تقارير

عاصفة “أبراج ” تفتح ملف ” KPMG ” وشركات التدقيق المحاسبي

للمرة الثانية خلال عام واحد يرتبط اسم شركة ” كى بى إم جى ” للتدقيق المحاسبي بشبهات مالية .  فبينما لايزال تورط الشركة فى جنوب أفريقيا يلقى  بظلاله  على الدور الاستراتيجي للتدقيق المحاسبي داخل الشركات , جاءت قضية أبراج والأزمات المتتالية بها لتعصف بسمعة بعض الشركات فى هذا المجال  وليطرح تساؤلات حول دورها ومدى مسؤوليتها عن حماية حقوق المساهمين .

فمع بداية  أزمة أبراج كابيتال قامت المجموعة بتعيين KPMG لمراجعة حسابات صندوق الرعاية الصحية (AGHF) التابع لها، والذي تبلغ قيمته مليار دولار، وذلك بعد خلافات مع عدد من المستثمرين الدوليين فيه.وأشارت حينها  أنها واثقة من أن عملية التدقيق ستؤكد أن الأموال مسجلة في الحسابات، ومستخدمة بالشكل الملائم.

وبالفعل وبعد ثلاثة أيام فقط من تعيين “كى بى إم جى ” تم الإعلان عن أنها تحققت وأكملت نتائج تدقيقها  في جميع المدفوعات والإيرادات والإيصالات الخاصة بـ”صندوق الرعاية الصحية” في الأسواق النامية، التابع لـ”أبراج”.وأكدت المجموعة  أن عملية التحقق جرت وفق الإجراءات والمعايير الدولية المتفق عليها، مبيّنةً أنه تم إعادة رأس المال غير المستخدم في الصندوق بالأسواق النامية للمستثمرين.

ووصفت “أبراج” التقارير الإعلامية حينها بأنها مضللة وغير دقيقة، مضيفةً أن الصندوق يمثل أحد أكثر الوسائل ابتكاراً لتلبية احتياجات عشرات الملايين من الأفراد في جميع أنحاء جنوب آسيا وأفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. ويعود سبب الخلافات إلى عدم استثمار بعض أموال المستثمرين في الصندوق ، وقد تم إبلاغ المستثمرين بشكل منتظم عن هذه التأخيرات عبر التقارير الفصلية العامة للشركاء ووسائل أخرى.

أحجار الدومينو  لم تتوقف عند هذا الحد ,فقد توالت فصول العاصفة إذ عرضت شركة سيربيروس كابيتال مانجمنت أمس  مبلغ 125 مليون دولار للاستحواذ على شركة الأسهم الخاصة التابعة لمجموعة أبراج في دبي وسط صراع مع الدائنين حول خطة إعادة هيكلة ديون أبراج. معظم الدائنين وافقوا على تجميد الدين لما يتراوح بين 90 و120 يومًا، وقدرًا إجمالي قيمة الدين المستحق على “أبراج” بنحو مليار دولار.

لكن المصادر قالت، إنه لكي تكتمل صفقة بيع أنشطتها في مجال إدارة الاستثمار، تحتاج “أبراج” إلى دعم من جميع الدائنين، بما في ذلك الدائنين غير المضمونين.لكن العقبة المحتملة أمام الصفقة برزت عندما رفضت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الكويتية، وهي من الدائنين غير المضمونين، الموافقة على التجميد.

أزمة صندوق الرعاية كانت بمثابة الحبة التى انفرط  على إثرها عقد أبراج وفتحت ملف شركات التدقيق المحاسبى الأزمة الراهنة إذ ستدفع بعض الشركات والبنوك الكبرى إلى المزيد من التدقيق أو إسناد ‏المهمة لشركات متنوعة

ففي يناير الماضي استغنت شركة كي بي إم جي عن 8 من كبار ‏المديرين ‏التنفيذيين بعد ‏تورطهم في عملية رشوة مع أحد الوزراء في جنوب إفريقيا بهد ف إرساء كافة التعاقدات والعطاءات الحكومية على شركة جوبتا مما يعني ‏الإضرار بالمواطنين  . ولم تشفع اجراءات  الشركة وتبرعها لدعم بعض الجمعيات الخيرية هناك بل واعتذارها للشعب و إلغاء العديد من الشركات عقودها مع “كي بي ام ‏جي”  فى احتواء حالة الغضب والتوتر التى تفاقمت  بسبب تفشى الفساد المالي ووصل الأمر إلى حد ‏تظاهر الآلاف في كبرى مدن جنوب إفريقيا احتجاجًا على الفاسدين ومنهم كي بي ‏ام جي  ‏واستمرار حكم جاكوب زوما ‏الذي تلاحقه الفضائح.

ويجري حاليًا التحقيق في “كي بي إم جي” من قبل مجلس مراجعي الحسابات المستقلين ‏في البلد لعملها في شركات غوبتا، كما أن العديد من الشركات في جنوب أفريقيا تعيد ‏النظر في استخدامها للشركة.‏

وعلى الرغم من أن شركة “كي بي إم جي جنوب أفريقيا” كانت على بينة من ‏المعلومات التي تشكك في سلامة شركة “غوبتا” المالية.. لم يعالج عدد من كبار القادة ‏في الشركة هذه المعلومات على نحو واف ولم يؤخذ في الاعتبار عند التقييم ما إذا كان ‏ينبغي مواصلة أداء أعمال مجموعة غوبتا.‏ وقال دولومو الرئيس الجديد المعين لكي بي إم جي جنوب أفريقيا، امام لجنة الحسابات ‏العامة فى البرلمان “لقد شعرت بخيبة أمل كبيرة شخصيا بسبب مدى تقاعسنا عن ‏المعايير التى وضعناها لانفسنا .”‏

يجب على شركة كي بي إم جي، وهي شركة المحاسبة، بذل المزيد من الجهود لإنقاذ ‏سمعتها في جنوب أفريقيا، وفقا لما ذكره محافظ البنك المركزي في البلاد، محذرا من ‏أن الفشل في القيام بذلك قد يعرض أعمالها الدولية للخطر. وقد أصبحت الشركة ‏متورطة في فضيحة اتساع حول عائلة غوبتا المثيرة للجدل في جنوب أفريقيا، والتي ‏أجبرت بالفعل على استقالة فريق الإدارة العليا، وأدت إلى ثلاثة عملاء على الأقل ‏لإسقاط كي بي إم جي كمراجع حسابات وعدة آخرين للنظر في القيام بذلك.‏

كما دعا جيغابا كافة الإدارات الحكومية الى النظر فى مراجعة عملهم مع كي بي ام جي ‏لضمان “عدم تعرض عمليات التدقيق الخاصة بهم للخطر.”‏وقال التحالف الديمقراطي، المعارضة الرئيسية، انه سيراجع عقود كي بي ‏ام جي في أكثر من 30 بلدية تديرها، في حين علقت مجموعة لوبيز بريسيدنت ‏ليدرشيب جنوب افريقيا (كمبا) عضوية “كي بي إم جي”.

فضيحة‏‏”كي بي ام جي ” والتي ذهب بعض المحللين  إلى أنها لو حدثت في الولايات المتحدة لربما كان مصير ‏‏”كي بي ام جي” كمصير ارثر اندرسون .ليست الفريدة من نوعها ‏فقد توقفت شركة ‏ماكينزي عن العمل ‏مع شركة كهرباء إسكوم في انتظار تحقيق داخلي ‏في مزاعم بأنها ‏عملت مع شركة تريليان كابيتال ‏الاستشارية المالية لتأمين عقود ‏الدولة”.‏

كماسبق  وواجهت  شركة التدقيق المحاسبي (KPMG) اتهامات بإخفاء معلومات تخص رشاوى قدمتها شركة الإنشاءات (بالاست نيدام) للحصول على عقود كبيرة بالسعودية خلال نوفمبر 2013

أزمات  شركات التدقيق العالمية بالسنوات الأخيرة اتخذت منحنى تصاعدي  اذا غالبا ما تتفاجأ  الأوساط المالية كل عام بفضيحة تكون من نتائجها  خسارة مليارات الدولارات  من الضرائب وحقوق المساهمين.. وربما أشهرها فضيحة شركة “انرون” للطاقة التي لعبت فيها شركة ‏التدقيق “أرثر اندرسون” دور البطولة المطلقة وهو ما أدى إلى إغلاق الشركة لاحقا، ‏وكذلك فضيحة بنك ليمان بردذرز بواسطة شركة التدقيق “أرنست أند يونغ”.‏

فقد أدى الانفتاح الاقتصادي العالمي والتطور التكنولوجي إلى ‏تعزيز واحتكار الشركات العملاقة في مجال التدقيق المحاسبي وخاصة الدولية ، وتعد مهمة التدقيق المحاسبي من أكثر المهام خطورة ‏وحساسية لدى ملاك ومجالس إدارات الشركات وكذلك المساهمين لثقتهم بقدرة هذه ‏الشركات على اكتشاف الأخطاء وتصويبها وكذلك تقديم المساعدة بتفاديها وتعزيز ‏الشفافية ودقة المعلومات لكن مكمن الخطر هنا,  يتبلور عندما تنقلب الطاولة ويصبح إخفاء الحقيقة وتزوير ‏البيانات المالية وتحريفها، والأكثر من ذلك  مساعدة بعض الشركات والمؤسسات ‏على التلاعب بمصالح المساهمين