تقارير

فقاعة الديون ..هل أوشكت على الانفجار؟

hand hole needle with dollar symbol in the bubble

يواجه الاقتصاد العالمى تحدياً هو الأبرز يتمثل في ارتفاع حجم  الديون العالمية يوماً تلو الآخر , بشكل يؤشر إلى إمكانية تحولها إلى أزمة مزمنة

القيمة الإجمالية للدين العالمي تتجاوز حاليا 250 تريليون دولار، مما جعل البعض يصفه بـ “فقاعة مديونية عالمية قابلة للانفجار في أي وقت” وتتضح ملامح الأزمة من تجاوز معدل الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي الدولي نسبة 318 في المائة، حيث بلغ دين القطاع غير المالي 186 تريليون دولار، وسط مستويات قياسية من ديون الشركات تجاوزت 80 تريليون دولار، في الاقتصادات الصاعدة والمتقدمة معا. وهو ما يثير القلق بين المختصين في أن تتسارع أزمة المديونية العالمية، نتيجة الديون الضخمة على الشركات، وعدم قدرتها على السداد في ظل الحرب التجارية الراهنة والسياسات المالية التي تعتمد على رفع أسعار الفائدة.

الخطر يتجاوز أيضا الشركات ليمس بشكل مباشر قدرة الدول على التعامل مع أزمة الديون. ويشير في هذا السياق إلى تصريحات دان كوتس مدير الأمن القومي في الولايات المتحدة إلى أن الدين الأمريكي البالغ 21 تريليون دولار أي ما يعادل 105% من الناتج المحلي. هذا الرقم الكبير في حد ذاته ليس مشكلة، فجميع الاقتصادات المتقدمة تعتمد بشكل ما على الديون من أجل تنشيطها، لكن هيكل الديون هو الذي يقلق جميع الأطراف.

ديون الشركات الأمريكية أيضًا تقارب ستة ترليونات دولار، ما يسبب أخطارًا كبيرة على سوق العمل، حال تعثر تلك الشركات، ومن ثَم يُعرِّض الولايات المتحدة لأزمات توظيف مستمرة.  ديون السيارات تقارب 1.2 تريليون دولار، وهو أشبه بديون الرهن العقاري في الأزمة السابقة. تعثًّر هذا القطاع يعني انخفاض أسعار السيارات كما حدث مع أزمة السكن في 2008، ما يعني امتداد تلك الفقاعة لعدد من القطاعات المرتبطة هيكليًّا بقطاع السيارات.«الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي» ليس الوحيد الذي انتهج تلك السياسة المالية، بل انتهجت معظم البنوك المركزية في الدول العشرين الكبرى نفس السياسة لمعالجة الكساد الاقتصادي الناتج عن أزمة 2008.

وفى أكتوبر الماضي كشفت كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، عن بلوغ حجم الدين العام والخاص العالمي رقمًا قياسيًا قدره 182 تريليون دولار، بما يعادل 224% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بزيادة قدرها 60% تقريبا مقارنة بعام 2007.وقالت إن الاقتصاد العالمي يتعرض لمجموعة من التحديات والمخاطر، على رأسها مخاطر الديون التي سجلت رقما قياسيا، وهو ما يتسبب في انعكاس مسار التدفقات الرأسمالية، خاصة بالنسبة للاقتصادات الصاعدة، مما يخلف أثرا سلبيا حقيقيا على حياة الناس ومعيشتهم.

وبحسب تحليل «معهد التمويل الدولي»، ارتفع الدَين العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 247 تريليون دولار حتى نهاية آذار (مارس) 2018، ما يرفع الكلف على الأسر والشركات والحكومات مع بداية دورة اقتصادية جديدة انتهجها مجلس الاحتياط الفيدرالي تتمثل بزيادة أسعار الفائدة، في الوقت الذي تظهر فيه أرقام زيادة الدين العالمي 150 تريليون دولار تقريباً خلال السنوات الـ15 الماضية.وارتفعت مستويات ديون الأسر والشركات غير المالية والحكومات إلى 186.5 تريليون دولار في الربع الأول الماضي، كما زادت ديون القطاع المالي إلى مستوى قياسي بلغ 60.6 تريليون دولار. وفي أعقاب أزمة الاقتراض التي استمرت 10 سنوات، قادت إلى توافر الأموال الرخيصة في أعقاب الأزمة المالية عام 2008.

في سياق الدَين الخارجي ، ذكر تقرير صادر عن «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات»، إلى أن إجمالي الدَين الخارجي لـ 20 دولة عربية قفز من 426.4 بليون دولار في عام 2000، إلى 891 بليون دولار عام 2014، ثم إلى 878 بليون دولار عام 2015، ونحو 923.4 بليون دولار عام 2016، فيما يتوقع أن يكون قد تجاوز تريليون دولار حالياً. ولفت التقرير إلى أن الزيادة كانت نتيجة لجوء دول المنطقة إلى الاقتراض وإصدار سندات دَين سيادية لتمويل العجز في موازنتها العامة، نظراً إلى الارتفاع المتواصل في حجم الإنفاق.

هذه الأرقام تشكل كارثة عالمية، وتؤكد أن هناك ملامح وإرهاصات لأزمة مالية جديدة ستعصف بالاقتصاد العالمي.وستبرز بشكل واضح في سوق الأسهم، خاصة مع لجوء كثير من الشركات الدولية إلى عملية إعادة شراء أسهمها لتعزيز أوضاعها في الأسواق، إذ يؤدي الارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة، إلى تراجع قدرة عديد من الشركات على الاقتراض، وزيادة عبء الدين عليها في الوقت ذاته، ما يضعف الخيارات الاقتصادية المتاحة لها، وليصبح خيار خفض أو التراجع عن شراء أسهمها الخيار الأكثر واقعية أمامها، وبالتالي تتراجع قيمة السهم الواحد لديها، وغالبا ما يرافق ذلك افتقادها الجاذبية من قبل المستثمرين، لينتهي بها المطاف إلى إعلان إفلاسها في حال تعرضها لخسائر مالية كبيرة.

الديون العامة العالمية التي تعاني منها الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء وخاصة الولايات المتحدة، صاحبة أكبر اقتصاد عالمي، لن يكون سدادها بالأمر السهل أو السريع، ما يعني أنها ستزيد ولن تنخفض مستقبلاً.مما  يهدد النمو الاقتصادي في العالم، ويؤدي إلى تباطئه في ظل صعوبة إيجاد حلول لهذه الأزمة.