بنوك

قطر : سندات البنوك المحلية تغزو الأسواق العالمية في 2016

بدأت البنوك الوطنية خططا طموحة لإصدار أدوات رأسمالية (صكوك – سندات) خلال العام الحالي في الأسواق الإقليمية والعالمية، مستفيدة من وضعها القوي، والتصنيفات العالية التي حصلت عليها من مؤسسات التصنيف العالمية، باعتبارها من أجدر البنوك في المنطقة. وتسعى البنوك الوطنية إلى غزو أسواق المال العالمية بالسندات والصكوك التي أعلنت عن نيتها إصدارها في 2016.

وتهدف البنوك إلى زيادة السيولة المتوافرة لديها من خلال الحصول على أموال إضافية منخفضة التكاليف – رخيصة – نتيجة لوضعها المالي القوي الذي يمكنها من طرح أي أوراق مالية بالخارج، والقدرة على سدادها في المواعيد المحددة، بعد أن نجحت في تجارب إصدار سابقة، غطت خلالها عملية الاكتتاب عدة أضعاف، بعد الثقة الكبيرة التي حصلت عليها، ومراكزها المالية القوية.

خطط الإصدار شملت البنوك الوطنية الكبرى بداية من قطر الوطني – QNB – وصولا إلى مصرف قطر الإسلامي والدولي الإسلامي والبنك التجاري وبنك الدوحة والبنك الأهلي، وتراوحت قيمة الإصدارات لكل بنك بين 500 مليون إلى 3 مليارات دولار أو ما يعادلها بالريال على مراحل مختلفة.

خطط البنوك للإصدارات

من أول البنوك التي أعلنت عن إصدار أدوات رأسمالية بالخارج بنك قطر الوطني – QNB – بعد أن وافقت الجمعية العمومية للبنك على إصدار أدوات رأسمالية مؤهلة لتكون ضمن الشريحة الأولى من رأس المال الإضافي و/أو رأس المال المساند بما يتفق مع متطلبات مصرف قطر المركزي ومعايير لجنة بازل، وتفويض مجلس الإدارة في تحديد مقدار هذه الإصدارات وتواريخها وشروط إصدارها وأسعار الفائدة عليها وتوقيت طرحها، وذلك من خلال إصدار مباشر من قبل البنك أو من خلال شركة تابعة مملوكة للبنك أو من خلال تأسيس شركة جديدة ذات غرض خاص بضمان البنك.

من جانبه، أعلن الدولي الإسلامي عن طرح الشريحة الأولى لصكوك البنك بقيمة مليار ريال خلال الشهر المقبل، وسيتم استخدامها في دعم حقوق الملكية وزيادة قدرة البنك في عمليات التمويل.

بدوره، أعلن مصرف قطر الإسلامي عن برنامج لإصدار الصكوك، بتمديد الموافقة على مبلغ 3 مليارات ريال المتبقية من إصدار صكوك رأسمالية غير مدرجة في البورصة ومؤهلة لتكون ضمن الشريحة الأولى من رأس المال الذي تمت الموافقة عليه من قبل ضمن مبلغ 5 مليارات ريال، كما يتضمن البرنامج زيادة الحد الأقصى لحجم برنامج المصرف لإصدار الصكوك ليصبح 3 مليارات دولار بدلا من 1.5 مليار دولار، بعد أن وافقت عليه الجمعية العمومية.

أما البنك التجاري فلديه خطط لطرح أدوات رأسمالية بقيمة 2 مليار ريال، في الأسواق الدولية، إضافة إلى إصدار شريحة ثانية قيمتها لا تزيد عن 500 مليون دولار أو ما يعادلها بالريال القطري.

وأعلن بنك الدوحة عن خطط إصدار أدوات رأسمال أساسي بمبلغ 2 مليار ريال تكون أداة الإصدار هي أدوات رأسمال أساسي مؤهلة كرأسمال أساسي إضافي للإصدار في قطر وفقا لشروط ومتطلبات مصرف قطر المركزي. وتفويض مجلس إدارة بنك الدوحة ومن يفوضه المجلس في تحديد كافة الشروط والأحكام واتخاذ ما يلزم من إجراءات وكيفية تنفيذ عملية.

من جانبه، أعلن البنك الأهلي عن خطط طرح سندات متوسطة الأجل بقيمة 2 مليار دولار كحد أقصى، على ألا يتجاوز إجمالي السندات القائمة/المستحقة على البنك في أي وقت قيمة رأسمال البنك، ما لم تكن تلك الزيادة مضمونة من أحد البنوك العاملة بالدولة.

لماذا تلجأ البنوك المحلية إلى هذه الإصدارات رغم وضعها المالي القوي؟ وهل خطط البنوك تصطدم بالوضع الاقتصادي العالمي.. وتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية؟ ومدى الإقبال المتوقع على السندات والصكوك المتوقع إصدارها في 2016..

خبراء المال والبنوك يؤكدون أن الثقة في الاقتصاد القطري تدعم إصدار البنوك الوطنية للصكوك والسندات في الأسواق العالمية، مشيرين إلى قدرة البنوك على إدارة هذه العملية والنجاح المتوقع لها، بعد أن أصدر عدد من البنوك المحلية سندات وصكوكا عالمية تم تغطيتها عدة أضعاف في وقت قصير، ولكن الخبراء يؤكدون على أهمية استغلال هذه الأموال في دعم المراكز المالية للبنوك وتعزيز خططها التوسعية في الداخل والخارج.

السوق المحلي

عبد الباسط الشيبي الرئيس التنفيذي للبنك الدولي الإسلامي يؤكد أن الغرض من هذا الإصدار هو تقوية المركز المالي للبنك وزيادة قدرته على التوسع في السوق المحلي والخارجي، ودعم المحفظة التمويلية لتكون قادرة على تمويل المشاريع الكبرى، ويشير إلى استمرار سياسة التوسع الجغرافي للبنك خلال المرحلة القادمة بعد نجاحها في عام 2015 والتي تم خلالها افتتاح 5 فروع جديدة للبنك في مناطق الدولة.. مؤكداً أن البنك يتمتع بسيولة جيدة جدا وكان التركيز على تشغيل وتوظيف هذه السيولة في السوق.. وهناك خطط لجلب سيولة إضافية للبنك من خلال طرح أدوات مالية في الأسواق العالمية خلال الفترة القادمة.. وأضاف أنه في حالة وجود توجه لدى الحكومة للاقتراض لتمويل العجز في الموازنة فإن الدولي الإسلامي لن يتردد في المشاركة في هذا التمويل الذي يتسم بعدم المخاطرة والعائد الجيد. وأكد أن البنك متوافق مع متطلبات بازل 3 وأن نسبة كفاية رأس المال حاليا 17 % من المتوقع ارتفاعها إلى 20 % بعد طرح صكوك الشريحة الأولى التي أعلن وافقت العمومية عليها من قبل.

بنك الدوحة 

من جانبه، يؤكد الدكتور. سيتارامان – الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة أهمية الإصدارات التي تطرحها البنوك القطرية في الأسواق العالمية، والثقة الكبيرة من المؤسسات الدولية في البنوك المحلية التي جعلت بنك الدوحة يستكمل عملية إصدار أدوات رأسمالية مؤهلة للإدراج ضمن رأس المال الأساسي بقيمة 2 مليار ريال بنجاح كبير العام الماضي. وانسجامًا مع إستراتيجية البنك للتوسع الدولي.

ويضيف أنه رغم الأوضاع السوقية الصعبة، إلا أن بنك الدوحة قد تمكن مؤخرًا من توقيع اتفاقية لتمويل قرض مشترك غير مضمون بقيمة 575 مليون دولار أمريكي بسعر متميز، وقد فاق الطلب مستوى العرض لهذه الصفقة بقيمة 75 مليون دولار أمريكي.

ويؤكد سيتارامان على أن القطاع المصرفي سيشهد عددًا من التحديات في الأجل القريب. وسيتعامل بنك الدوحة مع هذه التحديات بتفاؤل يسوده الحذر مع التركيز في الوقت نفسه على تعزيز ميزانيته العمومية، وترشيد التكاليف، وإعادة تسعير الأصول. ويضيف.. سنركز في ظل تحديات السيولة المستمرة التي نواجههّا على استقطاب الودائع ذات التكاليف المنخفضة. ولقد حافظ بنك الدوحة على وتيرة ثابتة في أدائه رغم ظروف السوق المتقلبة.

الاحتياجات المالية 

ويؤكد الخبير المصرفي المالي عبد الله عبد العزيز الخاطر أن البنوك المحلية في حاجة ماسة إلى مثل هذه الإصدارات سواء سندات أو صكوك يتم طرحها في الأسواق العالمية للحصول على احتياجاتها المالية بدلا من الاعتماد على السوق المحلي وحده، معتبرا أن تكلفة هذه الإصدارات رخيصة خاصة بعد أن تم طرح العديد من مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم أمام القطاع الخاص.. مشيراً إلى أن البنوك بهذا الإجراء ستحظى بدعم قوي يمكنها من تحقيق أداء جيد والتنوع في الأدوات الاستثمارية التي تطرحها للمستثمرين.

ويضيف أن البنوك القطرية تتمتع بوضع مالي قوي يمكنها من إصدار السندات والصكوك والوفاء بالتزاماتها في الآجال المحددة لها على اعتبار أنه كلما كان البنك أو الشركة المصدرة للسندات أو الصكوك قوية ازداد الإقبال على هذا المنتج في ظل الأوضاع الجيدة في السوق.. ويوضح أن المركز المالي والتدفقات المالية تتيح للبنوك إصدار هذه المنتجات الجديدة حيث لديها القدرة على تمويل الالتزامات.

ويتوقع الخاطر إقبالا كبيرا من مؤسسات التمويل والبنوك العالمية على السندات والصكوك الجديدة نتيجة للوضع المالي والاقتصادي القوي لدولة قطر، مما يدعم ويعزز هذه الأوراق المالية بالخارج.

ويشير إلى أن استخدام البنوك حصيلة الإصدارات في تقوية المركز المالي وتمويل المشاريع التي تدخل بها خاصة المشاريع التي يطلبها القطاع الخاص لتنفيذ التزامات بطولة كأس العالم 2022 إضافة إلى المشاريع العقارية التي تشهد توسعا كبيرا في الفترة الحالية.. ويضيف أن هناك تجارب سابقة للبنوك القطرية في إصدار السندات سواء المجمعة أو الفردية وأثبتت نجاحها سواء في السوق المحلي أو الأسواق الدولية باعتبار أن سمعة الاقتصاد القطري هي الضمانة الرئيسية لهذه الإصدارات التي لاقت إقبالا كبيرا من المستثمرين.

ضوابط المركزي 

بدوره، يوضح الخبير المصرفي -عبد الرحمن المير- إجراءات مصرف قطر المركزي لتنظيم عملية إصدار البنوك أوراقا تجارية أو شهادات إيداع أو سندات أو أوراقا تمويلية أخرى لتمويل النشاط المصرفي، والتي تتضمن إلزام البنوك العاملة في قطر التي ترغب في الحصول على عدم ممانعة المصرف لإصدار أوراق تجارية أو شهادات إيداع أو سندات أو أوراق تمويلية أخرى لتمويل النشاط المصرفي بتقديم عدد من المستندات هي قرار الجمعية العمومية بالموافقة على الإصدار وبيان الغرض من الإصدار، وأوجه استخدام الأموال والعائد المتوقع من استثمارها وكيفية حسابه.. كما يطلب المركزي من البنوك توضيح نوع الأوراق المزمع إصدارها وبيانات وافية عنها متضمنة.. أوراق دين عامة أو أوراق دين مساندة وسعر الفائدة المدفوع على هذه الأوراق ونوع العملة والأسواق التي ستطرح بها وشروط ومواعيد استرداد الأوراق وأي شروط أو مواصفات هامة.. وألزم المصرف البنوك ببيان إذا كان سيتم إدراج هذه الأوراق في بورصة قطر والموافقة المبدئية لهيئة قطر للأسواق المالية على ذلك.. وطلب المركزي من البنوك بيان تأثير إصدار الأوراق المالية على النسب والمؤشرات الإشرافية وتأثيرها على هيكل مخاطر البنك وبصفة خاصة مخاطر أسعار الفائدة ومخاطر سعر الصرف الأجنبي ومخاطر فجوات الاستحقاق ومخاطر كفاية رأس المال والربحية.. وطلب المركزي شهادة تصنيف ائتماني من إحدى مؤسسات التصنيف الدولية إضافة إلى أي بيانات إضافية يطلبها المركزي..

ويضيف المير أن البنوك بدأت بالفعل في تنفيذ الإجراءات خاصة التي عقدت الجمعيات العمومية منذ بداية العام الحالي حيث حصل بعضها على موافقة العمومية على إصدار سندات وصكوك جديدة واستكمال بقية الإجراءات التي طلبها المركزي.

ويؤكد المير أن القواعد والضوابط لإصدار أوراق المال تساهم في الحد من المخاطر التي يتحملها البنك، باعتبار هذه الأوراق ديونا على البنك يجب أن يسددها في المواعيد المقررة وتأثيرها على نسب الأرباح والموجودات والأصول وميزانية البنك، خاصة مخاطر أسعار الفائدة ومخاطر سعر الصرف الأجنبي ومخاطر فجوات الاستحقاق ومخاطر كفاية رأس المال والربحية.