يقول “أجاي أغاروال” المدير الإداري لـ”بين كابيتال فنتشرز” للاستثمار المغامر، والتي تدير أصولًا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، إنه رغم عدم وجود مسار مختصر أو طريقة سحرية لبناء شركات البرمجيات الخدمية الناجحة، تمكنت كيانات رائدة مثل “سيلزفورس” و”سلاك” و”شوبيفي” من تحقيق نجاح باهر بعد تحولها من إستراتيجية تقديم المنتج إلى تقديم المنصة، بحسب مقال نشره بموقع مجلة “فوربس”.
وفي مقاله الأخير، حاول “أغاروال” شرح كيفية إحداث هذا التحول، وتطرق للحديث عن الشركات المؤهلة لفعل ذلك، مشيرًا إلى عدد من الممارسات والدروس المستفادة من هذا الأمر، والتي استند فيها على عشرات التجارب للشركات الناشئة التي تركز على أعمال البرمجيات الخدمية أو ما يعرف بـ” Software as a service- البرمجيات كخدمة” ويشار إليها اختصارًا بـ”SaaS- ساس”، والتي يقوم خلالها مقدم الخدمة بالترخيص للعميل من أجل استخدام منصته سواء عبر الإنترنت أو في شبكة محلية.
تعريف المنصة
– هناك فرق بين المنتج والمنصة، فالأول قد يكون تطبيقا لحل مشكلة معينة أو حالة تطرأ أثناء الاستخدام، أم الثانية فهي البنية الأساسية العامة اللازمة لتطبيقات معددة، ولتوضيح الأمر أكثر فإن أغلب الشركات تبدأ بإطلاق منتجها ثم تعمل على بناء منصتها بمرور الوقت.
– أطلقت “آبل” جوال “آيفون” مرتكزة على وظائف أساسية جميعها من تطوير الشركة، قبل أن تطلق متجر التطبيقات “آب ستور” لإيجاد نظام بيئي مستقل للتطبيقات، والذي نما بشكل كبير في العقد الأخير، ويستضيف حاليًا أكثر من 2.2 مليون تطبيق.
– تطور نظام إدارة علاقات العملاء الأساسي لدى “سيلزفورس” إلى منصة أوسع لتطبيقات المؤسسات، مما ساعدها على أن تصبح أول شركة متخصصة في “البرمجيات كخدمة” مع إيرادات سنوية تبلغ 10 مليارات دولار.
– بالمثل أصبح المساعد الصوتي “إيكو” الذي تنتجه “أمازون” اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي، أكثر ذكاءً بمجرد أن وفرت الشركة منصة للتفاعل الصوتي مع الملايين من الأجهزة والخدمات من المطورين الخارجيين.
– تساهم المنصات في إحداث تأثير مضاعف يستفيد منه العشرات والمئات أو حتى الآلاف من الشركات، وتتخلى شركات المنصات عن بعض سيطرتها، لكن في المقابل تصبح أكثر قيمة لعملائها وشركائها الذين يستفيدون من سهولة الوصول إلى البيانات وقنوات التوزيع وغيرها من الخدمات، ما يؤدي إلى تسريع وتيرة أعمالهم.
قيمة المنصة
– إذن، كيف يمكن لشركة أن تقدم منصة قيمة؟ عادة ما تكون واحدة أو أكثر من الخصائص التالية التي يصعب نسخها، ضرورية لبناء منصة ذات قيمة عالية وجاذبة.
– أولًا، امتلاك البيانات الفريدة من نوعها، وهو ما يعني حق الوصول الحصري إلى البيانات التي يحتاجها ويستفيد منها المطورون الآخرون، فمثلًا تعتبر بيانات إدارة علاقات العملاء في “سيلزفورس” ونظام عمل وتاريخ العميل في “شوبيفي” ومعلومات الهوية في “فيسبوك”، أمثلة حقيقية للبيانات القيمة والمميزة.
– ثانيًا، قناة التوزيع، كأن تملك الشركة جمهورا كبيرا أو عالي القيمة يصعب الوصول إليه ويستخدم منتجها بانتظام، فمثلًا مندوبو المبيعات الذين يستخدمون “سيلزفورس” ومديرو الحسابات وعلاقات العملاء الذين يلجأون إلى “جين سايت”، هم جمهور قيم بالنسبة لمطوري الطرف الثالث الذين يريدون الاستفادة من التواصل معهم.
– ثالثًا، الوظيفة الأساسية، يجب على رائد الأعمال قبل التفكير في تحويل نشاطه إلى شركة منصة أن يسأل نفسه، ما هي الميزة أو الوظيفة التي سيقدمها بشكل مختلف، أو ما الذي سيجعل من السهل جدًا إعداده وصيانته.
– إن نفقات “أمازون” على الأبحاث والبيانات الخاصة بمساعدها الافتراضي “أليكسا”، تقزم موارد الشركات الأخرى جميعًا تقريبًا، ولهذا السبب فإن الآلاف من الشركات الناشئة، بينها العديد من مصنعي الأجهزة، يدمجون “أليكسا” في منتجاتهم بدلًا من إعادة تطوير مساعدهم الخاص.
استراتيجية المنصة
– إذا توافرت بعض الأصول السابق الإشارة إليها، فإن هناك على الأقل أربع ديناميكيات رئيسية يجب أن توجه الأعمال وخريطة المنتج إلى التحول.
– أولًا، الانفتاح مقابل التبعية، فقديمًا إذا أرادت شركة تحقيق انتشار واسع لتطبيق جوال من تطويرها كان يتعين عليها إبرام صفقة مباشرة مع مشغلي خدمات الجوال، لكن “جوجل” أنهت هذه التبعية من خلال متجر “بلاي ستور” المفتوح، حيث يمكن أن يكون هناك تطبيق متاح للتنزيل طالما يلتزم المستخدم بقواعد المنصة.
– تعمل المنصات المفتوحة على تسهيل الوصول دون وسطاء وتعزيز الخيارات أمام المستخدمين النهائيين، لكن المنصات المنظمة الخاصة (والتي تعني التبعية لأطراف بعينها كمشغلي الجوال) تتولى تنظيم إدارة المخاطر التي تحيق ببيانات وتجربة العميل.
– ثانيًا، الدفع مقابل المجانية، فطرق الاستفادة المادية من المنصات مختلفة، وعلى سبيل المثال تقوم متاجر التطبيقات الخاصة بـ”آبل” و”جوجل” وشوبيفي” بالتربح من كل معاملة أو اشتراك يمر من خلالها، بينما منصات أخرى مثل “سلاك” تقدم خدماتها مجانًا باعتبار أن المناخ الجاذب للمطورين يزيد العملاء للاستفادة عبر طرق أخرى كالإعلانات.
– ثالثًا، تأثير النطاق، ويعد أحد الاعتبارات الهامة هنا هو ما إذا كان إضافة المزيد من المستخدمين يحسن بشكل كبير اقتصاد الوحدة المعنية بأعمال المنصة، فهذه الرؤية تساعد بشكل أساسي في تحديد الرسوم واتخاذ قرارات أخرى بشكل مختلف.
– أخيرًا، يجب التساؤل عن الإضافة التي سيمثلها اجتذاب مستخدمين ومطورين آخرين إلى الشركاء الحاليين، وهو ما يعرف بـ”أثر الشبكة”، ولعل “دوكوساين” مثالًا رائعًا على النشاط التجاري المرتبط بالشبكة، وهي شركة توفر تكنولوجيا لتسهيل التوقيع الإلكتروني وإدارة المعاملات الرقمية وتبادل العقود الإلكترونية والوثائق الموقعة.
– نظرًا لأنه من السهل على المزيد من الأشخاص اعتماد ودمج منصة “دوكوساين” في مهام عملهم الخاص، فمع كل مستخدم جديد يستفيد كل فرد في شبكة المستخدمين، حيث تصبح الحاجة للأوراق والمستندات أقل، بما في ذلك شركات مثل “مايكروسوفت” وحتى “سيلزفورس” التي تعتمد على “دوكوساين” في إنهاء عمليات التوقيع الإلكتروني الخاصة بها.
أضف تعليق