي 500 مليون يورو.
الوكالة الدولية تحذر
وأفادت الوكالة في تقريرها الشهري، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق الإيراني “حَوَّل تركيز تحليل سوق النفط من الأساسيات إلى (المسائل) الجيوسياسية”.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة، أن أسعار النفط التي ترتفع بفضل نمو الطلب بشكل ثابت والاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه الدول المنتجة من داخل وخارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لخفض الانتاج، زادت مذاك فبلغت أكثر من 77 دولاراً للبرميل.
وقالت: “في الوقت الحالي، هناك ضبابية يسهل تفهمها بشأن التأثير المحتمل (للتحرك الأمريكي) على صادرات إيران النفطية”.
وأشارت إلى التراجع الذي شهدته الصادرات الإيرانية بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم، عندما تم فرض العقوبات في 2012.
وأوضحت، أنه “لا يزال من المبكر للغاية التنبؤ بما سيحدث لكن علينا النظر بشأن إن كان بإمكان المنتجين الآخرين التدخل لضمان تدفق النفط بشكل منتظم إلى السوق والتعويض عن الاضطراب في الصادرات الإيرانية”.
وأفادت أنه بعد وقت قصير من الإعلان الأمريكي، أقرت السعودية — أكبر مُصَدر للنفط في العالم — بالحاجة للعمل مع المنتجين والمستهلكين للتخفيف من أثر أي نقص محتمل في الإمدادات.
فنزويلا خطر محتمل
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى أن فنزويلا التي تعاني من أزمة سياسية واقتصادية تشكل خطراً محتملاً آخر يهدد إمدادات النفط العالمية.
وأفادت: “في فنزويلا، تزداد وتيرة التراجع في انتاج النفط وبحلول نهاية العام الجاري، سيكون الانتاج انخفض بمئات آلاف البراميل في اليوم”.
وأضافت، أن “النقص المحتمل بنسبة الضعف في الإمدادات الذي تمثله إيران وفنزويلا قد يشكل تحدياً رئيسياً للمنتجين لمنع ارتفاع الأسعار بشكل كبير وسد الثغرة، ليس فقط لجهة عدد البراميل لكن كذلك لجهة نوعية النفط”.
وتحدثت الوكالة عن بقاء التوازن العام في السوق حيث خفضت تقديرها لنمو الطلب على النفط العالمي في 2018، إلى 1.4 مليون برميل في اليوم مقارنة بتقديرها السابق بـ1.5 مليون.
وقالت، إن “الطلب في بداية العام كان مدعوماً بالطقس البارد في أوروبا والولايات المتحدة وانطلاقة قوية للقدرة على الانتاج البتروكيماوي في الولايات المتحدة والخلفية الاقتصادية الصلبة”.
وأضافت: “في وقت تواصل البيئة الاقتصادية دعم الطلب على النفط..سيختفي الدعم الناجم عن ظروف الطقس القاسية وسيبدأ الارتفاع الأخير في أسعار النفط بترك أثره”.
وبناء على ذلك، “يتوقع أن يخف الطلب العالمي على النفط” خلال النصف الثاني من العام، بحسب الوكالة
أضف تعليق